عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-16, 12:35 PM   #1249
السفير الحميري
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-12-21
المشاركات: 6,292
افتراضي

التفاصيل الرئيسية
من اكتشافات نظام صالح.. مومياء يمنية المكلا اليوم/ كتب/ وليد محمود التميمي2011/4/15



اعتاد الشباب في مدينة صنعاء والذين لا يزاولون أية أعمال ولا يرتبطون بمواعيد والتزامات محددة من بعد الظهيرة وطوال الفترة المسائية على قضاء أوقاتهم في دواوين أو لوكندات القات والشيشة، متذرعين بحجة واهية كخيوط بيت العنكبوت بأن القات يقيهم شر (التسكع) في الشوارع وإطالة النظر في (الصبايا ) ومطاردتهن من زنقة إلى زنقة، ومن مطراق إلى زقزقي.

برسيم الهلوسة

كما أنه أي – القات- من وجهة نظرهم يوثق علاقاتهم ويعزز صداقاتهم ويطلق في نفوسهم رغبة جامحة في تخطي حاجز المستحيل والشعور بالقوة المفرطة، وإمكانية تحقيق الأحلام الوردية، كالزواج من أربع فتيات وافتراسهن في ليلة واحدة، وغيرها من المبررات التي تجعلك تقتنع أنهم يتعاطون (برسيم الهلوسة).

مغني عند أصقع

قد يدفعك حظك العاثر عند نزولك ضيفاً على العاصمة للانخراط في مثل هذه المقايل التي شبهها أستاذي القدير الدكتور سعيد الجريري بـ( المعلف البشري)، حينها ستتعرض لممارسات وضغوط مستميتة تحضك على مضغ القات، ولربما ستنهال عليك أغصانه الخضراء الندية كالسهام من كل حدب وصوب وسط تشجيع حار على هضم ثماره وتذوق عصارتها، وعندما لا تستجيب لمناوراتهم ستكشر الوجوه، ويبدأ البعض باتهامك ضمنياً بقلة الذوق، والتشكيك برجولتك وأصلك وفصلك، وآخر جملة قد تسمعها عندما يدرك الجميع أنهم بمثابة (جوقة) مغنين عند أصقع(ملي خزن يا أبني وبعدين معك، و الله عيب عليك تكسفنا).

حتى لا يطير الدخان

التجربة وحدها أكسبتني (مناعة) مقاومة المحاولات التي أرادت أن تسوقني (مدمناً، مذعناً، مكرهاً) مع قطيع الماشية والأغنام إلى الإسطبل الـ(مودرن)، لكني كنت دائماً أهرب منه متأثراً بالصداع لبقائي محاصراً بين أركانه التي سدت كل منافذها للحفاظ على (بخور) مداعاتهم ولفائف سجائرهم، مثل الحشاشين في فيلم عادل أمام (حتى لا يطير الدخان)!.

ذات مساء ساد صمت مهيب في مقيل متواضع؛ حفزني على إطلاق سحب حوار ثقافي أردت استثماره لتنقية الأجواء واستعراض عضلات معلوماتي الشخصية، بدأت استرسل في وصف رحلاتي المحدودة للخارج إلى العراق العظيم والأردن الشقيق ومصر المحروسة، وتوقفت عند المحطة الأخيرة واستغرقت في الحديث عن مكانة أرض الكنانة في الحضارة الإنسانية ومعالمها الأثرية التي منحتها عن جدارة لقب (أم الدنيا) وعن الفراعنة، وكيفية بناء تمثال أبي الهول، والأهرامات التي يقول المؤرخون إنها هي التي شكلت نواة مصر التي نعرفها اليوم.

مومياء بتخطى وبتتحاكى!

استرسلت في طرحي بعد أن لمحت أن كل من في المجلس كان مهتماً بالأفكار والمعلومات التي أثرتها، باستثناء شاب منزوٍ في ركن معتم أسفل الغرفة، لم يعرني أي انتباه، وكان على ما يبدو منشغلاً بطحن القات، وتصيد (دفقة) التخليس عفواً (التفسيخ)، لكنه خلع رداء الخضوع والاستكانة للنبتة الشيطانية فجأة، واقتحم حلبة الحوار دون سابق إنذار، عندما تردد في ذهنه صدى كلمة (مومياء) فالتفت نحوي وقاطعني قائلاً: إحنا عندنا مومياء يا أخي، أخرج لباب اليمن وأجلس في ميدان التحرير وأتمشى في باب السباح بتلاقي في كل مكان مومياء نائمة على الرصيف أو جالسة على قارعة الطريق، روحها منطفئة وجسمها يابس وناشف، ووجها عابس وقاحل، وعيونها غائرة، وخدها محشو بالقات قدوه بيقرح، بالله عليك مش حرام يخلوا ثروة قومية مرمية في الأرض وما يحفظوهاش في المتاحف، علشان يكحل بها السواح الأجانب عيونهم الزُّرق والشُّقر، جالسين ساكتين للمصارية يدلعوا علينا ومعاهم مومياء ميتة قدها جيفة من سبعة ألف سنة، وإحنا المومياء حقنا فرِش عادوه طري و طازا، وبتخطى وبتتحاكى، والله يخلي لنا علي عبدالله صالح!.

شجرة الزقوم في اليمن

لم تنبس شفتاي بكلمة، فقد قررت التزام الصمت في حضرة مومياء القرن الـ 21 تحاشياً للإصابة بمس من جنون أو بلعنة المارد الأخضر إذا استمرأت التطاول على عبيد شجرة (الزقوم) في اليمن!.
__________________


وانها ثوره حتى النصر
السفير الحميري غير متواجد حالياً