عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-09, 12:04 AM   #8
حتاته
قلـــــم نشيـط جــــداً
 
تاريخ التسجيل: 2011-03-26
المشاركات: 142
افتراضي

حرب تسبق حرب

في مطلع العام 1994 كانت أزمة اليمن مرشحة لحرب ضروس جديدة بما يؤدي الى اختلال الوضع الاقليمي، وكان هذا الاستنتاج قد وجد له رضى خفيا لدى القادة السياسيين المتصارعين، فقد صاروا منذ هذا الحين يتلقون دعوات العواصم للتشاور، كما يتلقون المناشدات والرسائل من الهيئات الدولية والاقليمية المختلفة، وتؤخذ تصريحاتهم وبياناتهم على واجهات الصحف وصدارة نشرات الاخبار المرئية والمسموعة.. والغريب ان اكثر من كان يحذر من خطر الحرب الاهلية هم اولئك الذين جرّوا كل شيء الى محذور الحرب: الرئيس علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض .
وفي السابع من شباط (فبراير) عام 1994 نجحت ارادات التسوية في عقد لقاء بالعاصمة الاردنية عمان لتوقيع وثيقة سميت بوثيقة “العهد والاتفاق” التي شغلت 17 صفحة من الافكار والآليات والالتزامات والاجراءات والاولويات الكفيلة باحتواء الموقف من جوانبه المختلفة، غير ان الساعات القليلة التي اعقبت التوقيع كشفت ان الزعماء (الثلاثة) الموقعين ذهبوا بعيدا عن لوازم السلام: صالح الى تفجير الموقف في ثكنة عمران لانهاء الجيب العسكري الموالي لنائبه في خاصرة صنعاء، والبيض الى اعتكاف جديد في عدن، ورئيس مجلس النواب عبدالله الاحمر الى فتح النار على وثيقة العهد والاتفاق واعلان التحلل منها، ورئيس الحكومة حيدرالعطاس التخلي عن منصبه.. وفي ذلك مفارقة (يمنية) أخرى حين يتحول الحل نفسه الى عود ثقاب.. وقد اشتعل فعلا:
ففي ابريل1994وبعد اربع سنوات على وحدة الشطرين اندلعت الحرب الاهلية التي لم تكن قد فاجأت المراقبين، ولكن المفاجأة تمثلت في عمق الغرائز الانتقامية في البيئة اليمنية واشتعال المكاره بين الاشقاء، حتى بدا للكثيرين بان اطروحة الوحدة من حيث هي خيار سلمي طوعي لليمنيين قد دفنت امام الاستحقاقات الشطرية.
ولعل اكثر الذرائع التي اعلنت باسمها الحرب في صنعاء مدعاة للمناقشة، هي ان القوات الشمالية كانت تشن هجومها في اطار الشرعية الدستورية، ولاستعادة هذه الشرعية، وان ما يجري شأن داخلي يمني ومن غير المقبول التدخل فيه حتى من الزوايا ذات العلاقة بالجوانب الانسانية، في وقت ان الشرعية نفسها الممثلة بالسلطات الثلاث انقسمت، في الواقع، الى شطرين: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب بجانب ونائب الرئيس ورئيس الحكومة بجانب آخر. البرلمان بجانب (ممثلا برئيسه) والحكومة (ممثلة برئيسها) في جانب آخر، وهي بمقاسات كثيرة لم تبق لرئيس الدولة بوصفه رمزا وراعيا للسيادة اية شرعية..
لقد حملت تصريحات وبيانات الطرفين، آنذاك، منشطات كافية لحرب مدمرة، بسماركية من جهة الشمال بهدف تحقيق الوحدة بين الشطرين عن طريق الحرب الالحاقية، وانفصالية من جهة الجنوب بهدف الحيلولة دون الالحاق، وعلى مشارف المشهد كانت بلقيس،ملكة سبأ، تذكّر الجميع بالنقوش التاريخية على جدران قتبان.. فالحرب هي الحرب والعبرة في من يخرج بجبين ناصع.

“الدنيا مجازر والآخرة وطن”.
ابن القيم

التعديل الأخير تم بواسطة حتاته ; 2011-04-09 الساعة 12:13 AM
حتاته غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس