عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-09, 12:04 AM   #7
حتاته
قلـــــم نشيـط جــــداً
 
تاريخ التسجيل: 2011-03-26
المشاركات: 142
افتراضي

الوحدة كموقد حرب

خرج الحزب الاشتراكي الحاكم من مذبحة 13 يناير باسوأ سمعة ونفوذ على جميع المستويات، وانتشرت صور “الشهداء الاربعة” وهم ابرز القيادات التي ساهمت بطرد الانجليز وتأسيس الجمهورية في جنوب اليمن على كل اعمدة العاصمة عدن وتكونت قيادة جديدة للحزب بزعامة علي سالم البيض الذي نجا من المذبحة باصابات بليغة، وطـُرح على بساط البحث الموقف من النظام في الشمال ومن شعارات وحدة الشطرين، في ظروف ينعدم فيها توازن القوى بين النظامين الحاكمين، وبدا منذ البداية ان علي عبدالله صالح سيفرض مشيئته وقيادته على شركائه الجنوبيين الجدد في اللعبة.
تعاملت القيادتان، أول الأمر، بحذر ازاء بعضهما، لكنهما، لاسباب عديدة، أرجأتا الخصومة النائمة الى حين، خصوصا بعد ان اعلن عن وجود ثروة نفطية قيد الاكتشاف وعابرة للحدود بين الشطرين والحاجة هنا ماسة لاقامة افضل العلاقات لتحقيق عمليات التنقيب والاستخراج والاستثمار والتصدير وشاعت النظرية المتفائلة التي تقول بان الوحدة من أكبر ضمانات تحول اليمن الى دولة نفطية وانه لا يمكن تأجيل الافادة من هذه الثروة الى ما بعد ترسيم الحدود التي يصعب الخوض فيها بسبب تناقضها مع البرامج السياسية المعلنة في كل من عدن وصنعاء، وآنذاك حسم السياسي الشمالي عبدالكريم الارياني الجدل بالاعلان “لا حدود في الوطن الواحد.. فالحدود لم تخطط بيننا اصلا” ورد البيض على ذلك من الجنوب بالقول “اتمنى لو انجزت الوحدة قبل مواعيدها المحددة”.
وعلى هذا الايقاع وقّع الطرفان ماسمي بـ”بيان عدن” الوحدوي في تشرين الثاني (نوفمبر ) عام 1989 حيث ابرما ما يشبه الصفقة على تقاسم السلطة والنفوذ قفزا من فوق حقيقة واضحة للعيان هي ان الجنوبيين كانوا الاضعف في معادلة الوحدة، غير ان هذا الشعور دفن مؤقتا، بل وسمح لتمرير اعلان الوحدة بين الشطرين في 22 ايار (مايو) عام 1990 .
وإذ تسارعت عمليات بناء الوحدة في مسارات تشريع دستور جديد وانتخابات عامة وتشكيل حكومة ائتلافية، فقد تسارعت ايضا مظاهر الاستقطاب والتخندق بين الشطرين والقيادتين، وظهرت شكاوى الجنوبيين الى العلن حيال تحولهم الى ضحايا او مواطنين من الدرجة الثانية ومحاولات الالتفاف على التعاقدات والوعود حول الشراكة في الوطن، وسرعان ما وضعت الوثيقة التحالفية بين القيادتين جانبا، عندما ترك البيض موقعه كنائب للرئيس واعتكف في منزله، وانتقلت الريبة ازاء مستقبل الدولة الموحدة الى تصريحات كبار القادة والمسؤولين مع صهيل الرصاص في الشوارع وهو يطارد السياسيين ويدك المقرات ويقطع الطرق دون أي رقيب، ومن غير ان يعرف المراقب من أية حلقة يمكن سحب السفينة المضطربة الى شاطئ الامان سيما وقد تزايدت (الملفات) المضطربة: ملف الامن، ملف الاقتصاد، ملف الادارة، ملف عدن، ملف الاراضي، ملف النفط، ملف الاختطافات، ملف الحدود.. عدا عن ملفات الدستور والرئاسة والمعارضة والحريات..الخ.
وحين تأخرت مبادرات المراجعة الجادة لما حصل، راحت الحياة العامة في اليمن، شمالا وجنوبا، تغرق في خصومات متناسلة، فـُسّرت في البداية على انها من بعض تجليات الخلافات السياسية العابرة أو من تداعيات ازمة الخليج التي قلبت معادلات المنطقة فيما هي أبعد واعمق من ذلك بكثير، وهي أقرب الى حافة حرب يمنية جديدة، تضاف الى الحروب الاثني عشر الفا.

“الذل يولد زوال الدولة”.
بسمارك

التعديل الأخير تم بواسطة حتاته ; 2011-04-09 الساعة 12:14 AM
حتاته غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس