عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-09, 12:02 AM   #5
حتاته
قلـــــم نشيـط جــــداً
 
تاريخ التسجيل: 2011-03-26
المشاركات: 142
افتراضي

سقوط بالجملة

في حاجز الانتقال الى عقد الثمانينات كان علي عبد الله صالح، وبعد عامين من وصوله الى الرئاسة (في الشمال) يعزز طريقة الى ارتقاء السلطة بلا منافس وفي يده أوراق تستمد رصيدها من امتدادين، الى القبيلة من جهة والى عمق المؤسسة العسكرية من جهة ثانية فوق موهبته السياسية البراغماتية، فيما عبد الفتاح اسماعيل(في الجنوب) في طريقه الى خارج اللعبة بعد ان فقد آخر أوراقه.. الاول اختار الكلام لسد فجوات الحكم، والثاني اختار الصمت بعيدا عن دوامة الحكم وذلك في نطاق عملية قيصرية نظيفة اجراها الحزب الاشتراكي الحاكم في تشرين الاول (اكتوبر) عام 1980 .
كان شعار تحقيق الوحدة اليمنية، آنذاك، بمثابة اللغم الموقوت داخل القيادة السياسية الجنوبية التي اصبح علي ناصر محمد على رأسها مندفعا الى وقف التداعي في العلاقات مع الجيران مستفيدا من استرخاء اقليمي يعطيه هامشا من حرية الحركة، وانعكس ذلك في التخفيف من العداء للدول الخليجية، فيما حرص على استمرار لقاءات القمة مع قيادة الشطر الشمالي والرئيس علي عبد الله صالح، قفزا من فوق البيان (الوحدوي) الذي وقعه صالح واسماعيل قبل عام في الكويت والتزم فيه الطرفان “بافشال محاولات تكريس التمزق والتجزئة والانفصال".
وليس من دون مغزي ان لا يتضمن بيان الكويت وقبله اتفاقية القاهرة ثم بيان طرابلس أية اشارة صريحة لتحريم استخدام القوة في تحقيق الوحدة، ولا أية رؤيا نحو تحقيق وحدة نظامين سياسيين مختلفين بالطرق السلمية، غير ان الاشارات الواقعية التي رفعت من رصيد علي ناصر محمد في المحافل العربية والدولية اثارت دائرة من الاعتراضات داخل الحزب الاشتراكي ودفعت الوضع القيادي الى استقطاب حاد حيث انخرط في جبهة الاعتراضات عبد الفتاح اسماعيل من منفاه في موسكوجنبا الى جنب مع علي عنتر وصالح مصلح وعلي سالم البيض وسالم صالح وجار الله عمر في حين وقف الى جانب علي ناصر كل من احمد مساعد حسين وعبد العزيز الدالي وأبو بكر باذيب وانيس حسن يحيى وعبد الله غانم وعبد القادر باجمال، وقد انفجر هذا الاحتقان لاحقا ليطيح بالغالبية الساحقة من اعضاء القيادة بين قتيل وهارب.
وبموازاة ذلك كانت الايديولوجيا في طور ابتذالها عشية عاصفة البيروسترويكا، وكان حالها حال الكتب المقدسة التي تقدم النصائح المجانية لكل من ينشدها، فقد غذت مقولات استحالة تحقيق الوحدة بين نظامين اجتماعيين متعارضين بالطرق السلمية واوهام الواقعية الساذجة التي تقلل من شأن الألغام والاختلالات البنوية العميقة في الواقع اليمني.
وكانت موسكو كمركز للتأثير علي عدن، وللاشعاع الايديولوجي تضاعف من اثارة التشويش علي الصورة وتزيد ــ عن غفلة أو عن غيرها ــ من اندفاع الاحداث الى نقطة الصدام بين مجموعتي علي ناصر وعبد الفتاح اسماعيل، هذا اضافة الى تأثيرات الحرائق السياسية التي شبت في المنطقة مثل الحرب العراقية ــ الايرانية وانهيار حركة ظفار واحداث اثيوبيا والصومال والسوادن.
كان كاتب السطور في صورة ما كان يحدث آنذاك.. والصورة غير التصوّر.

وكلام مفيد..
" نصف ما أقوله لك لامعنى له، ولكنني أقوله ليتم معنى النصف الآخر".
جبران

التعديل الأخير تم بواسطة حتاته ; 2011-04-09 الساعة 12:12 AM
حتاته غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس