قادة الجيش اليمني يلتحقون بالمعارضة ... والبحث عن مخرج آمن للرئيس
صالح «صامـد» ويحـذر من «محاولة انقلاب»
ضباط في الجيش يحتفلون بانضمامهم إلى المتظاهرين المناهضين لصالح في صنعاء أمس (أ ب)
دخلت الأزمة في اليمن منعطفاً جديداً أمس، بعدما وجّه ضباط على مستوى عال في الجيش وسفراء وبعض القبائل ضربة قوية للنظام اليمني بتأييدهم «ثورة الشباب» المناهضة للحكومة، وحاول الرئيس علي عبد الله صالح الإفلات من مطالب متنامية برحيله الفوري، فأرسل وزير الخارجية أبو بكر القربي إلى السعودية في مسعى لحلحلة الأزمة، وأعلن على لسان وزير الدفاع وقوف الجيش إلى جانبه، وحذر من أن القوات الأمنية «لن تسمح بأي شكل من الأشكال أي محاولة للانقلاب على الديموقراطية والشرعية الدستورية أو المساس بأمن الوطن».
ومع بدء إعلان قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في البلاد اللواء علي محسن تأييده للمحتجين انتشرت دبابات ومدرعات تابعة له بكثافة في صنعاء، حيث حاصرت القصر الجمهوري ووزارة الدفاع والبنك المركزي، فيما انتشرت في المقابل عناصر خاصة بالحرس الجمهوري في مواجهتهم.
وقال مقيمون إن دوي انفجارات وإطلاق للنار سمعت لفترة قصيرة في منطقة قريبة من قصر الرئاسة في مدينة المكلا الساحلية في شرقي البلاد. ولم تتضح طبيعة إطلاق النار، ولكن المقيمين قالوا إنه ربما تكون اشتباكات قد نشبت بين القوات المؤيدة للحكومة والقوات الموالية لقائد عسكري محلي كان من بين كبار الضباط الذين أعلنوا تأييدهم للمناهضين للحكومة.
ورغم الانشقاقات في صفوف مسؤولي النظام، أكد صالح، خلال لقائه أعضاء المجالس المحلية من مديريتي صعفان ومناخة في محافظة صنعاء، انه «صامد مثل جبال عيبان ونقم» في وجه الحركة الاحتجاجية التي تطالب بتنحيه وان غالبية الشعب لا تزال تؤيده. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عنه قوله «إننا صامدون والسواد الأعظم من الشعب اليمني مع الأمن والاستقرار والشرعية الدستورية». واعتبر أن «من يدعون للفوضى والعنف والبغضاء والتخريب هم قلة قليلة من مجموع الشعب اليمني».
إلى ذلك، أعلن وزير الدفاع محمد ناصر علي أن الجيش لا يزال يساند صالح. وقال، في بيان، «تعلن القوات المسلحة والأمن بأنها ستظل وفيّة للقسم الذي أداه كل أفرادها أمام الله والوطن والقيادة السياسية بزعامة الرئيس علي عبد الله صالح بالحفاظ على الشرعية الدستورية والأمن والاستقرار والوحدة وحماية منجزات الشعب اليمني ومكتسباته التي حققها في ظل راية الثورة والوحدة والديموقراطية». وأضاف «لن نسمح بأي شكل من الأشكال بأي محاولة للانقلاب على الديموقراطية والشرعية الدستورية أو المساس بأمن الوطن والمواطنين».
وقال قيادي في المعارضة إن هناك اتصالات تجري مع صالح لإيجاد مخرج سلمي للأزمة، موضحاً أن احد الخيارات هي تنحيه وتكليف مجلس عسكري إدارة البلد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وفيما عرض التلفزيون لقطات لأعضاء عُينوا أخيراً في مجلس الشورى يؤدون اليمين أمام صالح، أعلن اللواء علي محسن، الشخصية العسكرية القوية والمقرّب من صالح، تأييده للمحتجين، محذراً من انزلاق اليمن إلى حرب أهلية بعد المجزرة في العاصمة، لكنه لم يعلن استقالته أو يطالب بإنهاء حكم صالح على الفور.
وقال محسن، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في البلاد لقناة «الجزيرة»، «أعلن دعمنا وتأييدنا السلمي لثورة الشباب السلمية ومطالبهم، وأننا سنؤدي واجباتنا غير منقوصة في حفظ الأمن والاستقرار في العاصمة». وأضاف «إن اليمن اليوم يرزح تحت أزمة شاملة خطيرة اتسع نطاقها واستحكمت حلقاتها مهددة كيان اليمن وكل مكتسبات الشعب ونضالات أحراره كنتيجة محتمة لممارسة السلطة خارج إطار الدستور والقانون وإتباع سياسة الإقصاء والتهميش وغياب العدالة».
وفي حديث لـ«السفير»، قال مصدر سياسي معارض إن «الأمور معلّقة اليوم مع إعلان مجلس الدفاع ووزير الدفاع عن وقوف الجيش إلى جانب الشرعية، رغم كل الاستقالات العسكرية والرسمية الداعمة للمعارضين». وأعرب عن «قلق المحتجين الكبير من استقالة اللواء علي محسن الأحمر، احد أقرباء الرئيس، نظراً لدوره الكبير في حرب الجنوب، فضلاً عن استفزازه الحوثيين في الشمال خصوصاً انه كان يدير شخصياً الحرب في صعدة ضدهم».
وأضاف المصدر إن الحوثيين رحبوا بالاستقالات في بيان، لكنهم لفتوا إلى ضرورة اعتذار محسن عن أخطائه السابقة، في إشارة إلى حرب صعدة. وتابع «محسن احد أركان النظام، واحد المتهمين بالتحالف مع تنظيم القاعدة، كما يثير القوى الحديثة في اليمن خصوصاً انه على علاقة وطيدة مع الإسلاميين الممثلين بحزب الإصلاح، اكبر الأحزاب المنضوية في اللقاء المشترك المعارض». وأوضح أن «هناك تخوّفاً شديداً من أن يغلب هذا الانضمام العسكري على الطابع السلمي للتحركات، على أساس أن انضمام الضباط يعني انضمام قيادات مسلحة، فتقع الثورة في فخ إعادة إنتاج من انتفضت ضدهم... فيما لا نريد استبدال علي بعلي آخر».
وينتمي محسن وصالح لقبيلة الأحمر ذات النفوذ الواسع والتي يشغل أبناؤها الكثير من المناصب المهمة في الدولة، لكن يبدو أن دعم قبيلة الأحمر للرئيس يتقلّص، لا سيما وقد أعلن شيخ مشايخ قبائل حاشد صادق الأحمر في اتصال مع «الجزيرة» انضمامه إلى الحركة الاحتجاجية المطالبة بتغيير النظام، ودعا صالح إلى «خروج هادئ ومشرّف» من السلطة. وقال «أعلن باسم جميع أبناء قبيلتي انضمامي للثورة».
وذكرت قناة «الجزيرة» أن قائدي لواءين في الجيش أعلنا تأييدهما للمحتجين، هما قائد المنطقة الشرقية اللواء الركن محمد علي محسن الأحمر وقائد اللواء 310 في محافظة عمران العميد الركن حميد القشيبي. وكان العميد في الجيش ناصر علي الشعيبي أعلن انضمامه مع 59 ضابطاً آخر إلى الحركة الاحتجاجية، إضافة إلى 50 ضابطاً آخر من أجهزة وزارة الداخلية.
وفي أول موقف غربي واضح يطالب علناً برحيل صالح، قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، في ختام اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل، «يبدو اليوم انه لم يعد من مفر لتنحي الرئيس صالح». وقال مساعد مستشار الرئيس الأميركي باراك اوباما لشؤون الأمن بين رودس إن «ما يثير قلقنا الآن هو العنف الذي شهدناه في الأيام الأخيرة في العاصمة اليمنية». وأضاف «لقد ابلغنا حكومة اليمن أن هذا النوع من العنف غير مقبول».
(«السفير»، رويترز، ا ف ب، د ب أ)
http://www.assafir.com/Article.aspx?...nnel Id=42375