عاقبة الظالمين
لقد حذر الله في كتابه الكريم من الظلم والبغي والإفساد في الأرض وبيَّن فيه أحوال الظالمين والمفسدين والباغين والمعتدين، قال الله في كتابه الكريم:{ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: ٥٥ ]
والمراد بالسبيل: الطريق.
فالله فصّل تفصيلاً، وبيَّن أعظم بيان أحوال من ذكرنا؛ من أجل أن يعرف المسلمون العواقب الوخيمة، والنتائج المدمرة بسبب المخالفة لما جاء به الأنبياء والرسل، قال ربنا في كتابه الكريم:{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}[إبراهيم: ٤٢]
فالظالم – وإن أمهل – فلا يهمل لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل لعنة الله وعذابه تلاحقه في الدنيا والآخرة، فمتى وصل الظلم بالظالم إلى الإلحاد والشرك والكفر والعناد والبغي والطغيان فهذا يلاحَق بما ذكرنا، قال الله في كتابه الكريم:{ وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} [الفرقان: ١٩].
وقال:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ }[يونس: ٢٣]
ومعنى ( على أنفسكم) أي: أن الوبال والدمار والهلاك عائد عليكم.
وقال في كتابه الكريم:{ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }[الأنفال: ٣٠]
وقال سبحانه:{ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}[الفتح: ١٠]، أي: وبال ذلك عليه
وقال سبحانه:{ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } [النساء: ١٢٣]
وقال سبحانه:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ }[فصلت: ٤٦]
وروى الإمام أبو داود في سننه رقم (4902) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له في الآخرة، مثل: البغي وقطيعة الرحم» وشاهدنا من الحديث: «مثل البغي» فإن البغي له عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، بل جاء في البخاري برقم (4686) واللفظ له، ومسلم برقم (2583) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثم قرأ: « وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ »
وقال في كتابه الكريم مبيناً هذا الأمر:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: ١٦]
فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «إِنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» .
بداية ظهور الإشتراكية الشيوعية
إن ممن أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر وبطش بهم في الدنيا: الإشتراكية الشيوعية الإلحادية التي قامت على إنكار وجود الله، فقد قامت لهذه النحلة الإلحادية الماركسية دولة في روسيا في عام 1917م بقيادة «لينين» الذي قاد الثورة البلشفية، وبعد هلاكه قام من بعده «ستالين» الذي اجتاح بلاد المسلمين في آسيا وفرض الشيوعية الإلحادية بالحديد والنار وقتل هذا الكافر الملحد عشرات الملايين من المسلمين وشرد أضعاف ذلك، وأصبح «ستالين» السفاح عند الرفاق ربًّا، حتى كانوا يقسمون باسمه بقولهم: اقسم باسم الرب «ستالين»، فقد أذاقها الله ألوان العذاب وألحقها بأنواع من الخزي، ونكل بها تنكيلاً، وما ذلك إلا لأن هذه النحلة الخبيثة ارتكبت أشنع الظلم، وأعظم الكفر، وأفضع الإلحاد والشرك، عياذاً بالله!!
فرب العالمين أنزل سطوته عليها، وكلما عظم ظلم ظالم، وظلم حزب ودولة، وصل بأصحابه إلى البوائق الكبار، والكوارث العظام، كان هذا أجلب وأسرع في إنزال العقوبات والمَثُلَات من رب العالمين سبحانه.
محاربة الحزب الإشتراكي اليمني الإسلام
وقد صار الحزب الإشتراكي اليمني على النهج الماركسي اللينيني الستاليني.
فقام على عقيدة أن الإسلام أفيون الشعوب كما قال «لينين» وعلى أن الإسلام أسوأ خدعة تاريخية، وعلى أن المسلمين متخلفون ورجعيون، فلما قامت عقيدة هذا الحزب على ما ذكرنا عظمت محاربتهم للإسلام، وكثر سبهم لله رب العالمين ولرسوله الكريم، ولدينه العظيم، وحاربوا الإسلام بكل ما أوتوا، فلم يكتفوا بتركهم الإسلام وكفى، بل حاربوا الإسلام أيما حرب: حاربوا الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والقرآن، بل بلغ بهم الشطط ألا يطيقوا أن يسمعوا كلمة: «باسم الله» فلو سمعها أحد هؤلاء الملاحدة تقوم قيامته، وتثور ثورته، ولهذا ذكر لي أحد الإخوة أن عدداً من الإشتراكيين الشيوعيين اجتمعوا على مائدة طعام، فقال أحدهم: باسم الله، والله أعلم: أقالها ناسياً أم تديناً؟!
على كلٍ: لما قال: باسم الله، قام من بجانبه من الإشتراكيين وتركوا الطعام، وقالوا: ما زلنا متخلفين، وما زلنا رجعيين.
وعجل الله بعقوبتهم؛ فقد أصيبوا في سفرهم ذلك بحادث دمرهم الله به!!
وقد كان أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب يبدأون خطاباتهم ومحاضراتهم بقولهم: باسم اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني، .
من جرائم الحزب الإشتراكي في الجنوب
وأما الجرائم التي قام بها الحزب الإشتراكي ضد المجتمع في الجنوب فهي كثيرة، وكثيرة جداً، نذكر بعضاً منها:
ففي عام (1969م) أصدرت القيادة الماركسية قراراً بتأميم الممتلكات العامة لعموم المجتمع الجنوبي، ومصادرة جميع الأراضي والمساكن والمحلات التجارية والشركات وقوارب الصيد، وأخذوا أموال الناس بالباطل ومن اعترض على ذلك قتلوه قتل الكلاب، وقتلوا من قتلوا، واستباحوا الدماء والأعراض والأموال، وأعلنوها ماركسية شيوعية، فمن تمكن من الهروب إلى شمال اليمن فقد بلغ القنطرة؛ لأنه نجى بنفسه، وإن كان قد ترك جميع ماله للحزب لأن غيره قد أُخذ ماله وانتُهك عرضه وسُفك دمه. ومن أجل تنفيذ ذلك القرار الظالم الجائر استعملوا أبشع الجرائم بجميع الوسائل، ولم يرقبوا في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، فقتلوا الكثير، وهرب من هرب إلى شمال اليمن وإلى السعودية ودول الخليج، وهذه أمور معلومة لدى المجتمع اليمني.
بعد السيطرة الكاملة للحزب الإشتراكي على الجنوب قاموا بقتل العلماء والدعاة والمصلحين والوجهاء، يعرف هذا من عاصر تلك الأحداث، حتى أصاب الناس من الخوف والرعب ما الله به عليم.
بعد تأميم الممتلكات وجعلها باسم الحزب أصبح الناس يعيشون في خوف مفزع، وفقر مدقع، حتى كانوا لا يجدون السلع الضرورية إلا في مؤسسات الحزب بعد طوابير طويلة جدًّا وبكمية قليلة لا تفي بحاجاتهم الضرورية، حتى إنه لا يتحصل على علبة من الصلصة أو حبة من البصل إلا عن طريق الطابور فجمعوا للشعب بين الخوف والجوع، حتى كان البعض يترحم على الدولة النصرانية (بريطانيا) التي كانت مستعمرة للجنوب قبلهم!!!
أخرجوا المرأة من بيتها بالقوة ونشروا الرذيلة والفواحش والمنكرات، وإذا حاول أحد أن يمنع ابنته أو أخته أو زوجته من ذلك كان القتل مصيره أو السجن والتعذيب، والحمد لله!!
فمع هذا الظلم والجور والفساد والإفساد من الحزب الإشتراكي فقد بقي معظم المجتمع محافظاً على دينه وعلى عرضه.
منعوا تعليم الإسلام والقرآن في المدارس والكليات وأنشأوا مدارس الإشتراكية العلمية، وعلموا أبناء المسلمين الإشتراكية الشيوعية الإلحادية.
وبدلاً من تعليم الطلاب القرآن والسنة علموهم الإلحاد والإباحية، وبدلاً من السير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ساروا على نهج «ماركس» و«لينين» و«ستالين» و«جيفكوف» و«ماو تسي تونج» وبدلاً من طبع المصاحف والكتب الإسلامية النافعة ونشرها بين الناس قاموا بطبع كتب قادة الكفر والإلحاد: كتب «ماركس» و«لينين» و«ستالين» وغيرهم وطبعوها بأحسن الطباعة وبكميــات كبيرة جداً ونشروها وهي تحمل الكفر المحض والإلحاد:{ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } [البقرة: ١٦]
وساروا على هذا السير حتى أخذهم الله.