عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-08-30, 03:23 PM   #1
الضالعي غول سبوله
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2008-07-18
المشاركات: 97
افتراضي تشنج الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في خطابه الأخير من كلمة دحباشي

تشنج الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في خطابه الأخير وأرغى وأزبد وذكر كل المصطلحات التي كان إعلامه الرسمي ورجاله وأنصاره يتحاشونها بل وينفون وجودها في السنوات الماضية. فها هو صالح يدخل في معمعة الإحتقان السياسي والإجتماعي في الجنوب مرغماً لا بطل بعد أن أصبح الحراك وخطابه يتردد كل يوم في كل شبر من أرض الجنوب وفي صنعاء نفسها بل وتجاوزها ليجد له صدى إقليمي ودولي يكبر يوماً بعد يوم.


صالح أستنكر استخدام مصطلح (دحباشي) وهو المصطلح الذي يستخدمه الجنوبيين لوصف الشماليين وأصبح يختزل كل من يكذب ويرتشي ويسرق ويراوغ وحتى من لا يهتم بهندامه وبنظافته الشخصية. كما أستنكر بتشنج واضح إستخدام مصطلح الجنوب العربي. وهو المصطلح الذي كان يطلق على الجنوب ولفترة طويلة قبل أن يتغير المفهوم إلى اليمن الجنوبي بعد الاستقلال بفترة قصيرة بتأثير من العناصر الشمالية في الجبهة القومية.


وكان صالح قبلها بأسبوعين تقريباً قد وصف الحراك الجنوبي السلمي بالكلام الفارغ. وأنه شيء غير موجود أصلأً وأن من يتبنونه هم حفنة وشلة وقلة وما إلى ذلك من مصطلحات التقليل المستهلكة. وأنهم في لندن ينعمون بالجنسية. الغريب أن صالح وأثناء تقليله من شأن الحراك الجنوبي السلمي كان يتفاوض مع الحوثي بالهاتف لإيقاف الحرب. وظهر وكأنه رجل يذعن فقط للغة القوة. يفاوض المقاتلين ويسجن الصحفيين والناشطين السياسيين.
هذه المرة لم يجد صالح أمامه سوى تحريض الشارع الشمالي وقال "أنهم" سينزلون إلى الشارع لمحاربة من يدعون إلى الإنفصال. أستعان صالح بالشارع الشمالي بعد أن أستفزهم بمصطلح (دحباشي) وبعد أن فقد أعوانه التقليديين اللذين أستعان بهم في حرب 94. إذ تعلم صالح من حرب 94 أن نصره لم يكن فقط نصراً (بروسياً) نزف فيه كثيراً. بل تعلم أن من يعرضون خدماتهم الدموية أو يستجيبون لطلبه الدموي لا شك سيطلبون نصيبهم من كعكة الدم.
لم يعد صالح يستطيع الإستعانة بالقبائل الشمالية التي أستعان بها في 94 وفي حروب صعدة. فللقبائل أجندتها الخاصة دائماً, الفيد. كما أنها تحولت إلى شركات حرب شبه خاصة تحت إدارة رجال الأعمال الجدد كأولاد الأحمر. شركات أقرب لمرتزقة بلاكووتر في العراق. التي تحارب مع من يتقاول معها حتى وإن كان المتقاول دول (شقيقة). وكانوا قد أخفقوا في صعدة كما أنهم أصبحوا كالعصا في لعبة تقسيم الأدوار التي يلعبها أولاد الأحمر.
كما لم يستطع صالح أن يستدعي التنظيمات الإسلاموية السياسية. فلم يستطع إستدعاء الزنداني هذه المرة. فقد سعى بقوة إلى قص أجنحة الأخوان المسلمين. لكن وعلى الرغم مما عاناه الزنداني من صالح في السنوات الأخيرة, فلا يستبعد أن يوافق الزنداني على تحريض الناس لخوض حرب مقدسة (أخرى) يستعيد فيها الزنداني شيء من الأضواء التي يعشقعا والتي فقدها أثناء سعيه الدؤوب إليها. المستبعد هو أن يطلب منه صالح هذا وفي هذا المرحلة.
ولم يعد صالح يستطيع إستدعاء الجماعات الجهادية التي أستدعاها بوضوح في حرب 94 وبصورة أقل وضوحاً في حروب صعدة. هذه الجماعات غير واضحة الأجندات وتغير حلفاؤها أكثر مما يفعل صالح. وقد تورط معها صالح وكبار رجاله حتى آذانهم وأصبح موقف صالح مشكوك فيه أمام الأمريكان والغرب حين يعلن لهم في الليل أنه ضد الإرهاب ويمنح في النهار بعض المطلوبين من قبل الأمن اليمني والدول الغربية الأمان (الرئاسي) القبيلي.
كما أن السبب الرئيسي وراء إنتصار الشمال في حرب 94 كانت قوات الرئيس الجنوبي القوي علي ناصر محمد أو ما عُرف بقوات الزمرة. فقد أحسن صالح إستغلالهم لأسباب كثيرة . منها أولاً فشل القيادة الجنوبية في إحتوائهم, إنعدام الثقة بين الإخوة الأعداء في الجنوب, رغبة بعض قيادات الزمرة في الإنتقام وتصفية الحساب, وحدوية علي ناصر المفرطة في ذلك الحين وإنجراف قيادات الزمرة وراء الخطاب الإعلامي الشمالي حينها.
اليوم يُتهم علي ناصر أنه وراء جزء كبير مما يحصل في الجنوب. رغم أن الرجل صامت معظم الأحيان إلا أن صمته هو ما يؤخذ عليه. كما أن أبناء أبين يساهمون بشكل كبير في الحراك. سواء من مدنيين أو عسكريين سابقيين وحاليين. وتعتبر أبين حالياً أكثر المناطق خروجاً من القبضة الأمنية الشمالية. وأبرز رجال علي ناصر في النظام اليوم هو عبدربه منصور هادي لا الرئيس قادر أن يستبدله ولا عبدربه قادر أو راغب في كبت جماح أبين.
أستغنى صالح عن حلفائه في حرب 94 بسرعة. فقد أطمئن على نصره وأغتر بالخطاب الإعلامي الذي يقف وراءه شلة من المطبلين والمهرجين. بدأ صالح بالتخلي عن الأخوان المسلمين وضربهم في عقر دارهم بالأحمر وبالزنداني. فالأول فضله (بلقبه) عما سواه والثاني أضاع ما تبقى من عمره وعيناه مسلطة على شرفة صالح في إنتظار دور يلعبه. دور لم يأتي أبداً. ثم بدأ بتصفية رجال علي ناصر من الجيش. وبقت علاقته بالقبائل وبالجهاديين غير مستقرة.
فاليوم فقد صالح أوراق نصر 94. ولو يعد لديه سوى الشارع (الشمالي) ليهيجه على الشارع الجنوبي. ففي الشمال 18 مليون نسمة يعلمون كما يعلم صالح أن (مصروف) الدولة يأتي من الجنوب. بينما لم يعد لصالح كلمة على الشارع الجنوبي على الإطلاق. عدا بعض الإنتهازيين أصحاب الصوت العالي هنا وهناك. فحتى إخوان الجنوب أصبح لديهم خطاب يختلف عن إخوان الشمال. ونفس الشي ينطبق على (بعض) رموز السلفية الجهادية في الجنوب.
صالح يعلم أكثر من غيره أن الجنوب (كله) اليوم مع الإنفصال. ويعلم أيضاً أن دول الجوار لن تمانع في إنفصال الجنوب وإن لم تدعمه صراحة حتى هذه اللحظة. كما أن الدول الغربية بشكل عام وأمريكا خصوصاً من الممكن أن تغير أجندتها في أي وقت حسب مصالحها المستجدة. ويعلم صالح أن لا العمر والا الإمكانيات ولا حتى التحالفات ستسمح له بدخول معركة طويلة المدى مع الجنوبيين يبدو أنهم مستعدون جداً لخوضها.
لم يعد أمام صالح وإنتهازييه سوى التلويح بالشارع وبالإقتتال الأهلي بين الجنوبيين والشماليين. ربما للإستهلاك الإعلامي حتى الآن وربما كمحاولة يائسة أخيرة أستعان بها بعد أن فشل تماماً في إيقاف الحراك الجنوبي. ربما يعتقد صالح أن الفوضى والحرب الأهلية ستجعل منه عامل الإستقرار الوحيد الذي سيهرع إليه الأشقاء وأمريكا. ونسى أن للأشقاء محاولات سابقة فاتحة نصف عينها ونسى أن أمريكا تدعم الأقليات دائماً في أي صراع أهلي.


ختاماً, يبدو أن الجنوبيين على الطريق الصحيح وأنهم أصبحوا الرقم ألاساسي في المعادلة اليمنية المعقدة وإن كانت رحلتهم قد واجهت الكثير من العقبات والأخطاء. وعليهم اليوم أن يتوحدوا خصوصاً على مستوى القيادات. وحتى إن كان هذا التوحد يستدعي تجنب النقاش حول الصيغة النهائية التي ينشدونها لكيانهم القادم فلا بأس في التجنب.


ختاماً, يبدو أن الجنوبيين على الطريق الصحيح وأنهم أصبحوا الرقم ألاساسي في المعادلة اليمنية المعقدة وإن كانت رحلتهم قد واجهت الكثير من العقبات والأخطاء. وعليهم اليوم أن يتوحدوا خصوصاً على مستوى القيادات. وحتى إن كان هذا التوحد يستدعي تجنب النقاش حول الصيغة النهائية التي ينشدونها لكيانهم القادم فلا بأس في التجنب.

التعديل الأخير تم بواسطة الضالعي غول سبوله ; 2008-08-31 الساعة 12:46 AM
الضالعي غول سبوله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس