أخي العزيز / البعلسي الحر
شكرا على رسالتك , وطرحك لموضوع " الحوار " وأهمية الحوار في حياتنا السياسية والنضالية , ويمكنني القول يا أخي العزيز ان مشاكلنا سوف تبقى تتجه في طريق خاطئ وستبقى تفرز نتائج سلبية لأننا لم نقدر حتى الآن قيمة وفضيلة الحوار .. قد ندعي الآن في بعض القضايا أننا ندير " حوارا " ... ولكننا للأسف الشديد لا ندير الا " تنابذا " و تبادل للاتهامات .. وخلاف ذلك .
ذات يوم كتبت ما يلي :
: الحوار هو الغائب الأبرز
اعتقد ان الغائب الأبرز والأكبر عن ساحتنا الوطنية في هذه المرحلة هو ( الحوار ) ... وانه و كنتيجة طبيعية لغياب هذا الحوار نعيش هذا الوضع الصعب المعقد .. ولكن دعونا بداية نعترف ايها السادة ... بأننا لسنا على ما يرام مع قيمة وفضيلة الحوار , وأننا في حقيقة الأمر لا نجيد الحوار كما ينبغي له ان يكون , وأننا لا ندرك حتى الآن القيمة الحقيقية للحوار ... وأننا لم نعتمده – ونعتمد عليه - حتى في ابسط صورة لمواجهة جميع القضايا الخلافية الحاضرة على الساحة كبرت هذه القضايا او صغرت... وانه لا توجد لدينا حتى وسائل او قنوات وربما ( نيات ) للحوار فيما بيننا... وأننا نخاف كثيرا من هذا ( الحوار الشبح ) ومن تحمل تبعاته ونتائجه ..كما انه لا توجد لدينا – الحدود الدنيا – من الدوافع الحقيقية في إجراء حوار ايجابيا مع شركاء العمل الوطني مهما كانت التباينات ومهما بلغ حجمها وتعقيداتها وصعوبتها.
ان الحوار يتطلب ويشترط ان نملك له ذلك النفس الطويل الذي يتطلبه و المرونة الكافية المؤهلة لتقبل الرأي المخالف ...كما ان من يؤمن بلغة الحوار لا بد ان يذهب إليه بشروطه وقواعده الحضارية المعروفه , لا ان يطلب من ( الحوار ) إن يأتي إليه ( صاغرا ) إلى موقعه بشروطه الخاصة المتناقضة أساسا مع قيمة الحوار وفضائله... دعونا نعلم حقيقة هامة بشأن الحوار وهي تعتبر شرط ضروري من شروطه .. وهي ان الحوار لابد ان يفضي الى ( التوافق ) والى تقديم ( التنازلات ) من قبل المتحاورين خاصة في القضايا الوطنية , فلابد للحوار ان ينتهي بطرفين او اكثر الى ( نقطة وسط ) او الى ( كلمة سواء ).. ان على من يؤمن بالحوار ونتائجه ان يعتبر ان الحقيقة لا يمكن ان يملكها طرف دون آخر , وانما هي نسبية ومشاعة ومتاحة , وهذا لا يعني بطبيعة الحال انه ليس من حق اي طرف ان يدافع عن رأيه ووجهة نظرة باستماتة وتفاني مع ضرورة ان يحترم الرأي الآخر وصاحبه دون تسفيه او تحقير او ازدراء له او اقصاء ناهيك عن التخوين .
|