حزب الله اللبناني:
وهنا نكون قد وصلنا إلى الكلام عن تنظيم "حزب الله" اللبناني ووضعناه في سياقه الطبيعي، واختصرنا الطريق أيضا بالاستغناء عن كثير من التطويل في جمع الأبحاث والمقالات والوثائق والتصريحات وغيرها، فإن هذا الحزب ما هو إلا منظمة شيعية هي وسيلة وأداة لخدمة أجندة واستراتيجية الرافضة، وهي إيرانية خمينية قبل أن تكون لبنانية.
ولذلك كان الناطق باسم الحزب إبراهيم الأمين صادقا حينما قال في إحدى المناسبات اللبنانية في شهر مارس من سنة1987: " نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان ولبنان في إيران "اهـ [صحيفة النهار اللبنانية/ بواسطة مصادر متعددة]
ومثل هذه العبارة التي قالها إبراهيم أمين تصدر منهم أحيانا في مواقف معينة تحت طائلة مشاعر من التحدّي والتعزز.!
ويقول حسن نصر الله: " إننا نرى في إيران الدولة التي تحكم بالإسلام والدولة التي تناصر المسلمين والعرب! وعلاقتنا بالنظام علاقة تعاون، ولنا صداقات مع أركانه ونتواصل معه، كما أن المرجعية الدينية هناك تشكل الغطاء الديني والشرعي لكفاحنا ونضالنا "
ويقول أيضا: " وفي وقت الاجتياح الاسرائيلي كادت الحرب تتسع وتطول سوريا وتصبح إقليمية، إذ أتت قوات إيرانية إلى سوريا ولبنان للمساعدة، وهذه القوات هي التي تولت تدريب مقاتلينا "اهــ [مجلة المقاومة/العدين27و31/ بواسطة رؤية مغايرة للأستاذ عبد المنعم شفيق].
وقد جاء في بيانٍ تعريفيّ صادر عن الحزب سنة 1985م بعنوان " مَن نحن وما هويتنا " ما يلي: " إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم... نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة، تتمثل بالوليّ الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضرًا بالإمام المسدد آية الله العظمي روح الله الموسوي الخميني دام ظله، مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة ".[نقلا عن مصادر متعددة، منها كتاب ماذا تعرف عن حزب الله/ تأليف علي الصادق، وموقع قناة الجزيرة].
ومعلومٌ أن حسن نصر الله هو وكيل آية الله العظمى مرشد الثورة الإيرانية علي خامنائي، كما هو منصوص عليه عندهم.
وقد كان التدخّل الإيران حسّيّـاً وظاهراً في نشوء الحزب وتأسيسه وإلى زمنٍ غير بعيد من تاريخه، من خلال وجود أفراد من الحرس الثوري الإيراني أعضاء في مجلس شورى الحزب، إلى أن تغيّرت فكرة القوم ورأوا إبعاد اليد الإيرانية الظاهرة، بسبب ضغوط الرأي العام اللبناني والعربي والحرج الذي يلاقونه حين يُنعتون بعدم الوطنية، وبأنهم حزبُ إيران في لبنان وما شابه ذلك.
وعندي أنه لا يُستبعدُ أن يكون من الدوافع أيضا نوعٌ من الرغبة في الاستقلالية الشخصية عند حسن نصر الله وشيعة لبنان، لا سيما وأنه مع مرور الوقت وقسوة الواقع فترت عند القوم جذوة حماسة الثورة الإيرانية ووهج شعاراتها، وصاروا أقرب إلى التفكير العقلاني والواقعية، إن صحّ التعبير.!
والمصادر التي تدوّن لتاريخ نشوء الحزب على أيدٍ إيرانية، والوثائق في ذلك كثيرة معروفة.
يُراجع كتاب: حزب الله رؤية مغايرة لعبد المنعم شفيق، الجزء الرابع تحت عنوان: الغزو الإسرائلي للبنان والتحالف، ومما جاء فيه:
(( كان لغزو 1982م تأثير عميق على وجود إيران في لبنان عن طريق توسيع دورها في الصراع العربي الإسرائيلي؛ فإن الغزو قد وفر الفرصة للمساهمة الإيرانية المباشرة الأولى في المجهود الحربي الداعم للحركة الشيعية في لبنان على شكل وحدة عسكرية صغيرة نسبياً مكونة من 1500 عنصر من الباسداران (الحرس الثوري الإيراني) الذين سُمح لهم بالدخول عن طريق سورية إلى البيئة الصديقة في وادي البقاع. وقبل ذلك الوقت كانت الجهود الإيرانية لإقامة وجود عسكري مستقل في لبنان قد صُدَّت من قِبَلِ الأسد نفسه، لكن الموقف السوري بعد الغزو الإسرائيلي ربما أضحى أقل مقاومة لعروض المساعدة الإيرانية من ذي قبل.
من وجهة نظر إيران فإن وجودها الجديد في لبنان أنتج نقطة التَّماسِّ المباشر الأول بين النظام الثوري وطائفة شيعية كبرى في العالـم العربي، ومنذ ذلك الحين غدت إيران لاعباً قيادياً في شؤون هذه الطائفة التي تمثِّل قاعــدة ممكنة لمدّ نفوذها إلى قلب الصراع العربي الإسرائيلي.
فـي ذلـك الوقت بدأ تقاطع المصالح والتوجهات بين سورية وإيران بالاتساع؛ ففي حملتها لإخراج الإسرائيليين من لبنان كانت الدوافع المباشرة لسورية دوافع استراتيجية؛ فالوجود العسكري الإسرائيلي في النصف الجنوبي من لبنان -وعلى الأخص في وادي البقاع- قد وضع العمق السوري تحت تهديد مزدوج؛ فلأول مرة كانت دمشق معرضة لخطر مزدوج محتمل من الجولان والمواقع الإسرائيلية الأمامية في لبنان، إضافة إلى ذلك؛ فقد كان هناك التهديد الجيوسياسي النابع من وجود نظام موالٍ لـ "إسرائيل" وموال للغرب في لبنان. إن القلق السوري حول إمكانية العزلة الإقليمية ومخاطر الصفقات الثنائية العربية الإسرائيلية المستقلة كان آنذاك المحدد الأساس لسياستها الخارجية؛ فوجود لبنان في الفـلـك الإسرائيلي الأمريكي سوف يزيد من ترجيح كفة التوازن الإقليمي المائل أصلاً بشكل غير مرغوب فيه عن طريق إكمال التهديدات العراقية والإسرائيلية بتطويق محتمل من الغرب.
كما أن ارتداد لبنان سوف يضيف ثقله إلى خسارة مصر، ومع الأخذ بعين الاعتبار الموقف الـمشكوك فيه للأردن، وفي ظل هذه الظروف فإن رغبة سورية في تقوية روابطها مع إيران ليست مفاجئة. استطاعت سورية الاعتماد على إيران لتأمين المساعدة المادية على شكل معونة اقـتـصادية، وقوة بشرية على شكل جماهير محلية مهيأة، وتحريض يمثـــل وجهة نظر راديكالية معـــادية لـ "إسرائيل" وللغرب، ومصدر جديد للضغط والتهديد المحتمل لإلهاء كل خـصوم سورية الإقليميين والدوليين تقريباً، مع الحفاظ في الوقت ذاته على مسافة مادية وتاريخية كافية لتفادي أن تصبح قوية أكثر مما يجب أو مستقلة أكثر مما يجب على الحلبة الداخلية لسورية.
وبين أغسطس 1988، وأغسطس 1990م كان هناك عدد من التطورات التي أثرت على العلاقة السورية ـ الإيرانية؛ فمع انتهاء الحرب الإيرانية ـ العراقية بدت قوة العراق بشكل ملـحــوظ في وجه كل من سورية وإيران؛ فالعراق لم ينجح فقط في فرض نهاية مذلة للحرب، بل كـان في موقع جيد جداً لجني أفضل فائدة من التأييد الدولي والعربي الواسع للقيام بدور القوة العربية الكبرى المتربعة على الخليج والمشرق، لذلك فقد قويت دوافع إيران للتمسك بالـتـحالف مع سورية بفعل تضافر عدة عوامل، والتي منها: ضعفها مقابل القوة العراقية والانتشار العسكري الأمريكي في الخليج والعزلة الإقليمية والدولية.
وبالمثل فقد كانت سورية مدفوعة بمصلحتها التقليدية في احتواء العراق والحفاظ على دورها الفريد في لبنان، بيد أن عـوامل أخرى كانت تفعل فعلها، أولها وأهمها: التغيرات في علاقات الشرق بالغرب، وإبعاد التنافس الأمريكي السوفييتي من المنطقة؛ فقد بدأت علاقات سورية السياسية والاستراتيجية الطويلة الأمد مع الاتحاد السوفييتي بالتآكل مع مجيء الرئيس غورباتشوف في منتصف الثمانينيات والامتناع السوفييتي المتزايد عن إمداد المجهود الحربي لسورية أو تدعيم اقتصادها المتوعك.
هذا الحلف الإيراني السوري كان له مركز هام لإظهار نتائجه، فكان لبنان هو مطبخ هذا الحلف الذي تشتم منه رائحة الصفقات والاتفاقيات، وبهذا فقد تم ربط لبنان بهذا الحلف شاء أم أبى.)) اهــ
وكتب ناجح عليّ الذي كان مراسلا لعدة وسائل إعلامية في إيران، في مقال نشرته وكالة الأنباء السويسرية وغيرها بعنوان: " حزب الله بين حسابات لبنانية وأجندة إيرانية ":
" فقد مرّ حزب الله بمرحلة مهمة من حياته التأسيسية، كان ممثل الولي الفقيه الإمام الخميني جزءا فاعلا وقويا من مجلس شورى الحزب، الذي كان يحضر اجتماعاته مسؤولون إيرانيون، إلا أن آية الله علي خامنئي وافق على طلب من شورى الحزب بتأثير مباشر من نصر الله بالتخلي عن ممثله وإلغاء هذا الدور الإيراني، ليرتدي حزب الله خصوصيته اللبنانية بعيداً عن وصاية ممثل الولي الفقيه وعباءته، وعن تدخّـل الحرس الثوري الذي كان أرسـل في السابق وبُعيد الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان عددا من قيادييه ورجالاته لدعم مقاومة حزب الله وتنظيم دورات تدريبية لعناصره "اهــ
النشأة والظهور للوجود ـ ولادة حزب الله من رحم حركة أمل الشيعية:
أشير أولا إلى أن تسمية هذا التنظيم بـ " حزب الله " هي من الباطل، وأنه كان ينبغي أن ينسبوا ويضافوا إلى الشرك والضلال لا إلى الله تبارك وتعالى وتقدس عز وجل عن الشرك واتخاذ الشركاء.
الأسباب المعلنة لنشأة الحزب:
نستطيع العثور على كلام كثير لهم ولغيرهم في هذا.
وهذا مثال يُجمل قولهم في المسألة :
((...في عام 1982، انسحب [أي حسن نصر الله] مع مجموعة كبيرة من المسؤولين والكوادر من حركة أمل اثر خلافات جوهرية مع القيادة السياسية للحركة آنذاك حول سبل مواجهة التطورات السياسية والعسكرية الناتجة عن الاجتياح الاسرائيلي للبنان.))اهــ عن موقع مقاومة، على الانترنت، وهو موقع شبه رسمي لحزب الله/تحت تبويب السيرة الذاتية للأمين العام/نبذة عن حياة سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله حفظه الله.
مثال آخر: عن موقع الجزيرة نت/ المعرفة/ حزب الله النشأة والتطور:
(( ظروف النشأة: سبق الوجود التنظيمي لحزب الله في لبنان والذي يؤرخ له بعام 1982 وجود فكري وعقائدي يسبق هذا التاريخ، هذه البيئة الفكرية كان للشيخ حسين فضل الله دور في تكوينها من خلال نشاطه العلمي في الجنوب. وكان قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بقيادة آية الله الخميني دافعا قويا لنمو حزب الله، وذلك للارتباط المذهبي والسياسي بين الطرفين. وقد جاء في بيان صادر عن الحزب في 16 فبراير/ شباط 1985 أن الحزب "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة".
معظم أفراد الحزب هم من اللبنانيين الشيعة المرتبطين مذهبياً بإيران، حيث يعتبرون آية الله علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية واحداً من أكبر المراجع الدينية العليا لهم، ويعتبر الشيخ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الوكيل الشرعي لآية الله علي خامنئي في لبنان. هذا الارتباط الأيدولوجي والفقهي بإيران سرعان ما وجد ترجمته المباشرة في الدعم السريع والمباشر من الجمهورية الإسلامية وعبر حرسها الثوري للحزب الناشئ.
تشكل الحزب في ظروف يغلب عليها طابع المقاومة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي الذي اجتاح لبنان عام 1982، ولذلك فالحزب يبني أيدولوجيته السياسية على أساس مقاومة الاحتلال. وكانت أولى العمليات الناجحة التي قام بها الحزب وأكسبته شهرة مبكرة في العالم العربي، قيامه بنسف مقر القوات الأميركية والفرنسية في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1983، وقد أسفرت تلك العملية عن مقتل 300 جندي أميركي وفرنسي . ))اهــ
الأسباب الباطنة لنشأة الحزب، والتي يمكن أن نفهمها بدلائل كثيرة من أنواع الدلالات المشار إليها، وهو ما يقوله محققو كتّاب ومفكري المسلمين (أهل السنة):
وهي تتمثل باختصار في تصدير الثورة الشيعية، وخدمة الاستراتيجية الشيعية الكبرى التي تحدثنا عنها، بحيث يكون "حزب الله" أداة للحركة الشيعية الكبرى في لبنان وعلى مقربة من القدس أهم قضية إسلامية، وللتغلغل الشيعي في جسد الأمة الإسلامية، وبعبارة أخرى حرص إيران على أن يكون جنوب لبنان منطقة نفوذ لها وللشيعة، وهو ما أكدته سياسياً تفاهمات يوليو (تموز)1994 وتفاهم أبريل (نيسان)1996. والاستعاضة عن تنظيم حركة أمل الشيعية لأنها غير نافعة، لأسباب كثيرة منها: أنها شـُوّهت صورتها بالجرائم الفظيعة التي ساهمت في ارتكابها بالتواطؤ مع حزب الكتائب اللبناني النصراني ومع اليهود في حق أهل السنة من الفلسطينيين في المخيمات، وفي حق بعض أهل السنة اللبنانيين أيضا، ومنها: أن حركة أمل علمانية الطابع إلى حد كبير منذ نشأتها أو هي خليط بين العلماني والديني الشيعيّ، فكان هذا خللا يوجب استبدالها بعد انتصار الثورة الشيعية في إيران وانتصار مبدأ ولاية الفقيه والتيار الديني الشيعي عموماً. ومنها: أن حركة أمل كان عندها نوعُ استقلالية، والمراد الآن إيجاد حزبٍ يكون تابعا ومواليا بشكل مطلق لإيران وثورتها، بالإضافة إلى أن انتصار الثورة الشيعية الخمينية في إيران قد ألهب مشاعر الشيعة في كل مكان، واستثار طموحاتهم بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث، فكانت أفكار جماعة كبيرة مؤثرة من رجالات الشيعة ممن كانوا في حركة أمل أو خارجها تتجه إلى الكون مع الثورة الإيرانية والتجنّد تحت رايتها والإيمان بنظرية "ولاية الفقيه" التي تقتضي فيما تقتصي مبايعة الوليّ الفقيه (وهو الخميني ساعتها) والصدور عن قوله وأمره، والعمل في نطاق مشروعيته لا غير، ومعروفٌ الجدل الفقي والفكري الكبير الذي ثار حول هذه النظرية بعد نجاح ثورة الخميني، والانقسامات التي حدثت في الوسط الشيعي بسببها وحولها.
فهذه إذن هي حقيقة الحزب الرافضي المسمّى بــ " حزب الله ".
ولا يخفى أن التسمّي بهذا الاسم (حزب الله) دليل على قلة الفقه في الدين، وأنى لهم الفقه في الدين وهم أهل الشرك ودعاء غير الله والاعتقاد بالباطل المبين وتكذيب القرآن.! وإلا فكيف يسوغ لمسلم أن يسمّي تنظيمه الخاصّ الذي يؤسسه هو وينشئه؛ يسمّيه حزب الله، وهو يعلم أن "حزبَ الله" هو اسمٌ شرعيّ قرآنيّ للمؤمنين جميع المؤمنين أهل التوحيد والتقوى وطاعة الله تعالى والعمل الصالح في مقابل اسم "حزب الشيطان" الذي هو اسمُ الكفار أهل الشرك والتنديد والإلحاد والإفساد في الأرض بالكفر والعصيان.!
كما قال تعالى: ( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة22
وقال عز وجل في سورة المائدة: (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57)
فتسمية تنظيم بشريّ خاصّ وتشكيل سياسي خاص ومرحلي من وضع الإنسان وصياغته – تسميتُهُ بـاسم " حزب الله "، تسميةٌ أقلُ أحوالها الكراهة الشديدة، لما فيها من التحجير والتزوير والتغيير لمعاني الأسماء التي وضعها الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما فيها من تعريض الدين للإفساد والتشويه حين تنسحِبُ أخطاء البشرِ وفسادهم هم على الأسماء الشرعية، هذا إذا كان صاحبها مسدداً من أهل الصلاح، فأما إذا كان صاحبها من أهل الشرك والابتداع والضلال والمروق من الدين، كما هو الحال هنا في موضوعنا، فوالله إن هذه التسمية لمِن أبطل الباطل وأعظم شهادة الزور، نسأل الله العافية والسلامة.!
وإذا تقرر لدينا كل ما تقدم، فإنه يسهل علينا معرفة لماذا يهتم هذا الحزب بالقضية الفلسطينية وبقضية مقاومة العدوّ الإسرائيلي، ويكون كل ذلك قد وُضِع في مكانه الصحيح من الفهم.
فلا يمكن لحزب الله اللبناني إلا أن يجعل القضية الفلسطينية وقضية مقاومة المحتل اليهودي من أولى اهتماماته، لأنها هي المدخل لخدمة استراتيجية الرافضة التي تحدثنا عنها، فهو يبني مجداً، وينشر دينه، ويتوسّع على مستوى الأمة الإسلامية، ويؤسس للقيادة الرافضية المأمولة عندهم وزعامة الأمة الإسلامية التي هي حُلُمهم الأبديّ.!
ولابد إذن من دعم المقاومة في فلسطين..! لكن من شرط ذلك أن تكون هذه المقاومة قابلة لذلك، وهو الذي كان.
فقد صادف –والأمر لله تعالى من قبل ومن بعد- أن المقاومة في فلسطين في العقدين الأخيرين من الزمان كانت في جزئها الأكبر مقاومة إسلامية من النوع الذي يسهل على الرافضة التعامل معه، وهم الإخوان المسلمون المتمثلون في حركة حماس، وأشباهٌ لهم وإن اختلفت أسماؤهم وهم حركة الجهاد الإسلامي، فسهل على الرافضة في دولة إيران وذراعها القريبة (حزب الله اللبناني) أن يشرعوا في برنامج قويّ للتعاون والتدخل والتغلغل عبر هاتين الحركتين، حتى صاروا بفضل هذا التعاون والتحالف، وفي ظل غياب دولة حقيقية للإسلام والسنة، وخيانة دول العرب والمسلمين الموجودة وتخلّيها عن فلسطين وجريانها وراء المشاريع الأمريكية والغربية ولهثها وراء التطبيع مع العدوّ اليهودي ـ صاروا (أعني الرافضة) هم الداعم "الإسلامي" الأول والراعي للقضية الفلسطينية، فهي إذن في جزء لا بأس به منها عملية ملء فراغ تاريخي.!
فمدخل حزب الله اللبناني إذن إلى فلسطين هو هاتان الحركتان: حماس، والجهاد الإسلامي.
وهما يتحمّلان وزر إدخال التشيّع ومذهب الرفض إلى فلسطين إن دخل، وهما يتحمّلان وزر دعم استراتيجية الرافضة التي تحدثنا عنها، ويتحمّلان وزر نصرة الرافضة ومعاونتهم ورفع رايتهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولا ينفع الاعتذار بالحاجة الشديدة أو الضرورة، فلا ضرورة تلجيء إلى أمثال هؤلاء، بل البدائل المشروعة متوافرة لمن صدق واتقى، ولله الحمد، ثم إن هناك فرقاً شاسعاً بين أن تتلقى دعماً ماليا أو عسكريا من أمثال هؤلاء في حال الشدة والاضرار، وبين أن يتنازل المرءُ عن ثوابت عقيدته ويسمح لأهل الشرك والضلال أن ينفذوا من خلاله إلى المسلمين وأجيالهم، فهذا ضلالٌ مبينٌ وتفريطٌ في الدين، مع أنه لو تمسك التنظيمان المذكوران بعقيدتهم لاضطرّ الشيعة الإيرانيون لمساعدتهم لحاجتهم لدخول الميدان الفلسطيني، ولكن يبدو أن التسابق بين التنظيمين على الاستحواذ على المساعدة كان هو المصيبة.!
معلوم أن لحزب الله أجندتين: محلية، وعالمية، وكلاهما يندرجان تحت الاستراتيجية الشيعية التي تحدثنا عنها، أما الأجندة المحلية فتطورت عبر السنين وبمساعدة عوامل الزمن من السعي إلى تقوية الوجود الطائفي الشيعي في لبنان، إلى المشاركة السياسية في الدولة اللبنانية إلى محاولة الاستيلاء على السلطة ربما، كما يجري الآن في هذه الأثناء ومنذ حوالي شهرين من اعتصامات ومظاهرات للمعارضة اللبنانية التي يقودها حزب الله وحلفاؤه: حركة أمل، والتيار العوني النصراني وآخرون.
وقد جاء في النبذة عن الحزب في موقع الجزيرة نت: " يميز حزبُ الله في تحركاته السياسية على الساحة اللبنانية بين الفكر والبرنامج السياسي، فيرى أن الفكرة السياسية لا تسقط إذا كان الواقع السياسي غير مواتٍ لتطبيقها، كما هو الحال بالنسبة لفكرة إقامة دولة إسلامية في لبنان. يقول حسن نصر الله "نحن لا نطرح فكرة الدولة الإسلامية في لبنان على طريقة الطالبان في أفغانستان، ففكرة الدولة الإسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي، أما على مستوى البرنامج السياسي فإن خصوصيات الواقع اللبناني لا يساعد على تحقيق هذه الفكرة، فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة شعبية عارمة، ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها إلى حماية ".اهــ
وأما الأجندة الإقليمية أو العالمية للحزب فهي ما تحدثنا عنه مراراً من الاستراتيجية الرافضية الخمينية لنشر التشيع والوصول إلى الغلبة على أهل السنة والإمساك بقيادة الأمة الإسلامية.!
وكلا الأجندتين المحلية والعالمية بحاجة شديدة إلى تبني خيار مقاومة العدو الإسرائيلي ودعم المقاومة الفلسطينية وتبني قضية فلسطين والسعي لتحريرها، لأنه السبيل إلى بناء مجد للشيعة في الأمة وكسب ثقة جماهير المسلمين (غالبهم أهل سنة)، ولأنه يعطي فرصة للتكوين الاجتماعي والسياسي والعسكري، ويسمح باستمرار تسلّح الرافضة وسيطرتهم على مقاطع مهمة من لبنان، واستمرار عملهم الدعوي (نشر التشيّع) لأنهم بدون قضية المقاومة وتحرير فلسطين سيفقدون الكثير من الفرصة.!
هناك دافع آخر خاصّ عند الرافضة أو عند بعضهم على الأقل وقد تحدث عنه جماعة من المطلعين وذكروا أن حسن نصر الله زعيم الحزب، وأحمدي نجاد الرئيس الإيراني الحالي ممن يؤمنون به، وهو الاعتقاد بأن تحرير فلسطين من أيدي اليهود الغاصبين هو مقدمة لازمة لخروج المهدي السردابي المنتظر الذي تؤمن به الرافضة، فالسعي إذن لتحرير فلسطين هو أيضا من أجل التعجيل بفرَجِ مهدّيهم كما يعتقدون.!
محاور ووسائل سياسة حزب الله اللبناني تجاه القضية الفلسطينية:
ومن أهم وسائل حزب الله اللبناني لتجسيد سياسته تجاه فلسطين النقاط التالية:
ــ تبني القضية والاهتمام بها ودعمها وجعلها –بحسب الدعوى والتظاهر على الأقل- من أهم أولوياتهم.
ــ العمل على احتواء حركتي حماس والجهاد، في لبنان، ثم في إيران وفي سوريا، وتقوية العلاقات بهم إلى درجة عالية جدا، والتأثير عليهم، وملء الفرغ العربي والإسلامي.
ــ السعي لربط الحركتين المذكورتين بدولة الرافضة (إيران) ومراجعها الدينية والسياسية والفكرية.
ــ وعن طريقهما محاولة التغلغل الديني المذهبي والفكري الشيعي إلى فلسطين، وقد يكون حصل لهم من ذلك بعضُ الغرض من خلال تشيّع بعض الأفراد من حركة الجهاد الإسلامي، على ما نُقل، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ــ اصطناع الأولياء وشراء الذمم، سواء في فلسطين أو في الشتات الفلسطيني في لبنان وسوريا وإيران على وجه الخصوص، وفي غيرها أيضا، ومسألة شراء الذمم واصطناع الأولياء هذه بارزة جدا في سياسة حزب الله اللبناني حتى فيما يتعلق بأهل السنة في لبنان، ومن أمثلتها المشهورة: ماهر حمود في صيدا بالجنوب اللبناني، وهو كان من مؤسسي حركة التوحيد، اصطنعه حزب الله اللبناني ويغدق عليه الأموال ويوفر له الحراسة والحماية وكل أنواع الدعم، ويستفيدون منه جدا في نشر مذهب التقارب والوحدة كما يسمونه وتحسين صورتهم والدعاية لهم.!
ــ تقديم المساعات السخية للفلسطينين الذين يرجون منهم خدمة سياسيتهم واستراتيجيتهم، كبعض قيادات حماس والجهاد الإسلامي في لبنان وسوريا، وأما في إيران فإيران هي أستاذتهم في ذلك، وأعمالها في هذا معروفة مشهورة، مع أن دعمها في أغلبه لا يعدو الفتات والوعود غير المنجزة والدعاية.!!
ــ مجموعة من الدعاوى والتمويه والكذب على عادتهم، والممارسات الإعلامية والدعائية عبر منابرهم الإعلامية كقناة المنار وغيرها، التي تجعل منهم الداعم الأساسي والحاضن للمقاومة الفلسطينية في لبنان وفي سوريا وإيران.
لكن تفاهمات تموز ونيسان وغيرها وقبول الحزب بالقرار (1701) تزيّف كل تلك الدعاوي.!
والسؤال المطروح هنا هو: على أي أساس يتعاون مسؤولو حركتي حماس والجهاد الإسلامي مع الرافضة سواء في حزب الله اللبناني أو في دولة إيران، ويتخذون منهم أولياء وأعواناً لهم في نضالهم السياسي ومقاومتهم للعدو اليهودي؟
والمعروف أن جهاتٍ متعددة من المرجعيات الدينية والفكرية من أهل السنة؛ علماء ومفكرين وزعماء حركات إسلامية وغيرها، قد قدموا النصح لحركة حماس مراراً وتكراراً بالابتعداد عن الرافضة والحذر منهم وعدم إعطائهم فرصة للتقوّي على حساب أهل السنة على مستوى الأمة، وعدم إيجاد سبيل لهم للتغلغل إلى فلسطين، ونهوهم عن التعامل معهم والميل إليهم، فكان غالباً جواب المسؤولين في حماس والجهاد الإسلامي أو مَن يجادل عنهم هو الدفع بأنهم في حاجة شديدة لمن يساندهم ويدعمهم، وأن الدول العربية والإسلامية قد تخلت عنهم وحاربتهم فلم يجدوا مَن يساعدهم إلا إيران، كما يدفعون بالقول إن مساعدة إيران وحزب الله لهم هي في ظاهرها مساعدات بريئة لا يراد بها إلا وجه الله، وليست مشروطة بأي شرط مذهبي أو سياسيّ أو غيره!!
لكن من يعرف مناهج الحركتين وأفكارهما يدرك أن القناعة بخطر الرافضة وبحقيقة انحرافهم وضلالهم ضعيفة عند الحركتين، تبعا لأفكار الإخوان المسلمين الرسمية وأفكار الكثير من مرجعياتهم الفكرية مثل يوسف القرضاوي وغيره، وهذا هو السبب الرئيسي لعدم اكتراثهم بالتحذيرات من خطر الرافضة، ويكفي أن نتذكر أن خالد مشعل في العام الماضي 2006م زار إيران وقدّم طقوس العزاء عند ضريح الخميني ثم قال في تصريح للإعلام "إن حركة حماس تعتبر نفسها الابن الروحي للإمام الخميني".! وأما حركة الجهاد الإسلامي فهي أكثر قربا وميلا إلى الرافضة منذ أيام مؤسسها فتحي الشقاقي، فهو كان من المعجبين إعجاباً شديدا بالخميني وثورته وأفكاره، وشديد المدح له والإكبار، ولازال بعض قيادات الحركة سائرين على نفس النهج..!
فالمشكلة إذن هي مشكلة منهجية فكرية دينية قبل كل شيء، وليست مسألة ضرورة وحاجة سياسية.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
خاتمـــة:
وإذا كنا قد اقتنعنا بأن حزب الله اللبناني ما هو إلا حزب شيعي طائفي متعصب يخدم الاستراتيجية الشيعية الخمينية الكبرى، فلا داعي للتطويل في مسائل من قبيل: هل بالفعل حزب الله اللبناني يقاوم المحتل الإسرائيلي؟ وهل فعلا سعى ويسعى حزب الله اللبناني لمنع وجود أي قوة سنية مقاومة لليهود في لبنان وعلى الحدود الشمالية لدولة اليهود؟ وهل كان ذلك ناتجا عن اتفاقات دولية أمريكية سورية، وبنداً من بنود اتفاق الطائف غير المعلنة؟ وما شابه ذلك من المسائل والأسئلة الكثيرة، فسواء كان ذلك أو لم يكن، فنحن لا نحتاج إليه كثيرا، إنما يُحتاج إلى مثل هذا على أقصى حدٍ لشيء من الاستئناس فقط، ثم –وهي الحاجة الأمسّ- قد يُحتاج إليه لإقناع بعض ضعفاء الدين والفهم الديني ممن لا يقتنعون إلا بالماديات والوثائق الرسمية وبادعاءات اكتشاف الأسرار ونحو ذلك مما يخدع الضعفاء، فهؤلاء قد يحسُن أن تذكر لهم تناقضات حزب الله اللبناني ومفاسده السياسية المحسوسة الظاهرة.
فمن تناقضات هذا الحزب ومفاسده السياسية الظاهرة المحسوسة :
ـ موقف الحزب من مجازر صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة في أواسط الثمانينيات حين تولت حركة أمل الشيعية –بالتعاون مع حزب الكتائب الماروني، وبرعاية يهودية- كبر المجازر في حق المهاجرين الفلسطينيين اللاجئين، وأكثرهم كانوا من الضعفة أطفالاً ونساءً وشيوخاً، إذ إن معظم المقاتلين كانوا قد خرجوا من المخيمات أو قتلوا دفاعاً عنها، ووقف حزب الله اللبناني الذي كان يومها حديث النشأة منفصلاً عن حركة أمل ومنافراً لها ـ وقف متفرجاً على الأقل إن لم يكن قد شارك فعلاً، كما هي عادة الرافضة حين يتعلق الأمر بقتل أهل السنة، متعللاً بأن ظروفاً سياسية كانت تحول دون أن يفعل شيئاً، وهو مثال من الأمثلة غير المحصورة لقلة دين هؤلاء القوم وعدم غيرتهم على محارم الله وعدم تمعّر وجوههم في الله وحين تنتهك حرمات الله، بل إنما يغضبون للطائفة والعصبة لا غير.!
ـ ترشيح حزب الله للمجرم إيلي احبيقة النصراني الماروني أكثر من مرة على قوائمه للانتخابات البرلمانية، رغم أنه هو من أكابر مجرمي المجازر المذكورة أخزاه الله وأمثاله.!
ـ وكذلك تحالفهم مع نبيه برّي وهو من رؤوس مجرمي تلك المجازر أيضا، بالإضافة إلى كفره وعلمانيته وإجرامه الكثير، فهم لا يبالون بدين ولا كفر ولا إيمان، مادام الشخص منتمياً إلى طائفتهم أو حليفاً لهم أوكانوا يرون في قربه مصلحة لطائفتهم وأجندتها.
ـ كون الحزب كالآلة للدولتين الإيرانية والسورية، وتبعيته لهما، وخدمته لمصالحهما وسياساتهما، وهذا في غاية الوضوح، ومَن لا يبصر ذلك فلن يبصر شيئاً.! والمعلومات المنشورة والمعلنة عن تلقي الحزب للأموال الطائلة من إيران وللتسليح وغيره من الدعم، لا تخفى على أحد.
ـ الوثائق والأخبار والشهادات الكثيرة المفيدة لحقيقة منع الحزب أي وجود مقاوم ومجاهد، ولا سيما الوجود السنّي، على الحدود الشمالية لإسرائيل، أي في مناطق جنوب لبنان، وأن ذلك كله إنما هو نتيجة لاتفاقات معقودة مع سوريا ومع أمريكا وحتى إسرائيل، ترافقت مع مصلحة الحزب نفسه، لينفرد بالساحة وبلقب المقاومة وصناعة المجد وكسب الشعبية في الأمة.!
ـ ومن هنا إلقاؤهم القبض على كل مَن يحاون من أهل السنة الفلسطينيين أو اللبنانيين أن يجاهد العدو اليهودي من جهة جنوب لبنان، وقد قبضوا بالفعل على كثيرين وسلموهم إما لسوريا أو للأمن اللبناني، وممن ذكر ذلك صبحي الطفيلي [صحيفة الشرق الأوسط/العدد9067/25 سبتمبر 2003] وغيره، بالإضافة إلى شهادات خاصة عندنا في ذلك.
ـ قبول الحزب بالقرار الصادر عن الأمم المتحدة رقم (1701) وتعهده بالحفاظ على سلامة القوات الدولية واستنكاره لمهاجمتهم.! وهذا يكذب دعاويه بالحرص على تحرير فلسطين، إذ كيف يقبل بوجود قوة تَحُول بين المجاهدين في لبنان وفلسطين؟ وقد كان أشرف لهذا الحزب أن يتحول إلى حركة مقاومة سرية لو كان صادقاً، بدلاً من أن يقبل بهذا القرار ليحافظ على وجوده كقوة سياسية معترف بها رسمياً أو فعلياً.
ـ ما في تاريخ الحزب من نقاط سوداء وفظائع ولاسيما فيما يتعلق بعمليات التهجير للسنة من ضاحية بيروت الجنوبية في النصف الثاني من الثمانينات، وعمليات التقتيل والاغتيالات وغيرها.
ـ أما موقف الحزب من القضية العراقية فهي من الأمور الواضحة الدلالة التي ينبغي ألا تفوت على متأمل.
ـ وكذا مساعدته للمليشيات الشيعية في العراق مثل جيش المهدي وفيلق بدر وتدريبه لعناصرهما التي تتولى قتل أهل السنة وكوادرهم، وهما المنظمتان اللتان انبثقت منهما فرق الموت التي ارتكبت ما لا يحصى من المجازر في أهل السنة.!
ـ وفي مقابل ذلك موقف الحزب وزعيمه حسن نصر الله من المجاهدين والمقاومة من أهل السنة في العراق، وقد وصفهم في بعض المناسبات قريباً بأنهم وهّابية تكفيريّون، وبغير ذلك من الأوصاف التي يستعملها الشيعة في وصف أبطال وصناديد مجاهدي أهل السنة أهل الاستقامة وأهل المعرفة بضلال الشيعة وشركهم ومروقهم.!
ـ ثم ليسأل الإنسان نفسه: هل حزب الله اللبناني يريد وجه الله بحروبه ومقاومته ومساعيه؟! وليتأمل في الجواب ويبحث عنه.
ـ وليتأمل أيضا في حسن نصر الله وخطاباته الطويلة التي تستمر ما بين الساعة والساعتين وأكثر، لا يذكر الله فيها إلا قليلا، ما خلا الافتتاح بالبسملة التي تعوّدوا عليها ويجعلونها كالعنوان على انتمائهم الإسلاميّ زعموا، ونحوها من الكلمات، ولا يذكر آية من كتاب الله ولا حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يذكر الجهاد في سبيل الله كما شرعه الله وأحبه، رغم عشرات بل مئات الآيات في القرآن الواردة في الأمر بالجهاد في سبيل الله والترغيب فيه وبيان فضله، وفضل الشهادة في سبيل الله.! وأما أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك شيء لا يكاد يُحصى.! فهل هذا زعيم إسلاميّ؟ أم أنه زعيم المنافقين الذين لا يذكرون الله إلا قليلا؟!
ـ وانظر إلى تحالفهم الآن مع ميشيل عون وغيره من الكفرة والفاسدين في معارضتهم للحكومة اللبنانية، وانظر ما في أثناء اعتصاماتهم في الساحات وتظاهراتهم من الفساد واختلاط الرجال بالنساء والشباب بالفتيات ليل نهار وما في ضمن ذلك من مخازي يندى لها الجبين ويُستحيى من ذكرها، وكيف أن حزب الله اللبناني جزء من رعاتها والقائمين عليها والساكتين عنها، في سبيل مصلحتهم المتوهّمة، فهل ترى دينا عند هؤلاء ومراقبة لله تعالى ونظراً لليوم الآخر؟ كلا والله.!
والأمثلة كثيرة جدا لمن أراد أن يركز على فساد هذا الحزب وطائفته بالدلالات المحسوسة الظاهرة، ومَن لم يقنع بكل ذلك فلن يقنع بشيء.!
فتنة وابتلاء:
ولابد أن يعلم المسلم أن هذا الحزب (حزب الله اللبناني) ومقاومته وأعماله التي ظاهرها البطولة ومقاومة المحتل الغاصب والدفاع عن الأرض والدين والعرض.. أنها كلها فتنة وابتلاء عظيم يختبر الله به العباد، لينظر الله تعالى –وهو عالمُ الغيبِ والشهادة- كيف نعمل ومَن الذي يختارُ الله تعالى وما عنده ويكون مع الحق ويدور معه حيث دار، وينصر الله ودينه والتوحيد وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَن الذي تستهويه البطولات الجوفاء، بطولات عنترة بن شداد وكليب والمهلهل وماوتسي تونج وجيفارا وكاسترو وأمثالهم.
وهكذا الفتنة بثورة الخميني، فإنها من أعظم الفتن على المسلمين في التاريخ الحديث، لعلها –بالنسبة إلى كثير من الناس- أشد من فتنة الاستعمار الغربي الذي احتل بلاد المسلمين في القرنين الماضيين، فإن ذلك كان عدواً صليبياً كافرا أصليا معلوما كفره لدى عموم جمهور المسلمين، لكن هؤلاء الخمينية منافقون زنادقة اشتبه أمرهم على جمهور الأمة وتلبّسوا بالإسلام وتزيّوا بزي الصلاح والإصلاح، ولبسوا مسوح النهضة الإسلامية وجهاد العدو الكافر...!
وانظر ما كتبه الكثيرون من أهل السنة ممن انخدعوا بثورة الخميني في بادئ الأمر ثم بانت لهم حقيقتها فيما بعد، ومن أمثلتهم الشيخ أسعد بيوض التميمي الفلسطيني، وقد كتب عنه ابنه محمد، وغيره كثير.
(( عندما انتصرت الثورة الإيرانية في نهاية عقد السبعينيات من القرن المنصرم استبشر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها خيراً، وظنوا أن فجر الإسلام قد بزغ من جديد، وأن تحرير فلسطين أصبح قاب قوسين أو أدنى، فالتفوا حولها يحفونها بعقولهم وأفئدتهم ومشاعرهم، حيث إن هذه الثورة كانت ترفع شعارات هي ضمير كل مسلم:
الأول: الإسلام.
الثاني: عرفت نفسها بأنها ثورة المسلمين المستضعفين في الأرض ضد الشيطان الأكبر أمريكا.
الثالث: تحرير فلسطين من اليهود.
حتى إن كثيراً من علماء أهل السنة وقفوا إلى جانبها وبعضهم من السلفيين أصحاب العقيدة الصحيحة التي تتطابق مع القرآن والسنة أي مع عقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ظانين بها خيراً )).اهــ [مقال : هل الثورة الإيرانية إسلامي ة أم مذهبي ة قومية؟ لمحمد أسعد بيوض التميمي].
ولابد للمسلم أن يتفظن اليوم لخطر هؤلاء جميعا، ويعرف ما عندهم من الحقد على أهل الإسلام، لأنهم تربّوا على الحقد والبغض لأهل السنة، فهم يحقدون عليهم أكثر مما يحقدون على اليهود والنصارى، فاليهود والنصارى شأنهم سهل عندهم، هم كفارٌ معروفون، ويمكن موادعتهم ومصالحتهم والتعايش معهم، لكن أهل السنة هم العدوّ الأساسيّ والحقيقيّ للرافضة، والرافضة يتوارثون ذلك جيلا عن جيل ويتربّون عليه، بواسطة مجموعة كبيرة من الشعارات ومنظومة ثقافية فكرية وأدبية دينية متكاملة تدور حول محاور: أن أهل السنة هم قتلة الحسين وأنهم غاصبوا أهل البيت حقهم، وأنهم ظالمو أهل البيت وشيعتهم، وأن شيعة آل البيت كما يسمون أنفسهم سيثأرون منهم يوماً ما، وأنهم في انتظار مهديّهم الغائب في السرداب ليظهر وليقتلوا معه أهل السنة وينتقموا منهم شر انتقام.!!
وعندما يردد الشيعة: يا ثار الله، ويا ثار الحسين، ونحو ذلك من الشعارات، إنما يقصدون بها في الحقيقة أهل السنة، لا غير، مهما حاولوا أن يموّهوا ويكذبوا ويستعملوا التقية، فليس اليهود ولا النصارى هم الذين قتلوا الحسين، بل إنما قتله –عندهم وبحسب اعتقادهم أو بحسب تزويرهم وتخييلهم- أهلُ السنة، فهم ينتظرون اليوم الذي ينتقمون فيه منهم ويثأرون.!
وحاشَ لله أن يُحسَبَ قتل الحسين على أهل السنة، نبرأ إلى الله من ذلك، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وما الحسين رضي الله عنه إلا صحابيّ جليل وإمام من أئمة المسلمين أهل السنة كسائر الصحابة وأئمة السلف الصالح، مع ما اختصّ به من البشارة بالجنة والبنوّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كان مقتله فتنة أراد الله بها تمحيص العباد، وفي ضمنها حكمٌ لله عز وجل بالغة، فالحسين من أئمة المسلمين أهل السنة ومقتلُهُ جرى في حوادث سياسية واقتتال بين المسلمين، كان فيه الحسينُ رضي الله عنه هو المحق المصيب المتقي لله تعالى، وقاتِلوه هم المبطلون الفجرة الطغاة الظلمة، وباؤوا بالخسران، فما شأن الشيعة الرافضة؟ فهم لا وجود لهم أصلا إلا فيما ابتدعه الزنادقةُ من الدين والانتساب إلى آل البيت زوراً وبهتاناً، والحمد لله على كل حال، له الأمرُ وحده.
الشيعة في لبنان والعراق: فرصة تاريخة وتقدم أم بداية النهاية:
يظن الشيعة أن هذه الفرصة التاريخية المتاحة لهم اليوم في العراق وإلى حد ما في لبنان وفي بعض البلاد الأخرى، أنها فرصتهم التاريخية لتحقيق حلمهم الكبير بتولي قيادة الأمة وتحقيق الغلبة على أهل السنة، ولكنهم غفلوا في غمرة غرورهم وسكرتهم ببعض الانتصارات الجزئية المؤقتة أنهم في نفس الوقت هم ينكشفون للأمة، ويظهرون أمامها على حقيقتهم التي طالما اجتهدوا في سترها والتكتم عليها، فالأمة اليوم -بفضل الله تعالى وحسن كيده تعالى للمسلمين ومكره بالكافرين والمنافقين، ثم بما أتاحته تقنيات العصر من فضائيات وإنترنت ووسائل معلومات- صارت تعرفهم جيداً وتتفطن لهم، وقد رأتَ ما عندهم من الدين المبدّل والنواح السرمديّ والشرك بالله تعالى، والمحادة لدين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
عندما ينادي حسن نصر الله الأمة الإسلامية:
عندما كان حسن نصر الله ينادي في خطاباته الملتهبةِ المسلمين والأمة الإسلامية قبل سنين، كان يخدع بندائه جماهير المسلمين من أهل السنة في مشارق الأرض ومغاربها، الذين ظنوا به الظن الحسن، وحسبوه مجاهداً يقاتل اليهود..! ولكن ذلك لم يعدْ يجدي يا حسن نصر الله، فقد انتهى زمن الخداع والتلبيس، وبانت الحقائق وظهرت المكنونات، فلو صدقتَ اللهجةَ فلا يسعك اليوم إلا أن تنادي شيعتك وأهل ملتك الاثني عشرية، فقد فطنت الأمة لك بحمد الله.!
وإنني أظن –والله أعلم- أن مرحلة الغفلة السنية قد بدأت تتلاشى، وأعقبتها بفضل الله تعالى ومنته مرحلة اليقظة والتفطن والنهوض.
وعلى وجه التقريب يمكن ترتيب المراحل التي مرت وستمرّ بها أمة الإسلام مع الشأن الرافضي في عصورها الأخيرة كالآتي:
مرحلة الغفلة السنية، وإن شئت فقل السُّبات، أو حتى الموت..!
مرحلة التلبيس والغش والخداع والانخداع..
مرحلة الاتضاح والافتضاح الرافضي..
مرحلة الانتفاشة والغرور الرافضي، ولاسيما بعد سقوط نظام صدام حسين، وأيضا بسبب نجاحات حزب الله اللبناني الظاهرية المؤقتة.
مرحلة المفاصلة الكاملة والبيان الواضح.
مرحلة المواجهة، أو المتاركة والمعايشة على مفاصلةٍ في أحسن الأحوال.
مرحلة الغلبة للحق والتوحيد والسنة، بإذن الله تعالى.
وإن من خير البشرية جمعاء أن يكون الحق والتوحيد والسنة هو الغالب والظاهر، ففيه الرحمة والعدل والإحسان، ولا والله لن يكون حالٌ أحسن منه، وإن أهل التوحيد والسنة لهم أرحم بالرافضة وسائر أهل البدع والأهواء المنتسبين إلى القبلة من بعض هؤلاء لبعضٍ، وهذا كما شهدت به دلائل الشرع شهدت به أيضا دلائل الواقع والتاريخ.
وسأضرب هنا مثالا واحداً فقط خشية التطويل، واختم به هذا المقال، واخترت هذا المثال لأن صاحبه من أشد الناس على الرافضة وأعظم من فضحهم ونكّل بهم بالحجة والبرهان على مدار التاريخ الإسلامي، وهو من أبغض الناس عند الرافضة، وذلك هو شيخ الإسلام الإمام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرانيّ رحمه الله.
قال رحمه الله في منهاج السنة النبوية بعد كلامٍ عن مخازي الرافضة في التاريخ ووقوفهم دائما مع أعداء الله الغزاة من اليهود والنصارى والتتار وغيرهم ومعاونتهم لهم على المسلمين، قال: (( ومع هذا فأهل السنة يستعملون معهم العدل والإنصاف ولا يظلمونهم، فإن الظلم حرام مطلقا كما تقدم، بل أهل السنة لكل طائفة من هؤلاء خيرٌ من بعضهم لبعض، بل هم للرافضة خيرٌ وأعدل من بعض الرافضة لبعض، وهذا مما يعترفون هم به ويقولون أنتم تنصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعضاً، وهذا لأن الأصل الذي اشتركوا فيه أصلٌ فاسد مبنى علي جهل وظلم، وهم مشتركون في ظلم سائر المسلمين، فصاروا بمنزلة قطاع الطريق المشتركين في ظلم الناس، ولا ريب أن المسلم العالم العادل أعدل عليهم وعلى بعضهم من بعض، والخوارج تكفر أهل الجماعة وكذلك أكثر المعتزلة يكفرون من خالفهم وكذلك أكثر الرافضة ومن لم يكفر فسّق، وكذلك أكثر أهل الأهواء يبتدعون رأيا ويكفرون من خالفهم فيه، وأهلُ السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول، ولا يكفرون مَن خالفهم فيه، بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق، كما وصف الله به المسلمين بقوله ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس، وأهل السنة نقاوة المسلمين، فهم خير الناس للناس، وقد علم أنه كان بساحل الشام جبلٌ كبير فيه ألوف من الرافضة يسفكون دماء الناس ويأخذون أموالهم وقتلوا خلقا عظيما وأخذوا أموالهم، ولما انكسر المسلمون سنة غازان أخذوا الخيلَ والسلاح والأسرى، وباعوهم للكفار النصارى بقبرص، وأخذوا من مرّ بهم من الجند، وكانوا أضر على المسلمين من جميع الأعداء، وحمل بعضُ أمرائهم راية النصارى وقالوا له أيما خيرٌ المسلمون أو النصارى؟ فقال بل النصارى، فقالوا له مع مَن تحشر يوم القيامة؟ فقال مع النصارى، وسلموا إليهم بعض بلاد المسلمين، ومع هذا فلما استشار بعضُ ولاة الأمر في غزوهم وكتبت جوابا مبسوطا في غزوهم وذهبنا إلى ناحيتهم وحضر عندي جماعة منهم وجرت بيني وبينهم مناظرات ومفاوضات يطول وصفها، فلما فتح المسلمون بلدهم وتمكن المسلمون منهم نهيتهم عن قتلهم وعن سبيهم، وأنزلناهم في بلاد المسلمين متفرقين لئلا يجتمعوا ))اهـ
والجبل الكبير الذي كان لهم في الشام هو على ما أظن جبل كسروان، وقد تقدم ذكره في أول مقالنا هذا.
ووليّ الأمر الذي أشار إليه لعله هو الملك الناصر بن قالوون، السلطان المملوكيّ المعروف، ولشيخ الإسلام رسالة كتبها له يهنئه فيها بفتح هذا الجبل ويذكر فيها قصتهم وشيئا من أحكامهم، مثبتة في مجموع فتاويه.
وقوله "سنة غازان"، السنة هي سنة ستمائة وتسعة وتسعين للهجرة. وغازان أو قازان، هو أحد ملوك التتار من ذرية جنكيزخان، وهو الذي قابله شيخ الإسلام ابن تيمية في سفارة مع وفد من أهل العلم وأعيان الشام وخاطبه تلك المخاطبة المشهورة، قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية في حوداث سنة أربع وتسعين وستمائة: "وفيها ملكَ التتارَ قازانُ بنُ أرغون بن أبغا بن تولى بن جنكيزخان فأسلم وأظهر الإسلام على يد الأمير توزون رحمه الله، ودخلت التتار أو أكثرهم في الإسلام ونثر الذهب والفضة واللؤلؤ على رؤوس الناس يوم إسلامه، وتسمى بمحمود، وشهد الجمعة والخطبة، وخرب كنائس كثيرة، وضرب عليهم الجزية ورد مظالم كثيرة ببغداد وغيرها من البلاد، وظهرت السبح والهياكل مع التتار والحمد لله وحده"اهــ وذكر وفاته في حوادث سنة ثلاثٍ وسبعمائة.
والحمد لله رب العالمين، ونسأله تعالى أن يفتح على المسلمين ويأخذ بأيديهم إلى كل خيرٍ، وينصر المجاهدين في سبيله في كل مكان، إنه وليّ المؤمنين، نعم المولى ونعم النصير.
( أبي عبد الرحمن )
عطية الله
صفر1428هـ
--------------------------------
[1] فإن جادلوا بأن هذا قول متروك لبعض علمائهم، وأن ما عليه الشيعة منذ ألف سنة هو أن القرآن الموجود بأيدينا غير محرف...إلخ فيقال لهم: فما قولكم في أولئك البعض من علمائكم (وهم من أكابر علماء الطائفة عبر القرون) الذين قالوا هذا القول وسطروه في بعض أهم كتب مذهبكم؟ هل تعتقدون كفرَهم؟ أو على الأقل أن هذا القولَ الذي صدر منهم كفرٌ مخرجٌ من الملة، أو هو عندكم قولٌ معتبرٌ له وجهٌ وإن لم يكن الراجحَ عندكم؟ أو لعله الراجح لكن تركتموه لملحظٍ سياسيّ اعتماداً على "العنوان الثاني" (المصلحة)؟ أو غير ذلك؟ فبذلك يظهر تناقضهم وتهافتهم.
وهكذا يقال في سائر المسائل.
[2] وليس من غرضي في هذا الكتيّب شرحُ كل ذلك من كتبهم وغيرها، فهذا له مجالٌ آخر وقد أشبعه تحريراً وتوضيحا كثيرون جزاهم الله خيرا ممن تصدّوا لبيان زيف دين الرافضة وبيان خطرهم، وإنما الغرض هنا الإشارة الإجمالية إلى أسس فهم حقيقة الرافضة .
[3] انظر تصريحات مماثلة له مصورة في شريط مؤسسة السحاب الإعلامية (قراءة للأحداث)، وهو اللقاء الثاني للسحاب مع الشيخ الدكتور أيمن الظواهري، عند الزمن (1:15:46) وما بعده ، وراجع كلام الدكتورأيمن في الموضوع في نفس الشريط.