الحلقة الرابعة : القضية الجنوبية نتيجة طبيعية لفعل غير طبيعي
[align=right](([overline] تحدثنا في الحلقة السابقة من حلقات سلسلة الحوار الوطني الجنوبي عن الإتحاد ذات البعد العاطفي و فشل تجربات الوحدة العربية لما يدعو إلى مراجعة الفكر الوحدوي العربي برمته ، و تحدثنا عن أطماع الأمام يحيى الإمبراطورية في الجنوب بما يتماشى مع المتغيرات الدولية و فطنته إلى تسيمة الإقليم الذي يحكمه باليمن لإعطاء نوع من الإيحاء السياسي لمنطقة جنوب الجزيرة العربية ، و ما ادت هذه التسمية إلى بروز مفاهيم خاطئة حول الإحادية السياسية و خطأ تجربة اليمن الديمقراطية في إيجاد حزب أحادي يحكم فيها و يعارض في جارتها العربية اليمنية و و أخطاء الصراعات الإيديولوجية التي فككت بنية الشعب الجنوبي، نواصل سلسلة حلقاتنا التي مرت منها ثلاث حلقات و لمراجعة هذه الحلقات السابقه فهي مدموجة في موضوع منفصل سلسلة حلقات الحوار الوطني الجنوبي ... إلى هنا كتبه [/overline]/ أبو غريب الصبيحي ))
[align=center]القضية الجنوبية نتيجة طبيعية لفعل غير طبيعي[/align]
نشأت القضية الجنوبية نتاج طبيعي لعمل غير مدروس قاد إلى وحدة أنتجت أزمات و حروب . هذا المشهد المأزوم في العلاقة بين أطراف معادلة التوازن في هذه المنطقة تعود أسبابه إلى طبيعة السياسات الخاطئة التي بنيت على تزييف حقائق واقع المنطقة الجغرافي و الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي ، تزييف غلب عليه الطابع الإيديولوجي و تغييب شبه كلي للمعادلات القائمة على الحق و متطلبات العدالة ، الامر الذي لم يقد إلى وحدة ، بل إلى تدشين مسار كارثي يدفع شيئاً فشيئاً نحو المجهول .
الحديث عن الوحدة و التوحيد السياسي بين الدول يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفكرتي الحق و الحرية ، مثلما شكلت الفكرتان معاً الهاجس الرئيس و الهدف الأسمى للكفاح التحرري ليس لشعب الجنوب فحسب ، بل و لشعوب الأرض كلها ، فهي تمثل اليوم و ستظل الهاجس الأول في بناء الدول و قيام الإتحادات بين الدول فالدول تقيم اتحادات مع بعضها لبلوغ شكل جديد من البناء السياسي المركب ينتج عنه نشوء توازن أوسع و أكبر يتمتع بقدرة أكبر على حماية أطرافه و يجعل حقوقهم و حرياتهم تكون في وضع أكثر أمناً من أي تحديات خارجية و في ظروف اسبعاد كلي لأي تهديدات داخلية تهدد الحق و الحرية ..
إن دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية و الجمهورية العربية اليمنية عندما دخلتا في إتفاق على قيام اتحاد سياسي بينهما لم يكن أي منهما قد عقد العزم على التنازل للآخر بحقه في السيادة على أرضه ، بحقه في الأمن ، بحقه في الحرية ، إنما كانا يطمعان بأن التوحد سيقود إلى بلوغ وضع تكون فيه هذه الحقوق أكثر أمنا و أقل عرضة للتهديد .
و لأن العملية من أساسها صارت على خُطى غير مدروسه فقد وصلت إلى إعلان حالة وحدوية خلقت مناخ خصب لتدمير منهجي لكل حقوق شعب الجنوب الطبيعية و المكتسبة . تدمير طال الأرض و ماعليها و ما في باطنها من ثروات ، بل و طال الإنسان الجنوبي الذي تعرض للتشريد من الأرض و الوظيفة و نهبت ممتلكاته و تعرضت حياته بإستمرار للخطر ، حيث يمارس فيه القتل و التعذيب و الإعتقال ، لقد أنتهكت كل حقوقه و أصبح مهدد في وجوده و أسباب بقائه لجيله الحاضر و أجياله اللاحقة .
أننا ننظر للإعلان الوحدودي الذي تم في 22 مايو 1990 م ، بأنه إعلان متسرع و غير مدروس لم يحمل أي ضمانات لحقوق أطرافه و ننظر إليه بأنه شكل من أشكل الفعل السياسي الذي لا يكتسب أي مشروعية إلا بقدر ما يتناغم مع الحق و يمثل إستجابه و تلبية لإحتياجاته . هنا ينبغي وضع الإعلان عن قيام الوحدة بوصفه فعل سياسي في ميزان العلاقة بين الحق و السياسة ، فإذا كانت السياسة هنا تمثل نوع من الإستجابة للحق أكتسبت الشرعية و إن كان العكس فلا شرعية لها .
و الحقيقة أن الامر يتجاوز الحديث عن شرعية الإعلان الوحدوي إلى الخوض في شرعية و تفويض من فاوض للوصول إليه و إعلانه من الطرفين ، في شرعية النظامين السياسيين اللذين كانا يحكمان في كل من الدولتين . معلوم أنهما لم يكونا مبرأين من حالة اللاشرعية التي تميز بها معظم أنظمة الحكم في بلدان العالم المتخلف . و وضع شرط الديمقراطية رديفاً للوحدة يمثل محاولة لم تكتمل لتجاوز حالة اللاشرعية التي كان النظامان يتصفان بها . و هي حالة لم تكن تسمح لأي منهما الخوض في قضية مصيرية بحجم الإتحاد بين دولتين . فهذه قضية تخص الشعوب و لا تخص الأنظمة السياسية و الحكام .
و شرط الديمقراطية كان يعني اصلاح سياسي ديمقراطي في كل من الدولتين يستبق أي تفكير تجاه الإتحاد بينهما ، و كان يعني أيضاً استفتاء كل من الشعبين فيما يخطط لمصيره ، و بقي الشرط شرطاً في الورق و لم يتم شيئاً من ذلك و كان الدخول في أتفاق إعلان للوحدة بين الدولتين دون إستفتاء شعبيهما يمثل أول استباحة لحق الشعب هنا في الجنوب أن لم يكن لحقوق كلا الشعبين في كلا الدولتين . مما يؤكد هذه الحقيقةظهومر الأزمة السياسية التي أعطت مؤشراً واضحاً لعدم سلامة الإعلان الوحدوي و الخطوات التي سارت عليها العملية بأكملها هي أزمة أنتهت بإعلان الحرب من قبل نظام الجمهورية العربية اليمنية على الدولة و الشعب في الجنوب لتتحول بذلك الوحدة المعلنة في مايو 1990 م إلى إحتلال صريح لأراضي الجنوب في 7 يوليو 1994 م .
هنا ظهرت القضية الجنوبية لتعلن عن نفسها بقوة حيث باتت تمثل عنوان يتضمن ألفاظ تدل على معانيها ، فهي قضية لأنها ترتبط بحق شعب تعرض للسلب و النهب و التدمير ، حق شعب تعرض للتشريد ، حق شعب بات مهدداً في أسباب وجوده و عوامل بقائه أما صفة الجنوبية لأن صاحب الحق فيها شعب الجنوب .
أننا حين نتحدث عن القضية الجنوبية فإننا نقصد بذلك قضية أرض و شعب له كامل السيادة على الإقليم الجغرافي المشمول في الخارطة السياسية لدولة الجنوب المعترف بها في العالم كله ، قضية مجتمع يتمتع بكامل الحقوق المكتسبة التي تم بنائها على أمتداد الإقليم الجغرافي للدولة و أصبحت تشكل الطاقات الحيوية التي تؤمن لشعب الجنوب أسباب العيش و التعلم و الأمان ، قضية سلطة سياسية تعمل على توفير كل أسباب الضمان و الأمان لتحقيق هذه الحقوق و هي بمجموعها قضية دولة دمرت أسوارها و نهبت و سلبت حقوق شعبها ، فحالة الصراعات و الإنقسامات التي شهدتها دولة الجنوب خلال ما يقرب من عشرين عاماً على خلفية الصراعات الإنقسامات الأيديولوجية و التي أفضتا إلى تفكك خطير في وحدة الشعب الجنوبي و جعل تكويناته الإجتماعية في حالة صراع دائم و إضعاف تدريجي لنظامه السياسي بسبب تراجع تدريجي في قاعدته الشعبية .كل ذلك مهد و فتح الأبواب على مصراعيها أمام الآخر لإستباحة الحق الجنوبي كنتيجة طبيعية للمقدمات السالفة الذكر .
في ضوء ذلك جاء نهوض الشعب الجنوبي الهادف إلى إستعادة وضعه الطبيعي بين الشعوب الأخرى محدداً قضيته و مدركاً بأن عليه أن يتعامل مع الاسباب و النتائج على السواء و بهما تحددت أهداف القضية الجنوبية و آليات و وسائل تحقيقها .
يتبع ........
[/align]
__________________
إن تاريخ الجنوب يروي لنا , أن أبناءه لا يلبثون وقت الشدة إلا أن يجمعوا صفوفهم علي هيثم الغريب
لا بد من التضحية والفداء ليس كرهاً بالحياة بل تعبيراً عن حبنا لهذه الحياة التي أردنا أن تعيشها أجيالنا القادمة بسعادة وحرية وشرف وكرامة عميد الاسرى العرب ( سمير القنطار)
التعديل الأخير تم بواسطة فادي عدن ; 2008-07-31 الساعة 07:20 PM
سبب آخر: تكبير الخط
|