عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-07-27, 01:23 PM   #5
أبو غريب الصبيحي
قلـــــم ذهبـــــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-04-24
الدولة: العاصمة "عـــــدن"
المشاركات: 4,389
افتراضي الحلقة الثالثة: المشروع الوحدوي في سياسة الدولتين

[align=right][overline]تحدثنا في الحلقة السابقة عن الصراعات في جنوب الجزيرة العربية منذ حضارات حمير و سبأ و أوسان و قتبان و حضرموت و بيان الأطماع الشمالية في ممالك الجنوب ، و كيف اليوم نخدع بأن مدمر الحضارة الجنوبية كرب ايل وتر هو داعية وحدة و حروب الأئمة على سلطنات الجنوب بعد الإسلام و تحت يافطات الفتاوى التكفيرية و تحالف الجنوبيين في القدم لدحر الغزاة يمكنكم مراجعة الحلقتين السابقتين من سلسلة الحوار الوطني الجنوبي ، اليوم في هذه الحلقة نكمل المدخل التاريخي 3/3 و ننتقل مباشرة للحديث عن المشروع الوحدوي في سياسات الدولتين كما أرجو من أخواني المشرفين و المراقبين و الإداريين ترك التصرف لي في دمج الحلقات و أتمنى يكون هناك تفاعل و أثراء للحوار بالنقاش الهادف حول مشروع الحوار الوطني الجنوبي الذي خطه عدد من الباحثين الجنوبيين الذين يسهرون لأجل الجنوب و وحدة خطابه السياسي و من غير العصبيات السياسية كما يمكنكم مراجعة الحلقتين السابقتين مدموجة في هذا القسم تحت عنوان سلسلة حلقات الحوار الوطني الجنوبي و تقبلوا خالص تحياتي ،،، إلى هنا كتبه / أبو غريب الصبيحي ))[/overline]

مدخل تاريخي 3-3

إننا أمام مسارات تاريخية لشعوب مختلفة و أن كانت متجاورة حكمتها علاقات تصادمية في معظم الحالات لتفضي طبيعياً إلى الثنائية السياسية التي عرفها التاريخ الحديث ، ثنائية الدولتين :
1- جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية
2- الجمهورية العربية اليمنية

نشؤ تلك الثنائية _ ثنائية الدولتين _ لم تكن مجرد رغبة بل فرضتها مسارات التاريخ التصادمية بينهما و الحاجة لنشؤ حالة توازن تمنع طغيان أحد طرفي المعادلة على الآخر و تحمي حقوق كل طرف من أطماع الآخر .
و هو أمر أكدت عليه كل أحداث التاريخ و محطاته الهامة ، ودلت على الحاجة لنشؤ مثل هذا التوازن كأحد أهم مفاتيح الإستقرار في هذه المنطقة الحساسة في العالم .

إن هذه البناء بأبعاده الأفقية و الرأسية الحقوقية و السياسية لم يكن بناء هشاً عابراً ، بل بناء راسخ الجذور تسنده مرجعيات التاريخ و الدين و الحق و السياسة و التشريع المتمخض عن مرجعيات من كل ذلك المتمثل في القوانين و الانظمة و المبادئ التي توصلت إليها المجتمعات الإنسانية المتعارف عليها بوصفها قواعد للسلوك و العلاقات داخل كل دولة و بين الدول بعضها البعض و ارتباطاً بذلك فإن عمل نظرة لمسارات التوحد السياسي و قيام الإتحادات السياسية ، نجد إنها تمر بثلاث حلقات تبدأ بقيام الدول الوطنية ثم إتحاد الدول وصولاً إلى الإتحاد السياسي العالمي ( العالمية ) طبقاً لتوزع نطاق الابعاد المحلية و الإقليمية و الدولية . و كل حلقة ليست إلا إمتداداً و إستيعاباً غير منقوص لما قبلها و لا يمكن أن تمثل بأي حال من الأحوال تجاوزاً أو إلغاءً أو إحلالاً محلها .

فحلقة الدولة الوطنية هي أولى حلقات البناء السياسي التي يقع عليها استيعاب مكونات البناء الأفقي حلقة تحديد و تعيين الحق بين مكوناتها ( الشعوب ) المتحدة في إطارها . تلك البنى ينبغي أن تشكل عناصر التكوين البنيوي للدولة و أطراف الحق داخلها .
فيما يمثل الإتحاد بين الدول المتكافئة الحقوق يقل أو يكثر عددها شكلاً من اشكال الإتحادات الإقليمية . فإن ذلك يعني بأن هذه الحلقة هي الأخرى ، حلقة لا تقوم إلا بالمكونات التي تتشكل منها . مثل هذه الإتحادات السياسية هي في طور التشكل و البناء و منها النماذج الماثلة أمامنا كالإتحاد الأوروبي ، الإتحاد الأفريقي ، مشروع الإتحاد العربي و غيرها من المشاريع ، و هي مشاريع يؤمل من أن إنجازها سيشكل معادلات توازن جديدة تؤسس لقيام نظام عالمي متوازن يمثل المصالح الإنسانية جمعا ، و هو هدف تسعى البشرية لبلوغه .

على هذا النحو يتبين الإطار التاريخي و السياسي و الموقع الذي ينبغي أن يوضع فيه الإتحاد السياسي الذي أعلن عنه في مايو 1990 م بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية و الجمهورية العربية اليمنية .

إن النظر إلى الإتحاد المعلن المعلن بوصفه مسألة محلية صرفة أمر غير مقبول . لقد كان محاولة في التأسيس لبناء النظام الإقليمي العربي و خطوة إستباقية في طريق هذا النظام الإقليمي . هذه الحقيقة لم تكن حاضرة في وعي من دفعوا بالإعلان الوحدوي بين الدولتين و تعاملوا معه بوصفه قضية محلية معزولة عن أبعادها الإقليمية و الدولية ، ولكن ذلك تحت ضغط و عي مزيف و سياسات خاطئة تجاه هذا المشروع أثمرت تجربة فاشلة تضاف إلى التجارب الفاشلة في المشروع الوحدوي العربي على غرار التجربة الوحدوية بين مصر و سوريا .

إن الفشل المتكرر في المشاريع الإتحادية العربية يوحي بوجود خلل في الرؤى الفكرية و السياسية تجاه مثل هذه المشاريع المصيرية الكبرى حيث يتم التعاطي معها حتى الآن من منطلقات عاطفية لا تؤخذ بأبعادها الكلية ، فالرؤى القائمة على البعد الواحد .

البعد ( العاطفي ) معزولاً عن أبعاده العقلية الأخرى أمر يستحيل نجاحه مما يعني أن مشاريع الإتحادات السياسية لما بعد الدولة الوطنية ينبغي أن تنطلق من رؤى تاخذ بعين الإعتبار الحلقات الثلاث التي ورد سلفاً فذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالح المشمولين فيها جميعاً فهو يمثل خطوة في إصلاح النظام العالمي كله و حلقة وسط تشترط إصلاح ما قبلها ( الدولة الوطنية ) الراغبة في الإنظمام إلى الإتحاد الإقليمي ، و بالمقابل فإن إصلاح النظام الإقليمي و قيام إتحاده السياسي على أسس سلمية سيرسي أسس متينة للإستقرار العالمي .. و قيام الإتحادات بصورة مخالفة لهذه الأسس له نتائج سلبية على الحلقات الثلاث . فهو يخرب ما قبله ( الدول الوطنية ) و يزعزع الإستقرار الإقليمي و الدولي على حد سواء .

[align=center]المشروع الوحدوي في سياسة الدولتين[/align]

لفهم هذه المسألة يستوجب اعطاء مزيداً من الضوء على طبيعة العلاقات المتوترة بين المملكة المتوكلية اليمنية و سلطنات الجنوب العربي خلال القرن العشرين بإعتبار ان تلك العلاقات تضمنت المقدمات التي أثرت على المنحى الذي سار عليه المشروع الوحدودي بين الدولتين فيما بعد .

تعود الجذور الاولى للمشكل إلى إعلان الإمام يحيى حميد الدين تغيير تسمية مملكته من إسم المملكة المتوكلية الهاشمية إلى المملكة المتوكلية اليمنية ، حين أراد بذلك أن يمنحها الإنتماء المكاني و الهوية السياسة بدلاً عن الإنتماء و الهوية الدينية المذهبية أو الأسرية التي لا تحديد مكاني لحدودها . لقد كانت الحدود بالنسبة للدويلات ذات الطبيعة المذهبية و الأسرية ترتبط بحدودج السيف . و هو مبدأ حكم في العصور الإمبراطورية و من سوء حظ الغمام ان حروبه الدينية ز ظهور مملكته تزامن مع نهاية عصر الإمبراطوريات و بإنتهائها أنتهت العلاقات الدولية القائمة على حدود السيف لتحل محلها مبادئ السيادة و حق تقرير المصير و حق الإستقلال .

أدرك الإمام الفطن لهذه المتغيرات الدولية و أن فكرة الإمامة التي تمتد حدودها بإمتداد حدود سيفها لم تعد ممكنة . حينها حاول الإمام و بإقدامه على خطوة تغيير إسم مملكته أن يوقف بين ضرورة الأخذ بالمتغير الدولي الذي ليس بمقدوره تجاهله أو تجاوزه و إشباع الرغبة الدائمة في التوسع بالنفوذ التي تميز بها الأئمة الزيود الذين تعاقبوا على الملك على إمتداد تاريخهم كله . حيث رأى الأمام في تغيير الإسم و إستخدام مسمى اليمن في تسمية المملكة و إمكانية تحميلة مضامين لا يدل عليها في معناه الحقيقي ، حيث أراد بذلك القول أن اليمن في جغرافيتها الطبيعية التي تشمل كامل منطقة جنوب الجزيرة العربية هي حدود الكيان السياسي الذي أعلن الإمام عن قيامه .

هنا تحددت أطماع الإمامه ببسط نفوذ مملكتهم على إمتداد جغرافية جنوب الجزيرة العربية كلها ، حيث جرى الإفصاح على نحو واضح عن تلك النوايا في كتاب صدر لاحقاً لأحد الكتاب المقربين من مراكز القرار تحت عنوان ( هذه هي اليمن ) للدكتور الثور ، حين تحدث فيه بأن تكوين المملكة المتوكلية اليمنية يضم أربعة أقاليم هي المملكة المتوكلية اليمنية الإقليم المحرر الوحيد ، أما بقية الأقاليم و هي إقليم الجنوب العربي و إقليم عمان و هما تحت السيطرة البريطانية و إقليم نجران _ جيزان و هو تحت الإحتلال السعودي و أشار في الكتاب إلى أن على اليمنيين أن يعملوا على تحريرها و إعادة دمجهما بالوطن الأم . إلا أن الواقع أراد غير ما أراده الإمام فلم تصدق تسمية اليمن إلا على إقليم المملكة المتوكلية اليمنية و هو الإقليم الذي كان تحت حكم الإمام بالفعل و الذي أخذ فيما بعد تسمية الجمهورية العربية اليمنية . أما شعوب جنوب الجزيرة العربية الأخرى فقد بقيت على حالها شعوب مستقلة و أصبحت دولاً كاملة السيادة .

تلك النوايا لعبت دوراً سلبياً في جعل العلاقات بين المملكة المتوكلية اليمنية و جيرانها في حالة توتر مستمر و خاضت حروباً ضد الأدارسة في إقليم نجران و جيزان بهدف ضم إقليمهم إلى مملكة الإمام و هي حروب و تهديدات تمكن الأدارسة من الهروب منها بإستعانتهم بمساعدة المملكة العربية السعودية التي دخلت في حرب مع الإمام أنتهت بتوقيع إتفاقية الحدود بينهما في 1934 م .

و بصورة موازية و لنفس الدوافع و الاسباب خاض الإمام حروباً ضد سلطنات الجنوب حين توغل في أراضيهم و لم يخرج إلا بالمساعدة البريطانية للسلاطين في حربهم مع الإمام أنتهت هي الاخرى بتوقيع إتفاقية حدود بين الجنوب العربية و أمام المملكة المتوكلية اليمنية في 1934 م .

هذه التوترات و الحروب التي سادت في العلاقة بين اليمن و الجنوب العربي أستمرت في المراحل اللاحقة التي تلت ما بعد الإمامة في اليمن و ما بعد الإحتلال البريطاني في الجنوب العربي ، و لكن هذه المرة تحت غطاء الدوافع الإيديولوجية القومية أو الأممية التي وظفت هي الاخرى لتحقيق نفس الأطماع بغطاء آخر . حيث أستغل المد القومي العربي و تعاطف العرب جميعاً مع قضية كبيرة و مصيرية مثل قضية الوحدة العربية و وظفت هذه الفكرة في خدمة جزئية معينة تتعلق بأطماع حكام الشمال و بعض قواه السياسية تجاه الجنوب . وظف كل ذلك في تشكيل وعي مزيف تجاه موضوع الوحدة كرست فيه مفاهيم الواحدية الشعبية و السياسية لليمن . بدأ ذلك بتغيير إسم الجنوب العربي إلى الجنوب اليمني و الوقوف بقوة ضد نشؤ أي كيان سياسي سحمل إسم الجنوب العربي و إظهاره بإنه عمل إستعماري معادي لمشروعنا القومي العربي و في حقيقة الامر أن ما جرى من تعامل مع هذه القضية ليست إلا أقنعة و أغطية مختلف لإدعاءات الإمام و محاولاته المستمرة لتوسيع الإمتدادات الجغرافية لكيانه السياسي الذي أطلق عليه إسم اليمن .

و مع تراجع المد القومي منذ نهاية الستينات و بداية السبعينات لصالح الأيديولوجيات الأممية الإشتراكية و الرأسمالية التي قسمت العالم إلى معسكرين انعكس ذلك على الواقع السياسي في حال الدولتين من خلال حدثين مهمين : إنقلاب 5 نوفمبر 1967 م ، الذي وضع نهاية للتوجهات القومية في الجمهورية العربية اليمنية و تحويلها إلى دائرة من دوائر النفوذ الأمريكي و حركة يونيو 1969 م ، التي وضعت نهاية للتوجهات القومية العربية في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ووضعها في دائرة النفوذ السوفيتي ، و بإسم ترسيخ و توسيع دائرة النفوذ الإيديولوجي جُر الجنوب إلى فخ الصراعات الإيديولوجية و الإنقسامات التي أضعفته و فككت وحدته الداخلية و مررت عليه فكرة تشكيل حزب يمثل الواحدية السياسية لما كانوا يسموه "بالوطن الأم " بهذا التشكيل أصبح الشماليون ( المعارضة ) شركاء في الحكم في دولة الجنوب ليحولوا الجنوب تدريجياً إلى مجرد جزء معارض للسلطة في صنعاء .

بهذا المعنى رسخ في الوعي الجمعي فكرة الاصل و الفرع و العاصمة التاريخية و رفض الإعتراف بحقيقة وجود الشعبين و وجود الدولتين . و عدم الإعتراف هذا يتضمن إنكار للحق الذي يبدأ بحق كل من الشعبين في السيادة على أرضه و ثرواته و ترسيخ فكرة وطن واحد ، دولة واحدة و صممت الوحدة و إتفاق إعلان الوحدة على نحو يحقق هذه الأفكار الأيديولوجية التي تختفي ورائها أطماع اليمن في ضم و إلحاق الجنوب ، و قد أفصح قادة الجمهورية العربية اليمنية في غير مرة عن نظرتهم للوحدة بأنها تمثل عودة الإبن الضال إلى أمه . حيث حققت الجمهورية العربية اليمنية في مايو 1990 م ، نصر بلا حرب على الجنوب .

لقد كان ذلك بحق إسقاط مصغر لما حدث على الصعيد العالمي عام 1990 م . و لكن التمعن بما حدث يظهر مفارقة عجيبة تقدم إستثناء ، حيث نلاحظ انهيار الأيديولوجيات و ما لا زمه من أنهيار للسياسات و كل التكوينات الإتحادية التي قامت على قاعدة الأيديولوجيا ( النموذج السوفيتي ، اليوغسلافي ، الإتحاد التشيكي _ السلوفاكي) . بمعنى أن الأنهيار كان للإتحادات الأيديولوجيا و أنظمتها السياسية و لم تنهار الدول ، بل بقيت تواجه حقائق الحاجة إلى إعادة إصلاح ذاتها و الإستثناء هنا الذي قدمه واقع ما حدث معنا أن الإنهيار الإيديولوجي وظف لتحقيق إنهيار في الدولة الجنوبية و ترك كسياسة و بنى سياسية فأستغلت لحظات الإنهيار الأخيرة للإعلان عن قيام وحدة أو إتحاد سياسي بين الدولتين جرى تحضيره من منطلقات أيديولوجية و بدأ و كأن سيره في الإتجاه المعاكس ثم جرى التخلص فيما بعد من الشركاء الجنوبيين بإعتبارهم من بقايا العهد الإيديولوجي الشمولي في حرب ظالمة جرت وقائعها في أرض الجنوب عام 1994 م إذ دمرت الزرع و الضرع و الشجر و الحجر .

إن ما حدث في تسعينيات القرن الماضي يمثل فشل للإيديولوجيات و لإصطفاف الأقطاب التي قامت على تغييب الحق و إعلاء الأيديولوجيات . هذا الفشل دفع من جديد بضرورة أنبعاث الحق و الرؤى السياسية القائمة على الإعتراف بالحق و إعادة بناء العالم و النظام العالمي على أسس تقوم على الإعتراف بالحق و بالمكونات الحقوقية و السياسية الأمر الذي ينبغي أن يتحقق على الصعد المحلية و الإقليمية و الدولية ( إصلاح و إعادة بناء الحلقات الثلاث : الدولة _ إتحاد الدول _ النظام الدولي )

الثابت أن قضية التوحيد بين الدولتين لم تطرح من منطلقات الحق و غاية العدالة و لكنها بدت و كأنها فخ أو شرك نصب لشعب الجنوب ووقع فيه ، يعود كل ذلك إلى أن الدول الوطنية في العالم العربي و منها دولتي الجمهورية العربية اليمنية و جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية كانت ثمرة لتغيرات دولية أكثر مما هي ثمرة لعملية تطورية نضجت من الداخل . إلا أن تشكل الدولتين هنا مثلاً : قيام المملكة المتوكلية اليمنية جاء على أثر هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى أما قيام الدولة في الجنوب فقد كان على أثر تراجع النفوذ الدولي لبريطانيا و أنسحابها من مستعمراتها السابقة لتحل فيما بعد المعادلات التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية ووقوع الدول العربية جميعها في شباك المحاور الدولية بما في ذلك دولتي اليمن الشمالية و اليمن الجنوبية اللتين توزعتا دوائر نفوذ بين قطبي المعادلة الدولية .

و بالنتيجة فإن السياسات التي أنتهجها الطرفان إزاء قضية الوحدة سواء كانت بالأطماع التوسعية أو بالدوافع العاطفية القومية أو بالأيديولوجية الأممية التي كانت تحلق جميعها بعيداً عن الحق بل و تلغيه تماماً فقد قادت جميعها إلى كوارث و حروب متلاحقة .
فبسبب الأطماع التوسعية أشعل إمام صنعاء حرباً ضد سلطنات الجنوب العربي أستمرت من 1918 إلى 1928 م أنتهت بهزيمة جيوش الإمام و خروجهم من مناطق الجنوب ، و بسبب العواطف القومية في النظر إلى الوحدة كانت حرب 1972م بين الدولتين و بسبب الرغبة في توسيع دائرة النفوذ الاشتراكي كانت حرب 1979م – حرب توغل فيها الجيش الجنوبي داخل عمق أراضي الجمهورية العربية اليمنية و لم تتوقف إلا بتدخل إقليمي و دولي الزم الطرفين بوقف الحرب و العودة إلى الحدود الدولية بينهما . و بسبب خليط من الأسباب و الواقع أجتمعت فيه العواطف و الأطماع و الأيديولوجيا معاً أشتعلت أكثر الحروب دموية بين الدولتين في 1994م لتضع نهاية لحالة الوحدة المعلنة بين الدولتين منذ مايو 1990م و تبرز الحاجة لمراجعة الفكر الوحدوي العربي برمته و إعادة صياغة الرؤى الفكرية و السياسية للمشروع الوحدوي العربي بما ينسجم مع مبادئ الحق و متطلبات العدالة و روح العصر الذي نعيشه .

و للموضوع بقية .....................
[/align]
__________________
إن تاريخ الجنوب يروي لنا , أن أبناءه لا يلبثون وقت الشدة إلا أن يجمعوا صفوفهم
علي هيثم الغريب

لا بد من التضحية والفداء ليس كرهاً بالحياة بل تعبيراً عن حبنا لهذه الحياة التي أردنا أن تعيشها أجيالنا القادمة بسعادة وحرية وشرف وكرامة
عميد الاسرى العرب ( سمير القنطار)

التعديل الأخير تم بواسطة فادي عدن ; 2008-07-31 الساعة 06:24 PM سبب آخر: تكبير الخط
أبو غريب الصبيحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس