 استمرار الانتهاكات في السجون ومراكز الاعتقال العربية تعاني من افتقاد المعايير الدولية
الإعلام الأمريكي كشف عن سجن سرّي في بغداد تديره قوة خاصة ترتبط برئاسة الوزراء في 20 نيسان 2010
المنظمة العربية لحقوق الإنسان
بعد ان تناول التقرير الضمانات المؤسسية يتطرق اليوم الي ضمانات أخري بشأن استقلال القضاء ويوجزها علي الوجه الآتي:
اما الضمانات الموضوعية لاستقلالية القضاء فتتمثل في المبادئ الموضوعية للحق في محاكمة عادلة التي لها انعكاسات اجرائية علي الحماية القانونية للافراد، مثل مبدا الشرعية، اي ان لا جريمة ولا عقوبة الا بنص، بينما يفتقر كثير من النصوص الجنائية العربية إلي ضبط محتوي السلوك المادي وينتهج نهج التجريم بالاوصاف خاصة في مجال الجرائم التي تمس ابامن الدولة أو جرائم الرأي والتعبير، واذا اضيف إلي ذلك سلطة الحاكم العسكري في اصدار اوامر تشريعية في حالة الطواريء، يتبين ان مفهوم الشرعية الجنائية مهتز إلي حد كبير في الوطن العربي.
وقد استمر خلال العام انتهاك الحق في المحاكمة العادلة بابعاده الثلاثة المؤسسية والاجرائية والموضوعية ، في كثير من البلدان العربية، ففي مصر استمرت احالة المدنيين إلي القضاء العسكري طبقا للقانون الرقم 25 لعام 1966، الذي توسعت المادة السادسة منه توسعا مفرطا في اختصاص القضاء العسكري، خاصة في ظل حالة الطواريء. وشهدت البلاد عدة محاكمات من هذا الطراز، ومازالت محاكم امن الدولة، التي نص عليها قانون الطواريء تمارس اختصاصها،. ومن ابرز القضايا التي نظرتها أو تنظرها احالة قضية التنظيم الدولي للاخوان المسلمين في 21 نيسان( ابريل) 2010 بتهم امداد جماعة الاخوان المسلمين المؤسسة وخلافا لاحكام القانون باموال بلغت 4 ملايين جنيه استرليني لتمويل انشطتها التنظيمية، وكذلك ارتكاب جريمة غسيل اموال تبلغ 2.8 مليون يورو.
وفي الاردن، استمرت محكمة امن الدولة التي انشئت بموجب القانون الرقم 17 لعام 1959 وتعديلاته تزاول عملها وتختص ببعض الجرائم منها الجرائم الواقعة علي امن الدولة الداخلي والخارجي وجرائم المخدرات. وتجمع سوريا ايضا بين نموذجي احالة المدنيين إلي المحاكم العسكرية ومحاكم امن الدولة المنشأة
بموجب المرسوم الرقم 47 بتاريخ 28 آذار (مارس) 1968 وينص مرسوم انشاء محكمة امن الدولة علي ان تمارس هذه المحاكم مهماتها بأمر من الحاكم العرفي، والا تعتد بالاجراءات الاصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة، وذلك في جميع ادوار واجراءات الملاحقة والتحقيق والمحاكممة وشهدت البلاد خلال الفترة المشمولة بالتقرير الكثير من المحاكمات امام محكمة امن الدولة ومثلها محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية.
خلل فادح في اليمن
ورغم الغاء محكمة الشعب في ليبيا في العام 2005 فان انتقال اختصاصها إلي محكمة امن الدولة لم يفض إلي النتائج المرجوة بخضوع المواطنين للقضاي الطبيعي، وبينما واصلت المحاكم الجنائية المغربية اهدار شروط المحاكمة العادلة في قضايا الارهاب وبينها قضية (بلعيرج) التي شهدت قدرا فادحا من مظاهر انتهاك الحق في المحاكمة العادلة وافضت إلي انسحاب هيئة الدفاع شهدت البلاد لاول مرة محاكمة عسكرية لناشطين ينحدرون من اصول صحراوية، وكانوا قد اعتقلوا لدي عودتهم من تندوف جنوب الجزائر، ووجهت النيابة العامة اليهم تهم الخيانة ومباشرة اتصالات مع سلطات اجنبية ومساعدتها في خطها ضد المغرب، وهي تهم تتراوح عقوبتها بين الاعدام والسجن المؤبد حسب القانون الجنائي.
باشرت المحكمة الجنائية المتخصصة التي انشأتها العربية السعودية في كانون الاول (ديسمبر) 2008 اعمالها، واعلنت وزارة العدل في ، تموز (يوليو) 2009 ان هذه المحكمة حاكمت 330 شخصا دون ان تكشف عن أسمائهم أو عن التهم التي وجهت اليهم.
وتابعت المحاكم الجزائية المتخصصة بقضايا الارهاب في اليمن، وهي تعاني خللا اجرائيا وموضوعيا فادحا، النظر في القضايا الأمنية والسياسية. وحاكمت خلال الفترة التي يشملها التقرير عشرات ممن يؤيدون المتمردين الحوثيين، واصدرت عقوبات ضدهم بالاعدام والسجن. وقد وجهت اللجنة الدولية الخمناهضة التعذيب خلال مناقشتها تقرير اليمن، ملاحظات صارمة إلي الحكومة اليمنية بشأن الحق في المحاكمة العادلة تشمل الحق في الوصول إلي محام، والاتصال بالاقارب والمثول امام قاضي التحقيق في غضون المهلة المحددة.
انتهاك الحقوق المدنية
كما تابعت المحاكم الخاصة، التيتم تأسيسها في السودان وفقا لقانون مكافحة الارهاب عام 2001 وذلك في محاكمات تنتهك المعايير الدولية والدستور الوطني انتهاكا فادحا اذ لم تتح للمدعي عليهم مقابلة المحامين قبل المحاكمة، وتم احتجازهم وعزلهم عن العالم الخارجي علي مدي اشهر، وجري انتزاع الاعترافات منهم تحت الاكراه. ورغم الخطوة الايجابية التي اتخذتها الحكومة بالعفو عن الكثير ممن صدرت عليهم احكام في اطار جهود المصالحة الوطنية، فقد استخدمت هذه الاحكام في سياق الضغوط السياسية خلال عملية المفاوضات.
4 ــ معاملة السجناء وغيرهم من المحتجزين
ظلت اوضاع السجناء وغيرهم من المحتجزين تمثل هاجسا شديدا لدي المنظمة العربية لحقوق الانسان خلال الفترة التي يشملها التقرير، اذ استمرت الشكوي من انتهاك حقوقهم القانونية، تعرضهم للتعذيب والمعاملة المهينة والحط من كرامتهم في كثير من السجون، كما استمرت الشكوي من سوء اوضاع السجون ومراكز الاحتجاز واكتظاظها وافتقادها للمعايير الدولية. وعدا بعض الاجراءات المحدودة التي اجريت في ليبيا بفتح ملف مذبحة سجن ابوسليم التي راح ضحيتها اكثر من 1000 سجين في العام 1996 وتلك التي اجريت في المغرب لاستكمال جلاء مصير بعض المختفين، لم تتخذ اجراءات جدية لتجاوز سياسة التعتيم والافلات من العقاب تجاه الاحداث الدامية التي وقعت في الكثير من السجون العربية، أو قضايا السجون السرية التي تم كشفها في السنوات الاخيرة.
ــ ففي اليمن تواترت مزاعم التعذيب وسوء المعاملة في السجون ومراكز الاعتقال التابعة لكافة الاجهزة الامنية، واستمرت العقوبات البدنية علي نطاق واسع، كما استمر انعدام التفتيش والرقابة علي السجون ومراكز الاحتجاز من قبل المراقبين الوطنيين والدوليين، وكذا الاعتقال الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي من قبل الامن السياسي. ولم تحفل الحكومة اليمنية بمناقشة تقريرها إلي اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب فانعقدت اللجنة في غياب الوفد اليمني في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 وعبرت عن انتقادات لاذعة للحكومة اليمنية.
وظلت ظاهرة السجون السرية أو غير الرسمية تثير قلق المنظمة العربية لحقوق الانسان:
ــ ففي العراق كشفت المصادر الاعلامية الامريكية في 20 نيسان (ابريل) 2010 عن وجود سجن سري في بغداد تديره قوة خاصة تابعة لرئيس الوزراء وتحتجز فيه 431 معتقلا كانوا قد اختفوا منذ فترة من الزمن وبينما نفت وزيرة حقوق الانسان وصف السجن بالسري، فانها اقرت بان ذوي المحتجزين لا يعرفون اماكن وجودهم وهو امر يثير الدهشة حول معني (السري).
ولا تعد هذه هي المرة الاولي التي يتم فيها اكتشاف سجون سرية في العراق، ففي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 تم اكتشاف مركز احتجاز سري في الجادرية ببغداد يضم 168 معتقلا محتجزين احجتجازا غير قانوني، وقد تعرضوا لاساءات بالغة وجري تشكيل لجنة تحقيق مشتركة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 لكن اللجة لم تنشر نتائج تحقيقاتها. وفي العام 2006 كشفت لجنة تحقيق مشتركة برئاسة نائب رئيس الوزراء وقيادة قوات الاحتلال وجود 1431 محتجزا في السجن المعروف باسم الموقع 4 تظهر عليهم علامات اساءات بدنية ونفسية بالغة، وتم تشكيل ثلاث لجان تحقيق منفصلة توصلت إلي ان 57 من العاملين بينهم ضباط كبار في الداخلية، متورطون في المعاملة المهينة للمحتجزين وقد صدرت في حقهم قرارات اعتقال لكنها لم تنفذ.
وكذلك لاحظت بعثة الامم المتحدة unami في العام 2006 ان علي الرغم من معرفة حكومة كردستان باعتقال افراد من جانب اجهزة المخابرات وقوات الامن واحتجازهم في اماكن احتجاز سرية أو غير قانونية في السليمانية واربيل، وهي التي لم يكن بعضها سوي غرف في منازل خاصة أو مبان حكومية فانها لم تتخذ اجراءات، وقد تواصل احتجاز مئات من هؤلاء الاشخاص مددا طويلة امتدت اعواما في بعض الاحيان، دون اي اجراء قضائي أو توجيه اية تهم اليهم، وفي بعض الحالات اعتقل بعضهم دون اية اجراءات قانونية وحرموا من اية اجراءات طعن، وواصلت تقارير بعثة الامم المتحدة في عام 2008 وعام 2009 توثيق انتهاكات جسيمة لحقوق المحتجزين بما فيها التعذيب.
ولا تعد هذه النماذج التي تعرض لها التقرير سوي النماذج التي امكن توثيقها وتدقيقها، لكن سجلات المنظمة تحفل بنماذج اخري كثيرة تسعي إلي تدقيقها وتوثيقها.
محرقة الصحفيين
ثالثا: الحريات العامة
1 ــ حرية الرأي والتعبير
ظلت حرية الرأي والتعبير موضع مراوحة كبيرة بين البلدان العربية وداخل البلد الواحد وبينما استمر التأثير الايجابي للفضائيات وشبكة المعلومات الدولية والصحف الحزبية والخاصة اوالمستقلة حيثما وجدت استمرت ايضا الضغوط التقليدية علي مختلف الوسائل الاعلامية من خلال القيود التشريعية والممارسات القمعية.
وفي الفترة المشمولة بالتقرير تعرضت الصحافة والصحافيون لضغوط متعددة شملت حظر صحف والتعرض لمؤسسات صحافية، وحبس صحافيين، أو الاعتداء البدني عليهم، وتصاعدت الدعاوي المرفوعة علي الصحافيين من جانب المسؤولين في الكثير من البلدان العربية بتهم القذف والسب. كما استمرت (محرقة) الصحافيين وغيرهم من الاعلاميين في مناطق النزاعات المسلحة وقد جاءت افدح نماذج الصحف في:
ـ اليمن، حيث حظر وزير الاعلام اليمني في 4 ايار (مايو) 2009 توزيع ثماني صحف كبري مستقلة يومية واسبوعية وهي: (الايام) و(المصدر) و(الوطني) و(الديار) و(المستقلة) و(النداء) و(الشارع) و(الاهالي)، من جراء نشرها موضوعات ضد (الوحدة الوطنية والمصالح العليا للبلاد). وتزامنت مع هذه الاجراءات ضغوط مباشرة علي صحيفة (الايام) التي تعد اقدم الصحف المستقلة واوسعها انتشارا حيث اوقف مسلحون شاحنة تسليم نسخ الصحيفة في محافظة لحج، واحرقوا الاف النسخ التي تحملها كما صادروا عشرات الالاف من النسخ بالقرب من عدن في 4 ايار (مايو). وتوقفت الصحيفة عن النشر من جراء محاصرتها. وفي 12 ايار (مايو) تبادلت قوات الامن اطلاق النار مع حراس مجمع صحيفة (الايام) في عدن، واسفر ذلك عن قتل احد المارة واصابة اخر. ـ وفي بلدان الخليج الاخري: امرت السلطات في البحرين باغلاق صحيفة (اخبار الخليج) اليومية في نيسان (ابريل) 2009 بدعوي خرقها قانون الصحافة لكنها رفعت الحظر عنها بعد 24 ساعة، وجمدت امارة ابوظبي في تموز (يوليو) 2009 نشر صحيفة (الامارات اليوم) المحلية لمدة ثلاثة اسابيع وتغريم رئيس تحريرها غرامة مالية بناء علي حكم قضائي. ـ وفي بلدان المغرب العربي، واصلت تونس قمع الصحافيين واتخذت اجراءات تعسفية تجاه بعضهم وتجاه بعض الصحف من بينها اعتقال الكاتب الصحافي توفيق بريك في 29 تشرين الاول (اكتوبر) ومحاكمته محاكمة جائرة اذ عوقب خلالها بالسجن ستة اشهر بسبب مقالات نشرها في الصحافة الاجنبية وانتقد فيها رئيس الجمهورية، ومن بينها كذلك منع ثلاث صحف حزبية من التصرف في النسخ التي تتسلمها من المطابع بشكل اسبوعي الامر الذي يربكها ويخنقها ماديا، وقد اضربت الصحف الثلاث في9 تشرين الثاني (نوفمبر) عن الصدور لمدة اسبوع احتجاجا علي هذه الاجراءات التعسفية. ـ وصادرت السلطات الجزائرية اعداداً من صحف (ليسبرس) و(ماريان) و(لوجورنال ديمونش) الاسبوعية قبل الانتخابات الرئاسية، بزعم انتهاكها للمادة الرقم 26 من قانون عام 1990 الخاص بالمعلومات، الذي يحظر المطبوعات التي تعد مخالفة للقيم الاسلامية والوطنية وحقوق الانسان، أو الداعية إلي العنصرية والتطرف والخيانة. وواصلت السلطات المغربية التضييق علي الصحافيين واحالة الكثير منهم إلي المحاكم باتهامات متنوعة ومن مظاهر ذلك، احالة عشرة صحافيين إلي المحاكمة علي خلفية تناولهم وتحليلهم البلاغ الصادر عن الجهات المختصة بشأن صحة الملك بتهم (النشر بسوء نية لنبأ زائف) ومصادرة اعداد من مجلتين بسبب نشرهما استطلاعا للرأي حول حصيلة الاعوام العشرة من حكم العاهل المغربي فضلا علي ملاحظات اخري بسبب قضايا قذف. ـ وتابعت ليبيا تقييدها الهامش الضيق المتاح من الحريات الاعلامية فقامت في حزيران (يونيو) 2009 بوضع مجموعة (الغد) الاعلامية التابعة لمؤسسة القذافي للتنيمة تحت سلطة المركز الوطني للخدمات الاعلامية الذي تديره الدولة وعقب ذلك اعلنت شركة (الغد) وقف الطبعة الورقية لصحيفتين بدعوي فشلهما المالي والاداري.
</B>http://www.azzaman.com/index.asp?fna...htm&storytitle=
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
|