كنت امس اشير الى ظاهر الفشل في الاعمال والجهود التي تحاول لملمة الشمل الجنوبي .
وقلنا اننا اصبحنا نعدها فشل وراء آخر في متوالية تدعو الى التعجب والسأم ، وقد أوضحت
ان ذلك مرجعه الى غياب التخطيط والتهيئة السليمة لهذه الجهود ، وعدم القيام تنظيم مسح ميداني من التواصل والتنسيق مع مختلف الاطراف ، وعقد لقاءات أولية تنفض غبار القطيعة اولا ، واستعادة الثقة والاستماع الى الافكار ومناقشتها بهدوء ، ولان ذلك لا يحصل في غالب الاحيان ، وان حصل فأنه
منقوص ومقتصر على إجراء مكالمة هاتفية بين اثنين او ثلاثة .. وبالتالي تبقى الامور غامضة
والهواجس حاضرة ، والحسابات المنغلقة هي المسيطرة على النفوس .. والنتيجة ان يفشل الجهد وينتفض الحفل بلا اتفاق ، وتذهب ادراج الرياح .
ونحن هنا امام هذه المقترح الكبير ، إذا افترضنا أن الرئيس قرر اتخاذ مثل هذه الخطوة ، ففي رأيي ستكون وبالا وكارثة ستلحق بالحراك ضررا كبيرا ، وستمزق الممزق وتقسم المقسم .
لماذا ؟ لان الوضع الحالي في الجنوب ليس تحت السيطرة من جميع النواحي ، والمجتمع الجنوبي في الاساس منقسم في اتجاهات متعددة جزء منه مناصرا للحراك ، وهذا الجزء أيضا منقسم ولو بصور نسبية الى هيئات ومجالس الحراك ،وجزء آخرمن المجتمع الجنوبي ما زال مترددا في موقفه من الحراك .
أما النخب والقوى السياسية الجنوبية فحدث ولا حرج ، أجزم ان عدم قدرة أي جهة بلورة نفسها كقوة سياسية معتبرة وفاعلة لقيادة الجنوب هو السبب الأساسي الذي جعل الآخرين ينظر الى الحراك بعين التصغير والتقزيم ، هؤلاء الآخرين هم ، الجنوبيون الذين لم ينضموا الى الحراك ، والجنوبيون الذين في السلطة ، والمجتمع الاقليمي والدولي .
هذا المشهد الضعيف من الناحية الشكلية للحراك يجعل من خطوة تشكيل هيئات او تعيين مجالس جديدة او تشكيل هياكل مؤسسية وما الى ذلك مما حملته فكرة موضوع الاخ نو ون ، إنما هو كما لو كان انزال جوي على ارض لا ماء فيها ولا شجر .
إذا ترتيب الاوراق في الداخل مسبقا أمر مهم ، قد يتاخر ذلك ، ولكنه أفضل بكثير من محاولة استباق الزمن وإحراق المراحل .
الرئيس لا يريد أن يقع في الخطأ مرة أخرى ، ويفضل أن تتحرك الاوضاع وفقا لظروف الداخل خاصة الشؤون الداخلية للحراك ، ومع ذلك لا يخلو الأمر من التواصل والتوجيه والنصح ، واستخدام شيء من الضغط المعنوي وفي الحدود الضيقة ، في الوقت نفسه هو يتحرك خارجيا ضمن الحدود المتاحة ، واعتقد أن الرئيس يضع الاولوية الآن في كيف يتهيأ الداخل لاستيعاب المرحلة الخطرة واسشعار المسؤولية الوطنية من الجميع والدخول بقناعات قوية في تحالف وطني واسع يضم اطياف المجتمع الجنوبي في الحراك ، ومتى ما تحققت انجازات باتجاه توحيدها في كيان واحد قوي ويمتلك البرنامج والرؤية السياسية الواضحة ، ذلك سوف يمكن الرئيس للتحرك بقوة باتجاه المجتمع الدولي .
|