الجزء الثاني
ان من اهم الدول التي قامت في تلك الفترة كانت دولة الصليحيين والتي منها الملكة اروى بنت احمد الصليحي ذائعة الصيت، وقد تأسست الدولة الصليحية على يد المؤسس لها ابو الحسن علي بن محمد الصليحي سنة 439هـ وكان ذلك في بلاد حراز، وقد قامت الدولة على اساس عقائدي اسماعيلي وكانت امتدادا لدولة القرامطة وكانت تابعة للدولة الفاطمية في المغرب العربي (وبعدها مصر).
لا اريد الخوض كثيرا في الحروب التي قامت بين الصليحيين ومنافسيهم من الممالك الاخرى، حتى وصلوا الى ابواب عدن، حيث استطاع ملوك عدن ان يعقدوا صلحا مع ابي الحسن علي الصليحي على ان يبقى آل معن ملوك عدن امراء على ما يملكون، وعندما قام ابو الحسن بتزويج ابنه المكرم احمد بن علي الصليحي على اروى بنت احمد الصليحي (التي اصبحت لاحقا الملكة) جعل خراج عدن كمهر لها.
وكانت فترة الملكة اروى هي الاطول من بين كل الفترات التي التي حكم بها الصليحيون وكانت فترة حكمها حوالي 40 عاما منذ 492هـ الى 532هـ وكانت اكثر الفترات ازدهارا بالعمران والعلم والتجارة والزراعة، ويمكن ان نقول بانها من اهم الفترات استقرارا وازدهارا في معظم الاراضي اليمنية، ويعود ذلك الى نظام الاسماعيليين القائم على توزيع الثروات بشكل متكافئ بين عموم الشعب.
وتعد هذه الفترة من اهم الفترات التي كانت قد بدأت بصفحة جديدة من التسامح بين معظم اليمنيين نظرا الى تقارب المذهب والاستقرار السياسي والاجتماعي والتطور الاقتصادي، الا ان الفترات اللاحقة اعادت الوضع الى نفس السوء السابق كما سيظهر لاحقا.
قيام الدولة الايوبية والتهيئة لقيام الدولة الرسولية:
بعد وفاة الملكة اروى بنت احمد الصليحي بدأت الدولة الصليحية تتهاوى وخاصة بعد ان قام الائمة الزيدية بمحاولة الاستيلاء على صنعاء من ايدي بني حاتم ومحاولة التوسع جنوبا، وقيام المهدي في تهامة بمحاولة التوسع جنوبا وشرقا، وهنا بدأت النعرات والاطماع بالظهور مجددا.
كانت الدولة الفاطمية في مصر تتهاوى على ايدي القائد صلاح الدين الايوبي وبعد حصول ذلك شعر صلاح الدين ان من حقه ان يمتلك اليمن ويعيدها الى السنية بحكم انهم كانوا يتبعون الدولة الفاطمية الشيعية، وفعلا ارسل اخاه توران شاة الى اليمن بحملة كبيرة جدا سنة 569هـ واستطاع من خلالها ان يخضع الكثير من الممالك الصغيرة والتي لم يخضعها بالحرب اقام معها صلحا، وان بقت كثير من المناطق خارج السيطرة الايوبية مما جعل الامور غير مستقرة تماما.
بعض المصادر ذكرت ان آخر الحكام الايوبيين السلطان المسعود الايوبي قبل مغادرته اليمن ذاهبا الى الشام سنة 626هـ ولى نائبا له على اليمن هو الامير نورالدين عمر بن علي بن رسول الملقب بالمنصور والذي اوصاه في كتاب بان يستقل بالحكم لنفسه ولا يدخل عليها احد من الايوبيين وان كان اباه السلطان الكامل نفسه وذلك بعد وفاة السلطان المسعود.
بعد موت المسعود تولى الامر نهائيا الملك المنصور وزاد تثبيته للحكم ان اعلن الولاء للدولة العباسية ببغداد، واستطاعت الدولة الرسولية ان تستولي على معظم اراضي اليمن من حضرموت شرقا الى تهامة غربا وامتد حكمهم الى مكة المكرمة، وكانت عاصمتهم تعز وقد استمرت دولتهم حوالي 230 سنة عندما انهارت دولتهم سنة 858هـ على ايدي الطاهريون.
من اهم ما حدث في فترة الرسوليون هي التطور الكبير في العلوم وانشاء المدارس والجامعات والباقية آثارها الى اليوم، مثل المدرسة الاشرفية في تعز.
وكانت اهم مميزات فترة حكمهم هي القوة الضاربة في التعامل مع التمردات والتي حافظت على بقائهم لهذه الفترة الطويلة. ومثال على ضربهم التمردات هو قمعهم للثورات المتعاقبة التي قامت في حضرموت على يد السلطان سالم بن ادريس الذي تم القضاء عليه بواسطة حملات برية وبحرية كبرى لم يكن يطيقها، وهناك ايضا في تهامة وغيرها من الاماكن التي كانت تدعو الى الاستقلال عن الدولة الرسولية.
وقد حققت هذه الدولة سمعة واسعة على مستوى العالم الاسلامي آنذاك.
كانت نهاية الدولة الرسولية سنة 858هـ على يد الطاهريين بعد ان دبت الخلافات القوية بين ابناء الاسرة الحاكمة الرسولية.
الدولة الطاهرية:
لن اخوض فيها كثيرا لان فترة حكمهم البالغة حوالي 63 عام كانت مليئة بالاضطرابات ومحاولة ملوكها اخماد التمردات ومحاربة الائمة الزيديين.
وكانت نهاية الدولة الطاهرية على ايدي المماليك الذين استعان بهم الزيود في معظم ارجاء اليمن التي كان يسيطر عليها الطاهريون، ولم يبقى في ايديهم الا عدن التي فقدوها على ايدي العثمانيون بعد سنة 923هـ.
من اهم احداث تلكم الفترة قيام الدولة الكثيرية في حضرموت على يد السلطان بو طويرق منتصف القرن التاسع الهجري.
من اهم النتائج التي يمكن الحصول عليها من خلال ما سبق ان العداوة بين مختلف الممالك والسلطنات قد تزايدت بشكل كبير لا يمكن ان يخفى على احد.
بعد انهيار الدولة الطاهرية قويت شوكة الائمة الزيديين الذين انقلبوا على حلفاؤهم المماليك الذين اعلنوا بالولاء للعثمانيين بعد سقوط مصر في ايديهم.
زادت الصراعات التي لم تحسم لاي جهة حتى دخل العثمانيون اليمن سنة 945هـ.
حيث بدأت حركة التمردات على العثمانيين بقيادة اسرة شرف الدين الزيدية التي لم تكن قواتها تدين بالولاء لقائد واحد من اسرة شرف الدين، بل انه بدأت الصراعات بينهم البين وكان الاولى ان يوجهوا حرابهم ضد العثمانيين، ولهذا لم تكلل أي من ثوراتهم بالنجاح الى ان جاءت الاسرة القاسمية من الائمة الزيدية بقيادة الامام القاسم بن محمد الذي خلفه ابنه المؤيد محمد بن القاسم الذي استطاع ان يخرج العثمانيين من آخر معاقلهم في تعز سنة 1045هـ، لتبدأ بهذا فترة الدولة القاسمية والتي استطاعت ان تحتل مناطق اليمن من ظفار شرق الى تهامة غرب ومن عدن جنوب حتى جبال فيفا ونجران شمال.
__________________
اجتمع الطفل والطفلة والشاب والشابة والرجل والمراة الجنوبيون، فهل يجتمع قادة الجنوب
|