لم يعد خافٍ على أحد كون النظام اليمني يسعى لاهثاً إلى إيجاد مخرج لما آلت إليه وحدته المزعومة ، بعد أن تأكدت عزيمة الجنوبيين على بلسمة كرامتهم التي انجرحت بفعل احتلال اليمن لدولتهم في السابع من يوليو عام 94م ، ولا شك أن هذه المساعي تكتسب أهمية قصوى تبرر البذل لها بملايين الدولارات تماماً مثلما نقرأ في سيرة حميد الأحمر مع جماعة الساسة المنتمين إلى الجنوب ، والمتظاهرين بغيرتهم التي لا نرى منها سوى الظل ، ولا شك أن مثل هذه المداخلات الترجيحية لن تلامس الحقيقة إلا متى آمنت بأن قضيتنا لا تقبل الحوار مع المحتل بأي شكل كان ، على ماذا نتحاور ؟ إذا كان الهدف هو الإستقلال فإن هذا ينسف أي معنى للحوارات الخيانية المتآمرة على جوهر القضية ، إن فتح حوارات مع جانب المحتل يعني القبول بالمقايضات ، يعني إمكانية المساومة على سيادة الجنوب ، وهنا نؤكد بأن شعب الجنوب يرقب كل حركة وسكينة ، ويعي أبعادها وما ترمي إليه ، ومن لا يظنه كذلك فإنه حتماً يجهل تجربته المريرة مع الطامعين في ثرواته ومقدراته على مر العصور .
إنني هنا أجزم بأن جميع الجنوبيين أكانوا قادة ميدانيين أو زعماء سياسيين يدركون جيداً مدى عفانة النظام ومنهجيته ، ومتيقنون من استحالة التوافق معه والسير على خُطاه ، ولكنهم في غالبيتهم يخشون المستقبل الذي لا يتشكل بمعرفتهم ، ويكون لهم منافذ للولوج إلى مفاصله ، فماضي كل منهم يرشح صاحبه للمحاسبة بأثر رجعي ، وربما عقاب بمقتضى قوانين العصر وأبجدياته ، وإذاً فلا غرابة أن تخضع كل المسائل في حساباتهم إلى منطق الربح والخسارة ، والميل إلى ما يحقق الطموح الذاتي أولاً ، ويأتي معه بسلامة الرأس ، والتفكير بخلاف ذلك يعني أن هؤلاء الساسة فريسة الغباء وهم بالطبع ليسوا أغبياء .
إن ما يحز في نفس كل جنوبي شريف أن يكون الحراك قد قدم شهداء وجرحى ومعتقلين وما يزال يقدم المزيد ، وفي كل لحظة يتجرع مأساة النبذ والدونية ، ويعيش مرارة الذل على أيدي أراذل الأرض ، دون أن يكون لهذا ومضة خجل في نفوس من يتحاورون مع المحتل للوصول إلى صيغة وفاق ، هؤلاء الذين صمتوا طويلاً حتى أنطقتهم أوراق البنكنوت ، هل يجدر بهذا الشعب البطل أن يمنحهم ولو قدراً ضئيلاً من الثقة ! وهم يتبادلون الأدوار في مسرحية هزلية مضحكة مبكية .
إننا بحاجة إلى مناضلين على الصعيد السياسي يوازي نضالهم مسيرة الحراك ، ويتناغم معها في الهدف ، ولا نقبل بأولئك الذين يتسلقون إلى غاياتهم بإسم قضية شعب الجنوب ، فنراهم يهرولون إلى موائد المحتل وأعوانه ، ويتبنون مشاريع تصب في مصلحتة ، كيف لهؤلاء أن يتنكروا لمشروع الوحدة العرجاء إذا كانوا هم صناع هذا الحدث المقيت منذ تم تدشينهم له في ستينيات القرن المنصرم ، كيف نطالب الذئب بحراسة الغنم ، ومخالبه ما تزال تقطر دماً ، لماذا ينسى هؤلاء المتخاذلون بأن هذا الشعب لم يعد أمياً في عالم السياسة ، وأن استغفاله سيكون ذا عواقب وخيمة تنذر بنكالهم ! .
همسة في أذن السفير المناضل الأستاذ/ أحمد عبدالله الحسني : كونوا يقظين لما يحاك في ردهات فنادق لندن ، وامضوا بعزيمة لا تلين مجسدين إرادة هذه الأمة كما عرفناكم .
تحياتي
طائر الاشجان
__________________
طلائعُ ثوّار الجنوبِ تآزروا ... وساروا على دربٍ عليهِ تَدَرّبوا
ألا إن شعبي اليومَ أمضى عزيمةً ... وحربُكَ للمُحتلّ يا صاح واجِبُ
التعديل الأخير تم بواسطة طائر الاشجان ; 2010-08-19 الساعة 11:50 AM
|