عمل كهذا يتطلب إلى علم وتنسيق مسبق مع القيادة الجنوبية في الخارج ، كونه عمل على مستوى ساحة نحن حريصون على مصداقيتنا معها ، ولا نريد أن نخسرها .
فكما يبدو فإن هذا الاندفاع برغم من صدق نوايا القائمين عليه ، إلاّ إنه يفتقد إلى العديد من الشروط التي يتطلبها عمل على هذا المستوى .. فتقديم (( ملف )) والذي بالتأكيد تنقصه الشروط المطلوبة لقبول مثل تلك الملفات ، من حيث التكييف القانوني للجرائم المتضمنة إياه ، هذا سيؤدي إلى إضعاف مطالباتنا تلك ، كون أي ملف يقدم ، يفترض أن يكون مدروس بعناية من قبل أخصائيين قانونيين بإمكانهم تكييف جميع القضايا وفقا لإثباتات وبراهين أركان كل جريمة على حدة ، ووفقا لما ينص عليه القانون الدولي الخاص بالجرائم الإنسانية ، علما إن الملف بحسب ما ذكره الخبر يتضمن جرائم حرب .. وجرائم الحرب ليست معنية بها محكمة الجنايات الدولية ، ولا سيما إنه لا تدور في بلادنا حرب بين جيشين ، والتي تفصل فيها أحكام اتفاقيات جنيف الأربع المعنية بجرام الحروب .
إن مثل هكذا عمل يتطلب شغل كبير لضمان قبول طلباتنا للنظر فيها ، كما إن المتقدم يفترض أن تكون جهة حقوقية مشهود لها نشاطها في مجال حقوق الإنسان ، ويا حبذ أن يكون لها تنسيق مع جهات حقوقية دولية قريبة من محكمة الجنايات الدولية .. كون تقديمها عبر جهة أو مجموعة سياسية يعني للمحكمة إن المطالب المقدمة إياها هي في إطار الصراع والمماحكة السياسية ، فهي جهات غير محايدة سياسياً ..
وهذا ما يفقد مطالبنا مصداقيتها ، ومن ثم انعكاس ذلك الفقدان على ما يمكن أن تتقدم به قيادتنا الجنوبية في المستقبل عبر هيئتنا الحقوقية والإنسانية .. لذلك علينا أن لا نتسرع في الإقدام على خطوات غير محسوبة ولا مدروسة ، وعلينا أن نتجنب العمل العشوائي .. وعلى أن لا تتم أية مبادرات إلاّ بالتنسيق والتشاور المسبق مع القيادة الجنوبية والتي بكل تأكيد لها حساباتها ولها مساعيها في هذا الاتجاه وفي غيره ..
نأمل أن لا يؤثر ما أقدم عليه أخواننا في سويسرا ــ بغير قصد ــ على علاقاتنا القادمة مع محكمة الجنايات الدولية ومصداقيتنا معها ..