يبدو ان المهمة التي افترضها المهندس عبدالله في غاية الصعوبة ، ليس لضعف الحجة ، فالحجج التي دفعت الجنوبيين الى الولوج في طريق الاستقلال تكاد تنطق بأعلى الصوت وتصل الى مسامع كل يمني بوضوح لا لبس فيه ، ان الجنوبيين قد وقعوا في فخ نظام الجمهورية العربية اليمنية بكل عيوبه ومساوئه وفضائعه وأن الجنوبيين أضحوا داخل معمعة الشمال من الفساد والنهب واللصوصية والاستعباد والتخلف والوضى العارمة التي تضرب كل مناحي الحياة . هم يعلمون ومتيقنون من كل ذلك .. ونحن نحاورهم منذو سنين ، ورغم عداءهم الشدبد للنظام سواء مواطنيين عاديين او نخب مثقفه او سياسيين لكنهم جميعا يعتبرون مسألة الوحدة وكأنه أمر مقدس لا يجوز المساس به .
لذلك ان يتخيل أحد انه بالأمكان اقناع أي قوى في الشمال بحق الجنوبيين في الاستقلال يعد ضربا من الخيال .
وبالمناسبة هم يحشدون كل طاقاتهم على الاتجاه المعاكس لاقناع الجنوبيين ان الانفصال مشروع خيالي وخارج المنطق والواقع وخارج الاحتمال .
لذلك ، أرى ان نكرس الجهود لاقناع بعضنا البعض بجدية مشروع استقلال الجنوب ، ثم اقناع المجتمع الدولي بأحقيتنا في الاستقلال ، هذه هي المهمة الاساسية أولا .
الجنوبيين لازالوا هم بحاجة الى بلورة فكرة الاستقلال كمشروع وطني كبير بحاجة الى كل القوى الجنوبية من سياسيين وعسكريين وتجار ومثقين ومشائخ وشباب ونساء ، هذا كله يتطلب إعادة النظر بفهم طبيعة قضية الجنوب وإعادة ترتيب الاوراق في البيت الجنوبي ، وهم طبيعة العلاقة بين كاة شرائح المجتمع الجنوبي على اسس جديدة تلبي متطلبات هذا المشروع العظيم .
ما هو قائم الآن من حراك يفتقد للفهم الصحيح لقضية الجنوب ، ويفتقد للفكر السياسي الذي يستطيع التمييز بين المصالح والمفاسد .
|