16 ــ أدخلوا السقلدي زنزانه رقم ( 5) ( بزوه الجن )
لن يكن انتقالنا إلى الدور الأول الأرضي وإخراجنا من ( البدروم ) تحت الأرض ووضعنا في الزنازين الجماعية العليا مفاجئ لنا لو نحن معتقلين غير جنوبيين من الحراك السلمي خاصة بعد أن تم استكمال التحقيقات معنا من قبل ضباط الأمن السياسي ونقل ملفاتنا إلى نيابة المحكمة الجزائية ( وهي محكمة إنشاءها نظام صنعاء القمعي لمحاكمة المتهمين بالإرهاب والقضايا الخاصة بأمن الدولة ) وهذا هو النظام المتبع في سجن الأمن السياسي الذي يتم تطبيقه على جميع المعتقلين من القاعدة والحوثيين حيث يتم نقلهم إلى زنازين جماعية في الأدوار العلياء وقد يوضع المتهمين في قضية واحدة في زنزانة واحدة إلا إن هذا النظام لا ينطبق علينا نحن المعتقلين الجنوبيين من الحراك السلمي وبتوجيهات خاصة لا يحق لمسئولي السجون المباشرين التصرف بتحويلنا حتى من زنزانة إلى أخرى إلا بتوجيهات مسبقة من رئيس الجهاز شخصيا ( هذا على الأقل ما كان مدير السجن يقوله وكثير من ضباطه كلما نطلب تجميعنا في زنزانة واحدة ) .
كانت التوجيهات قد صدرت بانتقالنا ولعل الحاجة إلى تفريغ الزنازين الانفرادية كان ملحا من ناحية وقرب تحويلنا إلى المحكمة الجزائية لمحاكمتنا من جهة أخرى كذلك إلحاح أهالينا عند زياراتهم لنا وشكوانا لهم إننا في زنازين تحت الأرض وقرب رمضان كل ذلك أسهم في تحويلنا وانتقالنا إلى زنازين جماعية في الدور الأول الأرضي والدور الأعلى كما أعتقد ذلك .
كان الوقت ما قبل المغرب في يوم الاثنين تاريخ 17/ أغسطس 2009م قبل رمضان بثلاثة أو أربعة أيام فقط جاءني إلى زنزانتي نائب مدير السجن صالح العرشي ومعه عسكري وفتح زنزانتي وطلب مني لف ما هو خاص بي من الزنزانة ويعني بها البطانيات وحاجياتي الأخرى الخاصة والإبقاء على الفرش وكل ما يخصهم وهذا الأمر دائما ما يطلبوه من المفرج عنهم والمنتقلين وفي هذه الحالة تكون جميع نوافذ الزنزانات الأخرى مغلقة وجميع زملائي لا يدرون ما يجري إلا بعد انتهاء هذا الأمر بما يعني أنني لا استطيع أن أودع أي زميل منهم , حملت كل أشيائي وغادرت زنزانتي رقم ( 12) إلى أين لا أدري ؟ والحقيقة قد ربما يكون أفراج لا أدري لم يحصل أنهم أبلغوني بأنني سأنتقل إلى مكان آخر مطلقا وكذلك أظن أن زملائي جرى لهم ما جرى لي و قبل مغادرتي الباب الرئيس للجناح تم وضع قيودا على معصمي ووضع رباط أسود كعصابة على عيني وكان الوضع صعبا كيف أحمل أشيائي وكيف أمشي وأنا لا أشاهد الطريق ولكن بعد توقفي وشكواي حمل جندي آخر معي ما كان بيدي ومشينا حتى صعدنا السلالم التي نزلناها أول مرة قبل شهرين وسبعة عشر يوما أي في 1 / يونيو من نفس العام ومشينا في مكان مستوي إلى أن أخرجوني من باب إلى مكان دون سقف لأول مرة شممت هواء نقي وشعرت أنني في الشارع خارج السجن وبعد دقائق فتحوا العصابة من فوق عيني ليخبروني أنني الآن في الجناح الغربي الأعلى وهذا هو الشماسي الذي أنا فيه وقاموا بتقييد أسمي واتخاذ إجراءات انتقالي ومن ثم تم وضعي في زنزانة جماعية رقم ( 5 ) وفيها أكثر من عشرة معتقلين كلهم من الحوثيين دخلت عليهم وإنا حاملا فراشي الجديد وسلمت عليهم وقاموا بالترحيب بي ترحيبا حارا وأفسحوا لي مكان بينهم .
كان حظي ولله الحمد أن وضعوني في الجناح الغربي وهذا الجناح الذي يرزح في أحدى زنازينه وخاصة في الزنزانه رقم (7) رجلا عظيم بحجم سعادة السفير قاسم عسكر جبران أو كما يدعوه كل المعتقلين والجنود ( العم قاسم السفير ) زنزانته هذه هي الوحيدة التي لا يقفل بابها كون العم قاسم يعاني من عدة امراض لذلك تركوا بابه مفتوح ليتمكن سعادة السفير الذهاب الى الحمام في أي وقت يريد وهو بالمرة أكبر رجل في سجن الأمن السياسي عمرا ومستوى كسفير سابق كانت له صولات وجولات في أروقة السياسة وعلاقات الدول الكل هنا يحترمه للطف ودماثة أخلاقة وقوة شخصيته ومعنوياته التي لم تهزها ظلمات السجون بل العكس قوته وأكسبته مناعة , الزنزانه رقم (7) في نهاية الرواق وفيها إلى جانب العم قاسم اثنان من المعتقلين أحدهم فلسطيني كان مقيم في سوريا جاء إلى اليمن للدراسة في ( معهد دماج ) في صعده مع جماعة السلفية أتباع الشيخ مقبل الوادعي والآخر سيد من آل البيت ( شرفي ) من صنعاء تم اعتقاله بتهم الاثناعشرية ولا أدري كم لهما في هذه السجون على الرغم من إن هذا الاثناعشري قد تحول مذهبه قي السجن إلى سني بعد تأثير أصحاب القاعدة عليه أو على الأقل التأثير السني إلا أن الحوثيين لا يصدقوا ذلك أو لا يريدوا تصديقه متحججين أن هناك في المذهب الأثناعشري حق التقيه ويجوز للذي يعتقد بهذا المذهب في حالة ما يكون عليه خطر محدق من خلال مذهبة فلا بأس عليه من اتقاء الخطر بتغيير مذهبه ظاهريا أمام الأخيرين والاكتفاء باعتقاده المذهبي باطنيا وهي غير جائزة في المذهب الزيدي وهذا من ضمن الاختلافات الكثيرة بين المذهبين الزيدي والأثناعشري و المذهبان محسوبان على ألشيعه ويلتقيان في أماكن كثيرة .
عرفت أن زميلي فؤاد قد تم نقلة إلى الدور الأول الأرضي في الجناح الجنوبي وهناك بالطبع في هذا الجناح الزميل فادي حسن باعوم وأولاد محمد صالح الطماح ياسر وعمار الذي انضموا إليهم لاحقا , وبالنسبة إلى الزميل أحمد القنع فقد تم ترقيته بعزلة علينا كلنا في الدور الثاني الأعلى ومن حظه إن هناك التقى بالزميلين علي شايف ومحمد الربيعي اللذان أفرج عنهما في نهاية رمضان على ما أظن أما الزميل صلاح فكان هو الأسوأ حظا من بيننا فقد كان نقلة إلى الجناح الشمالي والذي يتواجد في أحدى زنزاناته الزميل حسين زيد بن يحيى ولكن من سوء حظ صلاح أنهم وضعوه في زنزانة جماعية فيها أكثر من (15) معتقل من الحوثيين وهي الزنزانة التي لا تنام فكان قاطنيها يتناوبون الإزعاج كما قال لي صلاح ولكنهم قد تعودوا ذلك بحيث ترى بعضهم راقدين وسط الإزعاج دون أن يشعر بإزعاج زملائه هذا الوضع الذي لم يستطيع زميلي صلاح تحمله لأكثر من يومين وفي اليوم الثالث أنفجر في السجان وطلب إرجاعه إلى زنزانته وفعلا أعادوه إلى زنزانته بعد أن أصر عليهم ولم يستمر الحال على ذلك وما هي إلا ساعات وأطلعوه مرة أخرى وكلما أدخلوه زنزانة رفضها و يفضل البقاء في الانفرادية ولا الإزعاج بين ناس لا ينسجم معهم وفي نهاية المطاف بعد ان اضطروا الى ذلك أستأذنوا المدير فقال لهم أدخلوه الزنزانه رقم (5) بجانب صاحبه الربيزي ( بزووه الجن ) ,اخيرا التقينا والزميل صلاح السقلدي
سنواصل
انتظرونا ....