بسم الله الرحمن الرحيم
15ــ أحلامنا الكبيرة وانتصاراتهم الوهمية
أقترب دخول رمضان شهر الصوم لم تعد إلا أيام قلائل فعلا وكان الأمل في إطلاق سراحنا يتبدد كل يوم منذ بدأت تقرع طبول الحرب السادسة بين سلطات نظام صنعاء وجماعة الحركة الحوثية واشتداد وتيرة النضال السلمي الجنوبي خاصة بعد المجزرة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال اليمنية في محافظة أبين الجنوبية المحتلة الباسلة وبعد أحالتنا إلى النيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء إلا إن صديقي وزميلي احمد القنع متفاءل جدا
ومصدر تفاؤله الكبير هو قدوم شهر رمضان الذي كان يحسب الأيام الباقية لقدومه وكان يقول إن السجناء الأولين من قيادات الحراك حسن باعوم وعلي منصر وبن فريد والغريب وبن غالب وغيرهم تم أطلاق سراحهم في رمضان (( ترى هل لا زال تفاؤله بعد مرور عام من تلك الأيام خاصة ونحن اليوم وهو نترقب قدوم الشهر الكريم ولم يعد يفصلنا عنه إلا أيام يا ترى ما هو شعورك يا بن صالح القنع ؟؟!!)) في حقيقة الأمر لم يكن تفاؤلي بقدر ما لديه من تفاؤل وكنت فقط أتمنى إن يتم جمع شملنا في زنزانة جماعية واحدة مع بعض خاصة في شهر رمضان المبارك وهو أقصى ما كنت حينها أنتمناه .
كانت الحركة المستمرة التي يتطلب من الزميل أحمد القنع ممارستها كنوع من الرياضة لكي لا تتعبه ركبتيه هي التجول ذهابا وإيابا في الممر المؤدي إلى الحمامات والذي يمر بأبواب الزنازين الموصدة ونوافذها المغلقة التي تتوسط هذه الأبواب وهذا كل ما يمكن السماح به فكان يمر علينا في غياب السجان أو في غفلته فيفتح نافذتي ونافذة فؤاد ( 11و 12 ) فنجلس نتحادث إنا وهو وزميلنا فؤاد وكان يتوسط بين زنزانتينا ونشاهده ويشاهدنا ولكننا لا نشاهد بعضنا أنا وفؤاد وكان يقص علينا صديقنا القنع الكثير مما جرى له في التحقيقات وكيف وجدوا معه مكالمات من الخارج وكانوا يسألوه عنها وآخر مكالمة أظهروها لها كانت مكالمة حصلت بينه وبين الرئيس علي سالم البيض قبل ساعات فقط من اعتقاله (ونحن نضحك )وكيف نقل المسيرة التي كان يقودها في 21 مايو من عبد العزيز إلى ساحة الهاشمي وألقى فيهم البيان حق الفعالية نعم نقلها من تلفون واحد صديق له الى تلفونه ووجدوها المحققين في الأمن السياسي .
وأتذكر مقالبه الكثيرة ففي احد الأيام جاءنا وكان يحمل لنا إخبار سيئة جدا وهي إن السلطة الغاشمة قامت بمهاجمة كل مدن وقرى الجنوب واعتقلت د ناصر الخبجي والأستاذ الشنفرة والعميد النوبة وحسب لنا كثير من قيادات الجنوب وقد أحضروهم إلى هنا وهم ألان في القسم الجناح الشمالي وفي الجناح الجنوبي وسقط علينا الخبر كالصاعقة وبعد ساعتين جاء ليقول لنا بأنه مقلب .
مرت الأيام في القسم الغربي الداخلي سريعة واعتقد أنها بوجود جوا من المرح أضفاه القنع وليس بالنسبة لنا بل بالنسبة لكل المساجين من بمختلف انتماءاتهم .
كانت لنا أحلام نتكلم فيها إنا وزميلي فؤاد ونناقشها مثلا كان يتكلم عن ضرورة عودة " المكلا برس " وتطويرها وجعلها موقع مميز وكنت أشعر بصديق رئيس تحريرها بن راشد عندما كان يتحدث عنها وهو يعتبرها كما يقول الابن المدلل له واشعر بحرقته عليها عندما دمروها وهو يتألم ويشرح لي انه بناها بيده وجعلها موضع احترام الناس عندما حافظ على مصداقيتها وحياديتها في خدمة الجنوب وكان يقول لي في حرقة وصل زوارها في اليوم يا أحمد إلى (120 الف ) وكانت مصدر موثوق كيف العمل لازم بعد خروجنا نشتغل صح ونعيد هذه الثقة كانت أحلامنا الشخصية بسيطة فيما أحلامنا وأمانينا وأهدافنا كانت ولا زالت بالنسبة للوطن كبيرة بكبر معاناتنا وبكبر تضحيات شعبنا العظيم .
كنا نشعر إن في أشياء كان لازم نعملها وأشياء كان لازم علينا إن نتوقف عندها شعرنا بعمق مأساة ما يتعرض له شعبنا وحجم المؤامرات التي كانت تحاك علينا منذ عقود كثيرة وما يتوجب عليه من قيادات الحراك في كل محافظات الجنوب من التنبه إلى مسائل كثيرة حتى لا نوقع في الفخ مرة أخرى ومن ضمن ما كان يؤرق العم قاسم (سعادة السفير) هو تقصير الحراك في العمل في مناطق نشعر بضعف حراكنا فيها والسبب الرئيس هو نحن كان يفترض إن نعمل كذا وكذا وكان تركيزه الدائم على شبوة وعلى حضرموت الوادي وهذا ما جعله ذات يوم يتأثر كثيرا حين حكيت له ما حصل في شبوة وكيف أصبح الحراك فيها.
اشتعلت الحرب في 12 أغسطس 2009م وهي الحرب السادسة بين السلطة القمعية الغاشمة وحركة الحوثيين في صعدة وأشتعل معها الإعلام أكثر وأكثر وبين فينة وأخرى يفتحوا إذاعتهم الداخلية لتذيع بيانات الانتصارات الوهمية التي لو حسبناها بحسبه بسيطة كما قال أحد الحوثيين لوجدنا تقدمهم في الجبهة قد وصلوا إلى جدة في الجارة الكبرى ( ولنا حديث لاحق حول هذه الحرب وبعض التفاصيل )
مضت عدة أيام بعد بدء الحرب وبعدها تم نقلنا الثلاثة من الجناح الغربي تحت الأرض ( البدروم ) سجون جماعية أرقى في الدور الأرضي لأول مرة ولكن للأسف الشديد كان هذا وقت فراقنا وتفرقنا كلا في مكان وجناح آخر مع ناس آخرين وسنفصل ذلك في الجزء التالي
انتظرونا ....