بسم الله الرحمن الرحيم
13 - شاعرية الزنزانة رقم ( 12)
للزنزانة الجديدة رقم ( 12) في الجناح الغربي الداخلي شاعريه خاصة ولها جوها الذي يختلف كثيرا عن الزنزانة اللعينة في الجناح الجنوبي لأسباب عدة ومنها أولا أنها بجانب ألأعلامي المبدع فؤاد راشد وبالقرب من الإعلامي المرح أحمد القنع وهذا من أهم الأسباب وقالوا العرب الجار قبل الدار وكذلك التهوية المناسبة فهناك نافذة بالاتجاه المقابل للباب الحديدي ومقابلة النافذة ( الميناء) التي تتوسط الباب وهذا ما جعلني أشم هواء طبيعي نقي وأسمع صوت الرعد والمح لمعان البرق من وقت إلى آخر كل ذلك اكسب زنزانتي شاعريه وانتعاش لطيف مقارنة بشبيهاتها في الجنوبي ولعل ذلك ما شجع قريحتي إن تفيض منها بعض الخواطر والتي كتبتها على جدران الزنزانة ومنها هذه الأبيات التي نظمتها للتسلية وللضحك كنا ننشدها إنا وزميلي أحمد القنع في بعض الأوقات وهي على اللحن الأندلسي الشهير ( جادك الغيث ) وأذكر منها: ( نظمتها للتسلية فقط )
شفت ذاك المزن يجري فوقنا عــائدا في شوق لهفـه للجنـــــــوب
قلت له : يا مزن أحملني أنا ومطر اشواقي على أرض الجنوب
أنني في السجن مظلوما هنــا في سجون الأمــن مـن غير ذنـوب
غير ما فاضت بـه أحلامنـــا مـن أمــاني مـثلما كــل الشـعــوب
إننا نمضي سوى في دربنا لا نـبـالي بـالمـهـالــك و الخــطـوب
أيها الظــالم لـقـد فــاض بنــا ظلمــك الطــاغي نكنه في القلــوب
سوف تعـلم في قــدوم أيامـنـا أن رفـض الظـلم من حق الشـعوب
فعلا كنا ننشدها أنا والزميل أحمد القنع ونجلس نضحك ونرجع ننشد من أغاني عبود و بعض الأوقات يطلبوا منا ألحوثيين أو المتهمين بالقاعدة إن ننشد من أناشيد الحراك الجنوبي أو نهتف أو نذكر من الزوامل الجنوبية وهي كثيرة ومن ذلك أغنية ( ليه يا بن الوطن تبكي على من سقط في ساحة الميدان ) وهي تحزنا كثير عندما نتذكرها
فكم هي مهمة تلك الأناشيد وكما أسمعناهم من أناشيدنا أ سمعونا من أناشيدهم (الحوثيين) وكانوا ينشدوها جماعيا وفرديا في جلساتهم وهي تشيه الموالد التي كانت تقام عندنا زمان وضيعناها لا ادري لماذا ؟ ولمصلحة من ؟ إن لدينا كان كم كبير من تراثنا العربي الجنوبي الفريد ولدينا من الأناشيد والزوامل ومن عادات الاحتفالات الجميلة في كثير من مناطق الجنوب والتي اندثرت ولم تعد موجودة وكنا إلى وقت قريب نستعار أو نخجل منها وننبذها باعتبارها من رموز التخلف القديم وهنا ارجوا إن تتوقفوا وتتذكروها وتتسألوا لماذا كنا نستعر أو نخجل من هذه العادات الجميلة التي كان آباءنا يمارسوها في أعراسهم وفي أفراحهم وفي أعيادهم وحتى في أتراحهم ؟؟!!! لمصلحة من تم تجاهل هذه الأشياء الجميلة المرتبطة بتراثنا القديم ؟ ؟ !! فقد اندثرت معظم هذه العادات والتي ليست بالسيئة أندثرت للأسف الشديد ما تبقى الا ما حفظته بعض منطقة يافع وبعض مناطق حضرموت التي حافظت على جزء هذه العادات , هل كان ذلك التجاهل جزء من التأمر على هويتنا الجنوبية مثلا أسئلة لا بد أن يضعها كل شخص منا أمام عينيه ويتأمل لعلة يجد الجواب الشافي.
ما زلت أتذكر لحن بعض الأناشيد التي كان يرددها الحوثيين مع نسياني لكثير من الكلمات وقبل أن أذكرها لكم بقي إن نشير إلى أن الحركة الحوثيه لها الكثير من شعراؤها وأدباؤها ومنشديها وهولا الشعراء هم فطاحله كبار ومنهم شاعر ترك بصمات واضحة وتأثير كبير لدى الحوثيين وأنصارهم لا يكاد شخص منتمي إليهم إلا ويذكر هذا الشاعر والذي يدعى ( ألنمري ) وهو ليس شاعرا فحسب ولكنه مقاتل أيضا وقد قاتل في أحدى سنوات الحروب ومواقعها حتى قتل ومن أناشيده المشهورة أذكر مطلع أحد روائعه الشعرية الشعبية التحريضية :
( لا نبالي لا نبالي وأعلنوها حرب كبرى عالميه )
وكذلك أخرى
يا علي بوش وقف عند حد وغادر اليمن منت منها منت من مستواها
.....
ومنها كذلك
الصبر يا قلبي ولو فيك الأوجاع صبر البنادق حاملات الذخيرة
وقد ربما بعضها لشعراء آخرين ولكن كان ألنمري كما يقولوا شاعر المقاومة لدى الحركة الحوثية ((أخوض في الحديث عن الحوثيين من وقت إلى آخر للاستفادة فقط )) .
وما دام والحديث على المرح والإنشاد في هذه الأجواء الزنزانيه المختلفة عن سابقتها ومادام ذكرنا بعض الشعر وقد قلت الكثير من الخواطر التي لم استطع حفظها والاحتفاظ بها إلا أحدى الخواطر التي سجلتها على جدار الزنزانة وحفظتها وأرسلتها في ما بعد الى المواقع الالكترونية الجنوبية عندما وجدنا فرصة بعد تحويلنا إلى السجن المركزي صنعاء . وسأوردها هنا من جديد للاستفادة :
الإهداء:
إلى أرواح الشهداء الأبطال والجرحى في الجنوب الحر...
إلى أفواه وسواعد الأشبال الهاتفين للحرية ، والحاملين أرواحهم وراياتهم بعزة وشجاعة لا تلين.
إلى الأمهات وزوجات وأطفال المعتقلين.
إلى الأحرار أينما كانوا "بالروح بالدم نفديك يا جنوب"
( لا تحزني يا زنجبار )
أفرع الموز تمد ذراعاتها
وأشجارك العاليات العتيقة
تنثر وريقاتها
تخضب سيقانها
بدم وعشق جديد
فيما حواريك يا زنجبار
على رقصة (الشرح(
تزف إلى المجد
شهيدا تلو شهيد
* * *
من وحشة (الغيظ)
في يوليو البغيض
تجوع الرمال
أو هكذا .. يبدو صفير الغبار
لكن ..
سحاب الهضاب القريبة
لا بد إن تستريح على الطمي
لا بد ان يشرب الفل
ريح الصبايا
لا بد يا زنجبار
***
ها قد أتى (الدفر) يا زنجبار
ليسقي حقول (العطب)
ويبقي زهور البراعم
تحمل على أغصانها
بيارق سلام
أتى الدفر
من شرنقات الحصون المنيعة
من مشقرات البيوت
إلى ضفتيك
يفيض من الغرب وادي بناء
ومن ضفة الشرق
حسان يهدر غضب
أتى الدفر
من غفوة للزمان
ليرسم على ساحل أبين
وفي ساحة الهاشمي
وفي عشق ردفان للحرية
وفي أرض كندة
وفي قرية الكود
وحي الطميسي
وميناء شحير
وفوق الوجوه العوابس
بسمة صفاء
ويوضع على رمل بحر العرب
خارطة للجنوب .
..
يا زنجبار أعذريني
لو إن حزن الروابي
توشح بنار.
اعذريني لأني أخاف تململ هذي الروابي
لأني أخاف إن تستفيق (مسبتات العواتق)
من نومها .
اعذريني
لان الشرور التي تزحف
من خلف حد النباح
تنقض على نسمة البحر
بنهم المغول.
***
يا زنجبار،
الحنين يطوف بخلدي إليك،
بألف قصيدة،
عزفت نوتاتها بقيد على معصمي.
كتبت كلماتها
على ظهر زنزانتي.
فغني معي،
من خلف قضبان هذي السجون
فلا تحزني .
لان حواريك يا زنجبار
على رقصة الشرح
تزف إلى المجد
شهيد جديد.
الهوامش:
-1الشرح: رقصة شهيرة من رقصات الاعراس في ابين وفي مختلف مناطق الجنوب.
-2الدفر: السيول المتدفقة في أودية حسان وبناء، وهي لفظة يستخدمها ابناء زنجبار.
-3 العطب : كلمة مرادفة للقطن.
-4قرية الكود: حي من إحياء زنجبار.
-5 حي الطميسي: حي شعبي يقع وسط زنجبار.
6- مسبتات العواتق: رمز استخدمه الشاعر ويقصد به البنادق المحمولة على عواتق الرجال، وهي في حالة خمول او سبات في أوقات السلم.
سنواصل انتظرونا ...