الوحدة التي قتلت أهالينا
عبدالله الهدياني
في طريق الشرعنة
أصبح الدم الجنوبي مباحاً
ورصاص الموت فينا ممعنةْ
ما انحنى الضالع أو ردفان كلا
لا ولا لودر أو شمسان
واسأل ....
عن صبيحات الجنوب الحر كل الأمكنةْ
..........
انهمك النظام طيلة عشرين سنة في العمل الدؤوب على طريق الشرعنة ولم يزل في الخطوة الأولى يحدثنا عن وحدة لا يراها أحد سواه مستخدماً كل ما أمكنه من حيل وأساليب الكذب ووسائل الخداع لفرضها بالقوة ولا ندري ما هو شكل هذه الوحدة التي يريد النظام إقناعنا بها أهي تلك التي تفرض علينا نغمة استقبال في الهواتف المحمولة ؟! أم تلك اللافتات والملصقات التي شوهت الشوارع ؟! أم تلك الرايات التي يحرج بها الباعة المتجولون في الجولات ويجبر على شرائها أصحاب الأجرة , وتوزع على التلاميذ في المدارس لرفعها على منازلهم إن أرادوا النجاة من الرسوب المحتم ؟! أم تلك التي يحرّف لها علماء صنعاء آيات القرآن لتزيين عورتها و نجاستها بحلة القداسة ؟! أم تلك التي يستأجر الغث والسمين من المهرولين الجنوبيين لشغل مناصب فخرية فيها أو المشاركة بأدوار ثانوية في المسرحيات الانتخابية ؟! أو... , أو... , أو .....
هكذا تجري فصول الشرعنة وهكذا يجبرنا الفاتحين الجدد على معاشرة منغصات الحياة والبقاء تحت رحمة هذا الفيروس الذي ابتلع المجد والتاريخ وانتهك الأرض والعرض ويتّم الأطفال وأرمل النساء وثكّلى الأمهات وسلبنا كل جميل وأجبرنا على الهرولة إلى كل قبيح وحوّل أفراحنا إلى أتراح وأيامنا إلى مآتم ؛ لكنه رغم كل هذا لم يفلح حتى في إقناع الأطفال الذين ما فتحوا أعينهم إلا على تلك المواقع المرابطة أمام بيوتهم لحماية وحدتهم بعد عشرين سنة وقبل أن يعرفوا ما وراء تلك المواقع من حياة مكفهرة تصهر أهاليهم المتعبين في أخاديد وحدة الشمال المترفة بثروات الجنوب وامتداداته المستباحة وأشلاء القتلى ودماء الجرحى وأنات المعتقلين وآهات المقهورين من أبناء هذا الشعب الصامد المرابط على أرضه رغم اكتوائه بويلات الفراعنة الجدد ؛ فلا (توحدنا فقط أربع ... , الوحدة مصدر قوتنا ... , ...) وغيرها من الشعارات والديكورات الساذجة تعصم وحدة مصيرها الزوال لأن ما بني على باطل فهو باطل .
صحيح أن أرضنا تملك امتدادات جميلة وخلابة لكن رمالها متحركة لا يمكن أن يروضها إلا وارث حقيقي ولن تستكين تحت أقدام غريب وهذه هي عادتها منذ القدم وليس من اليوم فهل يمكن للمبشرين الذين أتحفوها بروائحهم المنهكة أن يفهموا هذه الحقيقة ويتقبلوها وإن كانت لا تسر فاغر فاه أمام قطعة من جنوب توصله بأبسط لحظة لترف العيش ونشوة النعيم .
قد يسأل سائل نفسه لماذا تكرهون الوحدة ؟! لماذا تكرهوننا أليست يد الله مع الجماعة؟! والجواب : نحن لا نكره الوحدة وإنما نكره وحدتكم لأنها قتلت شعباً واختطفت وطناً دون أن تقول حتى مجرد (آسف) أما مسألة الجماعة فنحن كذلك وليبارك الله جمعنا وجعل يده معنا فهل صدقتم سادتكم وكبرائكم أننا فرد ولا تتم جماعتنا إلا بكم ؟! ثم لماذا أنتم بالذات أليس لله عباداً فطنا غيركم أم أنكم شعب الله المختار؟!!!
إن التاريخ مدرسة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ولكنك لا تسمع الصّمّ الدعاء ؛ ولست بمسمع من في القبور فيا هؤلاء إن الوحدة لم تعد إلا في خيالاتكم المتحجرة ولا تزايدون علينا في هذا بل نحن الذين يجب أن نسألكم عنها ونقول لكم بملء أفواهنا : ماذا قدم الشمال للوحدة ؟! وهل الوحدة أقيمت في الشمال أم في اقتصرت على الجنوب فقط ؟! بل هل أنتم في ما بينكم متوحدون حقاً؟!!
لا أعتقد أن أي منكم قادر على الإجابة إلا إذا كانت على طريقة (أنا خير منه) ؛ يا هؤلاء لقد جعل الجنوبيون من الوحدة هدفاً وحياة ولم يدخروا جهداً في سبيلها في الوقت الذي لم يقدم الشماليون لنا إلا الموت والمكر والخداع والخيانة والظلم والنهب المنظم ثم كيف يتكلم الشماليون عن الوحدة وهم يفتقدونها في أرضهم فهل الشمال يعيش في وحدة ودولة حقيقيتين؟!! إن ما يجري في الشمال هو نظام فيدرالية الأقاليم أو ما يسمى بالحكم الذاتي فكل شيخ قد بسط على إقليم وكوّن قبيلة لها حدودها ولا تسمح لغير أفرادها بالانتفاع منها ثم توافق أصحاب الثقل في تكتل قبلي وتصالحوا على تسمية دولة يبتسمون لها بقدر ما تعود عليهم من منفعة وإلا ثاروا وكشروا أنيابهم نحوها كحال الحوثيين وعبيدة وغيرها كثير والدولة ما هي إلا مستأجر من القبيلة وتحت رحمتها ولوحة لعرض تحفها
وبناء على ذلك فالشمال يفتقد الوحدة بنفسه وفاقد الشيء لا يعطيه فكيف تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ولهذا فبعد عشرين عاماً من الوحدة التي عظم الله أجرها مازال الشمال للشماليين دون غيرهم واقتصرت الوحدة على الجنوب فقط فجئتم فرادى وجماعات واستوطنتم هذه الأرض وتملكتم ساحاتها وشوارعها وشطآنها ولم تكتفوا بذلك بل أخرجتم أهلها من ديارهم ومارستم القتل بدم بارد وحكمتم عليهم بالموت تحت إحدى التهمتين إما بتهمة الشيوعية أو بتهمة الإرهاب.