منقول من كتاب ( الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة ) 1963
( 8 )
مذكرات وبرقيات ذات أهمية
اشرنا خلال ذكر نشاط اللجنة في اتصالاتها بممثلي الشعب العربي في الجنوب وزعمائه الى ان اللجنة تلقت عددا كبيرا من البرقيات والمذكرات ، كما أن عددا من الشخصيات الهامة في الجنوب نشروا عددا من المقالات في الصحف ، توضح اتجاهات الشعب في الجنوب العربي عامة ، وأنه من المفيد في هذا السجل التاريخي الإشارة الى ذلك ، ونرى هنا أن نسجل بعضا من ذلك :
في جدة تقدم الى اللجنة أربعة من أهم الشخصيات الحضارمة :
أ – وهم السادة : عبدا لرحمن داؤد الجيلاني ، علي عبدا لرحمن العمودي ، عمر بادحدح ،
حسين بن عبيد الله السقاف .
ولقد تحدثوا الى اللجنة حديثا مستفيضا عن القضية ، وعن واقع حضرموت خاصة ، وأكدوا
الطلبات التي يرون أنها تتبلور فيها مطالب الشعب العربي في الجنوب كله :
1- إنهاء الاستعمار 2- تحقيق وحدة الجنوب العربي 3- انتقال السيادة وسلطات الحكم الى
الشعب .
ب – ومن الرياض وصل وفد مكون من أربع شخصيات يمثلون أبناء الجنوب العربي في
الرياض والمنطقة الشرقية وهم :
السادة : عمر باراسين شيخ الحضارم ، عمر محروس العوبثاني ، عبدا لله ابوفيصل باوزير
احمد بن إسحاق .
ولم يدركوا اللجنة في جدة ، فأبرقوا الى بغداد حيث كانت مجتمعة هناك بوجهة نظر من يمثلونهم ، وتتفق مع وجهة النظر التي شرحها الأخوان وأشرنا إليها في الفقرة السابقة .
ثم أرسلت عشرات البرقيات من أبناء الجنوب العربي الموجودين في نجد ، والمنطقة الشرقية الى اللجنة في بغداد تؤيد وجهة النظر هذه ، وتؤيد الرابطة في خطها .
ج – وفي حضرموت نشر السيد محمد عبدا لقادر بامطرف عدة مقالات بإمضاء ابن الساحل ،
وجهها كخطاب مفتوح الى لجنة تصفية الاستعمار ، وهي مقالات تحتوي على معلومات
قيمة ودراسة موضوعية شرح فيها تطورات الوضع في حضرموت خاصة ، وماهي عليه
ألان وخلص منها الى ضرورة الخروج من الوهدة التي يعيشها حضرموت وبقية مناطق
الجنوب العربي .
د – وعقب عودة اللجنة الفرعية بعث السيد عمر سالم باعباد ، الذي كان في حضرموت حين
زيارة اللجنة للبلاد المجاورة للجنوب ، بعث السيد باعباد بمذكرة ضافية الى لجنة تصفية
الاستعمار بصفته رئيسا للمؤتمر الوطني للجبهة الشعبية بحضرموت .
وكانت هذه المذكرة تحتوي أيضا على دراسة قيمة لواقع الحال في حضرموت خاصة والجنوب
عامة ، تناول فيها أفاعيل المستعمر في هذه المناطق ، والمستوى المتخلف الذي يعيشه شعبها.
وخلص بعد ذلك الى تحديد أهداف الشعب العربي في الجنوب ، من تحرر من الاستعمار ووحدة شاملة للجنوب العربي وانتقال السيادة وسلطات الحكم الى الشعب ليقرر مصيرة .
ﻤ - ومن عدن بعث ستة من الشخصيات العدنية بمذكرة الى وزير المستعمرات البريطاني
ونسخة منها الى سكرتير عام الأمم المتحدة وهم :
احمد ابوبكر بايوسف ، سعيد محمد حسن ، مصطفى عبدا لكريم بازرعة ، محمد علي
باشرا حيل ، عبدا لخالق عبدا لله ، عبدا لقوي مكاوي .
ضمنوها رأي الشعب في الموقف الراهن في عدن وإمارات الجنوب والحلول التي يطالب الشعب بها كحل سريع ناجز للموقف ، وكانت خلاصة هذه المطالب كما جاءت في مذكرتهم :
1- إعطاء الاستقلال التام يتلوه تقرير المصير للجنوب العربي (عدن والمحميات) عن طريق
إجراء انتخابات عامة للمنطقة كلها .
2- تحديد يوم ثابت للاستقلال التام وتحويل السيادة الى شعب الجنوب العربي في مدة
أقصاها ديسمبر سنة 1964
3- ضرورة تدخل هيئة الأمم المتحدة وإشرافها على هذه العملية للاطمئنان الى سلامة
نتائجها .
4- صيانة الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية ، وأن تدخل نصوص خاصة في الدستور
لحماية كل هذه القواعد .
تأييد مطلق لوجهة نظر الرابطة
من كل هذا العرض أو وجهات النظر التي أبديت من قبل الجماعات التي اتصلت باللجنة الفرعية ، أو بلجنة تصفية الاستعمار ذاتها أو المذكرات أو البرقيات ، يتضح أن الجماعات والهيئات الجنوبية ذات الوزن ، كلها التقت مع الرابطة فيما رسمته في مذكرتها المقدمة الى لجنة تصفية الاستعمار ، وفي الحديث المستفيض لمندوبها السيد شيخان الحبشي الأمين العام للرابطة أمام اللجنة في ابريل سنة 1963 ، وفي النداء الذي وجهته الى سائر الهيئات والشخصيات في الجنوب في مايو سنة 1962 .
وجهة النظر هذه التي حددت المطالب السياسية ، كما حددت طبيعة الإجراءات التي يلزم اتخاذها لتحقيق هذه المطالب . وهذه المطالب السياسية والإجراءات اللازمة لتحقيقها مذكورة بالتفصيل في المذكرة الرئيسية المقدمة الى لجنة تصفية الاستعمار والتي يمكن الاطلاع عليها في موضعها من هذا الكتاب . ولم يخرج عن هذا الخط الذي رسمته الرابطة سوى :
1- الانفصالية القديمة التي دفنت الى غير رجعة فهي بمحاولتها هذه أنما تصحو صحوة الموت
2- السائرين في ركاب المستعمر المنتفعين بوجوده الحريصين على بقائه والدفاع عنه .
3- الانفصالية الجديدة التي يتبناها حزب الشعب الاشتراكي ، وهو حزب لا يمثل شعب الجنوب العربي ولا يستقي سياسته وتخطيطاته من رغبات هذا الشعب ، ولا يستند إليه بل يستقي ذلك من الخارج وبالتالي فهو ليس حزبا لشعب الجنوب العربي ولا يمت إليه بصلة .
ولهذا فان هذا الحزب قد نصب نفسه ، أو نفخ فيه ليكون حربا على الحركة الوطنية في الجنوب همه الأول والأخير عرقلة هذه الحركة ، والحيلولة دون أن ينال شعب الجنوب العربي حقوقه المشروعة ، ومواقف مندوبيه في الهيئات الدولية دليل فاضح على استهتار هذا الحزب بشعب الجنوب ومعاداته لآماله ورغباته .
اللجنة الفرعية تقدم تقريرها الى اللجنة الخاصة
ونظرا لاتساع نشاط اللجنة وزياراتها ، ولضيق الوقت المحدد لها ، لانجاز ما كلفت به لم تستطع اللجنة تقديم تقريرها يوم 10 يونيو سنة 1963 كما كان محددا من قبل .
وفي أول يوليو سنة 1963 قدمت تقريرا مفصلا عن مهمتها الى اللجنة الخاصة ( لجنة تصفية
الاستعمار ) .
ولقد اشتمل التقرير على قرارات اللجنة الخاصة في مايو سنة 1963 ثم على طبيعة المهمة المنوطة باللجنة الفرعية ، ورفض بريطانيا السماح للجنة بدخول ( الجنوب العربي ) ثم ذكرت
اللجنة بالتفصيل ما قامت به من زيارات للبلاد المجاورة وما أجرته من اجتماعات بممثلي الجنوب العربي ، أحزابه وهيئاته ومناطقه . وذكرت خلاصة وافية للوضع الذي عاشه الجنوب
ويعيشه تحت سيف الاستعمار المسلط ، وصورا عن العدوان الذي يكابده الشعب في الجنوب .
واستعرضت اللجنة باختصار الوضع في الجنوب من كافة نواحيه الاقتصادية والسياسية والإدارية والقضائية والتعليمية والاجتماعية حسب المعلومات التي الى بها الذين تحدثوا الى اللجنة .
وبعد ذلك تعرض التقرير لخلاصة المطالب التي اجمع عليها الذين تحدثوا أمام اللجنة ، ولم يغفل
التقرير حتى المطالب التي لم يجمع عليها أو التي طالب بها احد الذين استدعوا أمام اللجنة .
ثم خلصت اللجنة بعد ذلك الى :
أولا – الاستنتاجات التي استخلصتها اللجنة الفرعية من اتصالاتها المباشرة بأبناء الجنوب خلال
زيارتها للعواصم العربية المذكورة .
ثانيا – التوصيات التي تقترحها اللجنة الفرعية والتي ترى ضرورة تنفيذها من قبل السلطات
الإدارية في الجنوب العربي أي ( السلطات البريطانية ) وينشر نص هذه التوصيات في
موضعها من هذا الكتاب .
توصيات لجنة تصفية الاستعمار
وقد قدمت اللجنة الفرعية تقريرها هذا الى اللجنة الخاصة في 1 يوليو 1963 وعلى ضؤ هذا
التقرير انعقدت اللجنة الخاصة وأصدرت توصياتها الى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول هذه
القضية ، على ضؤ قرارات اللجنة الخاصة في مايو سنة 1963 وعلى ضؤ توصيات اللجنة
الفرعية المقدمة للجنة الخاصة في أول يوليو 1963 . وننشر نص توصيات لجنة تصفية
الاستعمار في موضعها من هذا الكتاب .
القضية اليوم :
وقضيتنا اليوم في هيئة الأمم المتحدة على أبواب النجاح الكبير .
قررت رابطة الجنوب العربي إرسال وفد من شخصين يتوليان مهمة السير بالقضية الى أهدافها
المنشودة في خلال الدورة ( الثامنة عشر ) للجمعية العامة للأمم المتحدة .
توجه الأخ السيد شيخان الحبشي ، الى نيويورك أوائل شهر أكتوبر سنة 1963 ، ولحق به الأخ السلطان علي عبدا لكريم العبدلي سلطان لحج الشرعي المنفي من قبل المستعمر البريطاني .
وطلب كل من الأمين العام للحزب والسلطان علي عبدا لكريم العبدلي الكلمة من اللجنة الرابعة التابعة لهيئة الأمم وأجيبا الى طلبهما .
وقام وفد الجنوب العربي في هيئة الأمم باتصالات واسعة النطاق بممثلي الدول الآسيوية الإفريقية لشرح القضية وطلب الإسناد الدولي . وحاول محمد سالم باسندوة الذي أرسله احد الأحزاب في عدن ( حزب الشعب الاشتراكي ) حاول هذا المندوب العمل على تغيير قرارات لجنة
تصفية الاستعمار ، مطالبا بضم الجنوب العربي الى اليمن ، مجرد ضم وإلحاق .
وعقد ممثلو الدول العربية اجتماعا مع وفدنا حضره مندوب اليمن ومعه محمد سالم باسندوه ،
ونوقشت القضية من كافة نواحيها ، وشرح وفدنا ضرورة التمسك بقرارات لجنة تصفية الاستعمار وعدم تعديلها حرصا على نجاح القضية في الهيئة وللحيلولة دون بريطانيا ومناوراتها ، كما عرض وفدنا وجهة نظر الرابطة في تكتيل الجهود في الجنوب ضد الاستعمار
والتجزئة المحلية وإهدار إرادة شعب الجنوب ، وأفهم اللجنة أن إثارة موضوع دعوى اليمن سوف يؤدي الى انشطارات في صفوف الوطنيين في الجنوب ، ويمكن بريطانيا من استغلال ذلك
داخليا ودوليا .
ولقد تفهمت اللجنة العربية حقائق الوضع ، وآمنت بأن الطريقة التي عرضت بها الرابطة هي
الطريقة السليمة العملية ، وأنه بفضل هذه الطريقة وهذا الأسلوب أمكن الحصول على هذه الانتصارات ، وأن إثارة موضوع اليمن ودعواها في الجنوب العربي تعرقل سير القضية في الجمعية العامة .
واقتنع مندوب اليمن ببقاء قرارات لجنة تصفية الاستعمار كما هي ، وصرف النظر عن محاولة تعديلها ، كما طلب الى وفدنا العدول عن التحدث أمام اللجنة الرابعة والاكتفاء بتقديم مذكرة من
الطرفين تتضمن المطالبة بالموافقة على قرارات لجنة تصفية الاستعمار .
وقد نفذ وفدنا الاتفاق ، وقدم مذكرته الى اللجنة الرابعة مطالبا بذلك ، وبقي على السيد مندوب اليمن ومن معه تنفيذ الاتفاق وترك قرارات لجنة تصفية الاستعمار تمر أمام الهيئة بسلام .
وآخر تقرير من وفدنا في الدورة الحالية لهيئة الأمم يشيد بالخطة الحكيمة التي انتهجتها الرابطة في نضالها الخارجي ، وأن هذه الخطة هي التي أكسبت قضية الجنوب العربي هذه الانتصارات المتلاحقة خلال بضعة أشهر كما يشير التقرير أننا لو خضعنا للتغرير والأضاليل والضغوط الهوجاء التي تستهدف تغيير الخطة لما حصلت قضية الجنوب على هذه المكاسب .
النضال الحاسم :
والواقع أن الانتصارات التي أحرزتها القضية في المجال الدولي ، تعتبر انتصارات ذات آثار ونتائج بعيدة المدى .
ولئن كنا ندرك ذلك ، وندرك أننا لم نصل الى هذه الانتصارات في طريق ملئ بالزهور ، بل ركبنا الصعاب وتناوشتنا الرماح وأدمت أقدامنا اشو الغدر والخيانة ....
لئن كنا ندرك ذلك فإننا ندرك بأيمان ، أن الكفاح الداخلي هو الذي حقق هذه النتائج في الخارج وأن الصبر ورباطة الجأش والثبات على المبدأ ، هي العوامل الفعالة في هذا النجاح .
إن الكفاح في الداخل بكافة الأساليب المشروعة في النضال ضد الغاصبين والمتسلطين يجب أن يستمر بقوة وتصميم .
أن النضال في الداخل هو العامل الحاسم لنيل أهدافنا ، وتحقيق مبادئنا ، وسيستمر هذا النضال بتخطيط وأيمان ، وسيبني شعب الجنوب العربي دعائم حريته ووحدته ويسترد سيادته .
والنصر للعروبة والإسلام والمجد للشعب العربي في الجنوب .
محمد علي الجفري
رئيس رابطة الجنوب العربي
7 رجب 1383 هجرية
27 نوفمبر 1963 ميلادية