أي حوار حول قضية وطنية يجب أن يسبقه اتفاق على تحديد محاوره (موضوعه) وأطرافه وطريقته والهدف أو النتائج المطلوب تحقيقها من خلاله ودون تحديد وبيان ذلك بشكل واضح وجلي ، فإن الدعوة للحوار تتحول إلى دعوة للخلاف والجدال العقيم الذي تكون نتائجه كارثية .. والحوارات السابقة بين هيئات وقيادات الحراك كانت من هذا القبيل فكانت بحق سبباً للتفريق والتعقيد للمشكلات وتفاقمها .. وانطلاقاً من ذلك اسمحوا لي بأن أساهم برأيي حول مقدمات أو مرتكزات الحوار الذي دعا إليه الشخصية الوطنية / أحمد عمر بن فريد وأوجز مشاركتي بالنقاط الآتية :
أولاً : يجب أن ينطلق الحوار من مسلمات وحقائق واقعية قائمة اليوم على ارض الجنوب وقضيته ، منها ما يلي :
1) إن هناك ثلاثة تيارات أو جماعات أو أفكار جنوبية بشأن القضية الجنوبية هي :
أ)جماعة أو تيار أو فكرة الاستقلال واستعادة ألدوله وأنصارها
ب)جماعة أو تيار أو فكرة الفدرالية وتغيير النظام اليمني القائم وأنصارها
ت)جماعة المنتمين إلى السلطة والدفاع عن الوحدة القائمة وأنصارها .
2) إن منطق الحكمة والعقل السليم والمصلحة الوطنية تقتضي الإقرار بوجود هذه التيارات الجنوبية وحق كل منها في أن يطرح ويعبر عن أرائه ويعمل على تحقيقها بصورة سلميه وديمقراطيه دون إقصاء أو ترهيب أو تخوين والشعب هو الحكم . فالاعتقاد بشرعية الرئيس البيض ومشروعية قراره بفك الارتباط في 21/5/1994هـ لا يبرر ــ كما علمتنا تجارب التاريخ الماضية ـ إقصاء أو تخوين أي اعتقادات أو أفكار مخالفه لذلك الاعتقاد .
3) إن جماعة أو تيار الاستقلال واستعادت الدولة قد تجزأ إلى عدة هيئات واتجاهات عجز كل منها منفرداً من استكمال بنائه التنظيمي والارتقاء بنشاطه إلى العمل المؤسسي المنظم وفي نفس الوقت عجزت هذه الهيئات والمكونات من التوصل إلى صيغة توحد أو اتحاد أو حتى تنسيق الفعاليات الجنوبية العامة بينها وتزداد هوة الخلاف بين هذه المكونات يوماً بعد يوم..
4) إن تيار الفدرالية يحضا بدعم ومسانده إقليميه ودولية ودعم داخلي من أحزاب اللقاء المشترك الذي دخل مؤخراً في القاهرة بحلف مع هذا التيار ، في حين أن تيار الاستقلال لم يحظ حتى اللحظة بأي دعم أو مساندة علنية أو سرية من أي طرف إقليمي أو دولي أو داخلي.
5) إن وضع جماعات الاستقلال المتشرذم إزاء الحقائق السابقة سيؤدي حتماً إلى أفول نجمها جميعاً بدون استثناء وصعود نجم تيار الفيدرالية وفرضه كخيار وحيد وممكن لحل القضية الجنوبية ، ومن يعتقد استحالة ذلك ويراهن على الزخم الجماهيري الذي تحضا به جماعة الاستقلال اليوم ، فهو مخطئ ولا يقرأ نتائج فشل وإخفاقات مكونات الحراك الاستقلالية بشكل صحيح .
ثانيا : إدراك الحقائق السابقة كفيل بتحديد أهداف الحوار وإبراز أهميته وضرورة إنجاحه باعتباره خط الدفاع الأخير والوحيد لحفاظ جماعة الاستقلال على وجودها وبقائها .
ثالثاً : تشير أوضاع الحراك الجنوبي الحالية إلى أن السبب الرئيس لحالة الإرباك والتخبط والإخفاقات الحاصلة هو أن الحراك الجنوبي بدأ ومازال غلياناً جماهيرياً غير مؤطر ولا مؤصل ، لذلك يجب أن ينصب الحوار حول إيجاد هاتين المسالتين الهامتين اللتين تدور حولهما جميع المشكلات القائمة ، فلا بد من إيجاد إطار مؤسسي وبرنامج سياسي للحراك الجنوبي عن طريق حوار جاد ومسئول يستشعر حجم المخاطر السابقة ، وبإيجاد حل لهاتين المسألتين سوف تحل بنظري مشكلة ازدواج الانتماء بين الأحزاب والحراك ..
للحديث بقية إنشاء الله
خالص تقديري واحترامي للجميع