عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-06-23, 07:05 AM   #2
al_mushtak
قلـــــم جديــد
 
تاريخ التسجيل: 2008-06-27
المشاركات: 28
افتراضي

المدينة التي لا تنام:


عبدالله الهدياني


داسـت على وجع الجراح نساؤنا واستبشر الأطفال بالفجر الجديد


لا حيـــــلة للمرجــــــفين تعــــــيدنا للصمت قد هتفت بنا روح الشهيد

حين تصادر البيوت وتتحول إلى ثكنات عسكرية .. حينما تنام في منزلك ورأسك تحت فوّهة المدفعية التي لا يحكمها شرع أو قانون أو عرف أو ضمير .. حينما تتحول الأرض إلى ساحات تستعرض الدولة فيها عضلاتها .. حينما يتحول المواطنون إلى دمى تختبر بها الدولة قدرات جنودها القتالية .. حينما تخرج من بيتك ولست متأكداً من العودة إلى أهلك بسبب رصاص المواقع الطائشة .. حينما تسافر في رحلة وأنت متأكد أنك ستتعرض للنهب والجباية من قبل قطاع الطرق في نقاط التفتيش التابعة للنظام .. حينما .. وحينما .. وحينما ....... هنا تصبح الحياة مجرد سباق على الموت علك تحضى بمن يحمل جنازتك إلى مثواك الأخير قبل أن تتخطفك الكلاب !!!
هذه ليست بداية لقصة أدبية ابتدعتها العاطفة ونسجها الخيال ولكنها واقع يعيشه أبناء الضالع خصوصاّ ومحافظات الجنوب بشكل عام.
إنها جريمة سياسة منظمة يمارسها النظام بأدواته الفعلية والقمعية ضد السكان ليلاً ونهاراً منذ قرابة أربع سنوات شاهدنا خلالها كل ما يرويه يقصه أصحاب التاريخ عن جرائم العصور البربرية وحقب الظلام من تطهيرات عرقية وتمييزات عنصرية تخلص منها العالم واستراح ولم نكن على علم أننا على موعد مع هذا الفيروس الدموي القادم من الشمال الذي لا يحمل لنا في ابتساماته إلا الموت وليس سوى الموت
عشرون عاماً هو عمر مأساتنا وامتداد جراحنا النازفة دون ذنب سوى أننا احتضناهم بالأمس وأنقذناهم من العوز الأبدي الذي لا يخرجون منه ولو أدخلوا جنات النعيم طالما أنها فطرة فطروا عليها وطبيعة لا تغادر الجسد إلا بمغادرة الروح , وكم كانت تطرينا مدائحهم إلا أن همسنا بآذانهم: (ابقوا على بعض حقوقنا) تحول حبهم ومديحهم إلى الموت الزؤام وأمام مسلسلات الموت التي يتناوب على أدوارها أمراء الحرب بالفانّلات الوحدوية في أزقة الضالع وأحيائها.
فيا ليت أبناء الشمال شاهدوا أداء فريقهم الوحدوي المحترف في مدينة الضالع وهو يخوض نزالا ته الصعبة ومبارياته النهائية أمام أشبال الضالع !!!
وليتهم شاهدوا ارتباك لاعبيهم في قلب المدينة وهم يواجهون هجمات مرتدة يقودها طفل لا يتجاوز عمره 13 عاما !!!
وليتهم لاحظوا مهاجميهم وهم يحاولون بدبابات الموت وأطقم الجريمة تخطّي طفل صغير والنيل من منزله وحيه المتهالك على رؤوس ساكنيه الذين أنهكتهم ويلات فجركم الجديد وكل يوم هو في شأن
فمتى يرتوي أمراء الحرب وتجار الجريمة من دماءنا المسفوكة على الدوام ؟!
وما مقدار الدماء التي يتطلبها عطشهم السرمدي؟!
إن الجرائم لا تسقط بالتقادم والحقوق لا تموت بموت أصحابها ولو أنه قد قدر لهذا الحق أن يضيع لضاع من زمن بعيد بيد من حاولوا اختطافه قبلكم وما وصل إليكم .
وكم كان يراودني الشك في قبول الحقيقة وأنا أنظر لذلك الطفل الفلسطيني الذي يقف لدبابات ناهبي أرضه بالحجر أو يتصدى بمقلاعه لطابور من الجند المدججين بالأسلحة حتى رأيت المنظر نفسه يتكرر في شوارع مدينة الضالع وأحياءها مع وجود فوارق كبيرة لعلّ أهمها أن ذلك الجندي في جنين أو الضفة نادر ما يرسل رصاصه المميت إلى صدر الطفل الذي يعترض طريقة رغم تكرار المنظر أمامه منذ ما يزيد على ستة عقود بينما الجندي الذي في الضالع يرسل الرصاص المميت إلى صدور الأطفال دون تردد ولو كانوا عابري سبيل ثم يقف أمام الجثة منتشياً ويقول لصاحبه الآخر((ما أكثر شحم هذا الكبش يا وليد ))ثم ينكر الجريمة ويتهم بها شباب الحراك ويصدر بياناً أمنياً مظللاً لا يحتوي على أي عبارة صحيحة سوى بسم الله الرحمن الرحيم
فما هي قداسة هذه الوحدة التي تبيح قتل شعب كامل وطمس هويته ونهب أرضه في سبيل بقائها إذا كان هدم البيت(( الكعبة المشرفة )) حجراً حجراً أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم ؟ وإذا كان سلف هذه الأمة قد وقفوا أمام خليفتهم بسبب إزار قائلين : لا سمع لك ولا طاعة حتى تقول لنا من أين لك هذا فكيف بمن يعلنون طاعتهم العمياء لمن داسوا الحجر والشجر والبشر واحتطبوا الأخضر واليابس بل هدموا بيوتاً ويتموا عائلات ورملوا نساء وعطلوا معايش ومنافع للناس وأرسلوا الحزن والبؤس إلى كل بيت ؟!!
al_mushtak غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس