من أشد الامور قسوة على الجنوبيين ذلك الاصطدام المروع الذي حدث في ظل الوحدة الورطة بين حياة جبلوا عليها سماتها الانضباط وتطبيق النظام والقانون على الجميع في ظل دولة المؤسسة القضائية التي تأخذ دورها تجاه الاخلال بالامن والقانون . فالذي يسرق القانون يحتم عليه السجن والذي يقتل جزاؤه يحدده القانون حسب ظروف ووقائع الحادثة ، دون تدخل من أحد سواء مسؤول في السلطة او شيخ او اي عفريت . هذا الاصطدام الفضيع بين حياة القانون عند الجنوبيين وحياة اللاقانون والفوضى لدى الماليين يعد من أهم أسباب الاحباط والتذمر الذي اصاب الجنوبيين .
لذلك لدينا مبدأ عصري يتفق مع قيمة الانسان أي انسان هو من اقترف جرما عليه غرمه وفق نصوص القانون ، وليس تحويل دم الضحية الى سلعة تباع وتشترى ويساوم عليها ، فيصبح دم القبيلي قيمته قطيع من الثيران وعدد من قطع السلاح ، وابن الفقير البسيط لا قيمة له ، لا في حكم القانون ولا في حكم الشيخ .
ومن هنا كان للجنوبيين قرار من خلال الحراك الثوري يعبر عن رفض هذه الطقوس المتخلفة التي تحيل الانسان الى ما يشبه الشيء المادي يقبض ثمنه بثور او قطعة سلاح .
ولا يستطيع أحد اقناعي ان هذه المظاهر التي تجرى في يافع هي من الاعراف الاصيلة وتقاليد القبلية ،
بل هي اساءة لدم المغدور به ، فهل تعود الضحية الى الحياة في حفلة صاخبة ومن بين دماء الابقار ومن لحومها وشحومها ؟؟؟؟
ما يجري من موالد العبث في يافع لا يستقيم لا مع دم الشهيد ، ولا مع صوت الثورة والتحرير والخلاص من واقع تدعي انهم يرديون التخلص منه ، وهم يمارسونه معصوبي العيون .
|