موضوع يتضمن الكثير من المحاور ، وربما كل منها بحاجة الى حلقة نقاش او تناول منفرد ، ولكن نود الاشارة اولا ، الى أن قرار الجنوبييون في ( الانفصال ) ليس انفعاليا أو ردة فعل لحظية ، ولكن هذا القرار استند الى وعي وتجربة امتدت ثماني عشر عاما ، تراكمت خلالها الكثير من القناعات السياسية والفكرية والوطنية أننا لم نحقق الوحدة المنشودة ، ولا يبدو أن هناك بارقة أمل بعد كل تلك الأجراءات والممارسات المنظمة والممنهجة من قبل النظام سواء قبل 94م أو بعده ، في أن يعود الحلم بالوحدة يمثل الطموح الأغلى و الأبقى .
ثانيا : اود ايضا أن أشير الى بعض التعبيرات ، وهي مهمة وردت في المقال ، اولها ( الانفصال ) والحقيقة أن سعي الجنوب بهذا الاتجاه بمفهومه القانوني هو ( الاستقلال ) وليس الانفصال ، لان حرب 1994 م ضد الجنوب في ظل مفاوضات كانت جارية بين شريكي الوحدة ، واجتياح الجنوب بصورة مباغتة ومبيته ، وأمام مرأى ومسمع العالم ، وفي ظل قرارات دولية صدرت بوقف الحرب ، وانكار استخدام القوة في حل المشكلات السياسية ، قد افقد أي شرعية لدولة الوحدة ، وأن التكييف القانوني والواقعي للوضع في الجنوب هو أنه يرزح تحت الاحتلال .
ثالثا : الجنوبييون ليسو بحاجة الى ( إثبات) شرعية الانفصال ، بل أن الحاجة تتطلب ( تثبيت) شرعية الاستقلال ، هذه الشرعية هي في الاساس مثبته لكل شعب العالم من خلال الاتقافيات الدولية ومنها ميثاق الامم المتحدة الذي يمنح للشعوب حق تقرير المصير والاستقلال ، وشعب الجنوب ليس جزء من شعب الجمهورية العربية اليمنية ، بل هو شعب قائم بذاته ، كان لديه دولته ذات سيادة وتمتع بكافة حقوق الدول ، وعضو في كافة المنظمات الدوليةوالاقليمة ، هذا الوضع يعطي لهذا الشعب الحق في الاستقلال وتقرير المصير ، كما اسلفنا وفقا للقانون الدولي .
رابعا : موضوع تغيير النظام ، أو تصحيح الوحدة ، وما الى ذلك من هذه التعبيرات السياسية ، هي مضيعة للوقت ، بالنسبة للجنوبييون ، لانها تمنح للنظام مزيدا من الفرص لتدمير الجنوب ، وطمس هويته وتاريخه ، وإحداث مزيدا من التغييرات الديمغرافية ، واستنزاف الثروات ، وسوف تكون السنوات القادمة إذا سلم الجنوبييون بهذا المنطق ، هي سنوات التدمير الشامل للجنوب . لان الأمل يكاد يكون مفقود في إصلاح الوحدة حتى وإن تغير رأس النظام ، لأن المشكلة لم تعد بالرئيس ، بل هي متغلغلة في هيكل ومفاصل المنظومة السياسية والقبلية والاجتماعية في الجمهورية العربية اليمنية .
|