2010-05-24, 04:54 AM
|
#5
|
قلـــــم فعـــّـال
تاريخ التسجيل: 2009-10-08
المشاركات: 630
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بائع المسك
[center]
أخي علي المفلحي : لقد بذلت جهداً رائعاً وتقريباً تكاد تكون قد تطرقت بصورة مباشرة أو غير مباشرة الى جميع أو جل الاختلالات الحاصلة في مسيرة الحراك الجنوبي وابرز أسبابها ...
وبنظري أن النظرة المنطقية التحليلية التشخيصية لأي مشكلة تقتضي تحديد ماهية تلك المشكلة ثم البحث في أسبابها ومقدماتها وجذورها الأولى التي غذتها بمقومات البقاء والنماء ، وعلى هدىً من تحديد ماهية المشكلة وأسبابها يتم اقتراح وإيجاد الحلول المناسبة لاستئصال أسبابها وتدارك نتائجها وتداعياتها الخطيرة بالمعالجة..
وبإسقاط ما سبق على أزمة الحراك الحالية ، نجد أن الكاتب قد أشار إلى عدة مظاهر لماهية تلك الأزمة (المشكلة) يمكن إجمالها بتعثر مسيرة الحراك وعدم تجانس وتوافق قياداته وهيئاته وتنافرها وبروز حالة عداء بينها .. الخ ، بمعنى آخر تعثر مسيرة الحراك وبروز مظاهر الوهن والتخبط وعدم الوضوح فيها ، كما أشار الكاتب إلى عدة أسباب لتلك المشكلة يمكن إيجازها : صراع الماضي والحاضر ومفاهيمهما بين القيادة ، اختراق السلطة لصفوف الحراك ، عدم وجود رؤية واضحة للقضية الجنوبية , عدم إجماع قيادة الخارج على الهدف ، غياب الحوار ، تغليب البعض للمصالح الشخصية والحزبية ، عدم قدرة مواكبة القيادة لحركة الشارع ..
دعونا لا نختلف على ماهية المشكلة فهي باختصار كما أشار الكاتب لمظاهرها تتلخص في اختلال نشاط الحراك داخليا وخارجيا سياسيا وميدانيا ، ولكن الأمر المهم هو تحديد سبب ذلك الاختلال ؟ وهل ما ذكره الكاتب من أسباب هي جميعها جذر المشكلة ومسببها ؟
للإجابة على السؤالين يقتضي بنظري تحديد ماهية السبب : عرف علماء أصول الفقه الإسلامي السبب بأنه : " ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم " بمعنى أن سبب أية مشكلة هو الذي يلزم من وجوده ، وجود تلك المشكلة ومن عدمه عدم وجودها ، فلولا ذلك السبب لما وجدت المشكلة أساسا ، وترتيبا على ذلك ، فهل الأسباب السبعة التي ذكرها الكاتب ينطبق عليها ذلك الوصف ؟ لنتساءل :
ــ هل يلزم من وجود ( صراع الماضي والحاضر ومفاهيمهما بين القيادة ) وجود جميع الاختلال الحاصلة بين مكونات وقيادات الحراك اليوم ، لا يستطيع أحد أن يجزم بذلك فضلا عن أنه لا يلزم من عدم وجود هذا الصراع عدم وجود تلك المشكلة ومن ثم فقد احد شرطي السبب ، كما أن الصراع بين الماضي والحاضر القديم والجديد الأصالة والمعاصرة ، مسألة قائمة ومن سنن الحياة البشرية منذ الأزل إلى الأبد ، وتحول هذا الصراع إلى معوق ومعرقل لتتطور وتقدم أي امة أو شعب ، يرجع إلى أسباب أخرى ثقافية أو عقائدية ، وهذه الأسباب قائمة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية والصراع حولها إلى الآن قائم في ميادين أخرى لم يصل بعد إلى الحراك الجنوبي واسأل الله إبعاده عنه ..
ـــ هل يلزم من وجود (اختراق السلطة لصفوف الحراك) وجود جميع الاختلالات الحاصلة اليوم في نشاط الحراك ، قد تكون الإجابة بالإيجاب في حالة التسليم المطلق بحصول ذلك الاختراق ، ووجود ذلك الاختراق بحد ذاته مشكلة تتطلب بحث في أسبابها ومعالجة تلك الأسباب ، ولا أظن أن الاختراق مسلم به في الوقت الراهن .. فضلا عن أن عدم وجود هذا السبب لا ينفي وجود المشكلة فيفقد بذلك احد شرطي السبب ..
ـــ هل يلزم من ( عدم وجود رؤية واضحة للقضية الجنوبية) وجود جميع الاختلالات الحاصلة اليوم في نشاط الحراك ؟ الإجابة نعم دون تحفظ أو تردد لتحقق شرطي السبب فيه، ذلك أن الرؤية أو البرنامج السياسي لأي هيئة أو حزب هي بمثابة المرشد والدليل الذي يضبط له اتجاهات السير وزمنه ومكانه وهو سفيره المعرف به أمام الآخرين وبغير هذه الرؤية أو البرنامج السياسي فهو كالأعمى الذي لا يعرف اتجاهات طريقه ومسالكها وكاللقيط الذي لا يعرف الناس والديه ولا نسبه ، ووفقا لهذين المثلين يجب إدراك وضع الحراك الجنوبي اليوم فهو ــ بدون برنامج سياسي ــ بالنسبة للجنوبيين كالأعمى الذي يتخبط لا يدري بأي اتجاه يتحرك فتراه تارة ينادي بزيد وتارة أخرى بعمرو ليأخذ بيده ، ولأنه هو بذاته لا يدري إلى أي اتجاه يريد أن يذهب ولا أي طريق سيسلك ، فإن زيداً وعمر لم يستطيعا مساعدته لبلوغ مبتغاه ، وهو بالنسبة للخارج ــ بدون برنامج سياسي ــ كاللقيط مجهول النسب لا يستطيع أحد أن يتعرف عليه ولا أن ينسبه إلى احد ، فهل فكر احد من قيادة الحراك في إزالة الغشاوة عن عيني الحراك ورفع الجهالة عنه ... ؟ حانت صلاة الفجر ، ولي عودة لإكمال الحديث
للجمــــــــــــــــــــيع تحية
|
لقد توقفت سابقا عند التساؤل حول مدى مطابقة الأسباب التي أوردها الكاتب لمفهوم السبب حسب تعريف علماء أصول الفقه الإسلامي له ، وإكمالا لما بدأت من تساؤلات :
ــ هل (عدم إجماع قيادة الخارج على الهدف ) يلزم من وجوده وجود أزمة الحراك الحالية ، ويلزم من وجود ذلك الإجماع على الهدف عدم وجود هذه الأزمة .. بنظري لا يلزم ذلك لا إثباتا ولا نفيا ، لان هدف الاستقلال واستعادة الدولة طرح قبل خروج البيض وتبنيه لهذا الهدف كما أن بقية القيادات لم تصرح بشكل واضح ومحدد بشأن موقفها من هذا الهدف ، والحقيقة أن الإشكالية بشأن الهدف لا تتعلق بعدم الإجماع عليه من قيادة الداخل أو الخارج وإنما هي تتعلق في غياب التأصيل الدقيق للمقومات والمرتكزات القانونية والسياسية والتاريخية لذلك الهدف بما يجعل الإجابة عن التساؤل : لماذا الاستقلال دون غيره ؟؟ إجابة مقنعة ومنطقية تزيح أي أوهام وتدحض أي تخرصات بشأن صواب ذلك الهدف ومشروعيته ..
ــ هل يلزم من غياب الحوار بين قيادات وهيئات الحراك وجود أزمة الحراك الحالية ، ويلزم من وجود ذلك الحوار عدم وجود هذه الأزمة ؟؟؟ قد يبدو هذا القول صائبا ظاهريا ، ولكنه يصطدم بحقيقة واقعية هي أن الحوار لم غائبا بالمطلق ولكنه وجد وفشل ، وهكذا نجد أنفسنا أمام سؤال آخر مفاده : لماذا فشل الحوار أو غاب بين قيادات وهيئات الحراك ؟ وطالما تتالت الأسئلة فذلك يعني أن غياب الحوار أو فشله ليس هو السبب المباشر للازمة القائمة لان ذلك الغياب أو الفشل هما بحد ذاتهما مشكلة لأسباب أخرى أفضت إلى بروزهما ، وهذه التساؤلات التي يجر بعضها بعضا إلى ما لا نهاية ، تنبهنا إلى حقيقة مهمة غائبة عن تفكيرنا اليوم بالأزمات والمشكلات التي تواجهنا ، مؤدى تلك الحقيقة أنه ليس بالضرورة إرجاع أية مشكله إلى سبب واحد خصوصاً المشكلات الاجتماعية والسياسية التي تكون غالباً حصيلة عدة أسباب تعاضدت وتعاصرت أو تعاقبت على أحداث تلك المشكلة لهذا فإن بحث السببية في أية مشكله تواجه الإنسان في أي جانب من جوانب حياته المتعددة (العلمية الاجتماعية السياسية الاقتصادية الثقافية ...الخ )؛ هي من اعقد البحوث وأشقها لما تتطلبه من جهد ومنهجيه دقيقه وتحليل علمي ومنطقي سليم ، وقد كان للفقهاء المسلمين شرف الأسبقية في اغناء موضوع السببية بالبحث والدراسة والتأصيل والتحليل العلمي والمنطقي والواقعي في شتى العلوم وفروع المعرفة الإنسانية فانطلاقاً من المفهوم الأصولي للسبب ــ السابق ذكره ــ قسموا السبب إلى سبب مباشر وكافٍ لإحداث النتيجة (المشكلة) والى سبب غير مباشر (تسبب) والى شرط وعله لإحداث النتيجة ..الخ وناقشوا مسالة تعدد وتداخل الأسباب وتسلسلها واثر كل ذلك على نسبة النتيجة النهائية إلى كل أو بعض تلك الأسباب المتداخلة والمتعاقبة ...الخ ولا مجال هنأ لبيان كل ذلك وإنما أردت فقط ــ من الإشارة إلى ذلك ــ لفت الأنظار إلى مسألتين : الأولى هي مدى بعدنا وانقطاعنا عن ارثنا الثقافي والحضاري والإسلامي لهذا تهنا كثيراً في اقتفاء طريق الحق بالبحث عن مخارج وحلول لمشاكلنا الراهنة في ثقافات ومناهج غريبة عن بيئتنا وامتدادنا الحضاري والثقافي ،والثانية هي أنني حاولت الاعتماد في معظم أرائي هذه على تلك المنهجية الأصيلة دون تعصب أعمى أو تجاوز لما استجد في معارف وتجارب الإنسانية اليوم وأحاط به علمي بغض النظر عن مصدره ، فتاريخ المعرفة الإنسانية في جوانب كثيرة منه ــ حسب نظري ــ هو ارث مشترك بين مختلف الحضارات والأمم والملل والنحل.. وعليه وترتيباً على ما سبق فإن إمعان النظر في الأسباب التي طرحها الكاتب وتحقق في بعضها شرط السبب طبقاً لمفهومه الأصولي باعتبارها أسبابا لأزمة الحراك الحالية ، فإمعان النظر في تلك الأسباب من شأنه طرح تساؤل آخر مفاده : ( إذا كان غياب البرنامج والرؤية السياسية للقضية الجنوبية وعدم تأصيل هدفها وغياب الحوار بشأنها ،هي الأسباب التي أدت إلى أزمة الحراك الحالية ، فما هو سبب غياب ذلك البرنامج وعدم تأصيل ذلك الهدف وغياب الحوار بشأنهما ؟ وهنا نجد أنفسنا أمام حلقه سببية أخرى أو عدة أسباب هي السبب الحقيقي الذي تسلسلت منه الأسباب السابق ذكرها وأدت إلى بروز ألازمه بشكلها القائم حالياً وان أية معالجة حقيقية يجب أن تنطلق من تحديد السبب الحقيقي ومعالجته وبغير ذلك لا يمكن للازمة أن تعالج وإنما مجرد إهدار للجهد والوقت طالما الجذر الحقيقي للمشكلة قائم دون معالجة .. إذن فما هي الأسباب التي يلزم من وجودها ،عدم صياغة برنامج سياسي للحراك ويلزم من عدمها ، وجود ذلك البرنامج ؟ يمكن الإجابة على ذلك بأنه متى علمنا أن صياغة أي برنامج سياسي لأية قضية هو عمل فكري منظم وشاق ، فان السلوك الإنساني سواء كان صادراً عن فرد (شخص طبيعي) أو جماعة (شخص اعتباري) يوصف بأنه سلوك إرادي واعٍ يهدف إلى تحقيق غاية معينة (غائي) وهو لكي يتحقق فيه هذا الوصف يتحتم إن يصدر من شخص يتمتع بأهلية قانونية كاملة وإذا كانت الأهلية بالنسبة للشخص الطبيعي هي البلوغ والعقل فإنها بالنسبة للشخص الاعتباري هي الوجود القانوني أو الفعلي له بأي شكل من الأشكال المؤسسية أو التنظيمية التي عرفها الإنسان حتى اليوم ، بمعنى أكثر دقه أنه لا يمكن أن يتصور أن يكون لجماعة ليس لها أي شكل مؤسسي أو أطار تنظيمي ، برنامج سياسي أو حتى مطالبتها بذلك البرنامج .. وهنأ هو جوهر وبؤرة مشكلة الحراك وسببها الرئيسي فالحراك حتى اللحظة لم يكتمل بناؤه المؤسسي والتنظيمي والهيئات القائمة ليس لها وجود تنظيمي مؤسسي حقيقي واقعي باستثناء حزب تاج في الخارج ومحاولات متعثرة للمجلس الوطني حال الجميع دون نضوجها تحت مبررات التوحد والاندماج فلا ذا تأتى ولا ذا حصل وأصبح الجميع يتحرك بارتجاليه واجتهادات فرديه تسير بوضع الحراك نحو التعقيد والتأزم وكان من المنطقي أن يترك للهيئات إكمال بنائها التنظيمي ثم دعوتها للحوار فيما بينها حول شكل أو صيغة معينة للاتحاد ، أو دعوة جميع القيادات في الداخل والخارج للحوار حول الحامل السياسي للحراك وبرنامجه السياسي ، ولكن للأسف لم يحصل أي من ذلك ،وهكذا وضع كفيل بإنتاج مشكلات وتعقيديات فكريه ومناطقية وجهوية خطيرة على القضية ولست متشائماً بطرحي هذا ولكن أحاول ــ حسب نظري ــ أن أعيد الأمور إلى وضعها الصحيح من خلال وجهة نظر محايدة تعتمد على منهجية معينة قد تكون صائبة أو خاطئة .. للحديث بقية حول متطلبات الحل ومقدماته وآلياته ..
|
|
|