خطاب الرئيس "صالح" بمناسبة عيد العمال لفتت عبارة "المشاريع الصغيرة" انتباه كاتب هذه السطور وقد رددها "صالح" أكثر من ست مرات داعياً أصحاب هذه المشاريع الصغيرة "ليكبروا بكبر اليمن دون الانجرار إلي المشاريع الصغيرة التي تقزم اليمن".
وأشار الرئيس "صالح" إلى ثلاثة أطراف أو قوى سياسية على الساحة اليمنية تتبنى ما وصفه بالمشاريع الصغيرة:
- اللقاء المشترك، وقد سماه باسمه، وحاول الدس والوقيعة بين حزبيه الرئيسيين الإصلاح والاشتراكي بطريقة لا تليق برئيس للدولة.
- الحراك الجنوبي، وقد نبزه بـ"الانفصاليين".
- الحوثيون، وقد نبزهم بـ"الإمامة".
وهكذا لم يترك الرئيس "صالح" أصحاب هذه المشاريع التي وصفها بالصغيرة دون تحديد ليفهم الناس من هم الذين يقزمون اليمن وفقاً لأعمالهم لا وفقاً للاتهامات والتنابز واللمز والدس والوقيعة.
ولم يتورع -وهو يخاطب الشعب كرئيس لكل الشعب- عن ممارسة كل هذه الصغائر أمام الشعب.
فلننظر في الواقع: من هو صاحب المشروع الصغير الذي يقزم اليمن، اللقاء المشترك أم الرئيس "صالح"؟
من هو الذي يجعل السلطة هدفه وغايته،هل هو اللقاء المشترك الذي يجمع أحزاباً مدنية تناضل بطريقة سلمية من أجل الإصلاح السياسي والدستوري الشامل الذي يضع حداً للاستبداد الذي التهم مؤسسات الدولة، والفساد المالي والإداري الذي أفقر اليمن واليمنيين، ومن أجل انتخابات حرة ونزيهة يتحقق من خلالها التداول السلمي للسلطة؟!
أم هو الرئيس "صالح" الحاكم العسكري بأمره، والذي أمضى أكثر من ثلاثة عقود في كرسي الرئاسة وأدار البلاد بالحروب والأزمات والفساد وشراء الولاءات والذمم بالمناصب والأموال العامة، وهو بعد ذلك لا يتصور ولا يقبل الاحتكام للانتخابات إلا من خلال تسخير إمكانيات وموارد الدولة لضمان ديمومة الكرسي له والأغلبية المريحة لحزبه؟
***
الحوثيون أم الرئيس "صالح": هل الإماميون هم الحوثيون الذين مهما اختلفنا مع مشروعهم ومنهجهم فإننا لا نقبل أن نتهمهم بما نبزهم به الرئيس "صالح" وهو السعي لإعادة الإمامة خاصة وهم أنفسهم ينفون هذه التهمة وأن الجميع يعلمون استحالة إعادة عقارب الساعة للوراء، أم إن الإمامي هو الرئيس "صالح" الذي وإن لبس الكرافتة وتلقب بالرئاسة والجنرالية وتشدق بالحديث عن الجمهورية والديموقراطية إلا أنه قد حوّل الدولة إلى جملوكية عائلية تضم من يرتضيه من البطانة والحاشية، وصار واضحاً ومكشوفاً للجميع أنه يهييء نجله للرئاسة من بعده.
***
الحراك الجنوبي أم الرئيس "صالح": هل الانفصاليون هم الحراكيون الجنوبيون الذين مهما اختلفنا مع ممارسة البعض منهم للعنف والكراهية إلا أننا لا ننكر أن لهم مطالب وحقوق مشروعة، وهم إن قاموا برفع سقفها إلى الحد الأعلى فقد كان ذلك رد فعل على همجية وعدم مسئولية السلطة؟!
أم أن الانفصالي الحقيقي هو سلطة الاستبداد والفساد التي أجهزت على الوطن والوحدة حين تصورت الحكم غنيمة وفيدا، والوطن بقرة حلوب لها ولأعوانها، والوحدة مجرد محظية تخدم في القصر الرئاسي كمن سبقتها من المحظيات ( الجمهورية والديموقراطية....)
***
لاشك أن كل ذي عقل وضمير يعرف من هو صاحب المشروع الصغير الذي لا يقزم اليمن وحسب، بل يضع حاضرها ومستقبلها على شفير الكارثة استجابة لأنانيته المفرطة وشهوة الحكم والتسلط والتوريث وشعاره في ذلك "أنا ومن بعدي الطوفان".
ولكن القول هنا كان من قبيل إقامة الحجة والبينة.
***
إن كل مراقب لخطابات الرئيس "صالح" يدرك أن الطابع التحريضي والتأزيمي لخطابه في عيد العمال والذي امتلأ بقدر كبير من الهمز واللمز والدس والوقيعة جاء كردة فعل على الدعوة التي يرفعها اللقاء المشترك للحوار الوطني والتي بدأت تؤتي ثمارها بالتفاهم مع الحوثيين وقرب التوصل لاتفاق مع الحراك الجنوبي، وهو الأمر الذي ينزع من "صاحب المشروع الصغير" أهم أسلحته "فرق تسد".
ولا يسعنا هنا إلا أن نقول لقادة اللقاء المشترك وللعقلاء والمخلصين من الحوثيين والحراك الجنوبي عرفتم فالزموا.
|