[طائر الاشجان]

يتوخى المرء أن يكون محايداً في أمور كهذه ، يدعي كل واحدٍ البراءة من الإثم ، ويحلف أيماناً غلاظاً بأن هدفه نبيل ، وأن غايته سليمة .. هنا نعود إلى عام 1994م من الذي وقف إلى جانب المحتل في غزوه للجنوب ، أليس هو التيار ( الموالي ) في الحزب الإشتراكي ؟ وبقي هذا التيار الوصيفة في مخدع ملكة القصر ، يعتز بيمنيته ، يدعو إلى إصلاح ما أفسدته السياسة ولكن تحت (زنة) فخامة الرئيس وحزبه ، هذا التيار أقول أنا شخصياً بأنه يمثل الخطر الأكبر على الحراك بل وعلى القضية الجنوبية برمتها ، لماذا ..؟ لأنه شريك للنظام الحاكم في خطواته بدءاً بالقضاء على الكثير من قادة الجنوب إما في حرب 94 أو عقب الحرب وما نتج عنه من تسريحات قسرية وإحالات إلى المعاش لشباب في مقتبل العمر ، وبرغم أن هذا التيار يعيش الوضعية المريبة لسياسة النظام الحاكم والتي بفضلها يرزح ملايين اليمنيين في مثلث برمودا المؤلف من الجوع والفقر والمرض ، هؤلاء الإشتراكيون دسوا رؤوسهم في الرمال كما تفعل النعامة وقت الخوف ، وساندوا المحتل حتى أنه اتخذ من موقفهم ذريعة ليقنع العالم أن الجنوبيين إلى صف الوحدة ومع النظام ، ولم نكن نسمع من أحدهم كلمة محتل ، ولكنها جاءت بصورة تلقائية مع تصاعد الحراك ووصوله إلى ذروة المطالبة بفك الإرتباط ، هؤلاء الإشتراكيون اليمنيون هم أكثر عرضة لعقاب الجنوب في حال تحقق الإستقلال ، لأنهم لعبوا على حبال السيرك ، ويعلمون خطورتها ولكنها شهوة الأنانية حينما ترمي بمصلحة شعب عرض الحائط لتبقي على مصالحك الشخصية مع النظام الحاكم .

وعليه .. فالسيد عبده النقييب لم يفترِ على أولئك النفر لأنهم هم من وضعوا أنفسهم في قوالب التهمة ، وأصروا على يمنية الجنوب ، وهم يدركون بأن التسمية ليس لها وجود ما قبل عام 1963م وأن جبهتهم القومية التي يثأرون لها اليوم كان شعارها ( الجبهة القومية لتحرير الجنوب العربي المحتل ) فكيف تم حشر ( اليمن ) في منظومة الجنوب العربي ، نعم صدقناكم يومها وقلنا لنسير في اتجاهات تخدم الوحدة العربية بل ( الأممية ) إن كنتم تذكرون ، ولكننا اليوم نكفر بالوحدة العربية كما كفرت بها سوريا بالأمس ، وكما يكفر بها إقليم جنوب السودان اليوم .

سموا أنفسكم يمناً ، واذهبوا في تصحيح الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية مع نظام تعلمون مدى تخلفه ، وشيوخ عشائر كنتم بأنفسكم أيها الإشتراكيون تهتفون مع زعيمكم ( بو صلاح اليوم علم رفاقك .. كلنا مدفع وشعبك ذخيرة .. ما لبا وحدة مع حكم رجعي .. والمشايخ في شمال الجزيرة ) كيف تريدونها اليوم بعد أن عشتم مرارة تجربتها مثلما عاشها أبناء الجنوب ووجدوا أن الموت أهون من وحدتكم العرجاء ، أنتم تطالبون بتحرير الجنوب ، وتصفون النظام بالمحتل فهل كان هذا موقفكم منذ البداية أم أنها لعبة المصالح حينما تتكيف مع الظروف ؟ فيا سيدي لا يأخذك الحماس وتندفع في مخاطبتنا إلا بما يمكن أن نستوعبه ، فلا تحرير لجنوب يمني من اليمن بل إصلاحات بحسب ما يمليه المنطق وهو ما كنتم تروجون له ، واليوم تريدون جنوباً يمنياً مستقلاً عن اليمن على غرار الكوريتين .. الإصرار على يمنية الجنوب مضحك لأننا لم نسمع هذا التوصيف ما قبل انطلاق الجبهة القومية يا رجل ، واليمن لم تقاوم الإستعمار البريطاني لو أن جزءاً من أراضيها احتلته دولة أجنبية كبريطانيا ، ولا البريطانيون جاءوا بتسمية الجنوب من لندن لطمس إسم الجنوب اليمني كما يروج لهذا سدنة الظام وإعلامه الفج .

ربما كانت هناك حسنات للحزب الإشتراكي بل حتماً له حسنات ، وهي ما لمح إليها البيض وقال علينا أن نأخذ ما هو أصلح في تجربة الثورة في الجنوب ، ولكن هذه الحسنات ذهبتم بها مع الريح عندما ارتميتم في أحضان المحتل وألبتموه على إخوتكم ، واليوم تظهرون بوجوه مغايرة ، ويا سيدي حتى الإحتلال له حسنات فقد أسهم في المصالحة الجنوبية الجنوبية من دون أن يقصد ، والتأمت جراح الجنوبيين عندما ألزمتهم الضرورة التوجه نحو هدفٍ واحد ، ولهذا فأنت مدعو إلى مراجعة موقفك عى خلفية ما ذكر ، واعلم أنه لا يصح إلا الصحيح .

تحياتي
طائر الاشجان