عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-04-20, 01:04 AM   #4
الضالعي الجنوبي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-28
المشاركات: 306
افتراضي

الشق واللحمة .. رؤية حضرمية



مقدمة
إن من تكون استعداداته للتغيير أقل من تغيرا العالم حوله ، سيصاب بصدمة المستقبل
المفكر الأمريكي / الفن توفلر






لا يجب إطلاقاً تحميل " الحراك السلمي " فوق ما يجب عليه أن يتحمله ، فنحن في مواجهات مستمرة وعنيفة ليس مع العدو اليمني المحتل لبلادنا ، وليس مع مختطفي الحراك فحسب بل مع ذواتنا بأفكارها وأدواتها ومرجعيتها ومصادرها وحتى بيئتها المحيطة بها ، ولعل هذا " الحراك " هو حالة مواتية لكل أبناء الوطن على مختلف طبقاتهم الاجتماعية والسياسية لمواجهة تواريخ وأحداث مرت بنا على مدار تاريخنا وما أحتمله من ميراث طويل من الخطايا والكوارث التي هي سمة في عموم بلاد حضرموت والجنوب العربي ...

استوقفتني عدة مواقف خلال الأيام الماضية ، بداية من التأكيد على حالة اختطاف الحراك السلمي وتواصلاً مع تفجر الإقصاء الوطني ، وهذا أمر يحتاج إلى قراءة متأنية ، ومراجعة دقيقة لمحاولة الفهم لحالة الأفراد والجماعات في إطار الوطن المزعوم ، ومن المؤكد أن القارىء يهيأ نفسه تلقائياً لردة فعل تجاه ما سيلي كل من خلال قناعاته مرتكزاً على قاعدة أنه يمتلك وحده الحق الوطني ، والحرص الوطني ، والولاء المطلق للوطن حتى إن كان هذا الوطن مبهماً لا وجود له ...

تساؤل لابد وأن يستحضر في هكذا توقيت زمني ، لماذا وجد هذا " الحراك السلمي " ..؟؟ ، هل نبحث عن استعادة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ..؟؟ ، أم نبحث عن تصحيح مسار التاريخ باستعادة وطن لا يمت للماضي ..؟؟ ، بكثير من الأريحية أستطيع كما هم ملايين أمثالي السير في ركاب فكرة تصحيح مسارات التواريخ كلها ، ومع ذلك لابد من استعادة الدولة ( الجريمة ) أن صح التوصيف لها للبناء على قاعدة العقل والمنطق التي كانت في نطاق ثلاثة عقود من الزمن هي ذريعة وشريعة ومنهج من سيطر على حكم البلاد والعباد ...

وقفة مع الذات لماذا فشل مشروع " الجنوب العربي " ..؟؟ ، ولماذا تآمر عليه أبنائه ..؟؟ ، وكيف اخترق اليمنيين الجنوب العربي ..؟؟ ، أسئلة بهذه الكيفية الحادة تحتاج إلى وقفة مع الذات ومسؤولية تاريخية يلتزم بها كل من أبناء الوطن كل في موقعه دونما استثناء ، التجرد من التحزبات وغيرها هي سبيل صحيح للقدرة على الخروج من كل هذا التأزم الذي يعيشه الفرد في الوطن ، وليست تلكم الكيانات والمكونات للحراك السلمي لأنها مجرد تعبير لحالة ليست صحيحة إطلاقاً ...

الإقصاء ليست حالة متفردة لدى جماعات معينة ، فالإقصاء هي حالة معاشة عند الجميع بما فيهم الحضارمة ، هذا ليس اتهاماً بمقدار ما هو استعادة لمضمون الحراك السلمي ، لكل اعتباراته ، هذا أمر قد يكون قائماً ولا ضير فيه ، حتى تعدد المكونات والهيئات ليست عملاً خاطئاً بل هي نتاج صحيح ، التعددية هي أنموذج فائق الأهمية في هذا الزمن الحاضر ، التعددية فكراً هي قاعدة لابد من تشجيعها وليس التصادم معها كما فعلت قيادة الجنوب بعد أن طارت إلى برلين واحتكرت الحراك فكراً وعملاً ، وهي منطقياً تستعيد دور ماضٍ شمولي يبدو عائقاً للعمل الوطني ، بل ومفرزاً لكثير من الأزمات الوطنية ...

الحراك ليس مجرد خروج للشوارع والميادين للمطالبة بالحق السياسي ، بل هو حراك عقول لابد لها أن تستعيد طبيعتها الفكرية ، الحراك ليس مجرد استعادة الدولة على قاعدة ما قبل 22 مايو 1990م ، بل هو حراك أسمى وأرفع ببناء قاعدة لبناء الإنسان في الوطن ، هنا تجرد يجب أن تعمل عليه القيادة السياسية أولاً ، ولأنها لم تعمل به ها نحن نطلق العنان لتكليف الزمن الحاضر استعادة الماضي كل بذات المنهجية التي يراها صالحة لموطنه ، تصادمات ولا شك قد تؤدي في نهايتها لترسيخ قناعات لن تؤدي حتماً لتحقيق غاية الاستقلال الوطني لعموم الجنوب العربي بغير أنها من المؤكد سترسم طريقاً وإن طال العامل الزمني فيه لتحقيق رغبات تاريخية ، لا نخشى من ذكر الدولة الحضرمية وطموحات أبنائها ...

التجربة التاريخية إن تحملت حضرموت جزء ثقيل منها ، فأن من الفضيلة أن يتم التأكيد على أن عموم الوطن في الجنوب العربي قد عاش ذات المأساة ، الفارق الطبيعي يبدو في مسألة الهوية والخصوصية لذا برزت حضرموت في هذا السبيل عن غيرها ، ومع ذلك فأن للتاريخ فرص قد لا تأتي إلا بعد عقود أو قرون ، ونحن أمام فرصة لا يمكن التعامل معها بالعنتريات والتحزبات ، بل بالأخذ بأسباب القوة اللازمة لتحقيق المراد الوطني وفق المعطيات القائمة ...
نحن بحق بحاجة إلى مصالحة تاريخية ، مصالحة تتجاوز مهرجان التصالح والتسامح 13 يناير 2008م ، مصالحة من خلال مراجعة للتاريخ السياسي والتوقف عند التواريخ الحادة 14 اكتوبر 1963م و30 نوفمبر 1967م ومايو 1969م هذه التواريخ هي مؤسسات لكل المراحل التاريخية المتوالية بما فيها هذا التاريخ الحاضر والذي يشهد ما يشهد من التأزم الطبيعي نتيجة انعدام الرؤية الوطنية التصحيحية ، والتي وللأسف الشديد يتحملها أبناء الوطن بمختلف طبقاتهم وانتمائهم ، فغياب الدور النضالي الفكري يعتبر حالة مخالفة لطبيعة التحرر التي هي من مكونات الحراك في تأصيله ...

أن ما صدر من خلال عدد من الأفكار المتواردة بخصوص المطالب الحضرمية المهتمة بالدستور الوطني وغيرها من النقاط والتي انتشرت أخيراً ، تبدو واحدة من تلكم الفرص التاريخية التي تحتاج إلى قدرة عالية من الترفع إلى التعامل الجاد تجاه القضية الوطنية في إطارها ، هنالك من يجب عليهم العمل الدءوب في هذا التأطير بعيد عن حالات الإقصاء المتبعة بل المتأصلة ، فليس من المنهجية الصحيحة التزام فريق بانتهاج منهج تخالفه الأغلبية لأن التعددية هي جزء من مطالب الشعب في الحراك ...

أذن كيف يمكننا تجاوز العوائق ، وتحقيق اللحمة الوطنية ؟؟ ، هذا هو السؤال الذي يجب تداوله بشيء وافر من الإخلاص والاحتواء للآخر ، هنا تأسيس منهجي على تصحيح مسار التاريخ وتحقيق الرغبة الوطنية بتجاوز الماضي على واقع تداول الوقائع والمحطات التاريخية للاعتبار بها أولاً ، ثم لبناء دولة تستطيع الحياة بدون استيراد أزماتها من تاريخها ، وهذا واقع سياسي تعيشه دول مجاورة نجحت في تحقيق هذه المعادلة في ضميرها فها هي تسير بدون منغصات ...
الضالعي الجنوبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس