أخي المهندس عبدالله
أنت تخلط أمرين ربما هناك علاقة ما بينهم و لكنهما في الأخير أمران منفصلان...
الأمر الأول هو الإستقلال أو إستعادة الدولة كهدف للحراك.... و الأمر الثاني هو عملية الفرز!!!
الإستقلال هدف أساسي كان المفروض أن يعلن عنه في عام 1994 عندما تم إحتلال الدولة التي أعلنها الرئيس علي سالم البيض مقرونة بفك الإرتباط. و أعتقد أن الحركة الوحيدة التي نجحت في الإعلان عن الهدف و طريقة الوصول إليه كانت حركة حتم التي حددت تقرير المصير للجنوب كوسيلة للوصول إلى الدولة المستقلة.
أي حركة في العالم أو ثوة أو نظرية أو حتى ديانة تبدأ بتحديد الهدف و الإتفاق عليه حتى و لو لم يتم الإعلان عنه رسميا و هذه النقطة تأخرنا فيها كثيرة لأسباب بعضها موضوعي و لكن معظمها ذاتي تتحمل مسؤوليته القيادة سواء الموجودة أو المفقودة!!
الأمر الآخر هو عملية الفرز التي جرت في الجنوب على أساس السقف. و أنا شخصيا أرى أن مسألة الإستقلال كعامل فرز كانت تحصيل حاصل... لأن الفرز لو لم يتم على أساس الإستقلال كان سيتم على أسس أخرى ربما تكون مناطقية أو سياسية أو حزبية.
الملاحظ أن الفرز الحقيقي كان بين الإشتراكي الذي لم يستوعب بعض أعضاءه أن الدور القيادي للحزب في المجتمع إنتهى و أن قيادة الحزب الإشتراكي في صنعاء لا يمكن أن تمثل الحراك طالما هي مخلصة للعاصمة الأم صنعاء (الحزب كان و لا زال متمسكا بهذه القيادة) فكان الفرز على أساس الإستقلال هو أفضل وسيلة للضغط على الإشتراكي من أجل تخليه عن صنعاء و تأييده للإستقلال لضمان إلتفاف الشعب الجنوبي حول الحراك بدلا من الشعب اليمني الذي كان الحزب يراهن عليه. الحقيقة أنه لو بقينا على ما كن الحزب يريده لبقت قضية الجنوب قضية يمنية داخلية و لما كان هناك أي إهتمام دولي بالقضية الجنوبية التي كانت ستبقى بالنسبة للعالم قضية حقوقية يمنية داخلية 100%.
و ظل بعض القادة الإشتراكيين متخبطين بين الإستقلال و الحزب ثم بين اليمن و الجنوب العربي.... وسيظل التخبط مستمرا لأن بعض الإشتراكيين صار الحزب بالنسبة لهم هوية لا يستطيعون الفكاك منها و طالما الحزب يمني فهم يجب أن يكونوا يمنيين... و بعضهم لا يفكر إلا بعقل الحزب و لا يرى إلا بعيون الحزب و لا يعرف من التاريخ إلا ما لقنه الإشتراكي رغم أن بعضهم يحمل شهادات عليا!!
الفرز على أساس الإستقلال لم يضر الحراك... ما ضره هي القيادة العاجزة التي فشلت في التوحد أو حتى التنسيق فيما بينها بالإضافة إلى أن الكثير من القادة يفتقدون لأبسط شروط القيادة و لا يصلحون حتى كقادة ميدانيين فما بالك بقيادة حراك يحتاج إلى إستراتيجية بعيدة المدى!!!
أنا أرى أن الحراك كان عليه أن يضع تقرير المصير كمطلب يمكن أن يكسب به تعاطف العالم الخارجي و حتى أخوتنا في الشمال الذين لا زال الحزب يراهن عليهم... فربما يجدون فيه مطلبا واقعيا يمكن أن يطالبوا به لأنفسهم لأن غالبيتهم يعانون من نظام صنعاء كما نعاني نحن منه و ربما أكثر.
تقرير المصير هو المصيدة التي كان علينا أن ننصبها للنظام... و حتى الغرب يمكن أن تضغط عليه بمطلب "إعطاء الشعب حقه في تقرير مصيره" و هنا ستمسك الغرب من اليد التي توجعه لأن ثقافة الغرب قائمة على الديمقراطية و تقرير المصير و هو يقف عاجزا أمام هذا المطلب و لا يستطيع رفضه.... المطالب الأخرى كلها من إستقلال إلى فك الإرتباط يمكن أن تجد الحكومات الغربية ألف عذر لرفضها حتى و لو بإعتبارها أمورا يراد لها أن تفرض على الشعب غصبا عنه!!!
__________________
درة الجنوب ...... الشهيد الطفل عبدالحكيم الحريري
التعديل الأخير تم بواسطة Ganoob67 ; 2010-04-10 الساعة 05:24 AM
|