أنا سأجيبك أخي الكريم لكن بسؤال :
من الذي أعلن أو أظهر مطلب الإستقلال ؟؟ ومتى كان ذلك ؟؟ ووفقا لقرار من أو أي هيئة أو مجموعة سياسية ؟؟؟
إن أجبت على سؤالي ستعرف أن ماحصل هو حتمية تاريخية كانت ستحصل بأي حال من الأحوال لا قرار شخصي أو حتى جماعي ، وبالتالي السؤال نفسه شكليا خاطىء لانه لايوجد من قرر ونفذ لنقول إستعجل أو لم يستعجل أو حتى تأخر
ثم إنك يجب أن تعلم أنه لولا حصول هذه الحتمية التاريخية وإنكسار حاجز الخوف وحتى الخجل أو التهرب من المسئؤلية الفردية وكلا يريد أن لايكون أول من يعلق الجرس ويكون أول المتحدثين بما يريده الناس
لولا حصول ذلك ولولا طرح فكرة الإستقلال ومطلبه لما تحقق للحراك ولا حتى معشار أو حتى أقل بكثير مما تحقق اليوم في فترة زمنية بسيطة تعد فقط بثلاث سنوات
ورغم كل العيوب وكل مكامن الخلل في الجسد الجنوبي إلا أننا بقرار الإستقلال ورفع مطلبه حقق حراكنا العظيم الكثير وأختصر الزمن كثيرا وجمع في صفوفه الاف مؤلفة بل وتقريبا أجتذب بطريقة أو بأخرى الأغلبية العظمى من أفئدة وعقول الجنوبيين حتى من هم رسميا ضد الحراك أو صامتين وعلى الهامش
لولا ذلك ولولا مطلب الإستقلال لكنا لازلنا في إطار قضايا مطلبية وشخصية وفردية لن يتجاوز عدد من يخرج لأجلها العشرات وإن زادوا فالمئات
المطالب العظيمة والوطنية تجمع الناس من كل الجهات تحت سقفها وتوحدهم على وطن مستباح على الأقل أما تقزيم الهدف الرئيسي والمعروف للجميع أو حتى تسميته بإسماء ملطفة فلن يكون إلا وبالا علينا
وأخيرا سؤالك وتلميحاتك غير المباشرة بخصوص تأخر ذلك منذ عام 1994م حتى الايام هذه ، فأظنك تتجاهل أننا أمام شعب كامل وتتجاهل أننا أمام إنتكاسة شعبية ووطنية وتتجاهل أننا كنا منقسمين ومختلفين بل ومصدومين أحيانا ومتبليدين لاندري ما نفعل ولا من ومتى وكيف سنفعل ، ناهيك عن أننا كنا كشعب بحاجة للزمن لمجرد إستيعاب ماحصل وتحويل الدرس لقناعت نهائية غير قابلة للتشكيك بها
طبعا يجب أن لانهمل أن كل شيء له فترة مناسبة ذاتية وموضوعية ليصبح ناضجا تلقائيا ويحين موعد جني المحصول والقفز وإستباق هذا الموعد سيكون نتيجة له عدم نضوج ما تريد والتأخر سيعني خراب وفساد المحصول وعدم صلاحيته وتجاوز الزمن له ، وهكذا نكون أمام شيء طبيعي علينا أن ندع الطبيعة والظواهر الطبيعية لا الفلسفية ولا القرارات الفوقية هي من تحكم على نضوجه ،لا أن نسرع ولا أن نبطىء ذلك النضوج ، وأظن أن ماحصل دليل نضوج ومناسبة وقت خروج مطالب الجنوبيين للعلن ودليل أنه الوقت المناسب والطبيعي كون ذلك جاء تلقائيا وعفويا
وبعمر الزمن الـ 15 عاما شيء قصير جدا في عمر الشعوب وفي تحويلها الهزيمة نصرا وقيامها من كبوتها وخروجها من صدمتها وحيرتها لتكون مبادرة وصاحب الفعل لا رد الفعل
ولايمكن لعاقل أن ينكر أن الإنجاز كان كبيرا وكبيرا جدا وماتحقق على الأرض يتجاوز زمنيا في أفضل حالات التوقع المتفائل الـ 3 سنوات المنصرمة ، فكيف كنا وكيف أصبحنا وعد لقبل عام أو عامين أو ثلاثة لترى أن ظواهر اليوم تعد طبيعية كانت تعتبر من الأمال الكبيرة والأحلام التي لايمكن توقع حصولها الا بعد سنين طويلة وبتضحيات كبيرة ، وهاهي تصبح شيئا طبيعا لايلتفت لها أحد رغم عظم دلالاتها
أعيد وأكرر ماحصل كان حتمية تاريخية لا بد أن تحصل والزمن كان مجرد زمن واجب مروره لإنضاج الظروف المناسبة ولتوفر الحجة أو الذريعة أو حتى المقدمة الضرورية التي تزيح الغشاء الرقيق الذي على السطح ولتظهر الأمور على حقيقتها
ورغم كل شيء مايصدمني عادة ليس سوء الوضع بقدر ماهو سوء التقييم وظاهرة التشاؤمية الجنوبية الطاغية رغم وجود مسببات التفائل الكثيرة الظاهرة ، لكننا بطبعنا نحب التباكي حتى في لحظات أعراسنا ونتكر النصف الممتلىء لنعلق فقط على الفارغ وأحيانا يكون الممتلىء أكثر من النصف والفارغ هو الجزء اليسير وحتى غير المرئي
والمشكلة أن ذلك أحيانا يكون لاسباب شخصية وفردية وبعيد عن المنطق وعن رؤية الواقع ككل
طبعا هذا لايعني عدم الطموح للأفضل أو عدم مناقشة الحقائق ومعرفة أسباب الخلل وتدارك الكبوات وعلاج العيوب
تحياتي