الكاتب كريشان مع تسليمة بفكرة السيد البيض حول التكييف القانوني للعلاقة بين طرفي الوحدة ، والتسمية الواقعية والقانونية لفك عرى هذه الوحدة ، الا انه عرج بعد ذلك الى مقارنات ومقاربات مع دولة المانيا لم تكن موفقة من عدة وجوه ، اولا ، لا يمكن مقارنة وحدة المانيا بوحدة اليمن على الاطلاق ومن غير المنطق وضعهما في ميزان واحد لاعتبارات تاريخية ، واجتماعية وثقافية وأهم من ذلك الطبيعة الاقتصادية ، وأخيرا منظمومة المؤسسات السياسية في المانيا واليمن . حيث يبدو الفرق شاسع بين حالة هاتين الدولتين والمقاربة في غير محلها .
الشيء الآخر ، أنه ( الكاتب ) يرجع صعوبة تحقق الحلم بالنسبة للجنوبيين الى الموقف العربي والدولي الذي يحجم عن تأييد قيام دولة مستقلة في الجنوب بسبب أن ذلك لا يفيد في تحقيق المصالح لهذا الدول بل انه يزيد حالة التوتر في المنطقة ويهدد الأمن والاستقرار فيها .
نقول هنا ، صحيح أن الدول تحدد مواقفها وفقا للمصالح ، وإذا كانت مصالحها في اللحظة الراهنة غير واضحة تجاه قيام دولة الجنوب المستقلة ، لكن مصالحها أيضا مهددة بوجود نظام علي عبدالله صالح ، خاصة أن هناك تقارير صادرة من مراكز البحث والدراسات الاستراتيجة وحتى من الكونجرس الامريكي تشير الى ان نظام علي عبدالله صالح غير موثوق به ، وأن هناك علاقة ما بينه وبين جماعة القاعدة في اليمن ، وثبتت حالات كثير من الكذب والتضليل من قبل النظام في صنعاء ، وأنه يعاني من الفساد والفشل واعتباره دولة آيلة للسقوط .
ولذلك فإن الثقة بين اطراف المجتمع الدولي والخليجي بنظام صنعاء ليست على ما يرام وتجارب هذه الدول مع علي عبدالله صالح على مدى سنوات حكمه اتسم بوضوح اسلوبه اللعب والمراوغة والتآمر .
وما الموقف الدولي والعربي في التعامل مع نظام صنعاء الحالي الا لضعف القوى الاخرى سواء المعارضة في الشمال أو الحراك في الجنوب ، مع ان الحراك الجنوبي يتمثل ضعفة في قادته في حين قواعدة الجماهيرية تمتد على اوسع نطاق بطول الجنوب وعرضه على وتيرة واحدة من التلاحم والتكاتف تحت هدف واحد ومصير واحد .
ولذلك ، فالظروف في الجنوب مهيأة لبلورة أوضاع أكثر ضغطا في اتجاهين الاول نحو توحيد القيادات الجنوبية المنظوية تحت راية الاستقلال وتشكيل حامل سياسي واسع لها . والثاني نحو تصعيد أكبر في مواجهة نظام الاحتلال اليمني ومقارعته على كافة الاصعدة ،داخليا وخارجيا وفرض القضية الجنوبي على الارض في الجنوب وعلى المجتمع الدولي على حد سواء .
ولذلك فإن فكرة الموقف العربي والدولي عبر التاريخ والتجارب السابقة في العالم مرده دائما الى ما يتحقق على الأرض وما تمتلكه الشعوب من إرادة وإصرار في تثبيت هذا الحق وفرضه بصورة جماعية ، ولنا في ذلك الامثلة الكثير في تاريخ ثورات الشعوب .