عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-04-20, 10:00 AM   #2
الضويبي
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-09-18
المشاركات: 2,610
افتراضي


• الإصلاح يقع في المأزق
قد تكون لأحد أجنحة التجمع اليمني للاصلاح حساباته الخاصة في إشعال فتنة إنفصالية، إلاّ أن الاصلاح بشكل عام ما لبث أن وقع في مأزق لا يحسد عليه.. فهو بعد تكريس كل إمكانياته السياسية والمادية والبشرية للعمل داخل الخارطة الجغرافية الجنوبية حصراً، وجد نفسه في النهاية مهدداً بخسارة الغالبية العظمى من مقاعده، ومراكز نفوذه في الجنوب.
إذ أن "حراك الشارع" أسهم بشكل أو بآخر في إعادة تنظيم صفوف الاشتراكيين ولم شملهم- وإن إختلفوا في رؤاهم لقضية الوحدة، وفي خياراتهم للأطر التنظيمية- لأن ما حدث ليس وفاق أيديولوجي عقائدي بقدر ما هو تعصب مناطقي، كان من نتاج بناء مسارات "الحراك" على أساس مناطقي "جنوبي" لم يتجاوزه طوال أكثر من عام إلى أي محافظة "شمالية"..
وبالتالي فإن منشأ حزب الاصلاح في "الشمال" تحول إلى موضع نفور، ولم يشفع له حتى قيامه بضم "الأخوان المسلمين" الذين كانوا في المحافظات الجنوبية تحت جناحيه! وعليه فإن الاصلاح لأخفق في تحقيق أي كسب شعبي في المحافظات الجنوبية!
وإلى جانب ذلك فإن الاصلاح الذي أراد اللعب على بعض "التهديدات" الانفصالية من أجل ليّ ذراع السلطة، وفرض حساباته عليها، سرعان ما إكتشف أن قدميه غاصتا في مستنقع نزعات إنفصالية، واكتشف أنه لم يكن وحده الممسك بطرف لعبة "الجنوب"، بل أن هناك أطراف خارجية ساورها نفس التفكير، وتشاطره نفس الميدان "الجنوبي"!
ولعل الطامة الكبرى تكمن في الصدام الذي حصل بين الاصلاح و"التيارات الجنوبية" أو "المشاريع الصغيرة" ذات النهج الانفصالي المعلن، والتي تبنت في مراحل عديدة حملات تعبئة مناهضة، تقوم على أساس إتهامه باستغلال "القضية الجنوبية" لمصالحه الحزبية الخاصة- طبقاً لما تردد في معظم خطابات هذه التيارات خلال الأشهر الاخيرة. وهو الأمر الذي وسع دائرة التعبئة المناهضة للإصلاح في الاوساط الشعبية.. ويضاف إلى ذلك أن الاصلاح طوال الفترة الماضية لم يتبن أي نشاط ذو أهمية في المحافظات الشمالية ذات الكثافة السكانية!! وبالتالي فهو بعد أكثر من عام من تحريك الشارع لم يضف لرصيده سوى دوره المهم في تأجيج فتنة الانفصال!!
وهنا لابد لنا من وقفة للتساؤل: يا ترى هل إنزلقت قدما الاصلاح إلى المأزق الذي آل اليه في مستنقع "الحراك الانفصالي" دون سابق رغبه أو تخطيط؟ وإذا كنا افترضنا من قبل "خروج الأمور عن سيطرته" إذن لماذا تنامى دوره في تأجيج النزعة الانفصالية، وظل مصراً على إختزال "مشاعره الوطنية" داخل حدود ما كان يعرف بالشطر الجنوبي، ولم ينفتح على بقية مدن اليمن لخلق توازن، وتفادي شبهة التورط؟
وهذا التساؤل سيجرنا إلى مخاوف ما كشفه تقرير مقدم لنائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض أبان حرب 94م.. فقد أعد مبعوث النائب علي سالم البيض تقريراً مؤرخاً في (8 مارس 1994)- وموجود حالياً في الملف القضائي الخاص بحرب 94م- ويتحدث هذا التقرير عن التأييد والدعم الخارجي لقرار الانفصال الذي أعلنه البيض آنذاك، ويقدم رؤى تحليلية للأستاذ علي سالم البيض من قبل مبعوثه الذي يشبه هذلك التأييد (العربي)، بالتأييد الذي عبرت عنه ( إبريل غلاسبي) الديبلوماسية الأمريكية في العراق عشية احتلال الكويت، حيث أكدت للرئيس صدام حسين أن بلادها تقف على الحياد في الصراع بين الدولتين، فآلت الأمور إلى النتيجة التي يعرفها الجميع.. حيث يؤكد مبعوث علي سالم البيض على الحقيقة التالية، التي أوردها بالنص الحرفي:
(إن هذا التأييد الخارجي يرمي إلى ضرب عصفورين بحجر واحد، فيصفي المؤتمر الحزب الاشتراكي، وتُنهك الحرب الطرفين، فيتسلم السلطة التجمع اليمني للإصلاح..).



• الهدنة مع التيارات الانفصالية
تعتبر أحزاب اللقاء المشترك المسئول الأول والأخير عن ظهور "المشاريع السياسية الصغيرة"، التي ندرجها تحت مسمى "تيارات الجنوب"، والتي غالبية من يقودونها هم من ذوي الصفحات التاريخية السوداء- سواء كانت جمعيات متقاعدين، أو عاطلين، أو مجالس تصالح وتسامح، وغيرها- لذلك كانت تميل إلى ممارسة العنف وانتهاك القوانين في جميع فعالياتها.
فالمشترك هو من إحتضن أنشطتها، وكان يحشد الجمهور لها، ويروج لخطاباتها وإطروحاتها في وسائل إعلامه، وتحرص قيادات أحزابه على المشاركة بخطابات في المهرجانات التي تقيمها هذه التكوينات "غير المرخصة" قانونياً. كما أنه عندما أقدمت السلطات على إعتقال قياداتها إثر رفعهم أعلام شطرية، وتنظيم مظاهرات غير مرخصة، تعهد المشترك في الدفاع عنها، ونظم الاعتصامات والمسيرات المطالبة باطلاق سراحها، واعتبر يوم الاعتقال تأريخاً لبداية ما أسماه بمرحلة (النضال السلمي) المستمر حتى يومنا هذا..!
ورغم جهر هذه التكوينات بمشروعها الانفصالي، ونشر تصريحات لحسن باعوم من داخل المعتقل يتوعد بها السلطة بـ(يوم الزحف الأكبر) الذي "يعلن فيه استقلال الجنوب"، إلاّ أن إطلاق سراحه- إستجابة لضغوط مسيرات ومظاهرات المشترك، وخاصة تلك التي شهدتها شوارع المكلا في ليالي شهر رمضان- قوبل بإحتفال، ومأدبة أقامها الأصلاح في مقره بالمكلا، وباستقبال يشابه إستقبال "الفاتحين"!
إن هذه الجمعيات والمشاريع السياسية التي تبنى المشترك رعايتها بقصد خدمة أهدافه- التي أشرنا إليها سلفاً- نجحت في التسلق على ظهر المشترك، ثم الإنقلاب عليه؛ خلافاً لما كان مرسوماً لها من قبل قيادة المشترك.. بل أن المشترك ما لبث أن اصبح أول ضحاياها! إذ أنها دشنت خيار العنف في مهرجان للمشترك في الضالع يوم 6/ مارس/2008م، قامت خلاله بمهاجمة حشوده بالعصي والحجارة، وخربت معداته وأجهزته، وتسببت بإصابات لعدد من أعضائه.
ورغم ما كان متوقعاً من ردة فعل من قبل المشترك إزاء ما حدث، إلاّ أن الأمر جاء خلافاً لكل التوقعات! ففي إجتماع للمجلس الاعلى للمشترك ضم جميع أعضاء مشترك الضالع بعد الحادثة باقل من أسبوع واستمر عدة أيام، أفضى النقاش إلى الاتفاق على (مهادنة) تلك التكوينات الانفصالية التي تتبنى العنف، والتي تنضوي تحت مظلة "تيارات الجنوب"، وتعهد المشترك من خلالها بحماية أنشطتها، والدفاع عن حقها في "النضال السلمي"؛ مقابل تعهدها بعدم التعرض لانشطته أو مناصبته العداء..
ويبدو أن المشترك كان متأثراً بحساباته في الشارع، إذ أنه منذ بداية العام الجاري بدأ يعاني من تراجع حماس الشارع في الانضمام الى المهرجانات والفعاليات التي يقيمها المشترك بمفرده أو بمعية الجمعيات. وهو أمر مالوف في الساحة اليمنية أن يحضى "الجديد" بشيء من الهوس، الذي يتراجع تدريجياً ويخفت، و"حراك الشارع" ليس إستثناءً من القاعدة، طالما هو ممارسة جديدة..
وقد بلغ تراجع هذا الحراك ذروته خلال شهر فبراير، الذي بلغ أقصى حشد للمشترك فيه بحدود الـ500 شخصاً، ثلثهم تم استقدامهم من المحافظات المجاورة.. ولكي يحافظ المشترك على بريقه الإعلامي في الساحة لم يجد بُداً من عمل الآتي:
1. تقليص عدد المهرجانات الشهرية التي ينظمها.
2. إشراك أكثر من محافظة، وأكثر من جهة في مهرجان واحد.
3. إختيار أماكن التجمعات البشرية لإقامة مهرجاناته فيها أو بالقرب منها- كالأسواق، وكراجات السيارات- بهدف ستر الحضور الهزيل، وللاستفادة من دافع الفضول لدى الناس في زيادة أعداد المتواجدين في المكان.
4. الاستعانة بفرق التمثيل الكوميدية أو فرق الانشاد التي تستخدم الايقاعات الخفيفة وتحاكي ألحان الفيديو كليب الشبابي، لتكون مدعاة جذب للصغار والكبار.
5. إطلاق مسميات مثيرة على مهرجاناته، مثل مهرجان: "يوم الغضب"، "الزحف المقدس"، وغيرها بقصد إعطاء زخم معنوي للفعالية على صعيد التسويق الاعلامي.
إن الهدنة المبرمة بين المشترك وتلك التيارات "الانفصالية" بُنيت إنطلاقاً من فكرة أن الخصومة مع النظام الحاكم هو القاسم المشترك، وإن هذه التيارات لا تمتلك مقومات الصمود بوجه نفوذ السلطة طالما يفتقر وجودها للصفة الشرعية، إضافة إلى الغطاء المدني المدافع عنها.. وقد مثل ذلك المنطلق منعطفاً خطيراً في أسلوب المشترك بممارسة العمل السياسي، لأسباب اولها أن المشترك يمتلك صفة دستورية، وأحزابه قائمة بموجب القوانين النافذة في حين لا تمتلك هذه الجمعيات والمشاريع السياسية اي صفة شرعية قانونية كونها تمردت ورفضت طلب الترخيص القانوني.
أما السبب الآخر فهو أن تلك الجمعيات سبق أن أعلنت جهراً أنها تسعى "لتحرير الجنوب من الاحتلال الشمالي"، وهو هدف ينتهك السيادة الوطنية، ويخترق الثواب اليمنية، ويضع هذه الجمعيات موضع الخصم لليمن، وبالتالي فاي تحالفات معها تعني الوقوف في خندق أعداء الوطن!
أما السبب الثالث
وأشير هنا إلى أن المشترك في هذه المرحلة يعني (الاشتراكي والاصلاح)، حيث أن الناصريين الوحدويين إلتزموا موقفاً رافضاً لأي تعامل مع هذه التيارات، ونأوا بأنفسهم عن هذه التطورات- وهو موقف ناضج، ومسئول ينبغي الاعتراف به عند الحديث عن المشترك!

الضويبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس