[وحيد الطوالبة]

سنوات خلت والرأي العام الجنوبي مشغول بسعي الحراك لتحقيق شئ ما ..بدأ بمطالب وظيفية وتطور لغضب جماهيري جراء التهميش ومعاملة الجنوبيين من قبل نظام صنعاء على انهم بشر من الدرجة العاشرة..ووصل الحراك الى السعي للانفصال وفك الارتباط بدولة الوحدة اليمنية وتحقيق حلم اقامة دولة حرة ديمقراطية جنوبية ..سقط عشرات الشهداء واعتقل المئات وتغرب الالاف من الجنوبيون جراء تعسف السلطة وقمعها حتى لحق التظاهر السلمي .

ومنذ ان بدأ الحراك وحتى ليلة الأمس وبرصد لتصريحات الرئيس علي ناصر محمد منذ زمن نجدها انها لا تخرج عن اطار المطالبة بالحوار وعدم عسكرة الجنوب واخيرا دعوته يوم أمس الى مؤتمر وطني عام برعاية عربية أو دولية ...لم يقل يوما انه مع الانفصال وفك الارتباط ولم يصرح انه مع اقامة دولة جديدة في الجنوب العربي ....بقي ولا يزال متمسكا بالوحدة اليمنية وأقوى ما طالب به شعاره التغيير أو التشطير ...ولم يوضح هل قصد تغيير الاوضاع في الجنوب للأفضل تنمويا واقتصاديا أم انه قصد تغيير رأس النظام وحاشيته ..والمحلل لمواقف الرئيس علي ناصر محمد وتصريحاته يجد أنه ينطلق من موروثه ابان كان رئيسا للجنوب حيث يردد دائما انه هو أوقف الصراعات المسلحة بين الشطرين وانه هو من وضع اساسات دستور دولة الوحدة اليمنية وينسى ان ذالك الدستور قد تم تعديله مرات ومرات ..وانه سعى للوحدة ولا يزال الحريص على استمراريتها ....ومع كل ذالك لم تستجب له صنعاء ولن تأخذ بما يطرح لأن طروحاته لا تقلق صنعاء ولا تخيفها لأنه بكل بساطة لم يكن شريكا بالتوقيع على اتفاقية الوحدة وتعتبره صنعاء غير مسنود شعبيا نظرا لمواقفه غير الداعمة للانفصال وبالتالي لا يحظى بتأييد شعبي في الجنوب يؤثر على صنعاء .


أما الرئيس علي سالم البيض ..الذي وقع واعلن وسعى وحقق الوحدة اليمنية كشريك ند للرئيس علي عبدالله صالح ..ونظرا لما اعلنه أكثر من مرة قبل حرب صيف عام 94 بأن الوحدة في خطر وان الرئيس يعمل على اقصاء الجنوبيون من الشراكة ..ونظرا لما آلت اليه الأمور وخسارته الحرب وهو يعلم انه سيخسرها الا انه خاضها ليسجل انه لن يكون وشعبه لقمة سائغة في فم الشماليين ورئيسهم ..وغادر واستقر في عمان خمسة عشر عاما الا انه لم يتخل عن مبادئه ولم يهادن وهو القادر في كل وقت على التحالف مع صنعاء وبيع الجنوب بمقبل امتيازات شخصية ومادية وتولي منصب ما ولو صوريا وهذا ما تتمناه صنعاء في أي وقت لأقفال ملف المطالبة بالانفصال للأبد لأنه حتى لو ظهر دعاة جدد للانفصال بعد البيض فمقدور عليهم ..لكن هذا الرجل هو اكثر ما يخيف صنعاء ويقلقها ويوتر اعصاب الرئيس كلما سمع بأسمه ..وهو لا يزال يملك كاريزما الرئاسة والشرعية الشعبية والقانونية امام العالم والرأي العام العربي والدولي ..ولا يزال عنيدا مصرا على الانفصال متجاوبا مع نهج الشارع الجنوبي .

اذا الآن الصورة واضحة جدا ..الجنوبيون يريدون دولة مستقلة والبيض يتبنى مطالبهم وعلي ناصر لا يتبناها ...انفض مؤتمر لندن وسيتبعه مؤتمرات اقليمية ودولية ..فمن هو القائد الشرعي الذي يستجيب له الشارع الجنوبي ؟؟؟؟ انه الرئيس البيض بلا منازع ...ومن هنا تبدأ رحلة الحراك الجنوبي الحقيقية ...ومن يعول على غيره عليه أن يأتينا بموقف واحد له مساند للجنوبيين .

الحلقة ليست مفقودة ولكن الاوضاع تحتاج الى اليات عمل وبرنامج وطني شامل ..على الرئيس البيض أن يتحمل مسؤولياته اعتبارا من اليوم وبزخم غير ما تعودنا عليه ..الناس بانتظاره ..