في هاتفي وجدت مكالمة لم يرد عليها والرقم من الوطن ..
وعندما اتصلت كان الصوت القادم من ارض الوطن مفعم بالسعادة مع عتاب لذيذ ..
بادرني .. لماذا لم تتصل عندما رن هاتفك؟
فاعتذرت له وسألته ما الحكاية ؟
فقال لي - ونبرات صوته ضاحكة - كنت وابن عمي في حوش البيت وكنت اريدك ان تتحدث معه .
فقلت له من انت ومن هو ابن عمك ؟
فقال انا فلان السعدي وابن عمي هو ابو الشهيد عثمان غالب محمد السعدي .
فسالته عن حاله وعن نفسيته .
قال : هو رجل عظيم اكبر مما تتخيل لانه مفتخر بابنه كثيرا ولقد اخذني الى حوش البيت الخلفي وأراني الكتابة والرسوم على الجدران وكلها شعارات "ثورة ثورة ياجنوب" وفيها "سنموت لاجلك ياجنوب " وهنالك رسمة لـ " وضاح الجنوب" وكأن الولد اختار ان يموت لاجل الجنوب.
قال لي ابن عمي ان عثمان برغم صغر سنه كان يعشق الجنوب لدرجة اخافتني عليه وعرفت انه سيموت لاجل الجنوب ان لم يكن عاجلا فآجلا ولهذا السبب انصدمت عندما شنقوه .
كنت اسمع كلماته والدموع تنزل من مآقيها وانا منبهر هذا العشق للجنوب من هذا الفتى الصغير .
فسالته عن معنويات والد الشهيد ..
قال لي اروع ما تكون المعنويات وابو الشهيد يقول مستعد ان يستشهد اولادي واحدا واحدا لاجل الجنوب .
قلت له كنا نتمنى لو يتم توثيق ماجرى .
قال نعم كنا نتمنى ولكن والده والاسرة كانت في لحظات جزع لم تستوعب ماجرى .
اسالك اللهم ولاجل هذه النفوس الطيبة والنقية ان تزيح عنا الظلم والاحتلال وان تنتقم لعثمان ووضاح وكل شهداء الجنوب ممن قتلهم وظلم اهاليهم وحول حياتهم الى حزنٍ مستديم .