اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قاصد السرحي
}
إزالــة آثــار حــرب عـام 1994م.
أول ما يتطلبه البدء بصفحة جديدة في حياة الوطن ، و أول ما يحتاجه الإصلاح و التغيير الشاملين و المصالحة الوطنية الحقيقية ، هو البدء بالقيام بتسوية كل المسائل السياسية العالقة و النتائج السلبية التي وجدت و ترتبت على فعل و نتائج حرب صيف عام 1994م. باعتبار هذه الحرب بداية مرحلة مختلفة عن المسار الذي قامت عليه الجمهورية اليمنية ، أختل فيها التوازن السياسي و الاجتماعي في اليمن و تصدعت بعدها المنظومة السياسية للبلاد ، و سارت الأمور على أساس هيمنة طرف واحد على السلطة هيمنة شمولية تجاهلت كل القوى السياسية الأخرى ، و ذلك حين أصبح الحزب الحاكم " المؤتمر الشعبي العام " و جماعات القوى المتنفذة التي تسير السلطة من وراء الكواليس .
و إذا سلمنا ، أولا . إن البدء بمرحلة جديدة يتطلب قبل كل شيء إزالة آثار حرب صيف 94م. باعتبار أنه لو لم تحدث هذه الحرب / الشقاق الوطني لما تفاقمت و تأججت مشكلات و معضلات اليمن الكبيرة التي نراها اليوم . فإن أول خطوة هي العمل على إنهاء تفكير السلطة و حلفائها بعقل المنتصر الظافر في الحرب و التخلي عن ممارسة سياسية و سلوكات الحرب التي انتهجت منذ يوليو 1994م. و التي تتجسد آثارها المدمرة الخاطئة في كل مناطق البلاد ، جنوب الوطن و الشمال على حد سواء . و لعل الوضع المأزوم في اليمن وضعا معاكسا لما كان يتوقعه من أصروا على هذه الحرب و هم يعرفون إن الحروب التي يقال أنها تصنع السلام قد تصبح مصدرا لإعادة إنتاج الحروب و القلاقل و الفوضى و الفساد و النهب و السلب و إيجاد أزمات أشد فتكا بالبلد .
لقد برهن التاريخ و برهنت السنوات على أن أضرار حرب صيف عام 1994م. كبيرة و هائلة في سلبياتها على اليمن و الشعب اليمني كله ، و إنها لم تعود بفائدة تذكر على مجاميع محدودة لا تستطيع العيش خارج مياه السلطة . و يفهم هذا من أصروا على تلك الحرب و هم يعرفون اليوم إن ما توقعوه من إيجابيات لم يحدث و لو قليل منه ،.
إن الحلول الجدية الفعلية لإزالة آثار حرب صيف عام 94م. تعكس مدى الصدق في العمل على إعادة اللحمة الوطنية التي سببت الحرب المذكورة شقا مؤلما و عميقا فيها . . و هنا تبرز تساؤلات : ماذا عن موقع الشراكة السياسية في إطار معالجة آثار الحرب الأهلية المذكورة ، ماذا عن رد الاعتبار للشركاء في قيام الوحدة اليمنية ؟ و هل ستراعى خصوصيات للمناطق الجنوبية و الشرقية التي كان لها نظام و دولة معترف بها دوليا ؟ سيظل هذين التساؤلين من أبرز القضايا الملحة الموجودة ، لأن البعض ممن يجاملون السلطة يقولون إنه لم يحصل شيء للوحدة في الحرب المذكورة و إن الأمور تسير بشكل جيد . و لكن في حقيقة الأمر هناك جملة من القضايا على الصعيد الوطني و على الصعيد العسكري و على الصعيد المدني بحاجة إلى معالجة جدية و عاجلة . و هي قضايا كثيرة ، منها مثلا ، الوظيفة المدنية لكوادر " جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" سابقاً ، بالإضافة إلى الوظيفة السياسية التي سبق ذكرها .
و في السياق نفسه . نحن بحاجة إلى وقفة صادقة و شجاعة نعيد فيها النظر و التفحص في كل الاتفاقيات الوحدوية التي تمت ، ما الذي نفذ منها ، و ما الذي حذف منها أو تم التلاعب به . و ما هو الشيء الذي جاءت حرب صيف عام 1994م. لتطيح به تماماً لتعيدنا إلى وضع " الجمهورية العربية اليمنية " فقط كوضع مهيمن . لا بد أن نعترف بهذه الحقيقة .
إن من أولى مهام إزالة آثار حرب صيف عام 1994م. هي إعادة أبناء المحافظات الجنوبية و الشرقية إلى أعمالهم و مواقعهم في جميع المؤسسات العسكرية و الأمنية و الشرطوية . و لقد تمت تجاه هذه القضية الحساسة معالجات جزئية . و لكن ما تم بهذا الخصوص تمثل فقط في إعادة الرواتب لهؤلاء و إعادة البعض منهم إلى مؤسسات القوات المسلحة و الأمن و الشرطة . و لم تستكمل العملية من حيث إعادة الثقة بهؤلاء العائدين و خاصة الضباط من خلال إعادة تعيينهم في الألوية و الفروع في مختلف الأسلحة و الوحدات . ففي أماكن نظر إليهم ليس كانفصاليين أو مشكوك بهم و لكن كشركاء في صنع يوم 22 مايو الوحدوي ، و في أماكن أخرى أكثر نظر إليهم كانفصاليين و مكروهين و أشخاص لا يؤتمن عليهم . . و القضية باقية .
ما زالت القضية باقية و لم تحل بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاما . . لذا إذا أردنا معالجة الاختناقات الراهنة و الأزمات القائمة و الأمور التي تضعف الدولة و الوحدة الوطنية فلا بد لنا أن نستكمل معالجة القضية / العملية المذكورة بالضرورة من خلال جملة الإجراءات الجادة التي طرحت و تطرح كحلول و معالجات . و إذا ما نفذت هذه الحلول و المعالجات فمن شأنها لجم الروح الشطرية تحت أيه مسميات و تفعيل روح الانتماء الوطني من خلال إعادة لحمة القوات المسلحة و الأمن بما ينسجم مع وجود ممثلي النسيج الوطني من مختلف المناطق و المحافظات ، و من خلال رفد القوات المسلحة و الأمن بدماء جديدة مؤهلة ، و كذا رفدها بمؤهلين في الكليات العسكرية و الأمنية . و في سياق ذلك ينبغي أن تلتزم كل وحدة في القوات المسلحة و الأمن التزاما محددا و موجها بالنسب التي تحدد لكل منطقة و محافظة من مناطق و محافظات الجمهورية ، و اعتبار الخروج عن هذا المبدأ إنما هو تشجيع لتفتيت الوحدة الوطنية للقوات المسلحة و الأمن .
و في إطار الحلول و المعالجات لإزالة آثار حرب صيف عام 1994م. خطوات أخرى عديدة هامة ، منها البدء بعملية حل قضايا الأراضي و النزاعات عليها . حيث يقال ، هنا أيضا ، من قبل رجال في السلطة إن هذه المسألة ليست فيها مشكلة ، و لكننا نقول إن هذه القضية من أعقد المشاكل و لا يمكن حلها إلا بتدخل قوي و فعال من رئاسة الدولة و رئاسة مجلس الوزراء ، و القيام بالترتيبات القوية و الفعالة إداريا و أمنيا لمعالجة المسألة من كافة جوانبها و بجدية .
و عندما نتكلم عن قضايا الأرض في المناطق الجنوبية و الشرقية من البلاد فإننا نتكلم عن الاستيلاء على العقارات الحكومية في عدن و غيرها من المحافظات الجنوبية من قبل بعض المتنفذين من مسئولين عسكريين و مدنيين و ساسة و تجار و غيرهم . و هناك إحصائيات موجودة عن أعمال النهب و السلب و السرقة للأراضي و هي مرعبة . . و لا بد من التوضيح هنا أنه جرى و يجرى الاستيلاء على أراضي الدولة و على أراضي المستثمرين من أبناء جميع محافظات اليمن كافة و ليس فقط من أراضي الجنوبيين . و لكن من أبرز مواقع الاستيلاء على الأراضٍي و نهبها مناطق : عدن ، لحج ، أبين ، حضرموت ، شبوة ، و المهرة . أي جميع المحافظات الجنوبية . و تم أيضا الاستيلاء على أراضي المنتفعين الذين انتفعوا بها بموجب قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر في الجنوب في السبعينيات . كما تم إلغاء المخططات الحضرية السابقة التي وجدت حتى عام 1994م . و استبدلت بمخططات حضرية جديدة هدفت لتلبية حاجة الناهبين و اللصوص و مافيا الأراضي ، و على أساسها تم الاستيلاء على الكثير من الأراضي الزراعية و الأراضي السكنية و التجارية .
قد يطول الحديث عن أعمال ترميم الوطن من جراء الدمار الذي خلفته حرب عام 1994م. و التي أصبحت ضرورية لإعادة روح 22 مايو الوحدوية و أعادة ألق الوحدة اليمنية العظيمة . و من الأجدى هنا أن نعيد بتلخيص طرح بعض المطالب و المعالجات العملية في هذا السياق ، و على النحو التالي :
• الأخذ بالاعتبار عند إزالة آثار حرب عام 94م. السلبية و الأخطاء التي أرتكبت بعدها إن ما حصل في تلك الفترة مناهض و مناقض لمصالح الجانب الجنوبي ( الشريك الوحدوي ) المتمثل في جانب وجوده في قيادة الدولة و هيئاتها بشقيها المدني و العسكري .
• راب الصدع الذي أصاب الشراكة السياسية بين الحزبين الذين حققا الوحدة اليمنية ، و على أساس العدالة و ما اتفق عليه عند الوحدة ، و ليس على أساس حجم السكان الذي مثله و قد يمثله كل جانب .
• أعادت الحقوق التي أخذت على الحزب الاشتراكي اليمني ليتمكن من ممارسة دوره السياسي كحزب وطني شريك في صنع الوحدة اليمنية .
• إصلاح الضرر الذي أصاب الجانب الحقوقي للمدنيين من القيادات و الكوادر ممن كانوا يمثلون الدولة في الشطر الجنوبي من الوطن من الوزراء و المحافظين و نوابهم و الوكلاء و مدراء العموم، و غيرهم .
• استكمال إصلاح الضرر الذي أصاب الجانب العسكري ( القوات المسلحة و المؤسسات الأمنية و وزارة الدفاع ) فيما يخص حقوق القيادات العسكرية و العسكريين . و من أبرزها أعادة الثقة بالقيادات العسكرية و الأمنية من أبناء المحافظات الجنوبية التي أبعدت عقب صيف 1994م. و ذلك من خلال إعطائهم أعمال فعلية و تكليفهم بتحمل مسئوليات قيادية مثل قيادة محاور أو ألوية ، أسلحة ، دوائر ، كتائب . . الخ.
• استكمال إصلاح الضرر الذي أصاب أبناء المحافظات الجنوبية في أجهزة الأمن السياسي ، و هذا الأجراء له أهمية بالغة في الحفاظ على الأمن و مصالح الوطن العليا ، وتكتسب أهميته البالغة خصوصية في هذه الظروف بالذات في مواجهه ظاهرة الفوضى الأمنية و الإرهاب و التطرف و الغلو ، و كذا انتشار الفساد بشتى أصنافه و أنواعه .
• تقتضي الضرورة الملحة في معالجة أوضاع كوادر الأمن السياسي من أبناء المحافظات الجنوبية التي أهملت منذ 94م. و التجاوب مع التوجيهات الرئاسية من قبل قيادة الأمن السياسي و التي ينبغي التزامها بترتيب أوضاع كوادرها المؤهلة إذ أن الموجود منذ ما بعد الحرب و حتى اليوم بشأن تلك التوجيهات ما هو إلا الإهمال الواضح لكل الكوادر المعنية المنتسبة للجهاز ، حيث لا يوجد أي وضع قيادي لأكثر الضباط من أبناء المحافظات الجنوبية من الذين امتلكوا تأهيلا عاليا و خبرة كبيرة في مجال الأمن الداخلي و الخارجي على حد سواء . . كما أن الرتب المستحقة لجميع المنتسبين للجهاز تم توقيفها منذ ما بعد الحرب المعنية .
• من المهم في هذه الأوضاع و ضمن عمليات الإصلاح في المؤسسات الأمنية و العسكرية تجنيد عدة ألوية من المديريات الفقيرة في المحافظات الجنوبية و اختيار بعضهم وتدريبهم تدريبا عاليا ليكونوا أساسا في مواجهه الإرهاب و أفعال الشغب و قطع الطرق و الاختطافات و مكافحه الجريمة بأشكالها المختلفة . و أن لا يكون هذا التشكيل للاستخدام ضد الحراك الجنوبي السلمي أو ما شابه .
• أعادة الجميع إلى إعمالهم و ليس صرف رواتب لهم هو بالحل ، فليس هناك معنى إن لا نعيد و لو حد أدنى من تمثيل أبناء المحافظات الجنوبية و الشرقية في المؤسسات الأمنية و العسكرية ، و في جميع مستوياتها و مراتبها القيادية .
• تكليف المجالس المحلية المنتخبة و المحافظين بالوقوف بسرعة و بجديه أمام قضايا الأرض و التجاوزات التي حصلت و وضع الحلول المناسبة لحلها . و إعادة الأراضي الخاصة و المنازل التي أخذت على أصحابها أثناء و بعد حرب 94م. أو قبلها ، و تقديم التعويض المناسب للمتضررين .
• إنهاء ظاهرة الاستيلاء على العديد من منازل و أملاك العسكريين المسرحين ، و كذا المدنيين العاملين و غير المسرحين .
• إنهاء ظاهرة البسط بالقوة على الأراضي السكنية و التجارية و الزراعية المملوكة لأفراد و ضباط القوات المسلحة و( الأمنية) و غيرهم من المواطنين في المحافظات الجنوبية .
• تنفيذ التوجيهات العليا الخاصة بمعالجة آثار الحرب و عدم العمل على إفراغها من مضمونها السياسي و المادي بأساليب ملتوية شتى و بالتلاعب و التطويل .
• تسوية رواتب العائدين إلى الخدمة العسكرية و الأمنية من التقاعد ، و احتساب فترة الانقطاع ، و ضمان حقوقهم المالية ، حسب التوجيهات الواضحة بذلك . و إنهاء تضارب المعاملات المذكورة بين جهة و أخرى في الدولة .
• إيقاف أساليب التحايل و الالتواء و التلاعب المؤدية إلى التهميش العمدي للكوادر التي تم إعادتها إلى العمل و حرمانها من تأدية العمل و من حقوقها المكتسبة .
• استكمال عودة الضباط و الأفراد إلى الخدمة بعد تسريحهم القسري بعد الحرب حيث و أن الكثيرين توجد بهم كشوفات في دائرة شؤون الضباط و الأفراد بوزارة الدفاع منذ فترات طويلة و لم تستكمل الإجراءات بشأنهم حسب الوعود و التوجيهات التي حصلوا عليها بهذا الخصوص .
• ترفع كشوفات من الوحدات و الدوائر في وزارة الدفاع بمنح البعض بقع أراضي ، و كذا إنشاء جمعيات سكنية و زراعية في بعض المحافظات ( صنعاء ، عدن ، حضرموت ) . و هذا يتم بسرية تامة حيث لم تشمل هذه الكشوفات الكثيرين من ضباط و أفراد المحافظات الجنوبية ، و جميعها ليست عادلة تقريبا .
• تنفيذ التوجيهات و المعالجات التي كانت قد اقرتها لجنة خاصة بشأن ما فقده القادة و العسكريون من أبناء المحافظات الجنوبية أثناء و بعد حرب صيف 1994م. . و تتضمن تلك المعالجات عودة المساكن و الأراضي و الممتلكات المستولى عليها إلى أصحابها ، و إنهاء سياسة النهب و البسط على الأراضي ، و غيرها من الإجراءات العملية التفصيلية .
• الثقة الصادقة من قبل الكوادر السياسية بالكوادر العسكرية العاملة من أبناء المحافظات الجنوبية و عدم التشكيك في ولائها الوطني .
• التعامل مع الكادر في المؤسسات الأمنية و العسكرية وفقا للمعايير القانونية الخاصة بالمؤهل و التخصص و الخبرة القيادية ، و غيرها .
*عضو مجلس الرئاسة السابق
( يتبع )
|
والله انك لا تعرف كوعك من بوعك .
وهل تعتقد ان النظام سيقبل بكل هذه المعالجات ؟
هل انت مستوعب الحقيقة التي على الارض ام انت من الغافلين ؟
اشعر ان فترة غيابك الطويلة عن الساحة سببها انشغالك بكتابة هذه المعالجات الطويلة والتي اظهرت بجلاء انك لا تعرف ماذا جري ويجري .
يقال في الحكمة
لن يستقيم الظل والعود اعوج .
لو فهمت معنى المثل هذا ستتغير مفاهيمك .