كيف نفهم مبادرة الشيخ للقاء الحوار في يافع
الشيخ عبدالرب النقيب رجل حر وشهم وتقي ومتواضع لدرجة يجعلك تستحي من تواضعه. لا تهمه الدنيا في شي حتى لو وضعت في قبضة يديه. أنه أبن الشهيد الشيخ احمد بوبك النقيب الذي قاوم الاستعمار إلى جانب السلطان محمد عيدروس العفيفي رحمة الله عليهما وأسكنهم فسيح جناته.
ثقوا أن خطوات الشيخ عبدالرب والخيرين المنادين لوحدة الأداة السياسية لن تصب إلى في خدمة تحرير الجنوب . كما أن الطريق إلى تحرير الجنوب لن يتم إلآ بوحدة الجنوبيين أولا...وحدة الجنوبيين أولا...وحدة الجنوبيين أولا...
أن من يمعنون في التفاصيل من قيادات الحراك ويضيعون الوقت في النقاط الخلافية لم يتسامحوا ويتصالحوا بالقدر الكافي الذي تحتمه عليهم مسئوليتهم تجاه شعب الجنوب. لقد مضت ثلاث سنوات منذ انتفاضة أبناء الجنوب التي عمت تقريبا كل محافظات الجنوب والتي عبرت عن السخط الشعبي من سوء المعاناة التي يتكبدها أبناء الجنوب في ضل سلطة الاحتلال القبلي المتخلف في صنعاء منذ حرب 94م.
الإقصاء، التشريد، الإحالة للتقاعد، البطالة،الانتحار، القضاء على المكتسبات المدنية لشعب الجنوب، تعميم الثقافة القبلية، التعصب الديني،نشر الفساد، تزوير الانتخابات، قمع المسيرات، تكميم الأفواه وحرية الرأي والصحافة، القتل العمد للمعارضين، نهب ثروات الجنوب،الفقر،العنصرية في التعامل مع الجنوبيين كمواطنين من الدرجة الثالثة ، كل تلك شكلت عناوين المعاناة التي يرزح تحتها شعب الجنوب منذ 94.
ماذا عملت القيادات السياسية لشعب الجنوب منذ 94م ؟ حسب علمي كانوا في أجازة، قلة مثل باعوم والنوبة لم يرتضوا السكون. وبدلا من أن يرتصوا كل السياسيين لقيادة الجماهير المتحدة أصلا بفعل المعاناة ، قامت هنا وهناك ومعظمها في مقائل القات مكونات لا ندرى ما الفرق بينها. وخرج البيض المسئول الأول عن معاناة الشعب وأعترف بالأخطاء وطلب وحدة كل المكونات في الداخل والخارج وأعلن في خطابة الأول الأهداف والأدوات ووسائل النضال الجنوبي نحو تحقيق فك الارتباط. وبدلا من التعاون معه نجد أن بعض المكونات ضلت تنقح مشاريعها المختلفة وللأسف انتشرت العدوى في ابحث عن نقاط الاختلاف عوضا عن البحث في نقاط الالتقاء. للأسف قيادات الحراك لم تتحد بعد ونجدهم ربما ودون عمد منهم يصنعون فشلهم بأنفسهم، بل أنهم لا يدركون أنهم بسلوكهم ذلك يعكسون خلافاتهم على جماهير الشعب التي تخرج في المسيرات لتتلقى رصاصات الاحتلال الغادرة والتي لا تدري لماذا هولا مختلفون !. هل فعلت في بعضهم المليارات التي يوزعها النظام للوأد الحراك.
لا أعتقد أن الجماهير ستخرج إلى الشارع لتستقبل رصاصات الاحتلال إذا عرفت مستوى وعي قيادات الحراك المنشغلة بال(المكونات، والتسميات،والبرامج،والشعارات،والزعامات، والتشكيك بالآخر،وفي الدعوة للفعاليات غير المنسقة)
ولحسن الحظ أن الجماهير لم تنساق بعد وراء العقليات المتضاربة لقياداتها، ولكنها ليس بمأمن من العدوى وإذا ما استشرى الخلاف بين قيادات الحراك فأن ذلك سينعكس على سلوكيات الأتباع من الجماهير الجنوبية ويفتت جهدها ويبعث على أحياء النعرات وغيرها من سلوكيات الماضي الأليم، هذا إن لم تفقد الجماهير الثقة بالحراك ككل.
المتغيرات السياسية في بلدنا وعلى الساحة الدولية لن تنتظر أحد منا حتى يتعلم ما يجب عمله والاتفاق عليه وما يجب الاختلاف عليه بمعيار الزمن الذي يمضي بسرعة.
ها هو المؤتمر الدولي يأتينا مفاجأة في توقيته الزمني ونحن غير جاهزين، بل ربما لم نكن نتوقعه كما لم تكن السلطة تتوقعه كذلك. وهاهي الحرب على القاعدة تتصدر الأولويات في السياسة الداخلية للسلطة والمجتمع الدولي ولم نكن نتوقع احتلالها الصدارة في أولويات المؤتمر بالمقارنة مع حرب صعده أو الحراك الجنوبي.
يبدو لي أن توقعاتنا التي نبني عليها أمالنا السياسية تخيب بسبب أننا نعيش في غفلة عما يدور من حولنا ولا نوثر فيها ولا نتأثر بها بالقدر المطلوب والمناسب لحجم قضيتنا. بل يبدو لي أن كل منا يغني على ليلاه وبعيدين عن ما تتطلبه منا مرحلة النضال من إدراك لأهمية تخطيط الأولويات في العمل السياسي وقياس مستوى ما أنجزتاه منها بعامل الزمن.
جاءت دعوة الشيخ النقيب لمكونات الحراك تداركا للوقت الذي إن لم تقطعه قطعك، ليقول لهم أن وحدة الحراك ضرورة ملحة طالما أصبح ملف اليمن على أجندة المؤتمر الدولي.
الشيخ النقيب وغيره من الغيورين على وطنهم يشاهدون كيف غيرت السلطة وحلفائها موقفهم من المؤتمر الدولي عندما تبين لهم أن أجندة المؤتمر ستناقش المشاكل السياسية التي تعصف باليمن.
خلال أسبوع تغير كل شي في مواقف أعداء الجنوب فالقاعدة تهدد بمواجهة التدخل الدولي، وقراصنة القاعدة في الصومال يهددون، والأحزاب السياسية تهدد، والسلطة تهدد، وإيران تهدد، والمسيرات الشعبية تهدد وتملا شوارع صنعاء وحتى التعبئة الدينية تستخدمها السلطة ضد الجنوب ( كقولهم الخارج عن الوحدة كالخارج عن الدين) .ا
إذن ما تفسيرنا لهذا الاصطفاف السريع والمفاجئ. السبب بسيط وهو أن كل القوى المتحالفة والمستفيدة من بقاء الجنوب تحت الاحتلال تقف صفآ واحدآ مع الرئيس (ونحن رغم ما نعانيه لم نصطف بعد مع رئيسنا). أعداء الجنوب يشتغلون صح ومضبوط 100%، حتى باجمال لم يفوتهم راحوا وجابوه واحتفوا به ومجدوه بعد ما أفقدوه الذاكرة عسى أن يلتحق بصفهم.
لقد انتصروا في حرب 94م لأنهم كانوا موحدين خلف رئيسهم على الرغم من خلافاتهم. وها هم يرتضون ضد الجنوب مرة أخرى كالجسد الواحد إذا تداعى له عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ماذا عملنا نحن كقيادات سياسية جنوبيه، هل صنعنا وعي الجماهير للنضال؟ لم نصنعه بل جاءنا مجانا . وعي الجماهير وشجاعتها بالنزول إلى الشارع وفي كل المحافظات الجنوبية صنعتها معاناتهم من الاحتلال.
المعركة لم تحسم في 94 بل لا زالت قائمة وإذا بقينا مختلفين فسنجني الهزيمة . علينا أن نتوحد حتى فيما نتفق عليه ونترك الباقي للمستقبل وللزمن. ما يلزمنا عملة هو التوحد في كيان سياسي واحد يسترشد بالخطاب السياسي الذي أطلقه البيض في مايو الماضي لنتمكن من توحيد الجهود والتقليل من التضحيات سيرآ بشعبنا نحو التحرير ، الاستقلال ، فك الارتباط ، سموه ما شئتم فاختلاف المسميات لا تعني شعب الجنوب بشئ لأن شعب الجنوب يعرف شي واحد فقط تقره كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية وهو حقه في السيادة على أرضه وفي تقرير مصيره السياسي.
فهل نتعص نحن السياسيين الجنوبيون ونتوحد ونتنازل لبعضنا البعض أم أننا سنضل نستجر خلافاتنا ونكرر أساليب العمل السياسي البالية التي لم نجني منها سوى ما نحن عليه اليوم من التخلف والذل والمهانة.
تحية للشيخ النقيب ولكل من سيضع بصماته في صنع وحدة الطليعة السياسية لأبناء الجنوب، فهي الأداة والسفينة التي ستبحر بشعب الجنوب نحو الحرية والاستقلال.
|