[أبو عامر اليافعي]

حسن مدن





تدعو إلى القلق الأحداث التي شهدتها المناطق الجنوبية في اليمن، لأنها لا يمكن أن تؤخذ معزولة عن سياقها التاريخي المعروف، حين كان اليمن حتى زمنٍ ليس بعيداً دولتين، لا دولة واحدة يضاعف من الشعور بهذا القلق ردود فعل السلطات اليمنية التي اعتقلت عدداً من قادة الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم جنوب اليمن قبل الوحدة، مما يضفي بُعداً سياسياً واضحاً على الأحداث التي جرت.



الحزب المذكور وصف ما جرى بأنه إرهاب قادة الحركة الاحتجاجية السلمية، والحيلولة دون تحولها إلى أداة فاعلة من أجل التغيير السلمي وبلوغ أهدافها بالوسائل الديمقراطية.



لا يقلل من أهمية موقف الحزب الاشتراكي ما جاء في بيان الحكومة اليمنية حول الأحداث حين اتهمت عناصر خارجة عن النظام والقانون بأنها وراء ما جرى، مهددة بأن أجهزة الأمن خولت باتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة لقمع الاحتجاجات.



حسب وسائل الإعلام فإن موضوع الاحتجاجات التي شهدتها منطقتا الضالع وردفان الجبليتان، كان احتجاج الأهالي في المنطقتين على رفض إدماجهم في القوات المسلحة، بعد تقديم طلبات إثر عرض توظيف أعلنه الجيش اليمني.



لكن الأحداث ما لبثت أن تجاوزت المطالب بتحسين ظروف المعيشة لمن خسروا وظائفهم بسبب حرب الانفصال ،1994 إلى المطالبة بانفصال الجنوب عن الشمال والعودة باليمن إلى دولتين كما كان قبل قيام الوحدة عام 1990.



هذا التوجه أثار مخاوف شديدة على مصير الوحدة اليمنية، التي يُنظر إليها على أنها المكسب الأهم لليمنيين في المرحلة التاريخية الراهنة، رغم مخاضها الصعب، لا بل والدامي في بعض المحطات.



موقف القوى الرئيسية في المعارضة لا يختلف عن موقف الحكومة في التمسك بهذه الوحدة، وهو الأمر الذي يحرص على تأكيده أيضاً الحزب الاشتراكي الذي خسر شراكته في الحكم التي تمت بعد الوحدة، بعد أن انزلقت اليمن إلى ما عرف في حينه بحرب الانفصال في عام ،1994 التي حسمتها الحكومة المركزية في صنعاء بقيادة الرئيس علي عبد الله صالح لمصلحتها.



لكن يظل أن الوحدة تحتاج، لكي تُصان وتتوطد، إلى سلسلةٍ من التدابير الجذرية التي تحتوي مرارات الماضي ومشاعر الغبن أو التمييز، وتزيل الشعور الدفين في النفوس من أن شطراً من اليمن انتصر على شطره الثاني، وتخلق اليقين بأن في هذه الوحدة قدر اليمنيين ومستقبلهم.

عن الخليج