شبكة الطيف - بقلم / وهيب الحاجب
الولايات المتحدة الأمريكية تعرف جيدا الدور الذي قامت به الدبلوماسية اليمنية وقنواتها الاستخبارية في قضية الشيخ عبدالمجيد الزنداني ومحاولات اليمن والرئيس علي عبدالله صالح شخصيا لاسقاط اسم الزنداني من قائمة الإرهابيين الدوليين والممولين للإرهاب في عدد من بلدان العالم
فالشيخ الزنداني _وربما مسؤولين آخرين_ يقيمون في اليمن تحت ضمانات قدمتها سلطات صنعاء للولايات المتحدة ويزاولون أعمالهم وأنشطتهم السياسية والخاصة بناء على اتفاقات والتزامات سياسية تعهدت بها اليمن لأمريكا ، وهذا لايعني طبعا موافقة أمريكا أو اقتناعها بطلبات اليمن لاسقاط الزنداني من قائمة الإرهاب بقدر مايعني التوقف ، ولو مؤقتا ، عن ملاحقته مقابل تلك الضمانات والالتزامات التي تطوع بها الرئيس علي عبدالله صالح ونظامه . كذلك تتفهم الولايات المتحدة الدور ذاته الذي اضطلع به النظام اليمني الرسمي في قضية الشيخين (المؤيد وزايد) وتحركاته المكثفة بين أمريكا وألمانيا واليمن منذ اعتقالهما في مطلع العام 2006 حتى إجراءات المحاكمة .. وتعلم أمريكا والعالم كله تفاصيل المسرحية ومشاهدها التي هرب خلالها ثلاثة وعشرون عضوا بتنظيم القاعدة من سجن الأمن السياسي في قلب العاصمة ، وتعلم أيضا بحجم المساعدات العسكرية والأسلحة التي ارسلها الجيش اليمني للمنشقين عن المحاكم الإسلامية في الصومال درءا لسيطرة المحاكم واستتباب الأمن في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي .
مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية الـ (f.b.i) لديه حصيلة من المعلومات عن مسؤولين يمنيين وشخصيات عسكرية وسياسية وعلاقاتهم المباشرة بعدد من الهجمات الإرهابية التي وقعت في اليمن ضد مصالح أمريكية وغربية ، وتوصل _حسب تقارير دولية_ إلى أدلة جنائية تدين مسؤولين في ارتكاب وتمويل هجمات من هذا القبيل ، بعد تحقيقات قام الـ (f.b.i) سرا مع قيادات عسكرية ومدنية في السلطات اليمنية ، وكذا استدعائه وطلبه التحقيق مع شخصيات من الحجم الكبير لكنها رفضت أو تجاوبت سرا في أوقات لاحقة بعد أن تمكنت من إخفاء وطمس ما قد يدينها من آثار الجريمة ، ذلك كما حصل في حادثة تفجير المدمرة الأمريكية كول بميناء عدن في العام 2001 عندما طلب مكتب التحقيقات التحقيق مع اللواء على محسن الأحمر وعدد من القيادات العسكرية في القوات البحرية والجوية اليمنية .
ويمتلك الـ (f.b.i) أيضا معلومات استخبارية تشير إلى أن الإرهاب والقاعدة في اليمن يأخذان صفة رسمية يمارسها النظام كأحد واجباته ومهامه في ترسيخ الحكم وإرساء دعائم الدولة .
كل تلك الحيثيات والوقائع المكشوفة وغيرها التي تتضمنها أجندة الـ (f.b.i) والـ (c.i.a) الأمريكيين لايبدو أنها ستجعل من اليمن ونظام الرئيس علي عبدالله صالح القبلي المتخلف حليفا موثوقا به لدى الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب وكبح منابع تمويله ، لكن مفارقات الواقع تشير إلى العكس من ذلك ؛ فأمريكا دعمت اليمن خلال العام الماضي فقط بـ 70 مليون دولار جندتها سلطات صنعاء لتنشيط خلايا القاعدة النائمة في اليمن والجزيرة العربية والقرن الإفريقي وفتحت منها معسكرات لتدريب وتسليح واستقطاب أعضاء جدد ودفعت منها أيضا مرتبات ومكافآت للقياديين البارزين في التنظيم الذين يتبعون ماليا وإداريا للقصر الجمهوري في صنعاء ؛ الأمر الذي زاد من تحركات ونشاط القاعدة في هذه المنطقة ورفع من احتمالات وقوع هجمات إرهابية من الحجم الكبير ، فعزز حسن الانفاق والترشيد السليم هذا لدى عصابة صنعاء امكانية استمرار أو الزيادة في نسبة الدعم الأمريكي وهو ما أعلنته الإدارة الأمريكية فعلا مع مطلع العام الجديد .
ولعل تناقضات الإدارة الأمريكية في مواقفها من الإرهاب في اليمن ونوايا النظام لمحاربته ، يقابلها على الطرف الآخر سياسات التمويه والخداع والمكر التي يعتمد عليها اليمن .. قد شكلتا معادلة صعبة تتأرجح بين أطماع سياسية استراتيجية استعمارية أمريكية في اليمن وبين سياسات افتعال الأزمات والمكر والخداع والمغالطة التي تراها صنعاء مصدرا لرزقها لتثبيت دعائم سلطانها وأداة حادة لتصفية من ينافسها على الحكم والثروة ؛ الأمر الذي يفضي في الأخير إلى أن تصنع أمريكا من اليمن قنبلة أو قنابل موقوتة مفخخة بالإرهاب قد تنفجر في وجه الولايات المتحدة الأمريكية قبل وصولها إلى مآربها وأطماعها الاستراتيجية في اليمن والجزيرة العربية ككل .
هذا المقال جيد مع اني لا اعرف صاحبه لكنه يكتب باللطيف
|