جمال عبادي يشرح كيف تم اعتقاله كابوس منتصف الليل:
اقتحم رجال الأمن منزلي وأشهروا السلاح في وجهي
* رأيت باعوم يُساق من مرقده مكبلاً بالأغلال
ساعة الصفر لدى الأجهزة الأمنية عادة ما تكون في الهزيع الأخير من الليل، لكن زوار الفجر قرروا هذه المرة توقيتاً مغايراً، فقد دهموا منازل العديد من قيادات الاحتجاجات في الجنوب بعيد منتصف ليل الاثنين. كانوا، على الأرجح، خاضعين لساعة بيولوجية أمنية جديدة.
جمال عبداللطيف عبادي رئيس الهيئة الوطنية لأبناء عدن كان يستضيف في منزله في كريتر- عدن حسن باعوم عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي القادم من حضرموت. كان جمال في غرفة نومه عندما دهم رجال أمن قال إنهم تابعون لجهاز الأمن القومي، منزله، واقتحموا غرفة النوم، واقتادوه هو وضيفة المهم إلى مقر الأمن السياسي في معسكر فتح.
أفرج عن جمال عبادي، 55 عاماً، في الرابعة من فجر الثلاثاء بعدما أخضع لاستجواب مطوَّل. ومساء أمس كان يتحدث من منزله لـــ«النداء» عن وقائع اعتقاله. وقد بدا مرهقاً، وكان يرتدي نفس الزي الذي كان يلبسه في الليلة الماضية، مؤكداً بأنه لم يذق طعم النوم منذ لحظة انتزاعه من غرفة نومه.
قال: «كان باعوم نائماً في الدور الأول من منزلي، فيما كنت وأسرتي في الدور الثاني»، وأضاف: «سمعت ضرباً عنيفاً على باب البيت وتم كسره، ليحتل البيت خمسة أو سبعة أشخاص يرتدون ملابس مدنية، وبعضهم ملثم، وانتشروا في أنحاء البيت».
«أشهر شخصان السلاح في وجهي، وسحبوني حافي القدمين إلى سيارة تنتظر أمام البيت». تابع: أدخلوني السيارة، ثم جاءوا بحسن باعوم، وقد رأيته مكبلاً بالأغلال، وانطلقوا بنا إلى معتقل فتح».
في المعتقل أُجري تحقيق روتيني مع جمال عبداللطيف عبادي، ثم أفرج عنه في الرابعة فجراً. أبلغه المحققون بأن اعتقاله تم خطأ، وأنه ليس مطلوباً. وذكروه بأنه عدني، قائلين بنبرة مستنكرة: انتم أبناء عدن أيش دخلكم بالآخرين؟
يرى عبادي بأن الإفراج السريع عنه استهدف إبعاد عدن عن الحراك الجنوبي، خصوصاً وأنه شخصية معروفه قد يثير اعتقاله فئات واسعة في مدينة عدن.
وهو يملك مكتبة شهيرة في كريتر، وتوارث مهنة بيع الكتب وطباعتها أباً عن جد. وتملك أسرة عبادي أقدم مكتبة في الجزيرة والخليج، كما تملك دار شهيرة للطباعة والنشر. وتحتل مكتبة جمال الدور الأرضي، فيما تقيم أسرته في الدورين الأول والثاني من المبنى.
في اللحظة التي تم فيها انتزاع عبادي وباعوم من مرقديهما، كانت مجموعات أمنية أخرى تنفذ عمليات مشابهة في مواقع أخرى من عدن والضالع وردفان. «أوصلونا أولاً إلى المعتقل، وهناك شاهدنا رجال الأمن يسوقون أشخاص آخرين إلى المعتقل»، قال مستذكراً بعض من شاهدهم.
شاهد علي منصر سكرتير منظمة الاشتراكي في عدن والمحامي يحيى غالب، وأحمد عمر بن فريد الكاتب والناشط السياسي، وآخرين وُضعت رؤوسهم في أكياس لإخفاء هوياتهم.
تابع: «منعونا من تبادل الحديث»، وإذ أكد بأن الأشخاص الذين نفذوا عمليات الاعتقال تابعون لجهاز الأمن القومي، لفت إلى أن الأمن السياسي هو من تولى استجواب المعتقلين.
عند اقتياده من منزله سمع عُبادي أحد عناصر الأمن يؤكد بأن قائمة الاعتقالات تشمل أسماء عديدة، يتصدرها إسم ضيفه حسن باعوم.
وإذ أسف لعدم تمكنه من حمل أدوية ضيفه معه بسبب المباغته والترويع اللذين استخدمهما رجال الأمن، تساءل: أي قانون يسمح باعتقال المواطنين في منتصف الليل، ومن منازلهم، ومن بين أبنائهم؟
معلوم أن حسن باعوم يعاني من أمراض عديدة، ويخشى عديدون من مضاعفات خطيرة على صحته.
مساء أمس واصل جمال عبادي استقبال أصدقائه ومتضامنين من فئات مختلفة. وعلى ما يبدو فإنه سيمضي ليلته الثانية ساهراً يتلقى اتصالات من منظمات حقوقية، محلية وخارجية، ما يعني أنه سيذهب إلى النوم متأخراً، وقد يعاوده في حال غلبه النوم كابوس «منتصف ليل عدني» رهيب، وقد يمنعه العياء والإرهاق من فتح مكتبته صباح اليوم، لكن ذلك لن يثير قلق «وَّراق» تجري أحبار الكتب في دمه، فالسلعة الرائجة في سوق السياسة هذه الأيام هي «الرصاص الحي».
__________________
|