الحراك والقاعده والحوثين.............؟موضوع منقول من منتديات لحظه العرب ومطروح للطلاع
الجزء الاخير
كان وما زال من حق المملكة العربية السعودية، ومن واجبها ان تدافع عن ارضها ضد أي مس بأمنها وسيادتها وبكل الوسائل المتاحة ردعاً وحزماً ودرساً، فهي عنوان الكرامة الوطنية، والواجب الاخلاقي، لأي دولة في الكون، فكيف لدولة مثل المملكة التي تضطلع بحماية المقدسات الاسلامية واحتضان ملايين العرب والمسلمين على اراضيها ومد يد العون لمئات الملايين خارجها، فضلاً عن حرصها على سلامة اراضي وشعوب المسلمين والعرب في كل مكان والعمل لها بكل طاقاتها؟
ولم يكن غريباً ابداً، بل واجب وحق دائمان ان ترد المملكة على العدوان الذي شنه الحوثيون ضد اراضيها، وبادلوا المعروف والاحسان بالغدر والعدوان، وتجاهلوا حقوق الجيرة، وعنوان الاخوة بين المسلمين كما اوصى الله ورسوله الكريم، وسعوا لتنفيذ مشروع توسعي فارسي على حساب ارضهم العربية وأمتهم واشقائهم العرب.
ولقد تنادى العرب جميعاً، وكل المسلمين – عدا ايران – للوقوف مع المملكة وقيادتها في مواجهة العدوان الحوثي على اراضيها، وادانة التدخل الايراني السافر في شؤون بلد عربي آخر هو اليمن، لاستفزاز المملكة واستنـزافها للفت النظر عن مشاكلها الداخلية، واستخدام الدم العربي مراقاً لخدمة مشروع ايراني توسعي، واستغلاله لحماية مصالح فارسية بحتة في مفاوضاتها مع الغرب حول ملفها النووي وغيره.
حقق الحسم السعودي اهدافه بوضوح، وهو إخراج العدوان الحوثي من اراضي المملكة، والمحافظة على ارواح ابناء المملكة الذين تعرضوا للعدوان الحوثي، وتنبه العرب جميعاً والمسلمون كلهم – عدا ايران – الى غايات وأهداف هذا العدوان ومن وراءه، ولم يعد ممكناً تغطية تحرك الحوثيين من احد، بغض النظر عن مساوىء ومظالم نظام صنعاء في اليمن بلد الحوثيين انفسهم.
فماذا بعد؟
لا يمكن ان يوافق قادة المملكة العقلاء وشعبها العربي المسلم على ان تستمر الحرب، وهي كره لهم، وكانوا ضدها على الدوام، ولم يريدوا في أي لحظة الانخراط فيها، وقد دخلوها حقاً وواجباً للدفاع عن انفسهم وأرضهم.. قسراً.
ولن يسمح قادة المملكة لأحد ان يستنـزفهم في حرب لم تكن تخطر لهم على بال، وهم الساعون لتنمية غير مسبوقة في المملكة السعودية، ومشاريع عمران وانتاج وتعليم وعلم كانت احلاماً وها هي تتحقق لمصلحة الملايين من ابناء الشعب السعودي والعرب والمسلمين.
المملكة تريد صرف موازنتها على ارضها مشاريع وانتاجاً وتوظيفاً وتعليماً وتقنية وزراعة وصحة وتربية وخدمات في القارة التي هي ارضها، ولا تريد للحظة ان تحول مشاريع الانتاج الى شراء اسلحة بالمليارات لتحمي نفسها من عصابات تستدرجها لاستمرار الحرب بدفع من ايران، وبغباء وفساد من النظام في صنعاء ودهاء منه.
لذا،
والمملكة العربية السعودية في موقع القوي الآن بعد رد العدوان، تريد ان توقف الحرب، وان تحافظ على حقها بالردع وحفظ الارض والناس والسيادة والكرامة.
وهذا كله يبدأ ويمر بالسياسة التي اعتمدتها المملكة السعودية عبر تاريخها برفضها التدخل في شؤون الآخرين.. تماماً مثلما ترفض تدخل الآخرين في شؤونها.
انطلاقاً من هذا تكرس المملكة هذه السياسة في عدة مسارات:
المسار الاول: منع العدوان من أي جهة كان على اراضيها، وحسم الامر مع الحوثيين الذين بدأوا بالعدوان.
المسار الثاني: استنهاض الالتزام المعتمد دائماً مع اليمن وهو التزام عبر عنه بكفاءة عالية ولي العهد الاول وزير الدفاع والطيران الامير سلطان بن عبدالعزيز في تعاطيه مع شؤون اليمن.
لقد كان اول سفير سعودي الى اليمن بعد ثورة 26 ايلول/سبتمبر عام 1962 ودور الجيش المصري لحماية الثورة، هو خال الامير سلطان الشيخ مساعد بن احمد السديري، كتعبير عن حرص المملكة على افضل العلاقات مع الجار الجنوبي.
ثم تابع مسؤولو المملكة طيلة 40 سنة بعد ذلك، الاهتمام بشؤون اليمن ضمن اولوية اعمال الامير سلطان نفسه، وهو الذي فتح مجالسه لقادة اليمن واهل الرأي والفكر والسياسة ومشايخ القبائل وأهل الدين ومعظمهم من الزيديين لمحاورتهم والوقوف على مشاكلهم والعمل على حلها كأنهم ابناء المملكة انفسهم.
وعندما كان الحوثيون يقاتلون الجيش المصري في اليمن ومحاربة النظام الجمهوري بقيادة المشير عبدالله السلال، كانت المملكة ظهرهم الحامي تمدهم بالمال والسلاح.
وعندما استقرت الامور للنظام الجمهوري وأعيدت العلاقات بين اليمن والسعودية عام 1972، وتم تعيين خال الامير سلطان (والملك فهد فيما بعد) سفيراً في اليمن، كان جزء اساسي من ميزانية الدولة اليمنية يعتمد على المساعدات السعودية في كل المجالات.
المسار الثالث: احتضان السعودية لمليوني يمني يعيشون على أراضيها وكثيرون منهم بات يحمل الجنسية السعودية، وبات جزءاً من النسيج الاجتماعي السعودي، وكثيرون من هؤلاء باتوا من أغنى أغنياء السعودية، وبعضهم يرسل المال لإعالة آلاف الأسر اليمنية في بلادهم، وتطوير أوضاعهم في مختلف الحقول.
المسار الرابع: لأن المملكة تريد كل الخير والاستقرار لليمن، وان ينصرف إلى التنمية في كل المناطق، حتى يتوافر الأمن له كله تحت عناوين الاكتفاء وتوفير فرص العمل والنهوض الزراعي وتقديم الخدمات الصحية وافتتاح المدارس وشق الطرقات، وإقامة الدولة القوية، وتعزيز المؤسسات، ولا يمكن للمملكة أن تسمح بما يهز استقرار هذا الجار الجنوبي لأرضها المتواصل معها اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً خاصة وانه يمكن أن يكون مصدر متاعب لها، كما تبين من وقائع تسلل جماعات من ((القاعدة)) من اليمن للتخريب داخل المملكة، فضلاً عن تسرب عمليات تهريب للمخدرات أو لمهاجرين من الصومال أو اريتريا ليحملوا إلى داخل أراضيها موبقات وسلوكيات العصابات التي استفحل شأنها في الصومال وغيره.
لذا
عندما بدأ الحوثيون تمردهم، نصحت المملكة اليمن أن يبادر إلى التعامل بما يلزم من حوار وحزم معاً، أي باللين والشدة مع مواطنين يجب أن يلتزموا قوانين بلدهم مع الحصول على حقوقهم.
لقد اتضح للمملكة منذ اللحظة الأولى لبدء هذه الحروب مع الحوثيين عام 2004، ان إيران تسعى لإيجاد موطىء قدم لها داخل الأراضي اليمنية وعلى حدود المملكة العربية السعودية عبر هؤلاء تحت ستار مذهبـي فالمملكة كانت تعرف التوجه المذهبي بالتشيع السياسي لقادة الحوثيين منذ ان استقر حسين الحوثي في طهران لعدة سنوات مع والده المرجع السيد بدر الدين الحوثي وهو أحد أبرز مراجع الزيدية في اليمن، وتعرف ان الرجلين جاءا إلى لبنان والتقيا أبرز مراجع الشيعة فيه، وفي مقدمهم السيد محمد حسين فضل الله، كما التقيا أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
وتعرف المملكة ان الحوثيين لم يعتنقوا المذهب الشيعي الاثني عشري، لكنهم التزموا الموقف السياسي الإيراني، خاصة وان السيد بدر الدين الحوثي وأثناء وجوده في طهران لسنوات تحدث عن خلاف مع التهور الإيراني، ومع الاستعلاء الفارسي على العرب، وقال في إحدى مناقشاته النظرية مع مسؤولين إيرانيين، اننا نحن اليمنيين الذين نقلنا التشيع المعتدل إلى إيران، فكيف تريدون نقل التشيع المتطرف إلينا الآن..
ومع هذا
تعرف المملكة ان حسين الحوثي تأثر سياسياً إلى حد كبير بالثورية الإيرانية ودعوة الإمام الخميني لمعاداة أميركا وإسرائيل وكذلك تأثر كثيراً بالسيد حسن نصرالله رغم ان حسين أكبر سناً منه (الحوثي من مواليد عام 1956) واعتمد شعار الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، النصر للإسلام، لأنه أراد أن يجمع الناس معه على شعار سياسي خاص بهم.
تعرف المملكة ان هذا الشعار جذاب لطهران التي اعتبرت رفعه في صنعاء وفي الجامع الكبير فيها، تجاوباً مع دعوتها لتصدير الثورة، وهو ما تم الاتفاق عليه مع حسين ووالده بدر الدين خلال وجودهما في طهران.
إذن
اتفق بدر الدين ونجله حسين الحوثي في السياسة الثورية، مع إيران، واختلفا في المسألة المذهبية.
لذا
فالسعودية لا تواجه في أي لحظة حالة مذهبية شيعية، بل تواجه توجهاً سياسياً بالتشيع الإيراني أي في السياسة وليس في المذهب. وهذا ما يجب التفريق بينه، وان كان يحتم على المملكة ألا تتساهل في حقها في الدفاع عن أرضها في مواجهة التوسع الإيراني عبر الحوثيين أو غيرهم.. هذا أولاً.
أما ثانياً.. فإن المملكة لا تستطيع وتحت شعار الدفاع عن أرضها ان تدافع عن سلوكيات نظام علي عبدالله صالح التي ساهمت إلى حد كبير في تفجير الأوضاع في شمالي اليمن وعلى حدودها، لأن من شأن هذا التفجير أن يتوسع أولاً نحو حدودها وهذا ما حصل، ثم من شأنه أن يتحول إلى حرب استنـزاف ضدها وهذا ما يجب تجنبه.
فالمملكة تعرف ان الفساد المستشري في اليمن يجعل نظامها فاشلاً لا يستطيع حماية الناس والأرض، خاصة مع اهتمام قادته بالمال والجاه والنفوذ.. عبر الاستمرار في الحكم.
ثم ان الاستمرار في الحكم لم يعد كافياً لدى البعض ان لم تتم صيانته بالانفراد بالسلطة، وهذا هو السباق الكبير اليوم بين قوى السلطة العسكرية تحديداً وأبرزها:
1- الحرس الجمهوري بقيادة نجل الرئيس أحمد علي عبدالله صالح الذي أنهى دراسته الجامعية في أميركا ثم التحق بدورة عسكرية في الأردن متخرجاً برتبة عقيد ليقود أهم وأقوى فرقة عسكرية في اليمن من حيث العديد والتسليح والتدريب، وهو أبرز المرشحين لخلافة والده في السلطة على غرار ما هو سائد في النظم الجمهورية العربية او الجماهيرية.
2- فرقة المدرعات بقيادة ابن عم الرئيس العميد علي محسن الاحمر، الذي يعتبر نفسه الأحق بحكم اليمن بعد علي صالح، حيث يعتقد ان هناك اتفاقاً قديماً حصل بينهما عام 1978 بأن يتسلم علي صالح السلطة مؤقتاً يومها، ثم يسلمها للأحمر.
فالعميد علي محسن الأحمر كان موجوداً في صنعاء لحظة مقتل حسين الغشمي الذي كان رئيساً للجمهورية بعد قتل الرئيس المظلوم ابراهيم الحمدي في عام 1977، بينما كان علي صالح قائداً للواء تعز، فاستدعاه الأحمر ليكون هو الرئيس المؤقت الى ان يتسلم الأحمر السلطة منه بعد ذلك، وقد طال الزمان لأكثر من ثلاثين سنة حتى يتسلم الأحمر السلطة بعد ابن عمه، لكنه يراه اليوم يهيـىء نجله احمد لهذه الوراثة..
3- اجهزة الاستخبارات كلها وعددها اكثر من خمسة تقع في ايدي عائلة الرئيس علي عبدالله صالح.
4- سلاح الطيران في يد ابن شقيق الرئيس العميد صالح الذي توفي في لندن منذ عدة سنوات بمرض السرطان.
هؤلاء جميعاً يخوضون اليوم معركتين:
المعركة الاولى هي البقاء في السلطة وترتيب الوراثة لأحدهم على حساب الآخر.
المعركة الثانية هي الاستمرار في المعارك الداخلية للحصول على المغانم والمكاسب وإظهار حاجة النظام لهم في مواجهات دموية تهدد الكيان والنظام سواء في شمالي اليمن او جنوبه.
ومفاسد النظام في الشمال لا تقل او تـزيد عن مثيلاتها في الجنوب، فإحدى القوى الاساسية في النظام وهي فرقة العمالقة تفرغت للسيطرة على مقاليد الحكم في الجنوب وأرسلت أفراد وضباط الجيش الجنوبي السابق لمقاتلة الحوثيين في الشمال مما اسفر عن هزائم عسكرية حقيقية للجيش اليمني في مواجهة الحوثيين وأتباعهم.
فأبناء الجنوب يقاتلون في الشمال دون قضية ودون خبرة وتحت إمرة ضباط الشمال اللاهثين وراء مكاسب سياسية عبر زج الرئيس صالح في المعارك لاستنـزافه.
وبالمقابل فإن علي صالح يريد إطالة أمد نظامه وتهيئة الظروف المناسبة لتسليم نجله احمد السلطة، عبر تصعيد التهديد الحوثي ضده، ليلقى الدعم من الدول العربية خاصة السعودية لحماية نظامه الفاشل والفاسد.
كثيرون يؤكدون ان العمر الافتراضي لهذا النظام قد انتهى منذ مدة، وهو ليس على وفاق مع احد في الداخل، وهو يحكم بقواه العسكرية والأمنية التي تتصارع فيما بينها.
النظام اليمني يعيش خريفه الحقيقي بعد الفشل المستمر في تحقيق الاستقرار مع مكوناته الاجتماعية، وهو يصعّد روح العداء بين فئاته الوطنية، وهو يحاول تقليب القبائل على بعضها مثلما حاول تقليب الاسلاميين ضد بعضهم بعضاً، فساند حزب الحق وهو تنظيم حسين الحوثي الاول ضد التجمع اليمني للإصلاح، ثم ساند مقبل الوادعي السلفي المتطرف ضد حزب الحق، ثم ساند الشباب المؤمن خليفة حزب الحق، ثم انتمى الشباب المؤمن الى حركة الحوثيين. وهو حكم الجنوب بالحديد والنار والفساد ونهب ثرواته وتشتيت أطره وضباطه ليحكم ضباطه الفاسدون المحافظات الجنوبية – الشرقية، وهو على نـزاع دائم مع اللقاء المشترك للأحزاب المختلفة، وهو يريد السلطة لإبنه على حساب اخوته وابناء عمومته، وفي الوقت نفسه يريد من هؤلاء ان يقاتلوا معه معاركه، وهم يخوضون المعارك لحسابهم في جهد كبير لتوريطه.
النظام الفاسد في صنعاء لا يستطيع بوضعه ان يواجه الحوثيين، ومن مصلحته توريط السعودية في حرب استنـزاف في اليمن وهو بهذا يلتقي مع ايران في هذا الاستنـزاف عقاباً للمملكة على مواقفها المشرفة دفاعاً عن الارض العربية في كل مكان.
لذا
لن تسمح المملكة التي تعرف كل هذا ان تستنـزفها ايران في حروب عبثية، ولن تسمح لعلي عبدالله صالح الحاكم الفاشل ان يستدرجها في حرب عبثية ليستمر هو في حكمه
|