2. النواحي التسع:
ظهرت هذه التسمية في عام 1290هـ / 1873م، بعد التدخل العثماني في شئون جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، حيث مثل هذا التدخل تهديداً مباشراً لطبيعة العلاقة التي تربط قبائل المنطقة بالبريطانيين، ووجد البريطانيون أن من المهم القيام بشيء أكثر فعالية من الترتيب العرضي العابر للوقوف أمام التهديد العثماني، فنتج عن ذلك تحويل سياستها تجاه المنطقة من سياسة التهدئة إلى سياسة الحماية، وانتهى الأمر إلى إبرام العديد من معاهدات الحماية، مع تسع من السلطنات والإمارات هي: العبدلي "لحج"، الفضلي، العولقي، اليافعي، الحوشبي، الضالع، العلوي، العقربي، الصبيحي.
وقد ساعد بريطانيا في سياستها الجديدة "سياسة الحماية" رغبة الحكام المحليين في الانفصال عن الدولة العثمانية، ومن ثم فقد رحب هؤلاء الحكام بتزويد بريطانيا لهم بالأسلحة والأموال، مقابل الحماية التي نتج عنها تجميد الانقسامات القبلية وإبقائها على حالتها، كما جمدت النزاعات داخل القبائل نتيجة تعزيز بريطانيا لسلطة السلاطين والأمراء والمشايخ.
ومما تجدر الإشارة إليه أن سلطنة العبادل "لحج" لم تدخل هذا النوع من المعاهدات، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن علاقة بريطانيا معها ترجع إلى وقت مبكر قبل تبني النمط التقليدي لمعاهدات الحماية.
غير أن بريطانيا أدخلت سلطنة العبادل في خارطتهم السياسية، التي رسموها وطلبوا من الدولة العثمانية أن تعد جميع السلطنات والإمارات الموجودة في الخارطة تحت النفوذ البريطاني، والتي لا يحق للعثمانيين التدخل في شؤونها، ومنذ تقديم هذا المشروع عام 1290هـ/ 1873م أصبحت تلك المناطق تعرف بالنواحي التسع.
وظلت هذه التسمية متداولة من قبل العثمانيين بصورة خاصة لفترة طويلة على الرغم من أن الإمارات التي وقعت على هذه المعاهدات ازداد عددها بمرور الزمن.
ومما يجدر ذكره أن تحديد بريطانيا للنواحي التسع لم يكن بهدف حماية عدن فحسب لأن ذلك تحقق بحمايتها للفضلي والعبدلي والعقربي. بل كان الهدف منه هو دعم الوحدات الانفصالية التي انفصلت عن الحكم المركزي في صنعاء في القرن الثاني عشر الهجري، الثامن عشر الميلادي لتصبح ضمن وحدة سياسية تحت نفوذهم.