عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-16, 03:28 PM   #28
فتحي بن لزرق
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-27
الدولة: عدن المحتلة
المشاركات: 1,103
افتراضي

الرقابة على الصحافة والخروقات بحق الصحفيين والصُحف

داهمت حكومة صنعاء التغطية الإعلامية المستقلة والجنوبية الحزبية لأحداث الجنوب. فالتعبير الحر في اليمن يعتبر تحت الحصار.
في 4 مايو/أيار 2009، أوقفت وزارة الإعلام عن النشر ثماني صحف يومية وأسبوعية مستقلة جراء تغطيتها لأحداث الجنوب.[145] وطبقاً لمحامين يمنيين كان هذا إجراء غير مسبوق وغير قانوني.[146] ثم سُمح للصحف الأسبوعية بمعاودة النشر في أواخر يونيو/حزيران.
وفي 11 مايو/أيار 2009، أنشأت الحكومة محكمة جديدة لمحاكمة الصحفيين. وبحلول يوليو/تموز بدأت المحكمة تنظر في بعض القضايا.[147] وتوجد نيابة منفصلة لقضايا الصحافة والمطبوعات، وفي الماضي أحالت تلك النيابة الصحفيين والمشتغلين بالإعلام إلى المحكمة جراء انتهاكات مزعومة لقانون العقوبات وقانون الصحافة والمطبوعات.
الانتهاكات بحق الصحفيين والمحررين والمدونين وكُتاب الرأي الموثقة أدناه، بينما هي فريدة من نوعها لما تحمل من حدة، فهي ليست بالظاهرة الجديدة في اليمن. في عام 2008 انتهت بحوث هيومن رايتس ووتش في انتهاكات حقوق الإنسان المُرتكبة في سياق النزاع المسلح بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية شمالي اليمن، إلى وجود إجراءات تضييق مشددة على حرية التعبير، وحملة واسعة النطاق من التهديدات والمضايقات، والاعتقالات التعسفية، والاتهامات المُختلقة بحق الصحفيين وغيرهم من قادة الرأي.[148]
المعايير القانونية الخاصة بحرية التعبير

المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تكفل الحق في حرية التعبير:
لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.[149]
ويسمح القانون الدولي بتقييد حرية التعبير "لحماية الأمن القومي"، لكن هذا التقييد لا يشمل التعبير السلمي عن مطالب الانفصال، كما ورد في مبادئ جوهانزبرغ عن الأمن القومي وحرية التعبير والحصول على المعلومات.[150]
قانون الصحافة والمطبوعات اليمني لعام 1990، الذي حدد صلاحيات وزارة الإعلام وينظم حرية الصحافة، يُعتبر على الورق أحد أكثر قوانين الصحافة حرية في الشرق الأوسط. فقد وردت فيه جملة من الحريات للصحفيين، وحقوق المواطنين في حرية الصحافة:
حرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات حق من حقوق المواطنين لضمان الإعراب عن فكرهم... الصحافة المستقلة تمارس رسالتها بحرية... الصحافة حرة فيما تنشره وحرة في استقاء الأنباء والمعلومات من مصادرها... حماية حقوق الصحفيين والمبدعين وتوفير الضمانات القانونية اللازمة لممارسة المهنة وحقهم في التعبير دون تعرضهم لأي مسألة غير قانونية يكفلها القانون، مالم تكن بالمخالفة.[151]
إلا أنه رغم التأكيد على أن "الصحافة مستقلة"، فإن الديباجة نفسها تضع عبئاً ثقيلاً على الصحافة: "تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع وتكوين الرأي العام والتعبير عن اتجاهها بمختلف وسائل التعبير في إطار العقيدة الإسلامية والأسس الدستورية للمجتمع والدولة وأهداف الثورة اليمنية وتعميق الوحدة".[152]
ويفرض القانون محاذير مبهمة فضفاضة على أنواع الأنباء التي يمكن نشرها. فالسلطات اليمنية استخدمت المادة 103 للرقابة على الصحافة المستقلة. وهي تحظر انتقاد رئيس الدولة وكذلك نشر أية موضوعات "تبث روح الشقاق والتفرقة بين أفراد المجتمع" أو "تؤدي إلى ترويج الأفكار المعادية لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية أو المساس بالوحدة الوطنية أو تشويه التراث والحضارة اليمنية والعربية والإسلامية".[153]
عقوبات انتهاك هذه المحظورات، إذا ثبتت في المحكمة، تشمل إغلاق المطبوعات ومنع الصحفيين من مزاولة مهنة الصحافة، وغرامة بحد أقصى 10 آلاف ريال يمني (50 دولاراً) والسجن لمدة عام، رغم أن صحفيين قد حُكم عليهم بفترات أطول من السجن جراء مقالات حساسة.[154] كما يحق لوزارة الإعلام مصادرة أية مطبوعة أو صحيفة "إذا تم الطبع أو الإصدار والتداول خلافاً" لقانون الصحافة والمطبوعات، لكن "يُعرض الأمر على القضاء للنظر في مصادرة الأشياء المحجوزة عليها"، ولأصحاب الشأن في الصحيفة الحق في "اللجوء إلى القضاء للطعن بقرار الحجز والمطالبة بتعويض ".[155]
"الخطوط الحمراء": الرقابة الذاتية التي فرضتها الحكومة

انتهاكات حقوق الإعلام في اليمن لا تتوقف فقط على مصادرة الصحف واعتقال الصحفيين وغيرها من أشكال الاضطهاد الشبيهة، بل هنالك أيضاً جهود مبذولة لضمان ممارسة الإعلام لرقابة ذاتية وعدم تخطي "الخطوط الحمراء" وهي القضايا المحظور تداولها في الإعلام والتي قد تؤدي إلى مصادرة أعداد الصحف، أو حتى الاعتقال والمقاضاة للصحفيين أو رؤساء التحرير. هذه "الخطوط الحمراء"، ليست مكتوبة في كل الحالات، وهي معروفة من قبل الصحفيين ورؤساء التحرير ولا تقتصر على أحداث جنوب اليمن. وروى أحد المحررين لـ هيومن رايتس ووتش كيف كتب مسؤولون من الأمن القومي للصحفيين والمحررين في 2004 يأمرونهم بالامتناع عن انتقاد الرئيس أو أفراد أسرته (والكثير منهم يشغلون مناصب حكومية واقتصادية هامة)، والامتناع عن الحديث عن إساءة استخدام المسؤولين للسلطة، ومسألة من سيخلف الرئيس علي عبد الله صالح.[156]
ومنذ اشتداد الاحتجاجات في جنوب اليمن عام 2009، واجه الصحفيون والمحررون تضييقاً متصاعداً على الكتابة عن الجنوب. وقال صحفيون ومحررون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سيتخطون "الخط الأحمر" إذا نشروا مقابلات مع رجال سياسة جنوبيين في المنفى أو قيادات للحراك الجنوبي، أو إذا نشروا صوراً للعنف من قبل الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين، أو حتى ذكروا الأسماء الرسمية للجهات المنظمة للاحتجاجات.
كما تستخدم الحكومة اليمنية أسلوب الرشوة لإسكات منتقديها. فطبقاً لمصدر موثوق، فإن مكتب الرئاسة عرض على رؤساء تحرير الصحف "تمويلاً للدعم" يبلغ آلاف أو حتى عشرات آلاف الدولارات شهرياً، كي تسلك الصحف خطاً حكومياً فيما تنشره. وأوضح رئيس تحرير إحدى الصحف المستقلة لـ هيومن رايتس ووتش أنه رغم استمراره في رفض مثل هذه الرشاوى، فإن المسؤولين في مكتب الرئيس مستمرين في الاتصال به وتذكيره بالمبالغ النقدية الهائلة "المتراكمة" لصالحه.[157]
فتحي بن لزرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس