2009-12-16, 03:18 PM
|
#24
|
قلـــــم فضـــي
تاريخ التسجيل: 2007-08-27
الدولة: عدن المحتلة
المشاركات: 1,103
|
15 أبريل/نيسان 2009: الحبيلين
صباح 15 أبريل/نيسان 2009، تجمع الآلاف من المتظاهرين في معهد معلمين ردفان بالحبيلين، مسيرة ساعتين بالسيارة شمال شرق عدن، للاحتجاج على الاعتقالات الأخيرة في ردفان وزيادة التواجد العسكري في المنطقة. وكان الأمن المركزي قد بدأ بالفعل بالانتشار في منطقة المعهد منذ السادسة صباحاً، انتظاراً للمظاهرة. وطبقاً لأحد المشاركين: "ذهبت إلى المظاهرة لأن لي أصدقاء أصيبوا واحتجزوا. وقمنا بالاحتجاج أمام بوابات المعهد. وكان أغلب الحشد طُلاب، لكن المدنيون انضموا إلينا، ورحنا نطالب بالإفراج عن المعتقلين". [82] كريم زين ثابت، 20 عاماً، الطالب بالمعهد، وصف لـ هيومن رايتس ووتش كيف أصيب بعيار ناري:
حوالي الساعة 9:15 صباحاً، بدأ إطلاق النار، وكنت من أول المصابين، وأصبت برصاصة حية في قدمي. وفتح عناصر الأمن المركزي من شاحنتين النار علينا، وكنا في الشارع الرئيسي، ربما أطلق النار نحو 5 أو 6 جنود. وفتحوا النار من أسلحة أوتوماتيكية، فلم نتمكن من إحصاء الرصاصات، وأطلقوا على المتظاهرين مباشرة، على أقدامنا... وفي المعهد قبل أن تفتح الشرطة النار، لم يتم إلقاء أي أحجار، ولم يتم إلقاء الحجارة إلا بعد إطلاق النار. ولم تحذرنا الشرطة إطلاقاً، بل خرجوا من شارع جانبي وتقدموا نحونا في الشارع الرئيسي ثم فتحوا النيران. [83]
وبعد بدء إطلاق النار نقل المتظاهرون الجرحى إلى مستشفى محلي، حيث وقع صدام آخر مع قوات الأمن. أيمن سالم محسن علي، 25 عاماً، الطالب، وصف كيف أصيب عند المستشفى:
عند مستشفى ردفان، كنا نحو 300 متظاهر. رحنا نردد شعارات مثل: "الثورة الثورة يا جنوب!" وكان الأمن المركزي والأمن العام متواجدين، نحو 20 سيارة. لم تصدر منهم تحذيرات [التفرق]، بل فتحوا النار علينا بالذخيرة الحية، على الحشد تماماً، وأطلقوا البنادق الآلية نحو 15 دقيقة... وأصبت في خصري برصاصة عندما فتحوا النار.[84]
شخصان على الأقل، هما ماجد حسين ثابت ولول محمد الحليمية، قُتلا جراء إطلاق قوات الأمن النار في هذا الحادث لدى المستشفى. [85]
4 يوليو/تموز 2008: مفرق الشعيب، الضالع
في 4 يوليو/تموز 2008، نظم الآلاف من سكان الضالع الواقعة نحو 100 كيلومتر شمال عدن، مظاهرة في بلدة مفرق الشعيب القريبة للدعوة للإفراج عن المحتجزين من الاحتجاجات السابقة. ونصب الأمن المركزي أربع نقاط تفتيش حول المتظاهرين، وكان هناك نحو 100 ضابط شرطة في المنطقة. ولدى اقتراب المتظاهرين من خط الشرطة، فتحت الشرطة النار عليهم. وليد قاسم أسعد شعيبي، 25 عاماً، القيادي بمنظمة اتحاد شباب الجنوب، روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف أطلقت عليه الشرطة النار عندما فتحوا النار على المتظاهرين دون تحذير:
تراجعنا في البداية، وقمنا بالتظاهر في منطقة أخرى، لكنهم أطلقوا النار على الأرض أمام أقدامنا ونحن نقترب من خطوطهم. وأصبت في الجزء العلوي من فخذي الأيسر، وأصبت جراء أربع رصاصات أخرى أصابت الأرض أمامي... لا أعرف إذا كانت الجروح بفعل الحصى المتناثر أم شظايا الرصاص الذي أصابني في ساقي... أقصر مسافة بين المتظاهرين والشرطة كانت نحو 10 أمتار، وعندها فتحوا النار. لم نحاول الاقتراب أكثر من ذلك، وكنت بين من دعوا المتظاهرين إلى التراجع. ولم أكن حتى في الصف الأمامي لدى فتحهم للنار. [86]
13 يناير/كانون الثاني 2008: ساحة الهاشمي، عدن
في 13 يناير/كانون الثاني 2008، الذكرى السنوية لاندلاع القتال عام 1986 بين جماعتين جنوبيتين متنافستين، تم تنظيم مظاهرة كبيرة في ساحة الهاشمي، في منطقة الشيخ عثمان بعدن. إذ يحتفل أهل الجنوب الآن بهذه الذكرى في مهرجان للتسامح والتصالح ووحدة شعب الجنوب، وشملت المظاهرة في الساحة إلقاء كلمات لعدة سياسيين بارزين، منهم علي مناصر وحسن باعوم وناصر نوبا وشالا الشايع وعيدروس النقيب وأحمد بن عمر الفريد، طبقاً للمشاركين. [87]
وكان يملأ ساحة الهاشمي وبالقرب من المنصة تواجد أمني كثيف؛ عناصر من الأمن المركزي وشرطة النجدة والجيش والشرطة النظامية. وكانت البنادق الآلية منصوبة على سيارات للأمن، وأغلبها بنادق آلية طراز أيه كيه 47. ثم بدأت قوات الأمن في إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية على حشد المتظاهرين. ثابت عبيد حازم القحوري، العقيد بالجيش الجنوبي الذي أُجبر على التقاعد عام 1994، روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف أصابته قوات الأمن عندما فتحت النار على المتظاهرين السلميين:
كنت ضمن الأمن الخاص بالفعالية، فكنت في الصف الأول [بعيداً عن المنصة]. ثم فجأة انطلقت رصاصات حية من خلفي. أصبت برصاصة من الخلف. ودخلت في فخذي الأيمن، وأصابت العضلة. وخلفي كان ضباط الأمن المركزي والنجدة والجيش والشرطة النظامية، على مسافة 40 متراً تقريباً. سمعت طلقات كثيرة لحظة إصابتي. [88]
لقي ثلاثة أشخاص على الأقل مصرعهم أثناء المداهمة في ذلك اليوم، طبقاً لثلاثة تقارير إخبارية. [89] أحدهم هو صالح أبو بكر البكري، من لحج. وأسرته رفعت قضية على لجنة أمن عدن في 17 يناير/كانون الثاني 2008، بتهمة إطلاق النار غير القانوني، لكن حتى الآن لم يتم فتح تحقيق أو جلسات في المحكمة بشأن مقتله. وبعد رفع القضية، تلقت الأسرة مكالمات هاتفية تهديدية من ضباط الأمن القومي، يقولون إن لم يتنازلوا عن القضية فسوف يخضعون للاحتجاز. [90]
دور الميليشيات الموالية للحكومة
الانتهاكات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في اليمن لا تقتصر على تلك التي ارتكبتها قوات الأمن الرسمية. إذ توجد ميليشيات موالية للحكومة وضباط أمن في غير الزي الرسمي تواطأت في الانتهاكات. زيادة أنشطة الميليشيات والجماعات غير القانونية تعرقل كثيراً من آليات مساءلة قوات إنفاذ القانون، مما يثير احتمال وقوع انتهاكات إضافية وعنف بين مختلف طوائف المجتمع. الرئيس علي عبد الله صالح أطلق تحذيراً من العنف بين طوائف المجتمع في أبريل/نيسان، إذ حذر قائلاً:
إذا وقع أي شيء للوحدة لا قدر الله، فلن تُقسم اليمن إلى قسمين، كما يعتقد الكثيرون، بل إلى عدة أقسام... سوف يقاتل الناس من بيت إلى بيت ومن نافذة إلى نافذة... يجب أن يتعلموا الدروس مما حدث في العراق والصومال. [91]
نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين الجنوبيين وكذلك الصحفيين المستقلين الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش قالوا إنهم يعتقدون أن الرئيس قرر إنشاء ميليشيات موالية للحكومة معروفة باسم "لجان الدفاع عن الوحدة اليمنية"، في أبريل/نيسان 2009، أثناء مصادمات الحبيلين (انظر أعلاه) والاحتجاجات في الجنوب. هدف لجان الدفاع عن الوحدة اليمنية، حسبما يرون، هو تنظيم مظاهرات مناوئة في الجنوب لصالح وحدة اليمن، لكن هذه الجماعات المشبوهة يبدو أيضاً أن لها يد في العنف ضد المتظاهرين. [92] وفي 25 مايو/أيار 2009، قابل الرئيس صالح زعماء قبائل موالين للحكومة ومسؤولين من المجالس المحلية في الحبيلين وردفان والضالع في قصره بصنعاء، وتناقلت التقارير أنه قال لهم: "أنا واثق أنكم ستبقون على ولاء لثورتي سبتمبر وأكتوبر"، ووعدهم بفتح معسكرات التدريب العسكرية في الجنوب دعماً لوحدة اليمن. [93]
أعضاء اللجان المذكورة منهم أعضاء سابقين وحاليين في هيئات عسكرية وأمنية، وغيرهم من المسؤولين الحكوميين. [94]
الظهور الأول المعروف للجان كان عندما قامت مجموعة من الرجال المسلحين بالقرب من ملح بإيقاف شاحنة لصحيفة الأيام في طريقها لصنعاء، وصادروا وأحرقوا 16500 نسخة من الصحيفة. وطبقاً للشهود، فإن عناصر مسلحة وغير مسلحة من لجان حماية الوحدة ظهروا أيضاً أثناء المداهمات الأمنية التي استهدفت المتظاهرين، وقاتل عناصر اللجان إلى جانب قوات الأمن في مجمع الفضلي في 23 يوليو/تموز 2009. [95]
عبد الناصر صالح أحمد عبيد، الطيار العسكري المتقاعد البالغ من العمر 45 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف كان حاضراً في مظاهرات 21 مايو/أيار 2009 في عدن، واختبأ عن قوات الأمن لتفادي اعتقاله. وعندما حاول السير إلى بيته، في التاسعة والنصف مساءً، أوقفت مجموعة من الشماليين سيارته. ووصفهم بأنهم "جنجويد"، في إشارة مهينة للميليشيات الموالية للحكومة التي ترهب المدنيين في منطقة دارفور بالسودان (وسبة جنوبية معروفة لوصف لجان حماية الوحدة). وعندما عثر الشماليون على ملصقات للرئيس السابق في المنفى لجنوب اليمن، علي سالم البيض، في سيارة عبيد، قاموا بضربه بقسوة. وفي النهاية لكمه أحد المهاجمين في عينه بأداة معدنية صلبة، مما أدى لتمزق عينه وإصابته بعمى دائم في تلك العين. [96]
وفي الكثير من الحوادث العنيفة ضد منظمي المتظاهرين من قبل رجال في زي مدني، من المستحيل معرفة من المسؤول. عصام مهدي علي، القيادي بمنطقته في جناح شباب الحراك الجنوبي، تعرض للاحتجاز حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً في احتجاج ساحة الهاشمي 7 مايو/أيار 2009، وظل رهن الاحتجاز حتى بعد منتصف الليل على يد الأمن السياسي، لأنه رفض توقيع تعهد بعدم المشاركة في المستقبل في الاحتجاجات. وبعد منتصف الليل بقليل، تم نقله برفقة محتجز آخر إلى ساحة الهاشمي وأُفرج عنهما. وبدأ في السير إلى بيته، فتوقفت سيارة أجرة إلى جواره، وقال له السائق أن يركب. وهو يفتح الباب الخلفي قبض عليه بعض الرجال من الداخل وأجبروه على ركوب السيارة. ونقله الرجال إلى جزء غير مأهول من عدن، بالقرب من محطة كهرباء المدينة، حيث هددوه وعذبوه:
كانوا ثلاثة، أحدهم جنوبي والآخرين شماليين. كانوا يلفون رؤوسهم بالشال. توقفوا وسألوني أسئلة، وهم يحرقون السجائر على ذراعيّ. سألوني لماذا أساعد الحراك، قائلين إننا يجب أن نعيش جميعاً في ظل الوحدة، وإن علينا احترام الرئيس، وإنه سيمنحنا جميعاً حياة مريحة، وأشياء من هذا القبيل. ثم هددوني قائلين إذا شاركت في احتجاجات 7 يوليو/تموز، فسوف يحفرون اسم الرئيس علي عبد الله صالح كاملاً في ذراعي بحرق السجائر فيه. [97]
الحرمان من الرعاية الطبية والهجمات ضد العاملين بالقطاع الطبي والمنشآت الطبية
طبقاً لبعض شهود العيان، ومنهم مسؤولين طبيين، فإن قوات الأمن زادت من صعوبة حصول المصابين على الرعاية الطبية، بأن أمرت المستشفيات العامة بعدم استقبال أو علاج المصابين جراء الاحتجاجات، ووضعت ضباط من الأمن السياسي وأجهزة أمنية أخرى في المستشفيات، بل ونفذت هجمات داخل المستشفيات وأخذت مرضى مصابين من على أسرتهم. مثل هذه الأعمال تعرض حياة المصابين لخطر جسيم، وكان كثيرون منهم قد أصيبوا بأعيرة نارية على نحو غير قانوني من قبل قوات الأمن.
الحرمان من الحصول على الرعاية الطبية انتهاك جسيم لحقوق الإنسان. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يكفل "حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه". [98] وقد صدق اليمن على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 9 فبراير/شباط 1987. ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنوطة بتفسير العهد، في تعليقها العام رقم 14 قالت: "حق العلاج يشمل إنشاء نظام للرعاية الطبية السريعة في حالة الحوادث". [99] وارتأت اللجنة أن "الحرمان من الوصول إلى المرافق الطبية" ينتهك التزام الدول باحترام الحق في الصحة. [100]
محمد فاضل حيدر عزب، الطالب البالغ من العمر 15 عاماً، أصيب في كاحله برصاصة حية أثناء احتجاجات 21 مايو/أيار 2009، ونُقل إلى المستشفى للعلاج. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد أن أمضى يومين في المستشفى، حضر ضباط الأمن إلى المستشفى في أربع شاحنات ونقلوه من فراشه إلى مركز شرطة القاهرة. وفي مركز الشرطة، سأله الضباط لماذا شارك في الاحتجاجات، ومن نظم المظاهرات، وأمروه بتوقيع ورقة يتعهد فيها بعدم المشاركة في المستقبل في المظاهرات، ثم أفرجوا عنه. [101]
أما قاسم أسعد شعيبي المصاب في فخذه الأيسر أثناء احتجاج مفرق الشعيب في 4 يوليو/تموز 2008. فقد نُقل مباشرة إلى مستشفى الشعيبي العام، لكن حسبما قال لـ هيومن رايتس ووتش، رفض الحراس في المستشفى إدخاله ومصابين آخرين إلى المستشفى، فاضطر للسعي للعلاج الخاص. وتم إخراج رصاصة عيار أيه كيه 47 من ساقه على يد طبيب خاص. [102]
ثابت عبيد حازم القحوري، ضابط الجيش المتقاعد المصاب في ساحة الهاشمي في يناير/كانون الثاني 2008، نُقل سريعاً على يد زملائه من المتظاهرين بالسيارة إلى مستشفى خاص، لكن في طريقهم أوقفتهم الشرطة لدى جولة مصنع الغزل والنسيج. وقال الضابط عند نقطة التفتيش إنه بحاجة للتحدث إلى رئيسه قبل السماح لهم بالمرور. القحوري أوضح أنه مصاب، لكن الضابط رد: "ما زلت بحاجة للتحدث إلى رئيسي". واضطروا للانتظار خمس دقائق قبل السماح لهم بالتحرك. وأمضى القحوري شهوراً في المستشفى للتعافي من جرح الرصاصة، وفي النهاية سافر إلى الهند لإجراء عملية بمبلغ 20 ألف دولار وظل قعيداً. ورفضت السلطات قبول قضية رفعها ضد قوات الأمن بتهمة إطلاق النار، وكان قد رفعها محامي القحوري. [103]
|
|
|