عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-06, 01:58 PM   #10
نبيل العوذلي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2007-10-06
المشاركات: 885
افتراضي متابعة 10

قال ابن القيم في اعلام الموقعين ج1 ص7
بعض آثار التأويل

وبالجملة فافتراقُ أهل الكتابَيْنِ، وافتراقُ هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة إنما أوجبه التأويل، وإنما أريقت دماء المسلمين يوم الجمل وصِفِّين والحَرةِ وفتنة ابن الزبير وهلم جرا بالتأويل، وإنما دخل أعداءُ الإسلام من المتفلسفة والقَرَامطة والباطنية والإسماعيلية والنصيرية من باب التأويل، فما امتحن الإسلام بمحنة قَطُّ إلا وسببها التأويل؛ فإن محنته إما من المتأولين، وإما أن يسلط عليهم الكفار بسبب ما ارتكبوا من التأويل وخالفوا ظاهر التنزيل وتعلَّلوا بالأباطيل، فما الذي أراق دماء بني جذيمة وقد أسلموا غير التأويل حتى رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وتبرأ إلى الله من فعل المتأول بقتلهم وأخذ أموالهم؟ وما الذي أوجب تأخر الصحابة رضي الله عنهم يوم الْحُدَيبية عن مُوَافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم غير التأويل حتى اشتد غضبه لتأخرهم عن طاعته حتى رجعوا عن ذلك التأويل؟ وما الذي سَفَكَ دمَ أمير المؤمنين عثمان ظلماً وعُدْواناً وأوقع الأمة فيما أوقعها فيه حتى الآن غير التأويل؟ وما الذي سَفَكَ دم علي رضي الله عنه وابنه الحسين وأهل بيته رضي الله تعالى عنهم غير التأويل؟ وما الذي أراقَ دم عَمَّار بن ياسر وأصحابه غير التأويل؟ وما الذي أراق دم ابن الزبير وحجر بن عدي وسعيد بن جُبَير وغيرهم من سادات الأمة غير التأويل؟ وما الذي أريقت عليه دماء العرب في فتنة أبي مسلم غير التأويل؟ وما الذي جَرَّد الإمام أحمد بين العقابين وضَرْب السياط حتى عَجَّت الخليقة إلى ربها تعالى غير التأويل؟ وما الذي قتل الإمام أحمد بن نصر الخزاعي وخَلّد خلقاً من العلماء في السجون حتى ماتوا غير التأويل؟ وما الذي سَلّط سيوفَ التتار على دار الإسلام حتى ردوا أهلها غير التأويل؟ وهل دخلت طائفةُ الإلحادِ من أهل الحلول والاتحاد إلا من باب التأويل؟ وهل فتح باب التأويل إلا مضادةً ومناقضةً لحكم الله في تعليمه عباده البيان الذي امتنَّ الله في كتابه على الإنسان بتعليمه إياه؛ فالتأويل بالألغاز والأحاجِيِّ والأغلوطات أوْلٰى منه بالبيان والتبيـين، وهل فرق بين دفع حقائق ما أخبرت به الرسل عن الله وأمرت به بالتأويلات الباطلة المخالفة له وبين رَدِّه وعدم قبوله، ولكن هذا رد جحود ومعاندة، وذاك رد خداع ومصانعة.
قال أبو الوليد بن رشد المالكي في كتابه المسمى بـ «الكشف عن مناهج الأدلة» وقد ذكر التأويل وجنايته على الشريعة، إلى أن قال: {وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه} وهؤلاء أهلُ الجدل والكلام، وأشد ما عرض على الشريعة من هذا الصنف أنهم تأوَّلُوا كثيراً مما ظنوه ليس على ظاهره، وقالوا: إن هذا التأويل هو المقصود به، وإنما أمر الله به في صورة المتشابه ابتلاء لعباده واختباراً لهم، ونعوذ بالله من سوء الظن بالله، بل نقول: إن كتاب الله العزيز إنما جاء مُعْجِزاً من جهة الوضوح والبيان، فما أبعد من مقصد الشارع مَنْ قال فيما ليس بمتشابه: إنه متشابه، ثم أول ذلك المتشابه بزعمه، وقال لجميع الناس: إن فرضكم هو اعتقاد هذا التأويل، مثل ما قالوه في آية الاستواء على العرش وغير ذلك مما قالوا: إن ظاهره متشابه، ثم قال: وبالجملة فأكثر التأويلات التي زعم القائلون بها أنها المقصود من الشرع إذا تأملت وجَدْتَ ليس يقوم عليها برهان. انتهى

و الرد على هذه الشبهات بسيط وغير مكلف ولله الحمد
وهو كما يلي
ان التوراة يغلب عليها الشريعة الظاهرة ..والسبب ان بني اسرائيل مجبولين على التكتم والتبطن والتستر زد على ذلك ان وقوعهم تحت الحكم الفرعوني كرس هذه الجبلة الاستبطانية ..فأنزل الله تعالى التوراة بشريعة العدل الظاهرية( أي اخرج ما في قلبك..او الذي في قلبك على لسانك) لان مشكلتهم كانت متمثلة بعدم التواطؤ بين القلب واللسان وبين القلب والجوارح ..فكانت التوراة تحاكي هذا الداء ,كمعالجة له ..ولما قست قلوبهم وغلب عليهم الاستظهار والصدع بالطيب والخبيث والفاسد والصالح لعدم اتباعهم الحكمة ..انزل الله تعالى الانجيل بالشريعة الباطنه بكظم الغيظ وستر العمل تقربا لله تعالى...

ولكن الله تعالى انزل القران بالشريعة الظاهرة والباطنة ..

ثانيا ان الحكمة الكونية التي وصل اليها العلماء والحكماء في علوم كثيرة يحقق الاعجاز العلمي من القران انها كلها ولله الحمد موجودة في كتاب الله تعالى والسنة النبوية _ - الحكمة الشرعية-ما لم يتحقق لها التوافق في التوراة والانجيل ..الامر الذي بؤكد التواطؤ بين الحكمة الكونية والشرعية في الكتاب والسنة

قراءتهم الفلسفية لسورة يوسف
اولا الاستدلال على علم التنجيم
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الصفدية
-والاشكال الكوكبية والاتصالات الفلكية وان كانت تحدث بها انواع من الغرائب في هذا العالم فلا بد من استعداد القوابل ولابد ان تكون تلك الاتصالات جارية على القانون المعتاد عندهموكلاهما منتف في الخوارق- أي معجزات الانبياء- فالمادة السفلية لاتقبل مثل هذا في العادة والاتصالات الفلكية لايحدث عنها مثل هذا ولهذا كان ما يحدث من الغرائب بسبب تمزيج القوى الفعالة السماوية او القوى المنفعلة الارضية ليس هو مما اعتيد نظيره مثل دفع بعض الحيوان عن مكان او جذبهم اليه او امراض بعض الابدان او موتها او غير ذلك من الامور- انتهى الصفدية ص186
حيث يبين شيخ الاسلام بأن هناك تأثير بسبب الاتصالات الفلكية والاشكال الكوكبية بين القوى الفعالة السماوية والقوى المنفعلة الارضية ولكن لابد من وجود التهيئة الحسية والمعنوية وهو ما اسماه – استعداد القوابل – الامر الذي علينا ان نعرف كيف تمت تهيئة ابداننا ونفسياتنا حتى يتمكنوا من اخضاعنا لمثل تلك التأثيرات الجزئية والكاملة بحسب استعداد القوابل عندنا ..ولعل اهم القوابل المتسببة في خضوعنا لتلك التأثيرات هو الابتعاد عن مراد الله تعالى الديني الامري من الصلاة والصيام واعمال البر والتقوى...
يستدل هؤلاء الفلاسفة – الحكماء- كما يسمون انفسهم على ان قوله تعالى((( اذ قال يوسف لابيه يأبت اني رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين))
ان في هذه الايات دلالات على ان الحكمة الكونية في معرفة حقائق الكتاب تتحقق من خلال قراءة الاحداث الفلكية للنجوم من اجل معرفة الاحداث الارضية والسماوية في الخلق والامر..فالله تعالى بقياسهم انما ارى يوسف عليه السلام ما سيكون من خلال كشفه لما في الكتاب بسجود الاحد عشر كوكبا والشمس والقمرله عليه السلام وكيف انها تحققت ..حتى انكشفت لهم الملاحم الارضية والاحداث السفلية كنبوءات نوستر ديموس ونحوه
يقول ابن القيم في زاد المعاد ج 1 ص2626

والسادس: من استدلال بآثار علوية جعلها الله تعالى علامات وأدلة وأسباباً لحوادث أرضية لا يعلمُها أكثرُ الناس، فإن الله سبحانه لم يخلق شيئاً سدى ولا عبثاً. وربط سبحانه العالَم العُلوي بالسُّفلي، وجعل عُلويه مؤثراً في سُفليه دون العكسِ، فالشمس، والقمرُ لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإن كان كسوفُهما لِسبب شر يحدث في الأرض، ولٰهذا شرع سُبحانه تغيـيرَ الشر عند كُسوفهما بما يدفع ذلك الشر المتوقعَ مِن الصلاة والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار والعتق، فإن هذه الأشياءَ تُعارضُ أسباب الشر، وتُقاومها، وتدفع موجباتها إن قويت عليها. وقد جعل الله سبحانه حركةَ الشمس والقمر، واختلافَ مطالعهما سبباً للفصول التي هي سببُ الحر والبرد، والشتاء والصيف، وما يحدُث فيهما مما يليق بكُل فصل منها، فمن له اعتناء بحركاتهما، واختلاف مطالعهما، يستدِلُّ على ما يحدث في النبات والحيوان وغيرهما، وهٰذا أمر يعرفه كثيرٌ من أهل الفلاحة والزراعة، ونواتي السفن لهم استدلالاتٌ بأحوالهما وأحوالِ الكواكب على أسباب السلامةِ والعطبِ مِن اختلاف الرياح وقوتها وعُصوفها، لا تكاد تَختَلُّ.
والأطباءُ لهم استدلالات بأحوال القمر والشمس على اختلاف طبـيعة الإنسان وتهيئها لِقبول التغير، واستعدادها لأمور غريبة ونحو ذلك.
وواضعو الملاحم لهم عناية شديدة بهذا، وأمور متوارثَة عن قدماء المنجمين، ثم يستنتجون مِن هٰذا كُله قياسات وأحكاماً تشبه ما تقدم ونظيره.
وسنة الله في خلقه جارية على سنن اقتضته حكمته، فحكم النظير حكمُ نظيره. وحكمُ الشيء حكم مثله، وهٰؤلاء صرفوا قوى أذهانهم إلى أحكام القضاءِ والقدر، واعتبار بعضه ببعض، والاستدلال ببعضه على بعض، كما صرف أئمة الشرع قوى أذهانهم إلى أحكام الأمر والشرع، واعتبار بعضه ببعض، والاستدلال ببعضه على بعض، والله سبحانه له الخلق والأمر، ومصدر خلقه وأمره عن حكمة لا تختل ولا تتعطل ولا تنتقِضُ، ومن صرف قوى ذهنه وفكره، واستنفد ساعاتِ عمره في شيءٍ مِن أحكام هٰذا العالم وعلمه، كان له فيه من النفوذ والمعرفة والاطلاع ما ليس لغيره. ويكفي الاعتبارُ بفرع واحدٍ من فروعه، وهو عبارة الرؤيا، فإن العبد إذا نفد فيها، وكَمُل اطلاعه، جاء بالعجائب. وقد شاهدنا نحن وغيرُنا مِن ذلك أموراً عجيبة، يحكم فيها المعبرُ بأحكام متلازمة صادقة، سريعة وبطيئة، ويقول سامعها؛ هٰذه علم غيب. وإنما هي معرفة ما غاب عن غيره بأسبابٍ انفرد هو بعلمها، وخفيت على غيره، والشارع صلوات الله عليه حرم من تعاطي ذٰلك ما مضرتُه راجحة على منفعته، أو ما لا منفعة فيه، أو ما يُخشى على صاحبه أن يجره إلى الشرك، وحرم بذل المال في ذٰلك، وحرم أخذه به صيانة للأمة عما يُفسد عليها الإيمان أو يخدِشُه، بخلاف علم عبارة الرؤيا، فإنه حقٌّ لا باطل، لأن الرؤيا مستندة إلى الوحي المنامي، وهي جزء من أجزاء النبوة. ولٰهذا كُلما كان الرائي أصدقَ، كانت رؤياه أصدقَ، وكلما كان المعبرُ أصدق، وأبر وأعلم، كان تعبـيرُه أصح، بخلاف الكاهن والمنجم وأضرابهما ممن لهم مدد من إخوانهم من الشياطين، فإن صناعتهم لا تَصِحُّ مِن صادق ولا بار، ولا متقيد بالشريعة، بل هم أشبهُ بالسحرة الذين كلما كان أحدُهم أكذبَ وأفجرَ، وأبعدَ عن الله ورسوله ودينه، كان السحرُ معه أقوى وأشد تأثيراً، بخلاف علم الشرع والحق، فإن صاحبَه كلما كان أبر وأصدقَ وأدينَ، كان علمه به ونفوذه فيه أقوى، وبالله التوفيق.
نبيل العوذلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس