2009-10-07, 03:56 AM
|
#3
|
قلـــــم فعـــّـال
تاريخ التسجيل: 2009-05-21
المشاركات: 738
|
مستقبل الشرق الأوسط
مداخلة توماس فينغر
«في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، تحدّث مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكي، توماس فينغر، في اجتماع غداء لمنتدى السياسة بمعهد واشنطن لمناقشة تقرير الحكومة الأمريكية بعنوان "الاتجاهات العالمية: 2025". عمل الدكتور فينغر سابقاً سكرتيراً مساعداً في مكتب الاستخبارات والأبحاث بوزارة الخارجية الأمريكية وشغل مناصب النائب الأول لمساعد الوزير ونائب مساعد الوزير لشؤون التحليل ومدير مكتب التحليل لشرق آسيا والمحيط الهادي ورئيس قسم الصين. فيما يلي موجز المُقرّر لملاحظاته.»
إن تقرير "الاتجاهات العالمية: 2025" ليس مجرد تنبؤ، بل حافزاً للتفكير الاستراتيجي، وهو يضم: مجموعة من الاحتمالات والعوامل المساهمة والمخففة المرتبطة بها، الرامية إلى تقديم الأفكار والتشجيع على التفكير والتحليل بطريقة جديدة. وعند إعداد هذا التقرير، طرح فريق العمل لدينا سلسلة من الأسئلة على مئات الخبراء في جميع أنحاء العالم تتعلق برؤيتهم للمستقبل. ورغم أن توقيت التقرير قد اختير عمداً مع تغيير الإدارة الأمريكية، إلا أن الجمهور المستهدف هو ليس فقط المسؤولين الأمريكيين، وإنما العالم بأسره. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن عالم اليوم أحادي القطب سوف يصبح بلا شك متعدد الأقطاب، وبالتالي أقل استقراراً. وقد يوصف عالم سنة 2025 بأنه "قد تحول بشكل غير مكتمل"؛ فسيكون مختلفاً عن عالم اليوم، ولكن كيف بالضبط؟ لا يزال ذلك موضع شك. ونظراً لأن طبيعة العالم في عام 2025 تتوقف إلى حد كبير على عمليات التخطيط وصنع القرار التي تضطلع بها القيادة في عالم اليوم، فإن الاتجاهات والتوقعات الواردة في التقرير ليست آراء لا رجعة منها.
سوف تكون منطقة الشرق الأوسط، من المغرب العربي إلى آسيا الوسطى، في صلب "قوس عدم الاستقرار". وقد يكون تعدد التحديات السمة المميزة للمنطقة، نظراً لأن أي مشكلة تقريباً قد تواجه زعيماً سياسياً سيمكن ايجادها في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الارجح ستكون على درجة عالية من الشدة والكثافة. وسوف تتعقد القدرة على التعامل مع المشاكل بسبب تفاعلها فيما بينها والحاجة إلى مواجهة العديد منها في وقت واحد، ولأن الإجراءات المتخذة تجاه مشكلة ما سوف تؤثر على الأرجح على حل المشاكل المتبقية.
من الناحية الديموغرافية، فإن 97 بالمائة من السكان الإضافيين المتوقع أن يبلغ عددهم 1.4 مليار نسمة في عام 2025 سوف ينحدرون من جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأمريكا الوسطى. وهذه الزيادة في أعداد الشباب - - والتي يُعقّدها الميل الطبيعي لدى الشباب لمساءلة السلطة فضلاً عن وجهات النظر التي تشكلها ثورة الاتصالات العالمية - - سوف تخلق تحديات متزايدة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. ورغم ذلك، سوف يبتكر سكان المنطقة الجُدد، على أقل تقدير، الإمكانية لظهور قوى عاملة بإمكانها أن تساعد الشرق الأوسط على تقليص اعتماده المكثف على سلع الوقود الأحفوري.
ومع ذلك، ستتطلب الأعداد الكبيرة من السكان في الصين والهند والبرازيل كميات هائلة من الطاقة، مما يعد بقاء الطلب على النفط والغاز مرتفعاً لفترة طويلة فضلاً عن ارتفاع أسعارهما. وعلى هذا النحو، سوف يستمر تدفق الأموال إلى الشرق الأوسط، مما يزود الأنظمة بالدُعامة والقدرة "على شراء" [أصحاب] المطالب الذين يدعون إلى إحداث تغيير جوهري. وبطبيعة الحال، يمكن أن ينخفض مستوى الطلب هامشياً إذا كان العالم أكثر جدية مما كان عليه في السبعينيات من القرن الماضي حول إيجاد بدائل للطاقة، وإذا أمكن تحقيق الاستفادة الكاملة من تلك البدائل وتطبيقها بحلول عام 2025.
وبغض النظر عن سعر الهيدروكربونات، سيستمر انتقال الثروة من الغرب إلى الشرق، مع تجميع البلدان الغنية بالنفط والغاز – ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن في روسيا ونيجيريا وفنزويلا أيضاً – مبالغ هائلة من الأموال. وفي حين أن الكثير من هذه الثروة قد تدفق تاريخياً إلى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، إلا أنه قد يكون هناك جذب في المستقبل لاستثمار هذه الأموال في الخليج أو الشرق الأوسط الأوسع لمنع عدم الاستقرار. ولكن، إذا لا تبدو المنطقة مواتية للاستثمار من وجهة نظر اقتصادية، فسوف يتأثر الوضع النسبي للشرق الأوسط بالمقارنة مع العالم.
تشير توقعات التغير المناخي إلى أن نقص المياه وارتفاع تكاليف الغذاء قد يكونان قضايا جوهرية بحلول عام 2025؛ ومن الواضح أن أجزاء من الشرق الأوسط هي من بين المناطق الأكثر تعرضاً لنقص المياه، وقد تؤدي المنافسة على المياه والأراضي الزراعية وغيرها من الموارد النادرة إلى إضافة ضغوط شديدة على النظام الدولي. وإذا كانت المياه تمثل مشكلة اليوم، فإنها ستشكل مشكلة أكبر بحلول عام 2025.
وثمة عامل هام آخر هو تطوير الأسلحة النووية. فبطريقة أو بأخرى، سوف تُحل المشكلات الحالية التي تكتنف البرنامج النووي الإيراني بحلول عام 2025، سواء كان ذلك عن طريق نظام مراقبة وتضافر جهود وتعاون أو من خلال سباق للتسلح النووي الذي يحتمل أن يتضمن قوى خارجية. إن القضايا المحيطة باستخدام التكنولوجيا النووية المدنية – مثل الأدوات الميكانيكية الواقية للمرافق وقدرات التحلية وبدائل الطاقة -- سوف تلعب أيضاً دوراً هاماً في مسار المنطقة.
ومن المرجح أن يستمر الإرهاب في المنطقة، من ناحية ما كأداة للضعيف ضد القوي. وإذا قاومت الحكومات الإقليمية التغيير ولم تستوعب توقعات سكانها الشباب، فسوف يكون الشرق الأوسط مرتعاً للتجنيد والنشاط الإرهابي. وفي المقابل، تفترض التوقعات بأنه حتى عام 2025، سيستمر هبوط دوي وتأثير الأيديولوجيات التي هي على غرار أيديولوجية «القاعدة»، رغم أن مجموعات مثل «حزب الله»، و«حماس»، و«حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية» من بين جماعات أخرى، قد تبقى قائمة.
وأخيراً، يجب على المرء أن ينظر إلى النفوذ المتزايد للنماذج البديلة للحوكمة على الساحة الدولية. فقد انخفضت جاذبية نموذج "توافق واشنطن" في العقود الأخيرة. وتعمل القوى الصاعدة، وتحديداً الصين وروسيا إلى حد ما، على الترويج لنموذج بديل ينطوي على عدد أقل من القيم الديمقراطية ودور أكبر للدولة. وقد يحظى هذا النموذج ببعض الجاذبية في الشرق الأوسط، على الرغم أنه من المشكوك فيه ما إذا كان سيعمل بنجاح في منطقة ذات تقاليد وسكان وتوقعات وعلاقات بالسلطة تختلف جداً [عما هو قائم في الدول المروجة].
__________________
|
|
|