بسم الله الرحمن الرحيم
✍️عيدروس نصر ناصر
المكرم الأخ/ اللواء عيدروس بن قاسم الزبيدي.
رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي. المحترم
تحية طيبة وبعد
الموضوع/ بعض الملاحظات ولاستنتاجات في ضوء زيارتي إلى مملكة هولندا.
_________
خلال الفترة بين التاسع والعشرين من أوكتوبر والثاني من نوفمبر 2023م كنت في زيارة شخصية لبعض الأصدقاء والزملاء في العاصمة الهولندية ستوكهولم وقد التقيت على هامش هذه الزيارة بعدد من المواطنين الجنوبيين المقيمين واللاجئين هناك ومنهم سياسيون وقادة عسكريون سابقون ومقاتلون في جبهات المواجهة خلال العام 2015م.
وكما هي العادة لم تخلُ اللقاءات من الحديث في الشأن السياسي وحول القضية الجنوبية وثنائية الشرعية والمجلس الانتقالي، وقضية الشراكة بينهما ومدى علاقة ذلك بمستقبل القضية الجنوبية ومصير الجنوب بشكل عام.
وتجنبا للإطالة والخوض في التفاصيل فإنني أشعر بإن هناك حالة من الإحباط والقلق لدى معظم من قابلتهم فضلاً عن الغضب مما يسمونه بـ"عدم قدرة المجلس الانتقالي" على مجابهة التحديات المتصلة بحياة الناس وخصوصاً قضايا الخدمات وحقوق الناس من مرتبات واستحقاقات الشهداء والجرحى وغيرها، وسأتجنب الحديث عن التهكمات والإشاعات والتحريضات الإعلامية المعادية للمجلس الانتقالي التي يروجها الإعلام المعادي ويرى بعض أنصار الانتقالي لها قرائن على الواقع، فيزيدهم ذلك إحباطاً ويأساً وعجزاً عن التصدي للحملات الإعلامية العدائية ضد الجنوب والمشروع الجنوبي وضد القيادة الجنوبية ممثلةً بالمجلس الانتقالي الجنوبي.
وعموماً فإن أهم ما عبر عنه الإخوة الذين التقيتهم ومعظمهم أنصارٌ حقيقيون للمجلس الانتقالي الجنوبي وللقضية الجنوبية يمكن تلخصه في ما يلي:
1. القلق على مستقبل القضية الجنوبية في ظل استمرار تفوق خصومها وتراجع أنصارها ورتابة وركود مساراتها.
2. عدم الرضى عن مشاركة المجلس الانتقالي في السلطة الشرعية بسمعتها السيئة وثعلبية قياداتها وفسادها الذي أزكم الأنوف مع عدم قدرة ممثلي الانتقالي على إحداث تغيير ملموس في مستوى أداء الحكومة ومجلس القيادة بما يستجيب لمصالح الشعب الجنوبي في مجالي الخدمات والحياة المعيشية عموما.
3. الغضب ممما يسميه البعض بانتشار حالات من السلوك غير الحميد كما يقولون لبعض المحسوبين على الانتقالي ممن يتورطون في قضايا نهب الأراضي وفرض الإتاوات وممارسة العنف والتسلط على بعض المواطنين دون وجه حق، من خلال استغلال النفوذ الذي يتمتع به هذا البعض.
4. هناك حالات واسعة من الاتهام بممارسة المحسوبية والمجاملات والاعتماد على العلاقات الشخصية في اختيار الكادر والتنصيب في مهمات وأحيانا أكثر من مهمة لشخص واحد رغم وجود الأكفأ والأكثر أهلية لكنهم ينتمون إلى مناطق ليس لها نفوذ في قيادة المجلس الانتقالي أو الأجهزة الأمنية أو العسكرية كما يقول البعض، ويضرب هؤلاء مثلا على ذلك بعدم الاستفادة من أسماء مثل المستشار عبد الرحمن المسيبلي والسفير علي محمد البجيري والدكتور أفندي المرقشي في سويسرا وهم من أقدم نشطاء القضية الجنوبية والمدافعين عنها بشدة فضلاً عن تخصصاتهم السياسية والقانونية والدبلوماسية وإتقانهم لأكثر من لغتين، وتنصيب الأقل كفاءة والأقل خبرة في مهمات هم أقل أهلية من أن يقوموا بها وتتكرر هذه الحالات ليس فقط في سويسرا بل وفي ألمانيا أو السعودية ودول الخليج أو حتى في مصر وأفريقيا وروسيا والولايات المتحدة غيرها، ناهيك عن حالات في الداخل وخصوصاً في الاجهزة الامنية.
ويستدل هؤلاء بالمواجهات التي شهدتها مدينتي كريتر والشيخ عثمان بين قوات الحزام الأمني مع بعضها وعدم محاسبة المتسببين بها.
5. الغضب من التصريحات التي تحمل توجهاً نحو الانتقاص من الحق الجنوبي في استعادة الدولة سواء ما يتعلق بالحديث عن الحوار لعشرات السنين أو خيارات الفيدرالية أو الكونفديدرالية أو الاستفتاء وغير ذلك مما يعتبره أصحاب هذا الموقف تفريطاً بدماء الشهداء وتخلياً عن تطلعات الشعب الجنوبي نحو استعادة دولته وتقرير مصيره المستقل.
6. هناك حالة من القلق حول العلاقات الجنوبية الخليجية، وتحديداً مع الشقيقتين السعودية والأمارات، فمع الإقرار بالتمايز بين موقفي الشقيقتين من حيث الإفصاح عن دعم الحق الجنوبي في استعادة الدولة لكن القلق يكمن في النظرة إلى مستوى الندية والتكافؤ بين الطرف الجنوبي من جهة وكلٍ من الدولتين الشقيقتين من جهة أخرى، ويبدي الكثيرون خشيةً من أن يتحول الدعم المقدم من الشقيقتين إلى أداة للابتزاز وممارسة شيئًا من الوصاية على المستقبل الجنوبي أو التحكم في الحقوق الجنوبية سواء ما يتعلق بسيادة القرار الجنوبي أو فيما يخص الثروات والموارد والمواقع والجغرافيا الجنوبية عموماً.
7. يرى البعض أن هناك محاكاة آلية من قبل المجلس الانتقالي لسلوك وممارسات الجماعة (الشرعية) سواء على صعيد الخطاب الإعلامي أو على صعيد أداء الوزارات والمؤسسات والإدارات التي يديرها كوادر من الانتقالي، ومن بين ما يراه بعض هؤلاء أن الفساد قد انتقل بالعدوى إلى بعض وزراء ومدراء وموظفي وكوادر الانتقالي في الجهاز الحكومي، ويضيف هؤلاء إلى كل هذا إن الانتقالي يقلد الشرعية حتى في بقاء قياداته في المهجر وعدم قدرتهم على التكيف مع ما يعانيه المواطنون الجنوبيون من عذابات بسبب سياسات العقاب الجماعي الذي تمارسة السلطات الشرعية على الجنوبيين منذ العام 2016م وما تزال قائمة حتى اليوم.
لقد حاولت ومعي عدد قليل من الزملاء التقليل من حالة السخط والاستياء والإحباط لدى غالبية الزملاء الذين التقيناهم ومحاولة تفنيد الهواجس والمخاوف ومسببات القلق السائدة على معظم المشهد والمزاج السياسي هناك، وهي ظاهرة نعاني منها على مستوى بريطانيا وربما في بلدان أخرى كما يلاحظ في وسائل التواصل الاجتماعي التي نشارك فيها، لكننا نعترف أننا لاقينا صعوبات كبيرة في إقناع هؤلاء الناشطين بأن الأمور على ما يرام، فحججهم كانت أقوى من حججنا وتصلبهم قد غلب مرونتنا، والمؤسف أن هذا المزاج يشمل العديد من ناشطي الانتقالي والمحسوبين على هيئاته أو الجماعات المناصرة له.
المقترحات:
_______
إن معظم هذه الحالات لا تنبع من حالة خصام أو موقف عدائي من المجلس الانتقالي ناهيك عن أن تمثل موقفاً من القضية الجنوبية، بقدر ما تنطلق من الحرص على تعزيز دور المجلس واستعادة صورته المشرقة بين جماهيره ولذلك فقد طرح العديد من الزملاء عدداً من التصورات يعتبرون أنها يمكن أن تكرس حضور المجلس كأهم ممثل للقضية الجنوبية وتطلعات الشعب الجنوبي ويمكن تلخيص أهم المقترحات في ما يلي:
1. فض الشراكة مع سلطة الشرعية في ظل الفشل الذريع لهذه السلطة في تقديم أي مؤشر على النجاح في أية مهمة من مهماتها، وبالمقابل يقترح البعض تشكيل حكومة ظل جنوبية تمارس دور الرقابة على مستوى أداء السلطة الشرعية، والتحرر من الاتهام القائم لدى الإعلام المعادي بأن الانتقالي شريك في مفاسد السلطة وسوء أدائها لوظائفها البديهية.
2. إبداء المزيد من المرونة مع الشارع الجنوبي ومنحه المزيد من الحرية للعمل بالوسائل السلمية في الضغط على الحكومة من خلال الإفصاح عن المطالبة بحقوقه المشروعة في الخدمات والمرتبات وكل ما يتصل بمعيشة الناس البائسة التي أوصلتهم إليها حكومات الشرعية المتعاقبة، واستفادة المجلس الانتقالي من هذه المطالب لإجبار مؤسسات الحكومة على القيام بدورها أو إجبار الحكومة على الاستقالة.
3. مصارحة الأشقاء وجميع الشركاء الإقليميين والدوليين باستحالة الاستمرار في هذه الشراكة مع هذه السلطة البائسة والتي لا إنجاز لها سوى عذابات الشعب الجنوبي، وأهمية إقناع الأشقاء وبقية الشركاء الدوليين بأن بقاء هذه الحكومة بتركيبتها الحالية لا يؤدي إلا إلى المزيد من الوبال على الشعب الجنوبي وفشل كل المساعي الهادفة إلى خلق حالة من الاستقرار على طريق التسوية السياسية المفترضة.
4. تحسين أداء مؤسسات الانتقالي من خلال استقطاب المزيد من الكفاءات الجنوبية وخصوصاً من أصحاب الخبرات التاريخية العسكرية والأمنية والقانونية والسياسية والدبلوماسية وبناء مجاميع استشارية في كل تخصص من التخصصات تساعد المجلس الانتقالي وهيئاته على رسم السياسات الصحيحة والحكيمة وتجنيبه الوقوع في أي أخطاء غير مقصودة وتعزيز قدراته في الأداء وفي العلاقة غير المتكافئة مع الشرعيين الوافدين.
5. تدعيم الفريق التفاوضي بمجموعة من المستشارين القانونيين والدبلوماسيين والسياسيين والمتخصصين في القانون الدولي والقانون الدستوري والعلاقات الدولية وعدم رهن فريق الانتقالي بفريق الشرعية التي لديها مشكلة غير مشكلة الانتقالي فيما يخص مستقبل العملية السياسية ومصير القضية الجنوبية.
6. الذهاب باتجاه تفعيل قرارات وتوصيات مؤتمر الحوار الجنوبي وتوسيع دائرة المشاركة ، من خلال تقليص العمالة الفائضة من ناحية ومحاسبة المقصرين أو المتورطين في قضايا فساد أو مخالفات قانونية أو عمليات النهب والسطو أو إساءة استخدام الوظيفة من ناحية ثانية والانفتاح على المحافظات التي ما يزال أهلها يشعرون بالاستبعاد أو التهميش وخصوصاً محافظة عدن ومديريات شرقي ووسط أبين وصحراء حضرموت وشمال وشرق شبوة ولحج والصبيحة وغيرها.
7. التقليص من ظاهرة المحسوبية والمحاباة واستبدال "مبدأ الثقة والقرابة" بـ"مبدأ الكفاءة والخبرة"، خصوصاً وقد ظهرت حالات تسيء إلى الانتقالي مما أقدم عليه بعض الذين تولوا مهماتهم القيادية التنفيذية والأمنية والعسكرية بناء على مبدأ القرابة أو الثقة.
8. إنهاء حالة الازدواج الوظيفي والمتثلة في تحمل بعض القيادات أكثر من مهمة وبعضها في محافظات متباعدة وخصوصاً في الأجهزة الأمنية والعسكرية.
9. اتباع سياسة الحكمة والمرونة والجدية معاً في الجمع بين الشكر والعرفان والامتنان للأشقاء في المملكة والإمارات لدورهم في دعم مقاومة شعبنا للغزو الانقلابي ودعم وإسناد المؤسسة الأمنية والدفاعية الجنوبية، وبين المصارحة معهم بأن شراكتنا معهم هي شراكة ثنائية ندية ليس فيها صغير وكبير أو مانح وممنوح أو متبوع وتابع أو كفيل ومكفول، وبالتالي أهمية الإقرار بأن مستقبل الجنوب هو حق للشعب الجنوبي وحده دونما وصاية أو انتقاص، وأن أية مصالح مشتركة سواء على صعيد الاستثمار أو الشراكات السياسية والاقتصادية، لن تكون إلا في ظل الدولة الجنوبية ذات السيادة على الأرض والثروات والقرار السياسي.
أتمنى أن تجدوا في رسالتي هذه ما يفيد القضية الجنوبية ومعركة الشعب الجنوبي من أجل استعادة دولته.
وتكرموا بقبول أصدق مشاعر الود والاحترام والاعتزاز بشخصكم الكريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم عيدروس نصر ناصر
شيفيلد المملكة المتحدة البريطانية
6/ نوفمبر / 2023م
__________________
استكمال الحوار الجنوبي الجنوبي
استكمال تحرير الأرض الجنوبيه
استكمال هيكلة
المجلس الانتقالي
والقوات المسلحه الجنوبيه
|