...............................
*مسيرة يافع و الجنوب*
*النضاليه و التحرريه*
...............................
قال الله تعالى (وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ فَرِحِینَ بِمَاۤ ءَاتَئهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَیَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِینَ لَمۡ یَلۡحَقُوا۟ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ) .
ان شعبنا الجنوبي العظيم ، و هو يحتفل هذه الايام بمناسبة الذكرى ٥٣ لعيد الاستقلال الوطني المجيد ٣٠ نوفمبر ،
كم هو عظيم ان نقف وقفة اجلال واكبار المفعم بالتحية و التقدير و الامتنان و العرفان، لاولئك الغر الميامين ، لاسلافنا الامجاد ، و قبائلنا الابطال ، و مجاهدينا الاحرار ، و مناضلينا الثوار ، و شهدائنا الابرار ، من علماء و سلاطين ، و مشايخ و اعيان و مواطنين ، و حركات تحرريه ، و مقاومه جنوبيه باسله ، و التي انطلقت منذ صبيحة الاحتلال البريطاني المشئوم في ١٩ يناير عام ١٨٣٩م ،
حيث ظل شعبنا بكل مكوناته السياسيه و الاجتماعيه ، طوال فتره الاحتلال ، يقاوم الاستعمار و مخططاته الجهنميه ،
و توجت تلك المقاومه الوطنيه بقيام ثورة ١٤ أكتوبر الخالده من على قمم جبال ردفان الشماء عام ٦٣م ،
بقيادة رائدة الكفاح المسلح ( الجبهه القوميه ) ،
كما جاءت ثورة ١٤ اكتوبر امتدادا طبيعيا للحركات الجهاديه و الوطنيه ، و التي انطلقت من كل انحاء الجنوب ، ضد جيوش الغزاه المستعمرين و مخططاتهم العدوانيه ،
و قدم شعبنا طوال مرحلة التحرير ، تضحيات جسام ، و قوافل من الشهداء الكرام ، حتى تحقق الاستقلال الوطني الناجز والغير مشروط في ٣٠نوفمبر ٦٧م ،
قال الله تعالى (وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَكِیمِ) ،
أجل لقد انطلقت المسيره الجهاديه والنضاليه و التحرريه لشعبنا الجنوبي العظيم ،
ضد الاستعمار و مخططاته الجهنميه ،ومن تلك الحركات الوطنيه والنضاليه ، حركة الربيزي في العوالق ، و الدماني و المجعلي في العواذل ، و ابن عبدات في حضرموت ، و السقلدي في الشعيب ، و في الضالع السيد عبدالدائم و المناضل جوّاس و البيشي ، و في ردفان راجح بن غالب لبوزه ، و الشيخ سيف حسن القطيبي ، و في الصبيحه بن شاهر و العاطفي ،
و قبل ذلك كانت طلائع المقاومه الجهاديه قد انطلقت من يافع اثناء الحرب العالمية الأولى ، لمقاومة الاحتلال البريطاني ، بقيادة والدنا المجاهد الشهيد الشيخ صالح بن قاسم المفلحي ، و المجاهد الشيخ عبدالحافظ بن شيهون ، طيب الله ثراهم واسكنهم فسيح جناته ،
حيث وصلت هذه المجاميع المجاهده الى مشارف الشيخ عثمان ، لمقاومة الاستعمار ، و قد استشهد في هذه المسيره الشيخ صالح بن قاسم المفلحي ،
ربنا يسكنه فسيح جناته ،
و في اثناء الاحتلال عندما كان الطيران البريطاني يقصف قرى ردفان ، وكان من يضطر من الاخوه النزوح من ردفان كانو يجدون الايواء ، و الترحاب و حسن الاسقبال من اشقائهم في قرى يافع ، يافع الكرم و الجود ،
في عام ١٩٥٨م قام اتحاد الجنوب العربي من كل مناطق المحميه الغربيه ، باستثناء منطقة يافع بني مالك ، و يافع بني قاصد ،
لذلك عمل الاستعمار خطط جهنميه لاخضاع يافع و ضمها للاتحاد الفدرالي ، و جعل من حلين ،في يافع قاعدة انطلاق لتنفيذ المخططات الاستعماريه و نشر الفتن في يافع ، من خلال اسلوب ( فرق تسد ) ، لكن احرار يافع من كل المناطق رفضوا الانصياع للمخططات الاستعماريه ، و شكلوا مقاومه وطنيه تحرريه في كل انحاء يافع ،
و منها القاره ، و سبيح و سبّاح ، و سُلُب حُمّه ، و محطه الحد ، و كان التنسيق بين القيادات في يافع ، و في المقدمه المجاهد و المناضل الكبير الشهيد السلطان محمد بن عيدروس العفيفي ، و السلطان محسن حمود ، و الشيخ الشهيد احمد ابوبكر النقيب ،
و الشيخ محمد صالح المصلي ، و الشيخ محمد خالد الحريبي ، و الحاج الشهيد عبدالرحمن بن هادي المفلحي ، و الحاج الشيخ محمد عبدالقوي بن ناصر المفلحي ، و الشهيد صالح عبدالحميد المفلحي ، و الشيخ ابوبكر محسن بن غازي ، و المناضل صالح فاضل الصلاحي ، و المناضل علي محضار بن حلموس ، و صالح محمد الجحوشي ،
و بقية الثوار من كل انحاء يافع
و نظرا للمقاومه الباسله ضد الاستعمار و اعوانه ، فقد تم قصف قرى يافع من قبل الطيران الانجليزي ، و تدمير المنازل بقنابل مدمره ، و كان بعد تدمير منازل المواطنين ، ينشر الطيران الحربي الانجليزي منشورات للقرى يهدد فيها بضرب القرى التي تقوم بايواء و مناصرة الثوار ، من اجل اثارة الرعب في اوساط الاسر الآمنه و في صفوف المواطنين المدنين ، و من اجل اجبار يافع ضمها للاتحاد الفدرالي ،
لذلك فقد كان بعض الثوار الاحرار ، يضطرون الى الرحيل الى المناطق الشماليه ، و حتى لا يتسببون في قصف الانجليز للقرى ، و إلحاق الاضرار بالمواطنين الامنين في قراهم ،وكانو يجدون العون والمدد من اخوانهم في الشمال حكومة وشعبا ،
اذكر اننا عندما كنا نمر في يهر مشيا على الاقدام و في السيل ، كنا نجد قنابل كبيره مرعبه لم تنفجر بعد ، من مخلفات قصف الطيران البريطاني ،
جاء في بعض الوثائق ان المندوب السامي البريطاني في عدن عبّر عن عدم رضاه لفشل ضم يافع الى حكومه الاتحاد ،
رغم تدمير منازل المتمردين بما يزيد عن ٢٠٠ طن من القنابل على قرى يافع ،
و معلوم ان القرى في يافع التي تم قصفها ، من قبل الطيران الحربي البريطاني ، هي دار السنينه و لعدان آل الجهوري ،ضيك ، عام ١٩٣٤م .
و قصف القاره و منازل السلطان محمد بن عيدروس العفيفي و اولاد عمه ، و منزل المناضل علي محضار في قرية المعزبه المحرمي ،
و منازل زملائه الاحرار في قرية فلسان ، و قرية المخزان يهر و قرى اخرى ،
و منازل آل القحيم في ذي ناخب ،
و كذلك قريه المحاجى و الدرب في الحد ،
و الذي اضطر الكثير من العائلات للنزوح الى البيضاء ،
و المنازل التي تم قصفها ايضا ، منزل صالح عبداللاه البادع في قريه ذي صراء ، و محمد صالح المصلي قريه المصله ، و صالح عبدالقوي ،قرية المحجبه ، و الحاج محمد احمد بن عباد قرية المصله ، و محمد صالح دوعني قرية الدرب الحد ،
كما كان هناك قرار بقصف قريه الجربة حاضرة مكتب المفلحي ، بحجة انها قاعدة انطلاق للثوار ، لولا تدخل الشهيد المقدم عبدالقوي بن محمد المفلحي ، طيب الله ثراه واسكنه فسيح جناته ، قائد الكتيبه الاولى في الضالع ،
حيث طلب الشهيد من السلطان صالح بن حسين العوذلي ، وزير الامن الداخلي في حكومه الاتحاد ، بوقف القصف على قرية الجربه ، و بعد تدخل السلطان صالح بن حسين ، قرر الانجليز تحليق الطيران الحربي فوق قرية الجربه ، و اذا حصل على الطيران ضرب سوف تقصف القريه ، و لذلك اتصل الشهيد عبدالقوي باهلنا في الجربه بمنع اطلاق النار على الطيران عندما يحلق فوق القريه ،وفعلا التزم الاخوان بذالك ، رغم ان الطيران الحربي كان يستفز المواطنين بنشر حاجز الصوت ، و كان يحلق على مستوى منخفض ، كان ذلك في ايام عيد الاضحى المبارك ، و كفى الله اهلنا و احبتنا كيد الكائدين و شر المعتدين .
و في جبهه محطه الحد ،و التي انطلقت عام ١٩٥٨م لمقاومة الاستعمار و مخططاته ، كان قد استشهد و جرح العشرات من مجاهدينا الابطال ، و مناضلينا الاحرار ،
و هكذا ظلت يافع بني مالك و بني قاصد ، يافع العز و المجد و الاباء ، المنطقه الوحيده في جنوبنا العربي متحرره طيلة ١٢٩ عام ، عصيه و مقاومه للاستعمار البريطاني و مخططاته ، حتى تحقيق الاستقلال الوطني في ٣٠نوفمبر عام ٦٧م ،
انها يافع المجد و المدد ، يافع العز و الشموخ ، و التصدي و الصمود ، يافع الكرم و الجود ، و البذل و العطاء ، و التضحيه و الفداء ، ماضيا و حاضرا ،
و العاقبه للمتقين و المجاهدين و المناضلين و المحسنين ، الذين يابون الضيم و الهوان ، و يرفضون الظلم و الطغيان ،
قال الله تعالى (وَٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَصَابَهُمُ ٱلۡبَغۡیُ هُمۡ یَنتَصِرُونَ) ،
صدق الله العظيم .
ختاما ، الترحم على مجاهدينا الابطال و مناضلينا الاحرار ، و شهدائنا الابرار ، ماضيا و حاضرا ،
اللهم تغمدهم بواسع رحمتك وغفرانك و اسكنهم فسيح جناتك ، مع الذين انعمت عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ،
و صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
و كل عام و انتم بخير .
تقديم / يحيى عبدالله قحطان .
|