اللواء طيار والسفير قاسم عبدالرب العفيف منقول
الدولة
بين الحلم والواقع
انموذج اليمن
هناك من حلموا ان يذهبوا الى المريخ وذهبوا لانهم تسلحوا بالعلم والحكم الرشيد ونحن في اليمن حلمنا ان تكون لنا دولة محترمة ولَم نستطع ان نحقق هذا الحلم لان سلاحنا كان التخلف والجهل ولا زلنا مصرين على جلب صراعات الآخرين الى بلادنا ولن نتقدم خطوة الى الأمام طالما ننفذ اجندات تلك الدول الطامعة في ارضنا وثرواتنا
هناك من اراد ان يشيطن هذا الشعب ويحوله الى قطيع من الجهلة الذي يسير الى حتفه وهو مغمض العينين وليصبح مشرداً في اصقاع الارض بينما الثروة التي على الارض والبحر وباطنها تكفي لإعاشة أضعاف مضاعفة لعدد السكان الحاليين ومش محتاجين لمد اليد لاحد فيما لو استخدمنا عقولنا والحكم الرشيد
لا شك بان الادارة السياسية لدفة الامور كانت متخلفة ولا تملك أفق سياسي لمواجهة المتغيرات الجيوسياسة على النطاق الإقليمي والعالم وبالتالي اثبتت بانها غير مؤهلة لقيادة الشعب والبلاد لإخراجه الى بر الأمان وسارت على نحو دمرت كل شيىء جميل في التاريخ والجغرافيا وأصبحنا في مهب الريح تتقاذفنا الامواج من كل جانب ولا ندري على اَي شاطىء يمكن ان ترسو فيه سفينة البلاد بأمان
هناك من ابتكر قواعد حكم واصبحت راسخة في اذهان من يحكمون ويتحكمون في شؤن البلاد وجدوا انفسهم على راس هرم السلطة عبر الصدفه او الأزمات ولَم يجدوا من يعترض على أدائهم او يقف في وجوههم ومارسوا موروثهم التاريخي القبلي الطائفي ليصبحوا هم الدولة والدولة هي هم وبدونهم تنتهي حاجه اسمها دولة وهذا نوع غريب تم ابتداعه في لحظة اختطاف وتغييب الوعي السياسي بقوة الحديد والنار
لهذا في اول هزة انهارت ما كانت تسمى نفسها دوله مع مؤسساتها وتحول ولائها في غمضة عين للمتعهد الجديد وانتظمت الادارة بفكر وسياسة جديده تتماهى مع نظرية تصدير الثورة الإيرانية وبذلك تحول المسار الوطني العروبي الى المسار الفارسي الذي يتعارض مع التاريخ والجغرافيا وبات التمدد الجيو سياسي الحيوي لايران واقع في الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية والذي يترتب عليه فوائد لايران وخسائر فادحة للعرب
السؤال اين يكمن الخلل وكيف يمكن لنا ان نغير ذلك المسار ومن اين تبداء عجلة التغيير
لو عدنا الى الخلف قليلاً لاكتشفنا بانه في اليمن يجري التسابق على السلطة ليس من اجل بناء دوله محترمه دولة القانون دولة الحق والنظام ولكن من اجل الاستيلاء على مقدرات البلاد وتحويلها الى شركة استثمارية للعائلة والقبيله ومن ثم لمن يخدمهم ولدينا تجارب مريرة مع الأنظمة السياسية التي تعاقبت على الحكم في العقود الاخيره في اليمن ومنها بان الرئيس او المسؤل تعّود ان يأخذ ويتصرف في مال الدوله الذي هو مال الشعب ما يريد دون اَي حساب ودون خوف او وجل وهو ضامن ان لا حساب ولا عقاب لانه قد ضمن ان المؤسسات التي مطلوب منها ان تحاسبه قد وضعها في جيبه وهي مجرد محلل لكل نزواته وتصرفاته
هل يتذكر معي الناس كيف كان نهاية كل عام ترسل الحكومه الى مجلس النواب لاعتماد صرفيات خارج الميزانيه تفوق بكثير ما تم اعتماده في الميزانيه السنوبه ويصادق عليها المجلس رغم ان تلك الصرفيات خارجه عن القانون
من من السلطة التشريعيه يمكنه ان يعترض او حتى من أعضاء الحكومه لا احد وهم يعلمون ان ذلك مخالفه صريحه للقانون ولكن هم أصلاً اما خائفون على وظائفهم ومكانتهم واما انهم يحصلون على نصيب من تلك الأموال الطائله التي تصرف خارج نطاق القانون
من من السلطة التشريعيه او الحكومه اعترض على تحديد سعر البرميل البترول الذي كان عالميا يصل الى مئة دولار وأكثر بينما في البنك المركزي يحتسب بخمسين دولار وهل احد سال اين تدهب بقية المبالغ وتحت اَي بند من الحسابات وكيف تصرف ناهيك عن أسعار مختلفه للدولار في الجمارك وفِي السلك الدبلوماسي وغير ذلك مقارنة بالريال اليمني ولا احد سال ولن يجرؤ احد ان يسال
من الذين يمكن ان يعترض على مسؤلي السلطة من اعلى الهرم الى مستويات أدنى وهم يستلمون مرتبات وهبات من الدول المجاوره ويمارسون مسؤلياتهم بكل أريحية وكأن لم يحدث شيىء بينما هم موظفون رسمييون ويستلمون رواتب ومكافئات على وظائفهم وهات اَي بلد في العالم يمارس نفس هذا النموذج والبعض يعترف امام الملاء ان لا اعتراض على كرم الاشقاء
في اليمن الرئيس وعائلته يتحولون الى بيت للتجاره ومؤسسة للاستثمار والى سماسرة اراضي وكل ذلك مخالف للقانون والدستور وَلَكِن من يجرؤء على الاعتراض من موسسات الدوله التنفيذيه او التشريعيه وهم كلهم لهم نصيب من تلك التجاره والاستثمار
في. اليمن يتحول العسكري الى رجل أمن ورجل مرور والى قاضي يتشارع عنده الناس في شؤنهم المدنيه وهو الحاكم بأمره وياتي المحافظ او المسؤل المدني تحت امرته ويتحول الى سمسار اراضي حتى يتندر اليمنيون على بعضهم ويسمون التباب في المدن باسمائهم كما يفرضون انفسهم مشاركين لأي مستثمر او تاجر في إطار المنطقه التي يحكمونها بحجة الحمايه ويفرضون إتاوات على شركات النفط ايضا بحجة الحمايه بينما يستلمون مرتباتهم من وزارة الدفاع لنفس الغرض ويمارسون كل ما يخطر ببالك من اعمال فيها دخل وفير
في اليمن كل شيىء موجود الا القانون في حالة غياب كامل وما نشاهده اليوم على ضفتي السلطة شرعية وانقلابيين يجري فساد مهول في افقر دولة في العالم
في اليمن اختلط السماء بالأرض فهناك من يدعي انه مرسل من السماء لكي يحكم اليمنيون بحجة انه عِتْرَة ال البيت وجلب صراعات كانت على بعد اربعه عشر قرنا حدثت في مكان ما ومع قوم قد ماتوا وشبعوا موت وهو ينفذ اجندات دول اخرى لا ناقة لنا فيها ولا بعير وهذا فاق ما كان يعتبره الحكام السابقون بانهم من الطائفه الحاكمة ولها الحق في ان تحكم بقية اليمنيين وهم المعنيون بحكمهم ولا فرق بين الاولى والثانيه فهي توصل لنفس الهدف
لن ينتهي القتال في اليمن طالما الكل يتسابق لموقع الرئاسة والمسؤلية في السلطة التنفيذيه او التشريعيه وعينهم على خزينة الدوله وعلى ثرواة البلاد والعماله مع الخارج لاستلامهم مرتبات من دول اخرى وطالما لا توجد ضوابط ملزمة لأي مسؤل في السلطة يتقيد بها في التعيين والصرف للمال العام والتدخل في شؤن وصلاحيات السلطات الاخرى سوى التنفيذية اوالتشريعية او القضائية فالقتال على السلطة سيستمر الى ما لا نهاية
لهذا لن تستقيم الامور الا اذا أوجدنا ظروف ملائمة لان نضع محددات تكون صارمه منها ان يكون :
رئيس لا يشرك ابنائه او اَي فرد من أفراد عائلته او قبيلته بشؤن الدوله المدنيه والعسكريه وان لا يعين في هذه المواقع اَي فرد منهم وتحت اَي شروط مهما كانت الظروف وان يخضع للمساّله عند ارتكابه اي اخطاء او خروجه عن الدستور والقانون ويتم إلغاء أية حصانه لأي شخص يحتل موقعاً في السلطة
عسكري من كل المستويات والرتب مهمته يحمي الوطن والمواطن لا ان يكون حاكماً مستبدا يتدخل في كل صغيره وكبيره في حياة الناس
موظف دوله يكون خادما للشعب ويؤدي وظيفته بإتقان ولا يكون مسترزقا من خلال وظيفته
قاضي نزيه لا يعين اويشرك معه اَي فرد من ابناءه او أقربائه في شؤن القضاء
رئيس وزراء وكل أعضاء الحكومه لا يمدوا ايدههم لأموال الدوله وان لا يشركوا احد من ابنائهم او أقربائهم في شؤن ادارة الدوله
المطلوب من الكل من الذين يريدون ان يتسنموا مناصب في الدوله ان يمنع عليهم تعيين اقربائهم في مناصب قريبه منهم او أية مواقع في الدوله وكل التعيينات تمر عبر المؤسسات المسؤله وترتبط بالكفاءه والقدرة وشروط الخدمه ومن ثم المفاضلة بين عدد من الكادرات بضوابط صارمه وتكون النزاهه وحسن السيره والسلوك والمؤهل وغير ذلك من الشروط المرتبطه بكل وظيفه على حده
متى ما وجدت تلك الضوابط لن تجد من يتسابق على اي منصب لانه يعرف بانه سيكون مسائل امام القانون وان لا حصانة لاحد مهما علا منصبه او صغر فالكل امام القانون متساوون لا فرق بينهم وعندها ستجد الأمن والاستقرار وسيخف السباق ويتم احقاق الحق لكن ذلك يتطلب وجود نخب سياسية شجاعة تقف ضد اي انحراف للسلطة او اي فرد منها وتستطيع ان تضع المصلحة العامة للشعب فوق المصالح الضيقة للأحزاب والقبائل وقبل كل ذلك يتطلب وجود مواطن حر ينتمي الى وطن حر يقف حارس على مكتسباته ويدافع عن حقوقه دون خوف او وجل
قاسم عبدالرب العفيف
21 نوفمبر 2020 م
منقول
|